" دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 02:16 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة محمد النور كبر(Kabar)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-30-2012, 07:22 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! (Re: Kabar)

    دروب العيــش

    (1)

    مسار عبد الغني..
    وجهها دقيق ، نحيل ، يملؤه الفرح الطفولي المشاغب . اٍبتسامتها تملأ الذات امانا و نقاءا . خصرها دقيق ، و ساقيها تمتلئ وجدا خرافيا ، كثيرا ما يغري الشعراء بالتسكع فيه..!
    صدرها ، يحمل جـُبيلين يتكوران بصورة تلهب أوار الداخل ..
    كان محجوب يسميها ذات الوجد الدافر ، بعد أن يتصرف بأغنية الحقيبة الشهيرة و يحورها و يترنم ..
    هجد الأنام ..و أنا وحدي مساهر
    النحول على جسمي .. يا حبايب ظاهر..
    أسبابي ( الوجد الدافر)..!

    و كثيرا ما يتوقف عند ذاك الصدر ، و كثيرا ما يشتكي من زيارات طيفه المتوارب . طبعا يغضبني ذلك و يغيظني كثيرا ، و حينما اقول له : كف يا هذا..!
    يضحك محجوب ، ضحكته الماكنة العريضة الصافية ، و يقول لي: اصلو البلد دي الواحد ما يهظر فيها ولا شنو؟.. ياخي انت مالك احمق كده؟.. انت ما بتعرف الهظار أصلا؟..
    و محجوب لا يقول الأشياء لله ، دوما ما تحمل عبارته دلالات قوية..!

    مرة قلت له : ما عارف الحاصل شنو ، لكن اليومين ديل شايف انتشار واسع لبعض العبارات الغريبة والغامضة..!
    قال ، ساهما : زي شنو يعني؟
    قلت: يا فردة ، يا نحل ، الجاز طلع ، النحل نزل ، ابو خديجة كبس ، مجازفات ، الدقس اتلحس ، و أصلو البلد دي الواحد ما يهظر فيها .. !!

    للمرة الألف ضحك محجوب ضحكته الماكنة تلك ، و نفخ أوداجه مقلدا أهل الخطب القيافة ، و ترزية الكلام ، الذين يجيدون تقعيد الجمل و تفصيل النبرات و النفخ على الفاضي ، و قال: نبدأ من اخرتها ، يقال و هذا القول لا يجد مركز يستند عليه ، أن احد مدبري الإنقلابات الفاشلة ، و انت تعلم جيدا ادبياتنا و ثقافتنا الجوانية ، يبدأ الأمر دسيسة صغيرة ، فيصير تآمرا في جنح الظلام ، أناء الليل و اطراف النهار الغضة ، فان نجح تصبح ثورة ظافرة وجب على الكافة الإمتثال لها و تأييدها تأييدا منقطع النظير ، و يصير البيان رقم واحد هو دستورها و مرجعيتها .
    و اٍن فشلتْ ، تصير مؤامرة انقلابية فاشلة ، هذه حاشية و هاك المتن..!
    في احد هذه الظواهر العجيبة ، المسماة ثورة حين نجاحها و انقلابا حين فشلها ، يحكي أن احد الأصحاب كان يمني نفسه بأن يكون عضوا فيها ، و كان يجهز نفسه و يعد العدة لذلك الأمر الجلل ، و كان يصف نفسه أمام خاصته بعضو المجلس الثوري المرتقب . و لكن شاءت الظروف أن تفشل تلك المحاولة ، و قبض على افرادها فجرا ، مثل ما يقبض على دجاج المسار في بوادي أهلك في دار صعيد ، و عند الإستجواب ، زأر فيهم ذلك الصاحب الهمام قائلا: اصلو البلد دي الواحد ما يهظر فيها !!
    فصارت مقولة شائعة تمتطيها ألسنة العامة و الخاصة .. بمن فيهم شخصك الكريم..!
    قلت ، و انا ادعي الجدية : لن أتفوه بها بعد اليوم.ز!
    قال هو ، ضاحكا : ليه؟ اصلك مطلوب وفاء لأحد..؟!!
    قلت : انها ندتْ عن شخص في لحظة ذلة و اٍنكسار ، فصارت أشبه بالعورة الواجب علينا غض الطرف عنها ، ان لم نتمكن من سترها..!
    حدّق فيّ محجوب بدهشة عظيمة..
    ثم ، قال : انت ليه ماخد الحكاية على الأخر كده ، و جادي في الموضوع ده ؟..يا اخي اٍمكن القصة كلها تلفيق في تلفيق ، و ما ليها اساس اصلا..!!
    قلت : و حتى و لو ، انك لن تستطيع أن تقنعني بأن البلد دي ما فيها مثل هذه الظواهر على حسب قولك ، و لن تقنعني بأنها حينما تفشل تصبح محاولة انقلابية فاشلة عديمة الوجود ، و لن تقنعني بأن اصحابها ، و هي فاشلة ، يتعرضون للمحو من الوجود رميا بالرصاص الحي أو اٍغراقا في النيل العظيم ، و لن تقنعني بأن لحظات الإستجواب ، و بكل ما تحتويه من عنف و اٍذلال و مهانة ،يمكن أن يصمد أمامها الرجال . فاٍن صمد التسعة لابد أن ينكسر العاشر ، و اٍن صمدوا العشرة ، لابد أن نوجد خيال خصب يؤلف لنا قصة اٍنكسار أحدهم ، اٍ ن لم يكونوا كلهم ، و كل ذلك حتى نقنع الجماهير بضلالتهم و انحرافهم عن جادة الطريق.. !!

    ران الصمت بيننا لحظة ، تشكلت بصورة عصيبة و مأزومة ..
    و زام محجوب باٍستياء ما بعده استياء ، ثم أخذ يكور سفة التمباك ، وكلما كبرتْ السفة كلما كانت تحمل دلالة أوسع للإستياء و القرف . ثم وقف ينفض الغبار عن بنطاله الجينز الأزرق الباهت ، و حذائه المركوب عنقرة التيس ، و جمع كل ما يعتمل في وجدانه من زفرة وآهة و حرقة ، و قالها في وجهي مالحة ، حارقة : أصلو البلد دي الواحد ما يهظر فيها.. ؟!!
    ثم مضى..

    و اتت مسار عبد الغني مقبلة نحوي ، بكل صدرها العالي ذاك..اٍبتسامتها كسرتْ شوكة الحيرة و الحدة في دواخلي ، ثم قالتها : سلام ،
    و اكملت أنا بقولي : قولا من رب رحيم..
    كانت هي عبارة اقولها كلما أومض البرق اللامع في صدر الأفق ، مصحوبا بدمدمة الرعد الهدار ، أمي تقول لنا : لا تخرجوا رؤوسكم في المطر ، لأن ذلك يساعد في أن تصابوا بالصاعقة..!
    حاشية : لم تدرس أمي الفيزياء ، ولا تعرف شيئا عن الكهربية بكل أنواعها ، سواءا كانت ساكنة أم متحركة ، أم متولدة عن شرارة البرق ، و لكنها كانت تحذرنا بصدق ما بعده صدق . و حينما تشتد دمدمة البرق تتمتم قائلة : سلام ، قولا من رب رحيم..!
    حكيت لمسار عبد الغني تلك القصة ، فقالت لي: أمك جميلة..!
    قلت لها : اعرف ذلك..
    قالت: و حكيمة..!
    قلت : أعرف ذلك..
    قالت : لها فلسفة وجود نحتاج كثيرا أن نعرفها و نكتبها و نوثقها للأجيال..!
    قلت : الإ دي..خليها مستورة يا مسار..!
    و منذ ذلك الحين ، صارت مسار تحييني بتلك التحية الوسيمة..


    مدتْ يدها نحو وجهي ، لكي تقطع سيل تلك الخاطرة ، و قالت : هييييي.. سارح وين ؟.ز أسميك سرحان ولا شنو؟
    اٍبتسمتُ أنا ، و قلت لها : كنت أتحدث مع محجوب قبل قليل ، و لكنه بتر الحوار و استنكر بعض من افكاري ، ثم قاطعني الحديث و مضى..!
    ضحكتْ مسار ، و قالت لي : أتظن أنها مقاطعة سياسية جادة ، أم هي كلامية املاها الزهج المؤقت ، أم هي ذات مصلحة ؟..
    قلت : مصلحة كيف يعني؟
    قالت : مثلا أن يكون محجوب عاوز يلحق الفطور أو احد صويحباته أو حتى محاضرة..!
    خبطتُ على الأرض بقبضة يدي ، قلتها صارخا شاتما..
    s.h.i.t
    دي فاتت عليّ كيف؟.. أنتي عارفة يا مسار محجوب عندو محاضرة بنوك ، يفترض أن تكون قد بدأت قبل ربع ساعة..!
    قالت : ما قلت ليك ، أنا عارفه كويس ، محجوب ده أفضل حاجة عندو في الدنيا دي أنو يفور دمك و يضحك عليك..!
    قلت ، بصورة جادة : أنا لا اسمح بمثل هذا في حق محجوب..!
    قالتها مسار ، ودون أن تدري بأنها زادتْ حدة تأزمي الداخلية : اصلو البلد دي الواحد ما يهظر فيها..!

    ران الصمت ، و كثيرا ما كانت مسار تذكرني بقولها أنها تخاف صمتي الى حد الرعب . حقيقة يزعجها صمتي و يجعلها تبدو قلقة الى حد الذعر . تخاف أن تكسو وجهي معالم بعينها ، تسميها هي ملامح الجحيم ..!
    تقول لي : حينما تلبس ملامح الجحيم قناع على وجهك ، و تعقبه بالصمت الإبر ، ستحل كارثة..!

    تجاهلتُ تلك الخواطر ، و مارستُ الصمتُ بقوة في حضرة مسار عبد الغني..!!

    ظللنا في تلك اللحظة ، لمدة 120 دقيقة ، سحب صمت تتراكم فوق بعضها طباقا . لحظة ، تعلو فيها الأنفاس بصورة خافتة ، و نحن نجلس على نجيلة ميدان المكتبة ، أمام كلية التجارة . الطلاب يعبرون من حولنا ، تبدو أجسادهم اشباحا تتماهى في المخيلة و تختفي..!
    لا أدري بالضبط ، اٍن كنت أحدق في وجهها ، أم أنني كنت متكورا في داخل ذاتي البعيدة ، باحثا عن أبعد ركن في الذات يتسع مخبأ لي..!
    ولا استطيع أن أصف ما كانت عليه مسار عبد الغني في تلك اللحظة..!
    بعدها..
    جاءني صوتها ، كان كأنما قادما من قاع محيط بعيد ملؤه الأسرار و المغامرات و قررت أمواجه الكف عن الهدير صدفة ، و قالت : تحب تشرب شنو؟
    قلت : أريد أن اغادر الجامعة .. الآن..!
    استغربتْ مسار عبد الغني ، و اجتهدتْ أن تخفي مظاهر الإستغراب..!
    ثم قالت لي ، بوضوح : انت زي الدنيا ، اصلا ما ليك أمان ، مزاجك يتقلب في الثانية الواحدة مليون مرة..!
    قلتُ ، مقاطعا : لا داعي لهذا الآن..!
    تجاهلت ْ امر مقاطعتي حديثها ، وواصلت تقول : و بعدين معاك.. انت مش عندك..
    Assignment due to tomorrow?
    شعرتُ أنا بالضيق و التبرم من تلك اللهجة المتآمرة ، و التي تجعلني أحس بالتقصير في واجباتي الدراسية ، و قلت صارخا في وجهها : تفو على هذه الواجبات اللعينة ، التي تجعلنا عرضة للتعريض من قبل...
    و أكملتها مسار بنصف ابتسامة : هب و دب ..و الناس اللميم.ز!
    حقا ، اٍحتجتُ الى لحظة صمت أخرى ..
    و همستُ لها : انت دايما متسرعة ، عاوزة تقوليني الما قلتو..!

    مسار عبد الغني ، لها قدرة عجيبة في ضبط الأمور و ريتم الأشياء في لحظات التعرج الحادة . لملمتْ بعض من بعثرة وجداني و قلقي اللعين ، و اٍبتسمتْ ابتسامتها تلك ، و قالت : كل حاجة ممكنة ، ممكن تغادر الجامعة الآن ، و ممكن تمشي كل مشاويرك ، و في المساء ، في جلسة واحدة ، تكتب واجبك الدراسي . و بعدين معاك ، هي كلها عشرة صفحات لا أكثر ، و أنا واثقة أنك ممكن تنجزها .. بس الأهم من ده كلو ، بس خليك مبسوط و اٍبتسم يا خي . هي الدنيا فيها شنو ، غير لحظة فرح صغيرة حقيقية ، نجتهد العمر كلو لإقتناصها ..!
    ضحكتُ غصبا عني ، و قلتُ لها : خلاص يا سقراطة ، بدينا مشوار الحكم و المواعظ الفلسفية ..!!
    كانت هي تكتم غيظها بدبلوماسية شفافة و تقول : أنا عارفاك كويس ، تلقاك الليلة مفلس و ما عندك تعريفة أم قد ، و ما عاوز تشرب أو تاكل من مال اٍمرأة !!
    أحسستُ بأنني أريد أن اضحك بصوت عالي مثل ضحكة محجوب الماكنة ..!!
    قلتُ لها : أبيت ، ما ح تقنعيني أمشي معاك و اشرب بارد..!
    قالت : بدوي جلف ، لايرد دعوة الأوانس الإ قح فظ مثلك ، لا يفهم في اصول اللباقة و قواعد الإتكيت..!
    قلتُ : اٍتكيت يطلع عينك.ز!
    بترتْ مسار عبد الغني هذه العبارة ، و هي تحاول أن تكسو وجهها بطبقة من الجدية المصطنعة و تحور العبارة كيفما شاءت ، و قالت : كمان تسب لي الدين.. يا كافر يا فاجر يا سلالة ابليس و حطب النيران كلها..!!
    كدتُ أن اقولها لها ، و لكني عضضتُ على اسنان لكي احبسها ، حتى لا تخرج . لأنها لو خرجت بتلك الهيئة ، ستعقبها صفعة من يدي اليسرى ، و هذا ما كنت اخشاه تماما..!!
    و مضيتُ.. مضيتُ..


    كبر

    (عدل بواسطة Kabar on 05-30-2012, 07:24 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
" دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar05-30-12, 07:17 AM
  Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar05-30-12, 07:22 AM
    Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar05-30-12, 07:27 AM
      Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar05-30-12, 07:31 AM
        Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar05-30-12, 07:33 AM
          Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar05-30-12, 07:38 AM
            Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar05-31-12, 06:44 AM
              Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! بله محمد الفاضل06-02-12, 07:48 AM
                Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! حبيب نورة06-02-12, 09:01 AM
                  Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar06-02-12, 09:13 AM
                    Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar06-02-12, 09:16 AM
                    Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! بريمة محمد06-02-12, 09:37 AM
                      Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar06-03-12, 00:44 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de