كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! (Re: Kabar)
|
(5)
بعــد أسبوعين ، عزمتني صفية أن نذهب الى منتزه المقرن العائلي . التقينا عند الساعة الثانية عشر منتصف النهار ، و دفعتْ هي قيمة التذاكر ، و دخلنا المنتزه . قالت ، تسألني : تركب قطر الموت ، ولا تدخل بيت البعاتي ؟ ضحكتُ ، و قلتُ لها : انتي عاوزة شنو؟ قالت : انتا الضيف ، و انت تأمر يا جميل ..! طفنا كل الملاهي ، ركبنا قطر الموت ، دخلنا بيت البعاتي ، و طوطاحانية الدوران ، و عربا ت الكهربا..! عند الرابعة مساءا ، قلت لها : أنا تعبت يا صفية ، خلينا نستريح شوية.. قالت : خلاص أنا اجيب لينا حلاوة قطن .. قلتُ : أنا عاوز عصير ، و ما داير حلاوة.. لم تنتظر هي هذه الإفادة الأخيرة ، و ذهبت ، أحضرت حلاوة قطن و عصير عرديب و ساندوتشات شاورما. جلسنا قبالة النيل ، بالضبط عند نقطة مقرن النيلين . كنتُ أتأمل الموج عند لحظة العناق و الإلتقاء . تولدتْ في دواخلي خواطر حميمة عن التوحد و الإندماج ، و صيرورة الكينونة الواحدة ، لحظة الصمت تلك ، ولدت الرغبة في مزاج صفية بأن تحكي.. قلتُ ، استدرجها : ما حكيتي لي عن ناس بيتكم ؟ صمتتْ صفية ، و كان صمتها بالجد مملوح و حارق ، طفرتْ دمعة على خدها ، حاولتُ أن امسحها ، و لكنها اشاحتْ عني وجهها بقوة ، مسحتها هي بطرف طرحتها ، و رمتْ بالسنادوتش على الأرض ..! شعرتُ أنا بالحزن ، و قلتُ لها : معليش ، أنا ما كان قصدي أنك تحس بكل هذا الألم..! سألتني بغتة : انتا ، عندك أخوات؟ قلتُ: نعم.. قالت: كم؟ قلتُ : ثلاثة .. قالت: أكبر منك و لا أصغر؟ قلتُ : اخواتي ، حنان و فاطنة و سماح ، و كلهن أكبر مني و متزوجات..! قالت بدعابة : ديل أخوات ولا نسوان يا شيخ ؟ قلتُ : نسوان ، طبعا .. صمتتْ هي برهة ، ثم واصلت استجوابي : و عندك حبيبات؟ قلتُ : لأ.. قالت: بالجد؟ قلتُ : عندي حبيبة واحدة اسمها سبأ ، و عرست خلتني ..! قالت ، بتشفي : الحربوية الخاينة ..! قلتُ مدافعا : لأ.. ما كده ..لكن الظروف كانت ضدنا و ضد حبنا و أملنا ..! قالت : ما تبقى زي البطل بتاع الفيلم الهندي ، تخطفها و تجري بيها ..! قلتُ : لكن ما عندي حصان أبيض..! قالت ، ضاحكة : الناس في زمن المواتر يا باشا ، جازف ليك سوزكي من أي حتة ، و فحـّط بيها..! قلتُ : خلاص المرة الجاية ..! قالت : ناوي تحب تاني ، ولا شنو يعني؟ قلتُ : مشكلتي ، البنات هم القاعدين يحبوني ..! مدتْ يدها ، كادتْ أن تضربني على كتفي ، و لكنها تراجعت قائلة : أنت مغرور خلاص ..! شعرتُ بأن صفية اٍرتاحتْ قليلا ، و انبسطتْ أساريرها للونسة . قلت لها : أنتي ما عندك جكسي ولا شنو؟ قالت : أنا لسع صغيرة ..! قلتُ : كيف يعني ؟ قالت : عمري ، دوبك اطناشر سنة ..! قلتُ : و ناوية تجكسي بعد ما تصلي السن القانونية يعني ؟ قالت : مافي جكسي ولا قيامة رابطة ، عرس طوالي ، الما عاجبو يقع الخور ..! قلتُ : لازم يعجبو..! كانت هي تحصب النيل بحجارة الحصى الصغيرة ، صمتنا برهة .. قلت لها ، مداعبا : يا بت ما تفلقي النيل ، اقعدي ساكت..! قالت : بالعكس ، أنا قاعدة أجدع في همومي..!! غاصتْ عبارتها كالنصل في قلبي ، و بلعتُ ريقي الجاف ، و تحجرتْ الكلمات في حلقي ..! هذه المرة أنفجرتْ هي بالحكي .. قالت : نحن اصلنا ، كنا ساكنين في دار السلام بتاعة الحزام الأخضر ، أبوي عبد الكريم ادريس ، كان شاويش في سلاح المظلات . أمي قالت ، هي ولدتني في البيت ده ، و كانوا ساكنين قبل ما تلديني لمدة سبع سنوات ، ولدت بعدي ثلاثة ، بتين وولد ، عمري كان تسع سنين ، و كنت بقرا في مدرسة جبرة الإبتدائية للبنات ، كنت في سنة رابعة ، جيت التانية مرتين . التخطيط دخل حلتنا ، جات الكراكات و القريدرات ، و قعدوا يكسروا البيوت ، نسوان الكراكة هدمت البيوت فوق دولايب عدتهن ، نسوان فقدن السراير و الهدوم . اليوم الوصلوا مربوعنا ، رفض أبوي ، الله يرحمو ، يمشي الشغل . لبس هدومو بتاعة الجيش ، و كان قاعد في خشم الباب . أول ما الكراكة جات علينا ، صاح في وشهم ، و قال ليهم اولاد ال###### ، ده بيتي و ما بمرق منو الإ و انا ميت ..! حصل هرج و جوطة ، سمعنا صوت الرصاص ، بعد شوية جابوا ابوي ميت جنازة و دخلوهو جوه البيت ، أمي زغردتْ ، ضربوها بالدبشك على ظهرها ، وقعتْ ، كانت حامل بي جناها الخامس ، و عندها ستة شهور ، دافقتْ ..! ناس الحكومة ، قالوا لينا أبوكم كان شايل بندقية جيم تلاتة ، و معاها قرنيت ، و أعترض أمر الحكومة ، و ضرب العساكر و كتل فيهم ستة..! أنا بكيت ، بكيت ، مش حرقة على أبوي ، لأنو الموت جايز كن لينا و كن ليهو ، لكن بكيت على كضب الحكومة ، هل تصدق أبوي ، اخر مرة كان شايل فيها سلاح ، كان في أيام الإنتفاضة سنة 1985 ، بعده السلاح تب ما دخل بيتنا ..! كان عندو سكين بس ، و زي ما براك عارف ، الغرابة ديل السكين عند الراجل فيهم زي القلم في جيب الطالب..! بعد أسبوع جوا أخوالي من الغرب ، ساقونا لي مدينة الجنينة ، قعدنا فيها زي ست شهور ، عملوا الكرامة لأبوي ، و رجعنا تاني العاصمة ..أمي تابعت حقوق أبوي ، لغاية ما طلعت و طلع معها المعاش . عندنا جيرانا رحلوا الحاج يوسف و قالوا نرحل معاهم ، لكن امي ابت . أشترت لينا ، من حق المعاش ، قطعة أرض في مربع تلاتة دار السلام أمدرمان ، و بنيناها و رحلنا فيها..! أمي ، بقت تسوي شاي في سوق الناقة ، و شوية شوية ، أنا بقيت أفرش فول و تسالي . كنت شغالة في السوق الشعبي امدرمان ، السوق هناك ما نفع معاي ، شوية شوية ، جيت الخرطوم ، لميت في بنات من امدرمان ، واحدة اسمها سيدة بت النوبة و التانية مودة بت الفور . سيدة بت النوبة ، ابوها كان نجار ، و برضك مات في الخدير لمن الحكومة مشت تخطط العشوائي هناك . مودة بت الفور ، ابوها جياشي ، مشى الجنوب ، و قال ناس جون قرنق ساقوهو لمن هجموا على كايا . أمي ، كانت شغالة شاي كويس ، و بعد سنة ولدت اخوي الصغير عماد ، ولدتو ملح ساكت ..! أنا اتشاكلت معاها ، و قلت ليها ، انتي كان تعرسي عديل كده بدل ما تقعدي تعملي كده ..! طلعتا من البيت ، مشيت لواحدة حبوبتنا ، خالة أمي باللفة ، ساكنة في الحتانة ، و قعدت معاها لمدة اسبوع . رجعوني البيت . و بقينا أنا و امي زي الضرات ، شكل و نبذ. بعد شوية ، و كانت الدنيا عيد ، بكينا أنا و امي بي حرقة ، و طلبت منها العفو ، و هي طلبت مني العفو ، و اتعافينا . أمي ضمتني شديد في حضنها ، و قالت لي بي دموعها ، صفية يا بتي ، أنا ما عندي في الدنيا دي الإ الله و انتي ، راجياك عشان تشيلي معاي الحمل و تساعدني في ترباة اخوانك الصغار ديل ..! عفيت منها ، و قلت ليها ، انت لسع شباب ، و الأقدار ما معروفة ، و انا معاك ، كسرة بي ملاح ، بي موية ، بي مافي ، تب ماني فايتاك ..! قعدنا نلقط ، نجازف شوية شوية ، عملنا حساب في البنك . أمي قدرت تأجر ليها دكان في سوق أبوزيد ، و أنا قالبه كويس في سوق الخرطوم .. ! سوينا الدهب ، جبنا التلفزيون ، اشترينا الدولاب الحافلة ، و مليناهو بالعدة من كل شكل و لون . جات حبوبتي من البلد ، و قعدت معانا ، و حلت لينا مشكلة حراسة أخوانا الصغار في البيت ..! شوية كده ، و تاني ألقى ليك أمي حامل..! بكيت بمرارة ، و قعدت في البيت . فكرت أشرب صبغة شعر عشان أموت ، تاني اتذكرتا و قلتا لي نفسي ، هوي يا صفية أحسن تفتحي عيونك كويس ، انتي امك دي قالت ليك بالواضح ما عندها زول في الدنيا دي غيرك ..! قشيت دموعي ، و تاني رجعت للشغل . اتقفلت علينا كل الأبواب. واحدة عندها ضد مع أمي ، مشت كلمت ناس المجلس و قالت ليهم المره دي حملت بالحرام ساكت ، و انتو مؤجرين ليها الدكان كمان؟ ما قلتو الدنيا شريعة ، وينها الشريعة دي؟ بعد يومين ، جانا البوليس بأمر قبض ، مشت أمي و دخلت حراسة سوق ليبيا لمدة اسبوع ، لغاية ما جا خالي من كوستي و عمل ليها ضمانة . خالي ، من مكتب النيابة في سوق ليبيا ، و طوالي الى السوق الشعبي الخرطوم ، عشان يلحق البصات الراجعة لي كوستي ، رفض حتى كوز موية ما يشربوا في بيتنا ..! جات امي للبيت ، حالها تحنن الكافر ، بقت غبشا و مبهدلة و تعبانة للآخر..! عشيت أخواني الصغار ، و نومتهم . سخنت ليها موية دافية و غسلت ليها يديها و كرعيها ، و مسحتها بالدهن الكركار ، و بكينا ، بكينا مع بعض . سألتني امي : عاملين كيف يا صفية ؟ قلت ليها كويسين ، عايشين مجازفات ، يوم نجازف حق الفطور ، مرة نلقى و مرة ما نلقى ..! باتت امي ليلها داك ، سهرانة للصباح ، تبكي و تعزي و تلعن حظها الكافر الما بيعرف الرحمة ..! ولدت امي ، اختي سلوى ، بعد فطمتها ، قعدت شهرين و تاني رجعت لناس النيابة في سوق ليبيا ، قالو ليها البلاغ اتحول لمحكمة جنايات امبدة وسط . مشت المحكمة الفي شارع الردمية ، حركوا البلاغ ، و حكموا عليها بالجلد ، جلدوها مية سوط . يوم الجلد ، أنا ما كنت جايبة خبر ، الصباح ، امي قامت بدري ، سوت لينا زلابية و شاي الصباح باللبن ، قامت قشت الحوش ، و رتبت البيت كويس ، و لبّست اخواني هدوم نضيفة. ضحكت أنا و قلت ليها ، اصلو الدنيا عيدية يا زهرا ..! ابتسمت و قالت لي : انتي عارفة يا صفية ، في اليوم ده قبل سنتين ، ابوك مات ، عشان كده ، كل ما يجي اليوم ده ، انا بحاول أخليهو مختلف شوية ، على ألأقل ، اقول لي روح ابوكي انو نحن لسع حافظين الأمانة ..! ثم أجشهت بالبكا ، بكت أمي بحرقة ، قشيت ليها دموعها ، و قلت ليها ، خلاص الليلة أنا ح اشتغل دبل ، عشان يوم الجمعة نمشي المنتزه نتفسح . مرقت من البيت ، و امي تدعي لي بالبركة و تسأل ربنا يحفظني و ينجيني من شر العوارض..! اشتغلت بي مزاج و عملت قروش تمام ، ربنا فتحها علي ، الفول و التسالي بتاعني ، كملوا الساعة تلاتة ضهر بدري بدري . قعدت اساعد سيدة بت النوبة لغاية الساعة اربعة بالمسا .. ودعتها و ركبت المواصلات . وصلت ، البيت كان هادي ، الناس التقول جايبين ليها خبر موت..! سألت اختى مشاعر ، قالت لي أمي دقوها ، و هسع ياها ديك راقدة جوه الأوضة . دخلت الأوضة ، لقيت جاراتنا زينب ام سعيد و التومة بت حسب الرسول و حبوبتي ، قاعدات فوق راس أمي . أمي كانت غمرانة . في أول الأمر ما عرفتني ، بعد شوية قلت ليها أنا صفية يا امي..! الدنيا بقت مغربية ، قالت لي ، خلي النسوان ديل يطلعن بره ..طلعت النسوان ، و جيت راجعة ليها ، قعدت توصي فيني وصاية المفارق ، حسيت بالدنيا بقت في وشي ضلام في ضلام ..! قلت ليها : وريني الدقاك منو عشان نفتح فيهو بلاغ ..! قالت لي : جلدتني المحكمة عشان ولدت بالحرام..! و بدون ما اشعر ، قلت ليها ك خلاص نعمل عريضة و نفتح بلاغ في المحكمة ..! ضمتني امي عليها ، و سكتنا .. بعد شوية قلت لنفسي : يا صفية يا مجنونة ، ياتو محكمة بتقبل منك عريضة شكوي ضد محكمة تانية..!! جرت الدموع في وشي ، خرت خرير المويه في البحر ، تماما حسيت أني مره و بت مره و مغلوبة كمان ..! طلعت بره الحوش ، الدنيا كان فيها قمر اربعطاشر ، عاينت لوش القمرة زي دقيقتين و مرقت . مشيت لي جارنا يوسف سيد البوكسي . و طلبتو في مشوار ، جا هو معاي ، و سقت امي لمستشفى امدرمان . ناس الحوادث في مستشفى امدرمان ، ابوا يدخلوا امي ، اتلويقوا معانا و عصلجوا . حلفوا بي تربة المهدي الإمام ، ما يعالجوا أمي الإ بعد ما نجيب أورنيك جنائي ..! قصة الأورنيك الجنائي دي ، ما كانت واقعة لي ولا فاهماها خالص ، سألت يوسف سواق البوكسي ، اداني ضهرو و مشى عدل على البوابة ، و ساق البوكسي و رجع الحلة . قرّبت أجن ، أمي مجدوعة ، و الدكاترة و الممرضين و الممرضات و العيانين و العينات ، خلق ماشة و خلق و جاية ، و زول عبرني مافي . قعدت أبكي و أمي مرمية جنبي في الممر ، لا ورا لا قدام . بعد شوية ، جاتني واحدة خضرا ، سمينة و مشلخة ، قالت لي : مالك يا بت بتبكي ؟.. قلت ليها : مافي حاجة .. نهرتني وقالت لي : و انتي قايلة دي دار عزاء ، يللا قومي شوفي درب بيتكم وين ..! أمي حركت راسها و عاينت للمره بطرف عينه التعبانة ، المرا قلبها حن و جات على أمي ، حاولت تتكلم معاها و امي ما قدرت ترد عليها ، وصفت بايدها عليّ. رجعت المرا و سألتني ، المرا دي بتبقى ليك شنو؟ قلت ليها : دي أمي .. قالت : مالها ، شاكية بي شنو؟ قلت ليها : دقوها فوق ضهرها .. !! قالت لي : و الدقاها منو؟ قلت ليها : دقوها ناس محكمة أمبدة وسط..! سكتت المرا الخضرا السمينة ، شلوخها اتملت بالدموع و مشت. بعد شوية ، دخلوا ناس المستشفى و مرقوا ، الزحمة حصلت ، شالوا امي ، قلت ليهم مودينها وين ، قالوا لي غرفة العناية..! دخلونا مكتب كبير , و جانا كبير الدكاترة ، كان راجل شيبة .. أصلع من قدام ..و سألني ، قال لي : أنتي متأكده أنو امك دي دقتها المحكمة ؟ شعرت بالضيق ، و صرخت فيهو و قلت ليهو : دقتها محكمة جنايات محكمة امبدة وسط عشان ولدت بالحرام ..! بدون ما اشعر مسكني الراجل و ضماني على صدروا قدام الممرضين و الممرضات و الدكاترة ، و بكى .. بكى زي الشافع الصغير ، و قال لي بي شهيق : يا بتي أنا ما سألتك دقوها لي شنو ، لكن دي الإجراءات عاوزه كده ..! ران الصمت لمدة عشرة دقايق ، و قاموا مشوا لأمي . قعدوا معاها لمدة ساعتين . و لمن دخلت عليها ، كانت ملفوفة في شاش أبيض ، بس عيونها و نخرينها بره . ركبوا ليها دربات كتيرة ، و زي الساعة اتنين صباحا ، جاني الدكتور سألني : أهلك وين ؟ وصفت على أمي ، و قلت ليهو ما عندي أهل غيرها ..! هزا راسو و مرق بي سرعة ، جاتني المرا المشلخة السمينة ، و كان اسمها ست الدار ، قالت لي : يا بتي أنا ذاتي من الغرب ، و عديني زي خالتك واحد ، و احكي لي الحاصل عشان أساعدك .. كلمتها أننا ساكنين في دار السلام امدرمان ، و حكيت ليها عن اخواني الصغار .. قالت لي : خلاص ، ألحقي مواصلات الصباح خفيفة ، امشي لأخوانك و العصر تعالي راجعة سلمي على أمك ..! رجعت البيت ، النوم اتكسر في عيوني ، سويت الشاي لأخواني ، و سويت ليهم الفطور ، قليت الفول المدمس و التسالي بي سرعة . زي الساعة اطناشر خلصت و شلت الحاجات و مشيت الشغل ..! لقيت سيدة بت النوبة و مودة بت الفور ، سألوني بي لهفة ، مالك انشاء الله خير يا صفية ؟ و قبال ما ارد عليهم ، قالت سيدة بت النوبة بالهظار : أمبارح كنتي مرفوعة و لا شنو؟ بكيت بي حرقة ، و لمن شافوا دموعي صدقوا الحكاية ، و بكوا معاي ، و حكيت ليهم كل الحاصل. قامن زحن مني شوية ووسوسن . جوني راجعات ، صرن لي قروش في طرف طرحتي ، و حلفن على ما أشتغل ..! شالن مني الفول و التسالي ، و قالن لي ، ارجعي البيت يا صفية . بعد شوية القصة جرت ، أولاد الورنيش جابوا لي حقهم ، و ناس العمارة القريب قريب ، كل زول طلع شوية قروش . سيدة بت النوبة مشت معاي لغاية مواصلات امدرمان في الجامع الكبير ، و قالت لي : عليك الرسول يا صفية ما تجي للشغل لغاية ما الحاجة تبقى كويسة ، و نحن كل يوم بالمسا ح نجيك في البيت ..! رجعت البيت مبسوطة ، معاي أبو الدُندُر يقلب الككو.. !
أشتريت لأخواني خضار و موز و رجعت .. أمي رقدت في المستشفى زي تسع أيام ، و خرجوها . كل يوم سيدة و مودة قا عدين يجوني في البيت ، و بعد اليوم التالت رحلوا معاي في البيت في دار السلام .
*** لا أدري بالضبط ما حدث ، و لكني كنت أهتز من حرقة البكاء ، و انا جالس في كافتيريا القانون قبالة شارع الجامعة ، و كانت اٍمتثال تحدقُ في وجهي برعب ، و الدمع يتحدر فوق خديها هي الأخرى ، و بالقرب منها ابراهيم باخت و جلال شايب .. سألني جلال : في شنو يا حماد ، جاك خبر ولا شنو؟ قلتُ : أنا كويس يا جماعة ..!! و قمتُ أجرجر اقدامي نحو البركس.. في داخيلة عطبرة (أ) ، دخلت الغرفة (2) التي كنا نقيم فيها أنا و جلال و سليمان و عبد السلام ، كتب عليها عبد السلام (فرجينيا ) تيمنا بحلم عصي ، تتكلله لهفة الخروج و السفر نحو البر ، اي بر كان ..! رقدتُ على سريري ، و هربتْ صفية و حكاياها عن ذاكرتي . رجوتها أن تعود لأني قد تفرغتُ لها تماما ، و لكنها أبت أن تعود..! اقبلتُ ، أتصفح ُ كتاب فلسفة القنون لصاحبه اللورد لويد اوف هامستيد ، بشراهة و نهم..!
ريجاينا ستي - ابريل/نيسان 2006
دمتم..
كبر
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
" دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! | Kabar | 05-30-12, 07:17 AM |
Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! | Kabar | 05-30-12, 07:22 AM |
Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! | Kabar | 05-30-12, 07:27 AM |
Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! | Kabar | 05-30-12, 07:31 AM |
Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! | Kabar | 05-30-12, 07:33 AM |
Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! | Kabar | 05-30-12, 07:38 AM |
Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! | Kabar | 05-31-12, 06:44 AM |
Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! | بله محمد الفاضل | 06-02-12, 07:48 AM |
Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! | حبيب نورة | 06-02-12, 09:01 AM |
Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! | Kabar | 06-02-12, 09:13 AM |
Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! | Kabar | 06-02-12, 09:16 AM |
Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! | بريمة محمد | 06-02-12, 09:37 AM |
Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! | Kabar | 06-03-12, 00:44 AM |
|
|
|