|
Re: استاذنا الموصلي والزميلة الاستناذه سلمى الشيخ سلامة ..الاذاعية القامة ...تحياتي .. (Re: خضر الطيب)
|
مشهد اول
العام 1989كان عاما مثيرا ، علي الصعيد الشخصي ، وعلي صعيد الوطن من ناحية اخري ، فهو العام الذي ( كان ) سيشهد انعقاد المؤتمر الدستوري في شهر سبتمبر منه ، ذاك الانعقاد الذي حملناه امالنا وأشواقنا لحل ازماتنا باجمعنا وكل ما تعلق بها لكن ذلك لم يحدث وهو آخر ما حدثني عنه الراحل عبد العزيز العميري وازعم ان ذلك الحدث ( انقلاب يونيو) هو الذي عجل برحيل العميري ، فلقد قال : -الانقلاب دا حق الجبهة الاسلامية ، وما في زول عندو مصلحة في عدم انعقاد المؤتمر الدستوري ، ولا البلد دي ماتمشي لي قدام ، وترجع لي ورا ( الا الناس ديل ) عشان كده انا ذاتي ماشي خالي ليهم البلد ذاتا ورحل بعد ثلاثة ايام من الانقلاب في الرابع من يوليو 89، تاركا ايانا يتاماه الي الآن ، مواعين حياتنا فارغة فارغة نحاول ملؤها الأمر الذي ازعم استحالته ، هذا فيما يتعلق بالجانب الشخصي قبل ذلك في رمضان ، من نفس العام ، لم يكن رمضانا ككل (الرمضانات) السابقة التي عشتها فلقد تميز بامر أعجز عن وصفه ، كان عليّ ان اكون ضمن من اسماهم الاستاذ صلاح الدين الفاضل ( تيم نمرة واحد ) رفقة الزملاء : صلاح التوم ، اسامة جمعة ، حسن دوكة ، طارق كبلو ، طلال عثمان ، التجاني حاج موسي ، سكينة عثمان ، اسراء زين العابدين ، عبدالوهاب هلاوي ، رجاء حسن حامد ، سهام الكندي ، محمد خفاجة ، بقيادة المايسترو صلاح الدين الفاضل ، وغيرهم من المعدين والمخرجين والفنيين والمذيعين ، والمذيعات ، والضيوف شهر كان له في نفوسنا وقع طيب ، وطعم حلو المذاق ، حلاوة الديمقراطية التي ما كنا ندرك سرعة انهزامها وتراجعها الي الصفر ، او ما دون ذلك ؟ كان اليوم الاول من رمضان قد حل بيننا ، ولم نكن ندرك حلوله لانشغالنا في التحضير لبرامج رمضان ، الا في وقت متاخر وكان يصادف اليوم الاول لرمضان من ذاك العام ، الاحتفالات بالسادس من ابريل ، دخل علينا الاستديو الاستاذ صلاح الفاضل ، بالاوراق التي كنا قد سجلناها لبرنامج ( صباح الخير يا وطني ) قائلا : ـ يا اولاد، سلمي الشيخ ، اسامة جمعة ، بكره حيكون اول يوم في رمضان ، عارفكم سجلتو البرنامج ، لكين عاوزين الحلقة تكون نص ساعة لانه في رمضان ما بتتذاع زي المعتاد خمسة واربعين دقيقة ، يلا ، خليل فرح فاضي حينها كانت اشارة ضبط الوقت قد اشارت لما بعد منتصف الليل لم نكن نملك سوي حق التنفيذ لما اشار به الشيخ المبجل صلاح ، واستغرق الامر منا ما يزيد علي الساعة لاداء المونتاج ، لكننا لم نحس بانصرام الوقت ، بل كنا في حالة صحو جميل ، عززه صديقنا الراحل هاشم الريح ، الفني الفذ، جاءنا بعشاء وسحور لا ينسي . خرجنا في بواكير ذلك الصباح في فجر ران علي الحياة بقدوم يوم جديد ، لم تكن بنا اعراض اعياء او فتر ، ولم نمل وجودنا ، بل عدنا الي العمل عند العاشرة من اليوم نفسه ، ملؤنا الحماس ، وجدت ان اسمي في خريطة البرنامج مكررا في ما يزيد علي الخمسةعشر برنامجا ، اذكر ان الاستاذ والصديق مدير الاذاعة صالح محمد صالح ناداني الي مكتبه ضحك في وجهي لحظةرآني وقال : ـ بالطريقة دي لو الواحد فتح ما سورة الاذاعة حتطلع ليهو سلمي الشيخ ، الله معاك كنا جماعة التفت في حب حول العمل الاذاعي الذي كان دائما وراءه صلاح الفاضل ، وهو بدوره من اعانني علي حفر اسمي في اخاديد الاذاعة رغم قصر الفترة التي امضيتها في العمل الاذاعي (1988_1991)، لتبقي اجمل الفترات في حياتي ابدا . اتاحت لي الحوارات التي اجريتها مع العديد من الرموز في البلاد من التعرف اليهم ، وكان لي شرف ان احاور السادة (محمدابراهيم نقد،صادق عبد الله عبد الماجد ، د.الجزولي دفع الله ، محمد المكي ابراهيم ، فراج الطيب ، مصطفي سيد احمد ، علي المك )وغيرهم ممن سقطت سهوا اسماؤهم عن الذاكرة . في ذلك الرمضان كان العميري له كل الرحمة ، وردة تحط علي كل غصن البرامج ، فانت واجده في ( كلام في كلام ، مغنيا ، مع الفنان شاويش ، وفي حكاية من حلتنا ، مع سعد الدين ابراهيم ومعتصم فضل ، وكاتبا لبرنامج كاريكاتير ، الذي اخرجه ابراهيم البزعي ، وضمن البرنامج الدرامي الكوميدي ناس معية خطاب حسن احمد ، وفي برنامج من اعداد واخراج عفاف الصادق حمد النيل ، مكتوب باللهجة المحلية لاهل دار فور ، اخراج كمال عبادي ، وهنا لابد من الوقوف عند هذه النقطة ، فالزميل عبادي كان لا يحتمل مجرد ان تعبر الاستديو ، ناهيك عن الكلام ، كان اذا عبرت ( نملة ) فانه لا محالة (بقلب الهوبة ) داخل الاستديو في حركة انذار ( مبكر ) ويظل يتمرغ بالارض حتى يسكت الجميع ، لكني في تلك الامسية وجدته مستندا الي حافة باب الاستديو ، وداخل الاستديو كان عبد العزيز العميري ( فاعل ما سائل ) قائدا عاما علي حملة من الضحك ، بمشاركة تماضر شيخ الدين ، رجاء حسن حامد ، عفاف الصادق ، مريم محمد الطيب ، حسن دوكة ، وصخب من الضحك بلا اول ولا آخر ، من جانبه الفني كان يجلس الي كرسيه بانتظار ان تنتهي موجة الضحك ، شدتني عاصفة الضحك فدلفت باتجاه الاستديو ، وجدتهم في غيبوبة منها ، ضحكت معهم وخرجت ، سالت كمال عبادي عن السر الذي جعله صابرا علي كل ذلك الضحك فهز كتفيه ونظر الي ساعته ، كانت الساعة تشير الي ما بعد منتصف الليل ! حين عاد معزيا في العميري بعد ما يقل عن الشهرين من ذلك اليوم ، جاءني باكيا : ـ تتذكري يا بت الشيخ اليوم داك ، لحدي هسي ما عارف المسكني شنو من (الهوبة) ، ولا قادر اعرف السبب الخلاني عملت كده ، حاجة غريبة مش؟ وبكينا معا تمنيت ان لو كان البكاء يعيده ، رحمة الله علي العميري
|
|
|
|
|
|
|
|
|