أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 05:32 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة محمد النور كبر(Kabar)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-04-2004, 09:19 PM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر

    تقــديم:


    قد تكون القراءة متعة خصوصية، و لكنها أحيانا تفيض و تشكل حضورا طاغيا في حاجة للمشاركة.. و هذه قراءة لرواية ابراهيم اسحق " أخبار البنت مياكايا" .. تحتوي هذه العجالة على اضاءتين: الأولى ، اشارة الى الريف كموضوعة روائية ، و الثانية ، اشارة الى ملامح كتابة ابراهيم اسحق الروائية .. ثم قدمنا مجمل لفكرة الرواية في " بهو الأخبار" .. و لأنها رواية تأريخية ، حاولنا التساؤل عن " لماذا العودة الى التأريخ" .. و لما كانت الرواية تعامل غير برئ مع التأريخ ، فلقد ميزنا بين مفهومين : أيدولوجيا الرواية و رواية الأيدولوجيا..ثم خلصنا الى كونها رواية أيدولوجيا ..و في تبيان ذلك ، قدمنا تدليل على ميكانيزم " احتواء الآخر " و كانت تلك هي الخاتمة ..


    أضــاءة (1):


    ثمة عدة منجزات في مشهد الرواية السودانية ، اتخذت من الريف موضوعا لأحداثها.. و على سبيل المثال لا الحصر ، أتخذ منجز الطيب صالح مجتمع ود حامد مسرحا لبعض أحداث رواياته .. و ابراهيم اسحق في معظم منجزاته الروائية ، و أبكر ادم اسماعيل في " أحلام في بلاد الشمس" ، و يحي فضل الله حماد في " زواج زقندي " و التي هي سيرورة تنقل ما بين مجتمع الهبانية في دار فور و المدينة " مدني " .. و ابراهيم سلوم في رواية " الدية " عن مجتمع المسيرية في غرب السودان و شرق تشاد..

    و ما يميز هؤلاء الأخيرين ، اسحق ، ابكر ، يحي ، و سلوم .. انهم اهتموا كثيرا بكتابة تفاصيل مجتمع كردفان و دارفور ، و الذي يشكل حقلا اسطوريا للكتابة الروائية بمختلف تلاوينها..
    موضوع قراءتنا هنا ، يقتصر على ابراهيم اسحق في روايته " اخبار البنت مياكايا /نياكايا " و التي نشرت أول مرة منجمة في الصحف السودانية في سنة 1980 ، ثم جمعت بهيئتها الحالية وفق منشورات مركز الدراسات السودانية سنة 2001 .. و لأسحق ايضا ، " حدث في القرية" 1969 ..و " اعمال الليل و البلدة " 1971 ..و " مهرجان المدرسة القديمة" 1976 .. اضافة لمجموعة قصص قصيرة .. أشهرها قصة " فجوة في حوش كلتومة" المنشورة ضمن كتاب على المك " مختارات من الأدب السوداني " الصادر ضمن منشورات دار النشر جامعة الخرطوم ..


    أضــاءة (2):


    تحتفي كتابة ابراهيم اسحق ، و هي مجمل مشروعه الروائي ، بكتابة حياة حيلة الريف أو القرية أو الهامش ، كواقع اجتماعي و انساني و جمالي غني بتساؤلاته و تنويعاته المتعددة .. و هي بذلك محاولة مستميتة لنفض الرماد عن جذوة الإنفعال الإنساني في ذاك الريف ، و بهذا فهي كتابة يعنيها في المقام الأول استكشاف و تقديم و قول ملامح العادي الريفي ، غير الحضري ، في هدوئه..أحزانه..أفراحه..طموحاته .. مخاوفه .. و ابتداعه للجمال اليومي ..
    و في فعل ذلك ، يستخدم ابرايهم اسحق لغة المعيش اليومي لذلك الهامش بصورة اسطورية ، مما جعلها ، في وجهة نظر البعض ، لغة غريبة تحتاج الى كثير من الهوامش و الإضاءات القاموسية لإدراك معانيها و التواصل معها ..
    و في رأينا ، كانت تلك اللغة – بالرغم من جمالها و سطوته – عقبة ساهمت كثيرا في تكثيف التجاهل لمشروع ابراهيم اسحق الروائي بجمله و الإكتفاء بالإشارة اليه فقط من باب المواجبة و " زح اللوم" ..


    في بهــو الأخبــار:


    محور الرواية في " أخبار البنت مياكايا" هو علاقة انسانية - علاقة حب مثلا – بين الأميرة نياكايا " التي صارت متحورة لغويا مياكايا ، اميرة الشولو ( الشلك) ، و غانم سليل المعلة ..
    تخللت الرواية مغامرات جمة ، ابتدأت باٍختفاء غانم ولد جمعان عن الحي " شمال كردفان و دارفور وقتها" ..ثم ارسال فريق للبحث عنه " أونالا/عون الله" و الموفى ولد غانم .. و تمكنا من العثور على غانم في جزيرة زينوبة " كوستي / الجزيرة أبا" .. و في لحظة الرجوع ، رأى غانم الأميرة مياكايا وقرر أن يتبعها الى ديارها في عمق الجنوب .. ثم الإختباء في قريتها بغرض مشاهدتها .. و حدثت المشاهدة .. ثم بعد ذلك تتالت الأحداث .. الى أن التقى الحبيبان .ز ثم قررا الرحيل و العودة الى رهط غانم ..و عاد بها زوجة ..
    الرواية تعتمد على تكنينك الحكاية المعنعنة .. و يحكيها لنا حازم الذي سمعها عن الحساني في موقف اللواري.. و هذه واقعة لها دلالتها القصوى حول أن تأريخ السودان ، و في أهم جزئياته ، لازال تأريخا شــفاهيا .. و أن سلطة حكايته لازالت غنيمة يستأثر بها المركز الثقافي و الأيدولوجي ..
    أثارت الرواية أسئلتها الخاصة ، و اهمها سؤال الهوية و محاولة تكييفه.. و هي مسائل سنحاول معالجتها في السطور القادمة ..
    لماذا العودة الى التأريخ ؟:
    بصورة عامة ، تعني الرواية التأريخية ، جنس الكتابة الروائية التي يختار منجزها " الكاتب " مسرح أحداث يتعاطى مع وقائع الماضي ، سواءا كان ذلك باٍعتماد التسلسل الزمني لأحداث التأريخ أو الكتابة عن واقعة تأريخية بعينها أو شخصية تأريخية حقيقية .. أو حتى تقديم تصور بديل للتأريخ..
    فقد تكون الرواية عن شخصيات تأريخية حقيقية أو مختلقة ، ضمن سياق أحداث تأريخية .. أو قد تكون في مجملها عبارة عن رؤية معاصرة (لاحقة) لواقع تأريخي معين أخذ حيزه من الزمان و أنقضى..
    و بهذا الفهم الأخير ، فان " أخبار البنت مياكايا " أعلنت عن هويتها كرواية تأريخية باٍمتياز..
    فابراهيم اسحق ، أختار التأريخ السوداني البعيد كزمن و مسرح لأحداث روايته .. و في ذلك غرض بيّن من استخدام التأريخ .. و ذلك في محاولة الإجابة على بعض أسئلة الهوية السودانية .. و محاولة تقديم تصورات لتكييفها ، انجرافا في دوامة المشغلة الكبرى التي يدور في رحاها غالبية مثقفي و مثقفات السودان..
    و بالطبع " أخبار البنت مياكايا" .. ليست تعامل برئ مع التأريخ و انما تميل لكي تكون اسقاطا ايدولوجيا على احداث التأريخ .. و ذلك كما سنبين بعد قليل..
    يلاحظ القارئ أن زمن أحداث الرواية هو القرن السادس عشر الميلادي ، كما في الإشارة الواردة في صدر الرواية .. و كان ذلك عهد ازدها مملكتي الفونج و الفور في السودان الشرقي " السوداني الحالي" .. و في هذا التقييد الزمني ايحاءات كثيرة ، خاصة فيما يرتبط بسؤال الهوية .. اذ يشكل ذلك الزمن في وجهة نظر البعض ، بداية ما يسمى بالتزاوج بين الثقافة العربية الإسلامية و الثقافات الأفريقية " Aboriginals' Cultures " ..
    و ايضا فيه اشارة ضمنية ، او ربما صريحة ، الى نهج الآفروعروبية و الذي اتخذ من تحالف الفونج و العبدلاب نموذجا لتكييف مشروع الهوية السودانية .. و يمكن أن نوسم كتابة ابراهيم اسحق في " أخبار البنت مياكايا" بالعودة الثانية الى سنار .. مع ملاحظة أن عودة محمد عبد الحي تماثلت مع المدينة ، و عودة اسحق تماثلت مع الفضاء ماوراء المدينة، أي مجتمع الريف .. أضف الى ذلك الإشارة الى المكان " النيل الأبيض " .. و حتى في ذلك الزمان البعيد ، لم يكن النيل الأبيض هامشا ، سواءا بالمعنى الجغرافي او المفاهيمي .. و بالتالي تكون احداث الرواية هي محاولة اختبار لحظة تشكل المركز (مفهوما) في مواجهة الهامش (مفهوما ايضا) و سيرورة الصراع الحالي..
    فاٍذا اتفقنا بأن الرواية هي محاولة لتأسيس تلك اللحظة البكر ، أي لحظة التقاء الثقافة العربية الإسلامية بالثقافات الأفريقية ، فان الرواية تكون قد وضعت نفسها في محك الأسئلة الشرسة .. فهل كانت تلك اللحظة هي لحظة سلام و امان تخللها حوار ثقافات حقيقي ؟ أم هي كانت لحظة صراع عنيف (مادي و معنوي) استخدمت فيه وسائل الإزاحة القسرية ، و ذلك بسيادة ثقافة على حساب الثقافات الأخرى؟
    و لأن رواية " أخبار البنت مياكايا " في ذات نفسها لم تكن تأريخا ، و انما تعامل مع التأريخ ، فلقد احازت للإيجاب في اجابة الشق الأول من التساؤل عالية .. و أقترحت أن ما تم في تلك اللحظة البكر من تداخل أو تزاوج بين الثقافات تم عن طريق السلم و علاقات المصاهرة .. الخ
    و في ذاك منحى مقبول في خيارات الرواية و خيارات اسحق الفكرية و الأيدولوجية بحسب كونه منجز للرواية .. و لكن يصعب قبوله من قبل من جانب القارئ العادي .. فهو لا يعدو ان يكون مجرد محاولة لتجميل الوجه القبيح من التأريخ .. أو على الأقل محاولة تناسي ذلك القبح التأريخي و انتهاج منهج التبرير التلفيقي.. و هذا ما دعانا لوصفها بأنها رواية أيدولوجيا صريحة ..


    أيدولوجيا الرواية .. و رواية الأيدولوجيا:


    يقتضي التفريق بين هذين المفهومين ، الإشارة الى أن أيدولوجيا الرواية ، غاية لذاتها .. بمعنى التقيد بمنظومة قيم و معتقدات تصب في تكييف وضع الرواية كجنس من اجناس الكتابة الأدبية ..
    أما رواية الأيدولوجيا ، فهي وسيلة ، و بالتالي هي اسقاط على الرواية أو خلق وظيفة من خلالها تتم الإجابة على سؤال وجودي - كسؤال الهوية مثلا – بطريقة أو بأخرى.. و منها أيضا الترويج لمنظومة قيم باعتبارها الأصح .. و في هذا المنحى تكون أشبه بألية الدعاية المكثفة ..
    فاذا افترضنا ان محور " أخبار البنت مياكايا" هو العلاقة الإنسانية ، علاقة الحب بين الأميرة مياكايا و غانم سليل المعلة ، فالسؤال هو هل كان فعلا حبا اختياريا هادئا؟و ما هي الدلالات المحيطة بمجمل مغزى الرواية؟
    مثلما ما ذكرنا سابقا ، يصعب جدا قراءة " اخبار البنت مياكايا" خارج سياق سؤال الهوية السودانية.. و يرجع ذلك الى أن الرواية في حد ذاتها هي عبارة عن مساهمة في سؤال الهوية.. وذلك لإدعائها بأن العلاقة بين الثقافتين العربية الإسلامية و الأفريقية ، هي علاقة تزاوج ، و أن هذا التزاوج تم بالتراضي "كما هي لغة التبادل و الإستثمار في هذه الأيام " .. و هو مجهود داعم لأيدولوجيا المركز.. خاصة في عهد مايو (ظهور الرواية اولا أو زمن انجازها الحقيقي) و ما صاحبه مما يسمى بمشروع بوتقة افنصهار كاطار فكري للإجابة على سؤال الهوية.. و هو المشروع الذي ينتمي له اسحق ، سواءا بقصد أو غير قصد ..
    و هي نفس الخلاصة التي يذهب اليها كل من عبد الله بولا و محمد جلال و ابكر ادم ، في سؤالهم المستمر لعنف ايدولوجيا المركز و محاولاتها الماكرة في اعادة انتاج الهامش و تدجينه في محور ثقافة احادية الإتجاه و غير معتادة على الحوار و الإعتراف بالآخر ، و لو على سبيل المجاملة ..
    و على ذكر مبدأ الإنصهار ذلك ، فاننا نود التنبيه الى عدم دقة هذا المصطلح في توصيف تكوين الهوية السودانية.. خصوصا بأننا ، كسودانيين ، لا زلنا في مرحلة تأسيس و تكييف المصطلحات ، هذه واحدة ، و الثانية ، شرحه و الإشارة الى تبريريته و تبريرية من يركنون اليه استعمالا..
    فالإنصهار مصطلح مستلف من حقول علم الكيمياء ، و يعني أن مصهور معدن معين حينما يضاف الى مصهور معدن أو معادن أخرى ، يكون الناتج سبيكة .. و السبيكة تتميز بخصائص تختلف عن خصائص العناصر الأساسية المكونة لها.. و يعتمد فعل الإنصهار الكيميائي على مبدأ التذويب الكامل للعناصر..
    و لكن هل يصح استلاف هذا المصطلح ، و بهذه الكيفية ، لتوصيف شكل العلاقة بين الثقافات الأفريقية و الثقافة العربية الإسلامية ؟
    روّج لهذا المصطلح بعض من مثقفي و مثقفات السودان لتكييف مفهوم الهوية السودانية ، تجاوزا لبعض الحقائق قفزا كالعادة .. و هي أن الإنصهار يقتضي وجود عنصرين أو أكثر بتناسب ثابت .. و لكن تناسى دعاته هذه الواقعة البسيطة و استكانوا الى حقيقة واحدة و هي أن الثقافة العربية الإسلامية الوافدة لها من الفرادة و القوة مما يمكنها من مواجهة كافة العناصر الأخرى و التفوق عليها و بالتالي التأثير عليها بشدة .. و هو كلام ضد مبدأ التناسب..
    ففي الموقف النظري ، يعترف اولئك الناس بمبدأ الإنصهار على علته ، و لكن في الجانب العملي يمارسون ، كما الثقافة العربية بمجملها ، نوع من الإزاحة ، و هو أيضا مفهوم فيزياء/كيميائي ..
    و الوجه الأخر للكلام ، هو ان الإنصهار غالبا ما يأتي بناتج جديد و مغاير ، و لكن دعاة الإنصهار دوما يخافون منطق العلم و بالتالي يناقضون أنفسهم ، وذلك باصرارهم من مصهور الأفريقية و العروبة الإسلامية ، يتميز بالعروبية الإسلامية فقط.. و أنه لم يأخذ من العناصر الأخرى سوى اللون و المظاهر الجسمانية الأخرى .. يعني الإعتراف عندهم يتوقف في الشكلاني ، مع الإنكار التام للجوهري .. وطبعا في ذلك تبريرية واضحة ..
    و اذا كانت مسألة استلاف و تداول المصطلحات ممكنة ، فاننا نرى ، وفقا لمنطق الكيمياء ، بأن ما حدث في تلك اللحظة البكر ، أشبه بالتفاعل ، و الذي يسمح للعناصر الأساسية بالإحتفاظ ببعض من خصائصها الجوهرية..
    و لكن ماذا عن " أخبار البنت مياكايا" ؟


    اٍحتــواء الآخـــر :


    Quote: غريب ، يفكر عون ، ما أكملنا الشهر حتى و هانذا قد اصبحت من الشولو و سأرجع الى الحي فأصبح اعرابيا ، أتكلم بلسانهم و أتزوج منهم و أفكر مثلهم
    .. ص 61

    و نقصد بالآخر هنا ، الثقافي الأفريقي ، و تخبر عن احتوائه استراتيجية بناء العلاقات بين الوافد و المواطن ..
    فمثلا ، حالة أونالا ، الذي صار فيما بعد عون الله ، و الذي صارت سلالته العوناب ، هي اشارة لمكانيزم الإحتواء ، و ذلك بخلق نموذج يحمل ملامح الثقافة العربية الإسلامية ، و هو الشلكاوي القح ، و بالتالي قطع الصلة مع الماضي في محاولة لتأكيد أفضلية الثقافة الوافدة و أن ما عداها من ثقافات لا وزن له..
    بل أكثر من ذلك ، السعي الى تدجينه و خلق رصيد منه ، في المستقبل يكون مدافعا و منافحا عن الثقافة العربية الإسلامية ..
    و لكن ، لم يفكر المثقف السوداني ، و اسحق هنا نموذجا له ، بمحاولة عكس المعادلة ، و ذلك في موقفين:
    الأول : ماذا يحدث لو كان عون اللـه ( أونالا الشلكاوي ) عربي مسلم و ذهب ليعيش وسط مجتمعات السكان الأصليين ( الشولو/الشلك) او ما معاقل الثقافة الأفريقية ؟ هل سيجبر – مثلا – على تغيير اسمه و هويته و قطع صلته بماضيه؟
    الثاني : ماذا يحدث لو أن المرأة مركز الرواية ، الأميرة نياكايا و التي تعرب اسمها الى مياكايا، كانت امرأة من الظعائن " مجتمع القبائل العربية المسلمة "؟ هل سيأفرق أو يزّنج اسمها؟ هل ستجبر على قطع الصلة بماضيها؟
    و لكن تظل مثل تلك الفرضيات من المسلمات غير القابلة للنقاش ، ولازلنا نحن نشهد رحاها الى الآن ..

    مســألة أخرى من مظاهر الإحتواء ، و هي أن الثقافة الوافدة و بكل تجلياتها الذكورية ، يسيطر عليها وعي تناسلي قوي ، وفقا لمفهوم الوعي التناسلي كما قال به محمد الشيخ .. لذلك ، في وعيها الباطن تكمن قمة قهر الأخر عن طريق "خرط انثاه " .. و هي الأسطورة التي وقع فيها بعض المثقفين السودانيين ، بأن ثقافة الأخر بالنسبة لهم حقل يتم غزوه عن طريق المرأة .. و بالتالي تكون أقصى درجات الهزيمة و كسر العين هي سبى امرأة الآخر..
    و مثل تلك الديناميكية تنفي القول بحدوث حوار مثمر بين الثقافة الوافدة و الثقافات الوطنية .. و هي في نفس الوقت عملية مستمرة لنفي الأخر/الرجل و تهميشه أو محاولة ، كما هي حالة أونالا ( عون الله)..
    و اخيرا ، تتجلى ميكانيزم الأحتواء تلك ، كاسقاط ايدولوجي ، في محاولة التهرب من اثارة الأسئلة الحقيقة أو مجابهتها .. و نقصد هنا سؤال الهوية نفسه ..
    و في ضاك المنحى ، تلجأ الرواية الى استخدام نظرية المؤامرة ((Conspiracy Theory و ذلك القاء اللوم على طرف اخر.. بمعني ثاني ، محاولة تقديم تفسير بديل لتأريخ الصراع ، أي صراع الهوية ، بأن ما حدث و ما يحدث الآن ، يعود سببه للمستعمر ..

    Quote: تلك يقولون حقبة كلها بركة ، و كما قولهم يا عثمان ، قبلما يأتي الترك الضالين المضلين ، ينافحهم فقيه الجزيرة أبا الذي استنهض الناس عليهم و من تبعهم ، خربوا البلد و فاصلوا بين خلق الله
    .. ص 75

    و هي حيلة يتبعها كثير من أهل السودان و مثقفيه ، و هي قفز ارجوزي على الوقائع .. لأن من يقول بنفس القول ، يتقاضى تماما عن مساءلة الحال قبل حضور الترك .. وانما يستخدم مبدأ التبريرية التلفيقية و يقول بأن الحال كان بركة و سلم و طمأنينة و اتفاق .. دون حتى محاولة تذكر لحظات الإلتقاء البكر و التي تخللتها عمليات السبي و النهب و التدجين ..

    كبــّر




    هــوامش :

    - ابراهيم اسحق ابراهيم ، 2001 ، " اخبار البنت مياكايا" ، رواية ، مركز الدراسات السودانية بالقاهرة
    - د.عبد الله بولا ، 1998 ، " شجرة نسب الغول في مشكل الهوية الثقافية و حقوق الإنسان في السودان" ، مجلة مسارات جديدة ، القاهرة
    - محمد جلال هاشم ، 1998 ، " السودانوعروبية أو تحالف الهاربين : المشروع الثقافي لعبد الله على ابراهيم في السودان " ، مجلة الدراسات السودانية ، معهد الدراسات الأفريقية و ألأسيوية – جامعة الخرطوم.
    - ابكر ادم اسماعيل " جدلية الهامش و المركز: قراءة جديدة في دفاتر الصراع في السوادن" ، كتاب لم ينشر بعد.
                  

العنوان الكاتب Date
أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر Kabar12-04-04, 09:19 PM
  Re: أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر Kabar12-05-04, 02:48 PM
  Re: أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر منوت12-05-04, 09:47 PM
  Re: أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر almulaomar12-06-04, 01:17 AM
  Re: أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر منوت12-06-04, 11:23 AM
    Re: أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر عصام عيسى رجب12-06-04, 12:37 PM
      Re: أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر فضيلي جماع12-06-04, 01:44 PM
        Re: أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر على اسماعيل12-07-04, 09:58 AM
  Re: أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر Kabar12-08-04, 08:55 PM
  Re: أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر Kabar12-08-04, 08:59 PM
  Re: أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر Kabar12-08-04, 09:04 PM
  Re: أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر Kabar12-08-04, 09:06 PM
  Re: أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر Kabar12-08-04, 09:08 PM
    Re: أخبــار البنت ميــاكايا: اٍحتــواء الأخر عصام عيسى رجب12-10-04, 12:52 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de