من الحداثة إلى مابعد الحداثة - إشكالية ونقد .... طيب تيزيني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 00:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2001م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-18-2002, 02:02 PM

أبنوسة
<aأبنوسة
تاريخ التسجيل: 03-15-2002
مجموع المشاركات: 977

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من الحداثة إلى مابعد الحداثة - إشكالية ونقد .... طيب تيزيني (Re: أبنوسة)

    -2-
    إن"الحداثة" التي برزت كفعل تاريخي ذي حضور متصاعد في أواخر القرن التاسع عشر، بعد أن ظهرت كمصطلح مفعم بالشحنات العاطفية الذاتية على أيدي جيرار درنرفال وشارل بودلير عام1850(، كانت قد أفصحت عن نفسها بوصفها كلمة مضادة للفظة"قديم" ومتمايزة عنها في القرن الرابع عشر(9). ومن الدال الهام على الصعيد التأسيسي للحداثة ما أعلنه فلوبي: "كل ما أريد أن أفعله هو أن أنتج كتاباً جميلاً حول لا شيء وغير مترابط إلاّ مع نفسه، وليس مع عوالم خارجية يفرض نفسه عليها بحكم قوة أسلوبه"(10).
    وإذا أريد للحداثة أن تجد تأسيسها الإبستيمولوجي، كيركجارد يقدم شيئاً في هذا الحقل ومن داخلها ذاتها، وذلك حيث يصوغ ثنائيته الميتافيزيقية القائمة على(إمّا … أو … بدلاً من ثنائية هيجل الجدلية المثالية وماركس الجدلية المادية:هذا وذاك وكلاهما معاً)(11).ومن شأن هذا أن يقود إلى مفهوم لـ"التقدم"ذي بعد واحد وأفق واحد، هذا البعد الذي سيظهر بمثابة جموحاً لا يلوي على شيء في قفزه وانتقاله من لحظة إلى أخرى ومن حقبة إلى أخرى. وفي الحق، أن هذه "الحداثة"أتت لتتماهى أيديولوجياً مع جموح تطور قوى الانتاج الرأسمالية وانفصالها باطّراد عن منتجيها، عن إرادتهم واحتياجاتهم وآفاقهم.إن"اغتراب"هؤلاء عن تلك وحيالها سيمثل حالة نموذجية تدخل في نسيج "الإنسان"المعمّم اجتماعياً.
    لقد أتى التحليل المادي التاريخي الجدلي لمصائر الحداثة تفكيكاً للتناقض بين بنيتها التاريخية الباكرة والاختراقات التي تتالت باتجاهها من موقع حاملها الاجتماعي(الطبقة الرأسمالية)والتقني المادي(قوى الانتاج). ومن ثم، فإن تناقضاً صارخاً متصاعداً سيتولد بين الحرية والضرورة(هنا بمعنى القسر والإكراه)، لينتج اضطراباً اجتماعياً طبقياً وسوسيو – ثقافياً بين المنتجين والمستهلكين المالكين، هذا الاضطراب الذي يعمل هؤلاء الأخيرون على ابتلاعه أيديولوجياً عبر أيديولوجيا تسويفية ماكرة. وقد أتى جان ماري دوميناك على بعض من ذلك، حيث كتب:"الحداثة تعني إتاحة التطوّر والتفتّح، في آن ما، لكل الإمكانيات والاحتمالات من أجل أن يتمكن كل فرد من التمتع بها. إنها تعني تنمية القوى المنتجة وتنمية الوعي بالذات في الوقت نفسه … إنها معاشة كتحرير كبير وكمحنة ومشكلة. من هنا نتجت تلك الرؤيا السعيدة عن الحداثة، ثم الشقية البائسة"(12).
    في هذا السياق من المسألة، تبرز العلاقة بين ماركس ونيتشة. فهي علاقة تمحورت حول السؤال التالي: هل كان تفاؤل ماركس التاريخي المشروط بالحداثة تفاؤلاً مجّانياً، في حين مثّل موقف نيتشة منها رؤية"تاريخية" ثاقبة؟ لقد أدرك نيتشة – في ضوء تصاعد طاحونة التقدم التقني العلمي والاقتصادي الرأسمالي – أن هنالك من الإمكانية ما يجعل هذا التقدم خطراً في ذاته. ولكنه إذ أدرك ذلك، فقد جعله بعيداً عن البنية السوسيولوجية المشخّصة لعلاقات الإنتاج الرأسمالية، وعمّا تنتجه من صيغ اقتصادية وسوسيو – وثقافية وقيميّة تدميرية. وهو – أي نيتشة– يكون قد التقى مع ماركس في الشق الأول، في حين افترق عنه في الشق الثاني. وهذا الافتراق هو أحد أوجه التأسيس الإبستيمولوجي للنقد النيتشوي اللاتاريخي للمجتمع الرأسمالي وللنقد الماركسي التاريخي الجدلي لهذا الأخير ولآفاقه واحتمالاته المستقبلية المفتوحة.
    وسوف يتاح للباحث أن يلاحق اتجاهات النقد النظري للحداثة الرأسمالية من داخل المجتمع الرأسمالي الأوروبي، تلك الاتجاهات التي ستبرز منها"مدرسة فرانكفورت" مع بدايات الثلاثينات من هذا القرن، والتي طبعها هربرت ماركوز خصوصاً بطابع نقدي خاص على امتداد الستينات التي توّجت بـ "ثورة الطلبة" عام 1968 في أوروبا وأمريكا. لقد مثّل كتاب ماركوز"الإنسان ذو البعد الواحد"– ضمن كتب وأعمال أخرى– نقداً مدقِّقاً للعلاقات الرأسمالية، الصاعدة بجموح ورعونة، تقنياً علمياً والمتهاوية على نحو مأساوي وتدميري مرعب إنسانياً قيمياً.ومن، فإن جدلية الصعود والتهاوي هذه تغدو أهم معلم من معالم تلك العلاقات.
    وأخيراً، قد يتضح الطابع الانتقالي من الحداثة إلى ما أفضت إليه من وضعية مضادة، دون أن ينقلنا ذلك بعد إلى"ما بعد الحداثة"، من خلال ما كان يفهمه ماثيو آرنولد، من"الحداثة" ومن خلال ما قدمه(ليونيل ترلنك) من فهم لها بعد عقود. فقد كان الأول يفهم"الحداثة فهماً كلاسيكياً. كانت تعني له الهدوء والثقة والتسامح وإطلاق العنان للنشاط الفكري لكي يعثر على أفكار جديدة في بيئة يغمرها الرفاه المادي. كانت تعني له الرغبة في جعل العقل الحكم الفصل وكذلك السعي وراء إيجاد القوانين لتنظيم الأمور"(13). فإذا كان آرنولد قد عبّر عن ذلك عام 1856، فإن ترلنك سيقوم عام 1966، محدِّداً محذّراً:"إن ما تعنيه الحداثة لنا هو تقريباً خلاف ما كانت تعنيه لـ (أرنولد). فالحداثة، بالنسبة إلينا، تعني العدمية والموقف المعادي للحضارة، وتعني بذلك التحرّر من كل ما يمتّ إلى الحضارة بصلة"(14).
    لقد "استنفذت الروح"، وغدا البناء قاب قوسين أو أدنى من التداعي والسقوط. بيد أن الإجهاز عليه سيقترن مع حدث عالمي هائل، هو تفكك المنظومة الاشتراكية في بداية التسعينات، "أي في لحظة ظهر فيها الغرب، الذي بات اليابان مرتبطاً به، باعتباره المركز غير المنازع للنظام العالمي الجديد، التي تشكل الولايات المتحدة حارسه الأعلى، باعتبارها أصبحت القوة الوحيدة السائدة على هذه الأرض؛ في تلك اللحظة بالذات أعلن قسم من المثقفين الغربيين عدم إمكانية تكوين معرفة موضوعية للآخر، وقبل كل شيء لثقافات الآخرين، الثقافات غير الغربية" (15).
    ---------
                  

العنوان الكاتب Date
من الحداثة إلى مابعد الحداثة - إشكالية ونقد .... طيب تيزيني أبنوسة05-18-02, 02:00 PM
  Re: من الحداثة إلى مابعد الحداثة - إشكالية ونقد .... طيب تيزيني أبنوسة05-18-02, 02:02 PM
    Re: من الحداثة إلى مابعد الحداثة - إشكالية ونقد .... طيب تيزيني أبنوسة05-18-02, 02:05 PM
      Re: من الحداثة إلى مابعد الحداثة - إشكالية ونقد .... طيب تيزيني قرشـــو05-19-02, 07:15 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de