لقد ارتبطت معاناة المبدع مصطفى سيد أحمد فى أذهان الناس كافة بالعلة الجسمانية وصراع العافية مع المرض فى حين أن المعاناة الحقيقية للراحل كانت نفسية أكثر منها جسدية .. معاناة معنوية .. لقد كان مصطفى- رحمه الله- يهلك نفسه فى الفكرة مئات المرات فى اللحظة ..كان يغنى لتلك الفكرة وصبر عليها وكان دائماً ما يردد أن الانسان السودانى هو إنسان عظيم ورائع لكنه مغبون " يا جمة حشا المغبون فى الزمن الهلاك منجاة " إنسان رشيد كامل الاهلية ورغم ذلك فرضت عليه الابوية , إنسان فطن بليغ لسن لكنه أخرس بفعل فاعل " عبد الرحيم يا حُر ماكا حُر " هذه هى الفكرة التى كرس مصطفى نفسه وحياته كلها لخدمتها وظل يسعى اليها بين الناس علهم يستردون المفقود فكرة آمن بها ...وعاش لها ...دافع عنها.. ومات تحت راياتها ...
لقد أحدث مصطفى تحولاً واضحاً في طريقة وخارطة الغناء السوداني برمته ، مع تميز مصطفى بسمةٍ جديدة تميزت في صدق العاطفة ومعرفته الكاملة بطريقة تلحين الكلمات بأجمل الألحان والتي كانت تخرج في قوالب لحنية متناسقة ، كما أن طريقة أدائه عاضدتها أيضاً طريقة جديدة اتبعها في كل ما تغنى به . وقد استشف شعرائه خصوصيته وحساسيته النفسية الموغلة في الشفافية العاطفية . ونتيجة لما عاناه في أريق عمره وعنفوان شبابه من أهوال المرض تبنى مصطفى في حناياه الفسيحة أعمدة الحب السامقة وأركان الود الراسخة . وأي إستباق جميل وموفق للأحداث بكل ما تحمله الكلمة من معنى
يقول محمد الحسن حميد عن مصطفى سيد احمد فى لقاء نشر بصحيقة المشاهد السودانية ما يلى
والان وعندما تأتي ذكري مصطفي وسبحان الله فهو مخلوق تخاف منه السلطة بحالها.. تخاف منه حياً وميتاً ..فهم لم يصدقوا حتي اليوم ان مصطفي قد رحل ..وهنا لابد من أن نطمئنهم تماماً و كل الظلاميين ان مصطفي مات ولاقى ربه مطمئن القلب مطمئن البال لكن هذا المصطفي سيظل حياً حتى يوم القيامة وليس لمشروعه الغنائي ولكن لاشياء بسيطة وماتركه من غناء سيظل خالداً رغم وجود كل الانظمة وكل انظمة القبح ويبقي الحزن عندما يحتشد احباب وعشاق مصطفى لاحياء ذكراه فقط فيتم منعهم وكأن مصطفي سيخرج من وسط هؤلاء الناس حاملاً عوده ليغني , ان غناء مصطفي يشد الناس ويرتاحون إليه لكن يبدو ان العود الذي يحمله مصطفي كأنه«طبنجة» او كأنه طائرة اباتشي
رحم الله مصطفى الانسان الذى ظل يحمل هموم هذا الامة السمراء العجوز حتى مضى الى تلك المضارب الرحبة الطاهرة وهو فى ريعان الشباب مثلما مضى فرس عاطف خيرى و كلاهما مضى تتبعه أحزان موحشة يا فرس كل القبيلة تلجمو يستر قناعاتا ويفر .. يسكن مع البدو فى الخلا .. ما يرضى غير الريح تجادلو تقنعوا " رياح التغيير التى انتظرها مصطفى والعميرى وعلى عبد القيوم والدوش ورحلوا وتركونا ننتظرها نحن ..
(عدل بواسطة sheba on 08-30-2003, 04:58 PM) (عدل بواسطة sheba on 12-02-2003, 05:53 PM)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة