كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
دعوة للوقوف بجانب الناس (القيافة)
|
تعد مرحلة (الكهولة) المحطة الأخيرة في عمر الإنسان التي سيتوقف عندها قطار العمر، بعد رحلة طويلة ومضنية تذوق خلالها حلاوة الدنيا وتجرع علقمها، ولم يكن يتصور أنه بعد القوة والعنفوان أنه سيعيش الضعف والهوان، في هذه المحطة يقيم الإنسان بضع سنين إن لم تزد، ويوقع عقد إقامته ليسكن بين جنباتها مدة ما قد كتب الله له. فتضمر العضلات بعد انفتالها، وينحني الظهر بعد قوامه ولا تكاد الساقان تتحملان صاحبهما. تزداد حالة من القلق على نفسه وصحته، ويشعر بعدم الاطمئنان، والعزلة عن بقية أفراد أسرته فتنحصر اهتماماته وتضيق مداركه ولا يكاد يشعر بمن حوله فتجده يتفوه بما لا يتناسب مع سنه ومكانته قبل هذه المحطة. هذه التصرفات ليست عامة على كل من يمر بهذه المرحلة من العمر ـ أرذل العمر ـ فالمكانة الاجتماعية والمركز الوظيفي من قبل قد يوجدان بعض الشيء من هذه التصرفات، لذلك ليدرك كل من يتعامل مع هؤلا (الجدود أو الآباء) الواجبات التي يجب عليه أن ينتهجها ليوفر لهم خدمة مناسبة في هذه المحطة، بعيدا عما قد يعكر صفو هذه الخدمة فيتجنب قدر الإمكان المناقشات والمهاترات التي من شأنها إثارة أعصابه، وعدم تجاهله وتهميشه حتى لا يشعر بسوء المعاملة، فيبحث في المحطة نفسها عمن يقدم له الخدمة التي تساعده على درء المضايقات. لذلك فهناك صعوبة في التعامل مع هؤلا الكبار، لكن بمجرد الحديث معه عن حياته في السابق وما أنتجه في مسيرة هذه الرحلة المضنية، والأخذ برأيه ومشورته ستجد أنك قد أدخلت إلى نفسه السعادة والرضا، طاردا بذلك القلق من نفسه، خوفا من نهاية الرحلة والشعور بالعزلة وعدم جدواه في هذه المرحلة اللذين تولدا لديه من جراء عدم الاهتمام به وتقديم الخدمة التي كان يرجوها. فمن منا استشعر أهمية هذه المرحلة وخطورتها وهيأ الجو والخدمة المناسبين لهذه الفئة الغالية على قلوبنا، والتي تعيش بيننا والتي لا يكاد يخلو بيت من وجودها.
|
|
|
|
|
|
|
|
|