مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج /اسمرا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-10-2024, 10:58 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-02-2004, 00:29 AM

ahmed haneen
<aahmed haneen
تاريخ التسجيل: 11-20-2003
مجموع المشاركات: 7982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج (Re: ahmed haneen)

    نواصل

    الدولة المدنية .. السودان الجديد ومواجهات التحالف:

    أكتسب هذا الشعار أهمية داخل التحالف، ولم يكن هو التنظيم هو السبّاق في طرح ومناقشة مفهوم الدولة المدنية الديمقراطية، فهذه المسألة وأهميتها في تأسيس الدول والمجتمعات قديمة وصراع له تاريخ خاضته مجتمعات كثير في العالم. وقد سبق ناقشت هذه المسألة في حوار داخلي بالتحالف ضمن قضايا أخرى وسياق مختلف، لكن لا بأس أن نعيد هذا النقاش مرة أخرى.

    فشعار"من أجل دولة مدنية ديمقراطية موحدة"، ومن الناحية الفيلولوجية، يعتبر هدف لخلق دولة [علمانية، لأن المدنية هي المولود الشرعي للعلمانية] تقوم على أساس المواطنة وتحديد الفواصل بين مؤسسات الدولة ككائنات مستقلة، والأديان كمؤسسات مستقلة، أيضاً تعني المدنية في أحدى تفريعاتها قيام "مجتمع المؤسسات"، والتي تدار بها ومن خلالها مصالح الدولة والجماهير.

    وديمقراطية صفة لازمة للمدنية، ولا وجود للممارسة الديمقراطية خارج نطاق الدولة المدنية ودولة المؤسسات، وينطبق هذا أيضاً بصورة كاملة على الأجزاء "الميكروسكوبية" للدولة والمجتمع في حال سيادة تصوّر الدولة المدنية بهذا المعني. ويتبقى أي نوع من الأبنية الديمقراطية نشيدها ـ مع الوضع في الإعتبار الثبات النسبي للقيم المطلقة المضمنة داخل مفهوم الديمقراطية ـ تحدده إنماط المجتمعات التي نحن فيها ودرجة تطورها الإجتماعي/التاريخي.

    موحدة: واضح أن مسألة "الوحدة" داخل الشعار أساسها سياسي(مجرد أشواق) أكثر من كونها حد معرفي أو فلسفي داخل نص الشعار، وبصرف النظر عن وحدة دولة ما من عدمها، تظل مسألة المدنية والديمقراطية مطلب قائم وخيار حتمي للتغير، على الأقل في الظرف الراهن حتى تتطور المعرفة لتضيف جديداً على هذه المفهومين. لذلك تنتفي العلاقة الجدلية لهذا الحد ـ الوحدة ـ ضمن تركيبة الشعار، لتظهر في مرحلة لاحقة عند دراسة التحوّل في نص الشعار من مستواه المعرفي/الفلسفي إلى تطبيقاته السياسية ورؤية مستقبل الدولة السودانية السياسي على ضوء هذه العملية.

    فعلى صعيد العلاقات المنطقية التي تربط أجزاء الشعار، والتي تأتي كإجابة على سؤال ... "إذاً ماذا يجمع المدنية الديمقراطية والوحدة مع بعضهما البعض؟" وإذا تجاهلنا "مؤقتاً" العلاقة الجدلية فإن المنهج المفضل لدراسة مثل هذه الحالات هو الإتجاه نحو دراسة الروابط المنطقية لكل الحدود المكونة للشعار هذه المرة من خلال محاولة رؤية البناء "الأكسيومي"، وإختيار ذلك أيضاً ضرورة منهجية، لأن طابع العلاقات ذات البناء الأكسيومي أنها منطقية وفعّالة، وذات إتجاهين، فهي تذهب من تفكيك المركب نحو البسيط وتركيب البسيط وصولاً إلى المعقد، وهذه العملية تتيح لنا فهم العلاقات والقوانين الداخلية، والقاعدة أنه متى ما كانت النتائج في الحالتين(تفكيك وتركيب) تعطينا نتيجة منطقية واحدة متساوية، فإن هذا يعني أن العلاقة المنطقية صحسحة والبناء الأكسيومي صحيح. ولتوضيح ذلك نأخذ مثال من الرياضيات:

    مثلاً؛ تحليل الحد الجبري(المربع الكامل)؛ س2 ـ 1= (س+1)(س ـ 1)، وهو مسار لتفكيك معقد إلى أبسط. أما في حالة تركيب الحد الجبري؛ (س+1)(س ـ 1) = س2 ـ 1، فهذه علاقة بناء من البسيط إلى المعقد. والعلاقة المنطقية في كلا الحالتين واحدة، لأن توازن طرفي المعادلة لم يختل، عليه فإن هذه علاقة أكسيومية صحيحة.

    إذاً فلنحاول تناول شعار "من أجل دولة مدنية ديمقراطية موحدة" وإستخدام القاعدة المنطقية/الرياضية السابقة، كيف يمكن نرى هذه العلاقة الأكسيومية المنطقية، وكيف نتحقق من صحتها حتى يمكننا أن نفهم العلاقات والقوانين الداخلية. لنرى أذاً.
    المدنية هي:[ علاقات لازمة لأدارة الدولة]
    الديمقراطية هي: [علاقات لازمة لتحقيق المدنية] ، مع الوضع في الإعتبار معطي الدولة بتعريفها الشامل وليس كسلطة سياسية. ونختصر ذلك في صورة تجريدية :

    دولة -------> مدنية -------> ديمقراطية

    وعندما ندخل في الإعتبار العلاقات الجدلية(الشرطية) الآنفة الذكر فإن أسهم العلاقة تصبح ذات إتجاهين ويصير مخطط العلاقة كالآتي:

    دولة <----- مدنية <------- ديمقراطية

    بمعنى أن الدولة(بالمفهوم السيسيولوجي/السياسي الشامل للدولة بكامل عناصرها) توّلد مجتمع مدني، وهذا المجتمع المدني يقوم على القيم والعلاقات الديمقراطية، هذا في حال السير بالمنطق الأكسيومي من المعقّد إلى البسيط(الدولة إلى المجتمع). أما في حال سلوك الإتجاه المعاكس(من البسيط إلى المركب)؛ فإن سيادة القيم الديمقراطية وعلاقاتها، لن تنتج في نهاية المطاف إلا مجتمع مدني، هذا المجتمع المدني بتكويناته المختلفة يشكّل الدولة. إذاً العلاقة الأكسيومية هنا قائمة وبالتالي تصبح العلاقة المنطقية أيضاً صحيحة. هذا على الأقل ما نستطيع تحديد أبعاده معرفياً حول قضية الدولة المدنية الديمقراطية الموحدة كشعار "يمكن أن يصح" في نموذج الدولة السودانية، ولكي نستطيع القول بأنه "يصح" فإننا في حوجة لوضعه في مواجهة الدولة السودانية الكائنة الآن، ورؤية درجات الإختلاف بين ما يطرحه التحليل أعلاه للدولة المدنية الديمقراطية، و ما هو كائن فعلياً على صعيد الواقع، أي أننا نجري مقابلة بين ممكن ذهني وممكن موضوعي.

    فالوضعية الكائنة في السودان اليوم، هي وضعية مجتمع ما قبل رأسمالي ـ كما ذكرنا سابقاً ـ ويضيف أبكر ما هو أكثر من ذلك في تحليل دقيق للمجتمع السوداني ويصفه بـ المجتمع ماقبل الرأسمالي المشوه: ذو التراتبية المزدوجة، ويقول معرّفاً هذه الوضعية: ((... وهي الطابع العام لمجتمعات الدول التي صنعها الاستعمار، المكوّنة من مجتمع أو مجتمعات قرابية متعددة أُلبست شكل الدولة الحديثة، فصارت لا هي تدار بالشكل الذي يتناسب وبنيتها وإمكانيات تطورها الداخلية، ولا هي استطاعت تغيير بنيتها لتتناسب مع شكل الدولة الحديثة، فأصبحت حقلا من التناقضات الرأسية الطبقية، والأفقية الإثنية الثقافية (الكلية)، وهو ما نسميه تناقضات المركز والهوامش. أي أن التراتبية الاجتماعية ذات طابع مزدوج، فصعود الفرد يحدده البعد الرأسي المتعلق بعلاقات الإنتاج وفي نفس الوقت يحكمه وضعه الإثني الثقافي (القرابي) في الوضعية/الدولة..)) . عليه؛ فإن هذه الوضعية التي وصفناها بالمجتمع "ما قبل الرأسمالي"، وتفصيل أبكر لمدى تشوّه هذا المجتمع، وفي حالتنا التي ندرسها، عبارة عن واقع أمامنا نقاربه بممكن ذهني هو الدولة المدنية الديمقراطية الموحدة ـ التي نناضل بأمل تحقيقها ـ لنخلص إلى ممكن موضوعي أقرب ما يكون إلى ما في ذهننا، فهل هذا ممكن؟ وما هي آلياته؟ بالطبع الحراك الإجتماعي واحداً من الإدوات التي قد تفضي بنا إلى هذا التحوّل وفي داخله يكمن العمل السياسي، ولما كانت الأهداف والشعارات هي جزءً من العملية السياسية التي تقوم بها المنظومات السياسية، وتجيّش بها الجماهير، وتحاول تحقيقها على واقع المجتمعات، فإن هذا الهدف/الشعار، وبالتالي؛ جزء من تركيبة التحالف وآلياته، وهو مسؤول عنه أمام التاريخ، بحكم تبنيه له كرؤية وطرح يمثل مخرجاً لأزمة الدولة السودانية الـ "ما قبل رأسمالية المشوهة"، إلى مجتمع مدني ديمقراطي. فإلى أي مدى يمكن للتحالف أن ينجح في رهانه(؟) هذا لا يمكن التحقق منه إلا من خلال مقارنة الأقوال والمواقف أو المواجهات التي يخوضها التحالف وهو يحمل هذا اللافتة مع مضمونها المعرفي والقيمي والأخلاقي وأفقها السياسي.

    المواجهات الصعبة والتراجعات المرة:

    واحدة من الطرق والآليات المطروحة لتأسيس الدولة المدنية الديمقراطية هي مسألة الوحدة الإندماجية التي أعلنها التحالف مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، ففي خطاب لعبدالعزيز خالد عثمان الرئيس السابق للمكتب التنفيذي للتحالف ألقاه عبر الهاتف لطلاب جامعة البحر بتاريخ 10 أبريل تحت عنوان الدولة المدنية الديمقراطية ربط بشكل مباشر ما بين الإثنين مشيراً إلى هذه الوحدة ، فقال:

    ((...ظل التحالف ومنذ تأسيسه داعماً لمشروع وحدة السودان ولكن على أسس جديدة تحقق تطلعات جماهير الشعب السوداني في كل الوطن. وقدم كل ما في مقدوره من تضحيات وسيظل من أجل تحقيق هذا الهدف. ويرى أن هذا التعدد الثقافي والديني والعرقي الذي يتميز به السودان يمكن ان يقود إلى وحدة حقيقية ومتينة إذا ما توافرت الشروط لذلك وهي ليست عصية ولكنها تحتاج إلى العمل بإخلاص في اتجاه تعضيد ودعم عوامل نجاحها. ونرى أن أهم الشروط تتمثل في جهاز الدولة والقوانين التي تحكمه وشكل الحكم الذي قلنا رأينا فيه. كلكم تعلمون الوحدة التي تمت بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والتحالف التي أعلن عنها في فبراير من العام 2002م. وتأتي هذه الخطوة دعماً كبيراً لمشروع وحدة السودان على أسس جديدة من أجل تحقيق السلام والعدالة والمساواة. وهي خطوة تاريخية غير مسبوقة في تاريخ العمل السياسي السوداني، أقدمنا عليها بقلب وعقل مفتوحين وقد أحدثت انقلاباً في كثير من المفاهيم سياسياً واجتماعياً نرى ثمرته من الآن وستتضح ملامح ذلك أكثر في المستقبل والذي نحلم بأن يكون زاهراً لكل السودانيين بتحقيق دولة السودان الجديد. نحن على ثقة كبيرة في أنه بإنجازنا للدولة المدنية الديمقراطية سنحقق السودان الجديد الذي نحلم به، ويقع على عاتقكم وكل الطلاب السودانيين كفئة مستنيرة هذا الواجب الكبير، وندرك مدى قدرتكم على تحمل هذه المسئولية )). [التشديد من عندنا].

    أيضاً أشارت بعض التقارير الداخلية للتحالف إلى أهمية ذلك، فقد ورد في: (التقرير الإستراتيجي للتحالف) الصادر من الدائرة السياسية بتاريخ أكتوبر 2003م((... هذه الأسس والموجهات، تضع من جهة، أهمية الوحدة بين التنظيمين وضرورتها التاريخية على نطاقهما المحصور، وتفتح من جانب آخر مفهوم الوحدة على واجهة أوسع، من خلال إتاحة المشاركة لقوى السودان الجديد الأخرى. تلقي هذه النظرة أيضاً على كاهل هذه القوى مجتمعة، أهمية لعب دور "الكتلة التاريخية" المنوط بها أحداث التغيير في السودان. يمكننا أيضاً أن نرى بوضوح أن أجندة التغيير التي تطرحها هذه الورقة كمهام أساسية للكتلة التاريخية وقوى تغيير هي نفس مهام وضعية الثورة، فقط اختلفت أداة الصراع. إن ذلك في مجمله يعطينا الأهمية المفصلية لمشروع الوحدة، فمن دون هذه الخطوة من الصعب التكهن بإكتمال حلقة تقارب بقية قوى السودان الجديد الأخرى، وبالتالي هذا يفتح الباب مباشرة أمام الوضعية الثالثة، وهي وضعية إنهيار الدولة السودانية وتفتتها. وهذا ما يلقى على الجيل الحالي في قيادة قوى السودان مسئوليات تاريخية جسيمة...)) . وفي كل الأحوال، فقد كانت الرؤية الدخلية للتحالف وإرادته السياسية، ترى مدى الأهمية المفصلية لهذه الخطوة، كنقطة إرتكاز محورية لوحدة قوى السودان الجديد من جانب، ومدخلاً لتحقيق الدولة المدنية الديمقراطية الموحدة من جانب ثاني. والتأكيد على إجماع الإرادة السياسية نتقصاه أيضاً من خلال تلخيص لتقارير داخلية أيضاً للتحالف، تشير بوضوح لا لبس فيه إلى سير العملية الديمقراطية والمؤسسية التي تم بموجبها وتأسيساً عليها، الإقدام على خطوة الوحدة مع الحركة الشعبية. جاء في تقرير للدائرة السياسية مقدم للمكتب التنفيذي بتاريخ 6 نوفمبر 2003م ((.. كما هو في إستراتيجية التحالف أن إلتقاء قوى السودان الجديد إستراتيجية راسخة، وخط سياسي مؤدي لبناء السودان الجديد، ومدخلاً لتكوين حزبها السياسي، فقد لا بد من الإنتقال بالشعار إلى مرحلة تحقيقه على الواقع. بدأت أولي الخطوات منذ إنفتاح الجبهة الشرقية، حيث بدأت هذه الخطوات بإعلان القاهرة الذي ضم التحالف، لتحالف الفدرالي، ومؤتمر البجا، تلا ذلك حوارات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان. جاء المؤتمر التمهيدي الثاني في يوليو 2001م ليؤكد على هذه الخطوات، فكانت توصيته الأولى أن يسعى التنظيم لتحقيق وحدة قوى السودان. في ديسمبر من نفس العام بدأت الخطوات العملية بمفاوضات تمت بين التحالف والحركة، والتي أحضرت وفد عالي المستوي من هيئة قيادتها. وصلت المفاوضات بين الطرفين في ذلك الحين إلى نقطتين تفاوضتين متباينتين حول كيفية تحقيق الوحدة. كانت رؤية وفد الحركة أن يتم إندماج فوري للتحالف في الحركة، بينما كانت رؤية وفد التحالف المفاوض، أن يتم تكوين جسم قيادي مشترك من التنظيمين بقيادة د. جون قرنق على أن يحتفظ كل تنظيم بهياكله كما هي. عند هذه النقطة أبان وفد التحالف بأنه لا يمتلك التفويض للوصول إلى هذه النقطة، وأن الأمر يتطلب إجتماع للمجلس المركزي للتحالف. تم عرض نتائج هذا الإجتماعات إلى المكتب التنفيذي المنعقد في نوفمبر 2001م، والذي أوصى برفعه إلى إجتماعات المجلس المركزي في فبراير من 2002م. إنعقدت جلسات إجتماعات المجلس المركزي خلال الفترة 23-25 فبراير 2002م وقد قرر المجلس المركزي بإجماع أن تتم الوحدة الوحدة بين التحالف والحركة الشعبية لتحرير السودان وفقاً لميثاق، هيكل تنظيمي علىأن لايشكل الاسم للتنظيم الجديد عائقاً. وأن ترعى الاتفاق جهات إقليمية ودولية صديقة وحليفة للطرفين. وفي 28 فبراير 2002م وقّع كل من العميد عبدالعزيز خالد عثمان والدكتور جون قرنق على أعلان الوحدة. في أغسطس 2003م تم إجتماع مشترك بين المكتب التنفيذي ومكتب المجلس المركزي، وقد أمّن هذا الإجتماع على مسيرة الوحدة وضرورة إنجازها وفقاً لما أقرته كافة الإجتماعات السابقة..)) . [التشديد من عندنا]

    الإحالات الواردة سابقاً عبارة عن نموذج لتقارير موثقة لعملية الوحدة بين الحركة الشعبية والتحالف الوطني بطول الفترة من سبتمبر 2001 وإلى أواخر 2003م. والغرض من إيرادها هنا، ـ وكما أشرنا سابقاً ـ وضع لمقولاتنا وشعاراتنا التي نستهدي بها أمام المواجهة الحقيقية لها عندما ننقلها إلى حيز الممكن الموضوعي القابل للتحقق، لنرى مدى المسافة الفاصلة ما بين أفكارنا وممارستنا، أي بمعنى إختبار لمصداقيتنا السياسية أمام التاريخ، ومدي قدرتنا على صناعة التحوّل الحضاري(الثورة)، وهو ما يمكن أن نسميه الإنتقال إلى السودان الجديد. من جانب ثاني لنحدد مدى قوة المؤسسة السياسية وإرادتها التي إبتكرت شعار الدولة المدنية الديمقراطية، ووحدة قوى السودان الجديد والوحدة مع الحركة الشعبية. أي أننا نجرى إختبار حقيقي أخر لمدى قدرة مؤسستنا السياسية، كمؤسسة، على إنجاز الفعل السياسي وتحمل تبعاته، وفاءً لما تطرحه من أفكار، وليست مجرد كروت نلوّح بها في سوق المساومات السياسية، وهو من جانب آخر إختبار "لفاعلية" عملية إدارة العمل التنظيمي.
    فعلي الرغم مما تعكسه التقارير المشار إليها والتي تصور عملية الوحدة على أنها خيار إستراتيجي، وأن المؤسسة السياسية ماضية فيه تحقيقاً وأمانة ووفاء لما تطرحه من شعارات تحمل قيم الثورة والتغيير، إلا أن هناك تراجعات من هذا الموقف من داخل المؤسسة نفسها، وهو ما يجعلنا نسجل ملاحظة هامة لماذا تم ذلك؟ وماهي الدوافع الحقيقية خلفه؟ وحتى لا يكون الكلام جزافاً نورد نصوص تؤكد على هذه التراجعات أولاً، ومن بعد نبحث عن إحتمالات لماذا تم ذلك وماهي الدوافع.

    في مناقشات تمت بقائمة التحالف (ساف قروب) طرح عبدالعزيز خالد عثمان بشكل مقتضب قضية الحزب الجماهيري التي تعرضنا لها في البداية، وعلى الرغم من أن ما طرحه عبدالعزيز خالد لم يشير صراحة إلى تراجعه من مشروع الوحدة، إلا أن مضمون الطرح كان يعني ذلك تماماً، وقد ألقى الضوء على هذا التراجع الضمني، المناقشات التي خاضها (الكاتب) مع المقالات التي أوردها عبدالعزيز خالد. فقد ذكر رئيس المكتب التنفيذي للتحالف في إحدى "حولياته": ((بمراجعة شعار المؤتمر التمهيدي الثاني "نحو بناء حزب جماهيري" وقرارات وتوصيات اجتماعات المجلس المركزي والمكتب التنفيذي اللاحقة حول هذا الموضوع نجد أننا ومازلنا نعي تماماً بأهمية بناء الحزب الجماهيري بالداخل، وإعطاؤه الأولوية التي لا تسبقها أي أولويات أي كانت تطورات الأحداث مثل إعلان الوحدة بين التحالف والحركة الشعبية وإطار مشاكوس وترتيبات الفترة الانتقالية التي يتضمنها وتطورات العملية التفاوضية في مجملها، بل وتصاعد الانتفاضة الشعبية وإسقاط النظام، كلها تثبت صحة توجهنا نحو ضرورة بناء الحزب الجماهيري، حزب السودان الجديد ...)) [التشديد من عدنا].

    عقّب (الكاتب) على هذه الإستراتيجية موضحاً: (( .... ولكي أكون دقيقاً قدر المستطاع، فقد فهمت الجملة "إن جوهر الوحدة هو بناء الحزب الجماهيري" بطريقتين، تبدوان للوهلة الأولي كأنهما متشابهتين، ولكنهما في الواقع تعطيان نتائج مختلفة إذا حاولنا أن نرى منهجية بناء الحزب الجماهيري، كيف ذلك؟؟ حسناً؛
    1. قد يكون المعني من الجملة الآتي: هو؛ أن الوحدة في حد ذاتها يتم الوصول إليها وتحقيقها بعد بناء الحزب الجماهيري (وهذا يتطلب بالضرورة أن نجيب على سؤال ماهي نوعية الحزب الجماهيري الذي نتكلم عنه).
    2. وقد تكون الجملة تعني: أن تحقيق الوحدة هي الطريق إلى تحقيق الحزب الجماهيري(أيضاً نحتاج هنا للإجابة على سؤال ما هي نوعية الحزب الجماهيري).

    يبدو لي من التحليل أن موقف أبوخالد يتمحور حول المعني الآول وهذا إستناداً على خطاب أبوخالد في الشبكة بعنوان " أسبقيات بناء الحزب الجماهيري" والذي قال في صدره(..) . الأمر الذي يؤكد أن؛ بناء الحزب الجماهيري يأتي في المقدمة وقبل أي عمليات وحدة مع أي قوى أخري، وبالطبع يترتب على ذلك كيفية تحقيقه من خلال رسم الأستراتيجيات والتكتيكات اللازمة كخطوات مؤدية إلى هذه النتيجة. بينما في الجانب الاخر، وعند مراجعة الرسم الإيضاحي (نظرية الدوائر المتراكز التي رسمها أبوخالد كملحق لفهمه لكيفية بناء الحزب الجماهيري ووحدة قوى السودان الجديد) تختلف إتجاهات السير، لتقف مناقضة تماماً لموقفه الوارد في (اسبقيات بناء الحزب الجماهيري)، حيث؛ يتمركز التحالف في بؤرة هذه الدوائر، تأتي من بعده الحركة الشعبية، ومن ثم قوى السودان الجديد الأخرى وأخيراً التجمع الوطني، مما يعطي الإنطباع بأن عملية الوحدة وبناء على منطق الرسم الإيضاحي هي الطريق لتحقيق الحزب الجماهيري عبر السير لتراص كل هذه الأحزاب الموضحة وإندماجها على مراحل، كما في الرسم، بمسار خارج من مركز الدوائر المتراكزة إلى المحيط. وهذا تفرضه تركيبة البناء الأكسيومي للرسم(تفكيك، تركيب)، وهذا ما دعاني في المقال إلى إيراد وشرح مسألة البناء الأكسيومي لتوضيح الروح المنطقية لإستعمال هذه المنهجية. وما فهمته من خلال الرسم (شكل 1) هو في البداية موضعة لهذه القوي، والرسم (شكل 2) كرر نفس (الشكل1) مع إختلاف أيضاحي أيضاً له دلالاته حيث زاد حجم دائرة التحالف بإتجاه الحركة وأصبحت الدوائر (قوي السودان الجديد، التجمع) متقطعة الخطوط، وهذه الدلالات يفهم منها أن الداوائر الداخلية تتسع لتشمل معها الدوائر الخارجية، بمعنى أن الداخلية ذاهبة بإتجاه تحول لتشكيل يستوعب الداوئر الخارجية. وهذه الحركة تحدد كيفية بناء الحزب الجماهيري بشكل واضح للغاية حيث التحالف الذاهب بإتجاه الحركة يزيد من تنوع التشكيلة الإجتماعية "للحركة" الوليدة، وعندما تضاف إليه قوى السودان الجديد والتجمع الوطني تتسع دائرة هذه التشكيلة الإجتماعية لتصبح منطبقة تماماً مع التعريف الذي أوردته عن الحزب الجماهيري(إن الحزب الجماهيري هو الحزب السياسي الذي يستطيع أن يعبر آيدولوجياً وسياسياً عن كل القطاعات والفئات والشرائح الإجتماعية المكونة لمنظومة المجتمع والدولة التي يتحرك في فضائها ويدافع عن مصالحها"). إذا الطريق إلى الحزب الجماهيري يمر عبر هذا البناء ونظرية الدوائر هذه وليس العكس، بمعني أن الوحدة هي الطريق إلى الحزب الجماهيري وليس الحزب الجماهيري هو الطريق إلى الوحدة.
    أخيراً؛ فالتحليل المشار إليه بأن الوحدة هي الطريق إلى الحزب الجماهيري تؤكدها من جانب ثاني منهجية التحليل الأكسيومي، حيث أن الوحدة في نهاية المطاف هي وحدة لشرائح إجتماعية ينتج عنها هذا التنظيم الجديد، ومتى ما عملنا على تفكيك هذا البناء الكلي ستعود كل الشرائح المكونة لهذا البناء الجديد إلى مواقعها الأولية التي نبعت عنها. وعملية التفكيك ليست بالضرورة تعني إنتهاء هذه القوى، قد تعني عملها مع بعضها البعض بصورة مختلفة، مثلاً نموذج المؤتمر الوطني لجنوب أفريقيا، أو نموذج الأحزاب الإشتراكية بأوربا، أو قد يكون نموذج EPLF في أثيوبيا، أو قوس قزح الذي فاز مؤخراً بكينيا أو نموذج سوداني نصنعه من خلال الأستفادة من كل هذه التجارب. لكن يبقى المهم هو أن نفهم كيف نستطيع أن نبني هذا الحزب الجماهيري، وأي طريق نسلك لتحقيق ذلك، تظل هذه أسئلة هامة لا بد من الإجابة عليها. وبالطبع الأسئلة المتعلقة بالخطاب السياسي والمحتويات المعرفية، والآيديولوجيا التي نخاطب بها الآخرين، وهذا جوهر ما هدفت إليه عندما كنت أقوم بتحليل الشعارين ودراسة العلاقة بينهما وكما قلت كان هدفي من ذلك رؤية ترتيب هذه الشعارات وأيهما أسبق من الآخر في أثناء مسيرتنا السياسية)).

    هذه المناقشات كانت بمثابة المؤشر الأول على التراجع الذي أشرته إليه، تلته من بعد، مواقف عديدة ومن أناس مختلفون وفي مواقع مختلفة بالتحالف أكدت على هذا الإستنتاج، وكما أكدت في البداية إلى أنه أتي ضمناً وهذا ما كشفته هذه المناقشات المتبادلة، حيث أن النقاش حول مسألة الحزب الجماهيري تبدو للوهلة الأولي وللقارئ الغير مطلع على المسرح "الكلي" الذي يتحرك فيه التحالف، مناقشة روتينية وجادة لعضوية تنظيم تبحث في مستقبلها السياسي. لكن حقيقة الأمر أن القضية مختلفة تماماً، إذ يكشف التوقيت (توقيت المناقشة) أن الدافع ليس هو الحزب الجماهيري نفسه، إنما هناك هدف آخر مختلف تماماً. هذا من ناحية، الجانب الثاني التحليل لمسألة الحزب الجماهيري وترتيبه كأولوية سابقة للوحدة تكشف عن إستراتيجية مفارقة وإختيار لمسار سياسي لا يفضي بالضرورة الى وحدة قوى السودان كأولوية إنما بناء الحزب الخاص بها في في وجود هذه القوى هو الأولوية، وهو ما ينتهي "بتسييج" هذا الحزب داخل إطار ثقافي/إجتماعي/سياسي محدود هو الوسط، ومن ثم يبنى تحالفاته مع الأطراف من بعد ذلك، الأمر يجعل من لعب الدور بهذه الكيفية تكتنفه الكثير من الشكوك. من المؤكد أن هذه النظرة تقوم على حساب وحدة قوى السودان الجديد وعلى حساب الشرائح الإجتماعية المكونة للسودان الجديد وهي قوى الهامش.

    إن الإطلاع على المزيداً المقولات تثبت لنا ذلك، وفي هذا السياق، فقد كتب كل من فتحي عبدالعزيز، وحسن أبوعلي، والأول هو عضو المكتب التنفيذي للتحالف ومسؤول عن أمانة المكتب التنفيذي، والثاني هو القائد العسكري الميداني في القطاع الشمالي. كتب فتحي قائلاً في مقال مطول تحت عنوان: (تحليل للوضع التنظيمي الراهن فى التحالف إنقسام يتموّه فى مرحلته الأخيرة بالخلاف حول الوحدة مع الحركة الشعبية) كتب يقول:
    (( موقف التحالف من عملية الوحدة مع الحركة الشعبية كان واضحاً منذ البداية باعتبارها خطوة فى سبيل تحقيق شعار وحدة قوى السودان الجديد وبناء الحزب الجماهيرى، حزب السودان الجديد (راجع قرار المؤتمر التمهيدي الثاني - يوليو 2001 ). الهدف الأستراتيجي إذن هو وحدة قوى السودان الجديد وبناء الحزب الجماهيري وليس اندماج التحالف في الحركه الشعبية، وتمت صياغة اولوياتنا السياسية والتنظيمية على هذا الأساس منذ المؤتمر التمهيدي الأول. اصبح من الواضح ان المنهج الذى قاد الى اعلان الوحدة فى 28 فبراير 2002 لم يكن صحيحاً والدليل هو كل هذا الوقت الطويل الذى مر دون تحقيق شئ يذكر، والسبب الأساسي لهذا الوضع هو إعلان الوحده قبل أن يكتمل عمل اللجان. الشئ الإيجابي الوحيد من الاعلان هو احداث نوع من الربط بين الحركتين ، وزوال عدد من الحواجز والتراكمات التى باعدت بيننا فى الماضي وخاصة فى الميدان، وهى أشياء كان فى الإمكان تحقيقها دون هذا الإعلان. بإختصار، لم يكن الظرف ناضجاً لهذا الإعلان. ويصبح لزاماً علينا ممارسة النقد والنقد الذاتي فى هذا المنعطف الحرج الذى نمر به. رغم ذلك لم يتراجع التحالف الى المربع الأول وقبل تحمل العواقب السلبية لهذا الإعلان بموقف تفاوضى ثابت وواضح ينبنى على ضرورة الأتفاق على المبادئ والبرنامج السياسي، والإطار التنظيمي الذى يشمل الاتفاق على دستور (نظام أساسي) وليس فقط استيعاب فرد او فردين أو حتى عشرة أفراد فى الهياكل العليا للحركة، بالإضافة الى كيفية وحدة الهياكل العسكرية والإدارية ؛ بل أخذنا ندعو عبر مؤسساتنا المختلفة وقراراتها الى الإسراع فى مسار الوحدة وفق الرؤى التى نطرحها(راجع قرار المجلس المركزي الأول حول هذا الموضوع وقرارات المكتب التنفيذي اللاحقة). لم يتزحزح الموقف التفاوضي للحركة عن مبدأ استيعاب قيادة التحالف داخل الجسم القيادي للحركة فى المقام الأول؛ ومن ثم تأتى بقية الأشياء كالبرنامج السياسي ووحدة القوات. وانبنى هذا الموقف بحكم التركيبة المركزية للحركة وتجاربها فى التعامل مع المؤسسات التقليدية التى تعتمد على نفوذ وقوة الزعيم، وقبولنا بهذا الطرح، استيعاب قيادة/المكتب التنفيذي للتحالف داخل القيادة العليا للحركة، يعنى فيما يعنى عملياً حل التحالف ويصبح الحديث عن مبادئ الأتفاق الأخرى لا قيمة له ولا يمكن تحقيقها من الناحية العملية أيضاً. هذا الخلاف فى الموقفين هو السبب فى جمود عمل اللجان، حيث من الواضح أن الحركة الشعبية غير مستعدة لتغيير موقفها، ورأت التوقف عند هذا الحد بدليل أنهم حددوا عدة توقيتات (حوالى الأربع مرات) لحضور لجنتهم للتفاوض ولم يحدث ذلك، رغم الجهد الكبير الذى بذل من جانبنا فى التحضير لعمل اللجان والذى شاركت فيه لعدة مرات عضوية من المكاتب الخارجية تكبدت عناء السفر وتكاليفه لهذا الغرض)) . [التشديد من عندنا]
    التدقيق في النص الذي كتبه فتحي عبدالعزيز يثبت هذا التراجع الذي ذكرناه، والذي وإن أتي ضمناً في نقاشات عبدالعزيز خالد عن الحزب الجماهيري، إلا أن فتحي وضع النقاط فوق الحروف وأعلن هذا الموقف المتراجع صراحة وحاول تبريره بجملة قضايا بإعتبارها لم يتم الإتفاق عليها وسنأتي للتعرض لها بالتفصيل. مبدئياً ثبّت فتحي أن [[موقف التحالف من عملية الوحدة مع الحركة الشعبية كان واضحاً منذ البداية باعتبارها خطوة فى سبيل تحقيق شعار وحدة قوى السودان الجديد وبناء الحزب الجماهيرى، حزب السودان الجديد]] وهنا نشكر الأخ فتحي أنه ثبت موقف مبدئي بإعتبار أن الوحدة مع الحركة الشعبية هي مدخل لوحدة قوى السودان الجديد، وهو ما يدعم زعمنا حول الموضوع ومن ثم أضاف بناء الحزب الجماهيري، وهذا ما تعرضت له من خلال التحليل وأسبقية تحقيق الوحدة على عملية بناء الحزب الجماهيري. وكما سمّاه هو بأنه هدف إستراتيجي. لكن المعضلة أن فتحي وهو يقول ذلك استدرك موقفه وظهرت رغبته في التراجع من خلال تبريره "ولكن ليس الإندماج في الحركة" !! ومن دون الخوض في جدل هل الوحدة هي إندماج وما الفرق بينهما نجد أنه واجب التأكيد بأن فتحي أرتكب أول تجاوزاته التنظيمية وأظهر تناقضه مع مؤسسته وإرادتها السياسية، فقد ورد في إعلان الوحدة بتاريخ 28 فبراير 2002م والذي وقع عليه عبدالعزيز خالد عثمان ود.جون قرنق الآتي:


    Unification of the Two Movements into One Organization:

    :A The SPLM/SPLA and SNA/SAF are committed to the common political and ideological vision of a New Sudan.

    b) Where as both movements share common political and ideological beliefs, it is in the national interest and in the interest of the struggle waged by the National Democratic Alliance(NDA) that the two movements unify their political, organizational and military structures.

    c) The historic decision to unite the two organizations is a true expression of the will and determination of our people to overcome the divisions of history, culture and religion which have hampered the development of our country, its security and its stability.

    d) This historic step constitutes a continuation of the struggles for national formation and national liberation on democratic bases.

    e) The two sides have agreed on an immediate political, organizational and military unification.

    f) Joint Committees have been formed in order to unify political, organizational, military and administrative structures

    وهو الأمر الذي يظهر خطاب فتحي متناقضاً إذ ان الإعلان أشار بوضوح لا لبس فيه إلى الوحدة الفورية للحركتين، وبقي أن يعرّف هذا كأندماج أو وحدة فهذا جدل بيزنطي لا يعبر إلا عن رغبة في المماطلة والتسويف أكثر من المضي قدماًً في المشروع. وليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل مضي فتحي عبدالعزيز ليلخص القضية برمتها لأنه وفي تقديره [[..اصبح من الواضح ان المنهج الذى قاد الى اعلان الوحدة فى 28 فبراير 2002 لم يكن صحيحاً والدليل هو كل هذا الوقت الطويل الذى مر دون تحقيق شئ يذكر..]] والسبب [[..هو إعلان الوحده قبل أن يكتمل عمل اللجان..]] وبالتالي يصل إلى ضرورة [[..بإختصار، لم يكن الظرف ناضجاً لهذا الإعلان. ويصبح لزاماً علينا ممارسة النقد والنقد الذاتي فى هذا المنعطف الحرج الذى نمر به..]].

    هذه النتيجة؛ والتي كما يقول فتحي جاءت نتيجة لـ "عدم نضوج الظروف لإعلان الوحدة" و"تحتم ممارسة النقد والنقد الذاتي"، لم ينتبه وهو يقول ذلك، إن إلى الوصول إلى هذه النتيجة تم عبر مراحل عديدة بدأت منذ المؤتمر التمهيدي الأول في يوليو 2001م والذي اقر إستراتيجية المضي في تحقيق وحدة قوى السودان الجديد كتوصية أساسية خطت بوضوح الخط الإستراتيجي للتحالف، أمنت عليها إجتماعات المكتب التنفيذي اللاحقة وجاء إجتماع المجلس المركزي للتحالف في الفترة من 23 إلى 25 فبراير 2002م ليحدد بوضوح مسار وحدة قوى السودان الجديد من خلال إقراره بالوحدة مع الحركة الشعبية. كل هذا تجاوزه فتحي عبدالعزيز ليقرر وببساطة يحسد عليها، أن الظرف لم يكن ناضجاً وبالتالي علينا ان نمارس النقد والنقد الذاتي (=نتراجع عن الإعلان) لأن عمل اللجان لم يكتمل. علماً بأنه وعند مراجعة نص الأعلان وفي الفقرة (f) والتي تقرر أن تكوين اللجان جاء بعد الإعلان ولم تكن هناك لجان قبلها للإستناد عليها في التبرير. وهو ما يعني أن فتحي كذب وضلل الآخرين بإيراده لمعلومات غير صحيحة إستغلها للوصول إلى نتيجة لا تعبر عن مصلحة التنظيم ولا عن مواقفه السياسية وضد إستراتيجياته المعلنة لتحقيق أهداف خاصة به وكما يقولون دائماً أن:wrong conclusions based on wrong assumptions. والمدهش في الأمر أن فتحي وقبل هذا، كتب وفي مساهمة داخلية خطاباً مناقضاً تماماً لورقته المذكورة أعلاه، وهو ما يكشف التناقض المنهجي العميق في تناول فتحي للأمور ويجعلنا نستنتح أن هناك أسباب (ما) "خاصة به" هي التي تقف كدافع حقيقي أمام هذا التناقض المنهجي. ففي ورقة تحت عنوان: خلفية إعلان الوحدة كتب:
    (( .. فى اجتماع المكتب التنفيذي ، يناير 2002 ، تمت مناقشة مسألة الوحدة مع الحركة الشعبية ونتائج الحوارات التى تمت مع وفد الحركة فى سبتمبر 2001 ، وتم الاتفاق على إحالة المسألة لاجتماع المجلس المركزي فى فبراير 2002. قرر المجلس المركزي "قبول ودعم مشروع الوحدة مع الحركة الشعبية لتحرير السودان/الجيش الشعبي لتحرير السودان وفق الموجهات الآتية: أ) أن تبنى الوحدة على ميثاق متفق عليه بين الطرفين ب) أن تؤسس الوحدة على هيكل تنظيمي متفق عليه بين الطرفين ج) على ضوء الأهداف السامية لهذا المشروع والمتمثلة فى دعم وحدة السودان ووحدة قوى السودان الجديد فإن الإسم يجب أن لا يشكل عائقاً د) العمل على أن تدعم الأتفاق جهات إقليمية ودولية حليفة وصديقة للطرفين". وبعد عودة المشاركين فى اجتماع المجلس المركزي ، التى تزامنت مع اجتماعات التجمع ، الى مدينة اسمرا تمت بعض اللقاءات نتج عنها صيغة الوحدة التى تم الإعلان عنها يوم 28 فبراير 2002.
    10. نص إعلان الوحدة فى الفقرة 1 - ب على تكوين لجان مشتركة لتوحيد البنى السياسية والتنظيمية والإدارية والعسكرية. يحتاج كل ذلك بذل جهد مضاعف من كل الفروع للتحضير لعمل هذه اللجان ، وبرنامج وموجهات العمل فى المرحلة المقبلة لخلق عوامل نجاح هذا المشروع التى يمكن تلخيصها فى ضرورة تقوية وتماسك وانتشار حزبنا ، وتمليك مشروع الوحدة للجماهير ، وضرورة التأكيد على وحدة السودان عبر وحدة قوى السودان الجديد ، وإدارة حوارات مستمرة داخل حزبنا ومع الفصائل الأخرى ، وتفعيل خيار الانتفاضة الشعبية المسلحة)) .
    النقطة الهامة الواجب ملاحظتها أن فتحي كتب في هذه الورقة كما موضح في النقطة (10) أعلاه مؤكداً على أن عمل اللجان لاحق لإعلان الوحدة (لاحظ الجملة التي تحتها خط) ليثبت ملاحظتنا حول التناقض المنهجي الذي وجهناه له وإتهامنا له بممارسة التضليل للعضوية من خلال إستغلاله للنقطة (ف) في ورقته الثانية (تحليل الوضع التنظيمي) ليظهر "عمل اللجان" بأنه كان من الواجب إكماله قبل الإعلان. وهو الأمر الذي يجعلنا نشك كثيرا في نوايا فتحي، وجدير بالذكر هنا أن نشير إلى أن فتحي ذكر في ذيل وقته (مساهمة في الحوار الداخلي) أنها ((كانت موضوع نقاش مع المقاتل ابوخالد والمقاتل مجدى بمكتب التنظيم أثناء إعداد موجهات العمل فى الفترة القادمة لدوائر المكتب التنفيذي وقد رأيت صياغتها بشكل منفصل وإرسالها للفروع عسى أن تساعد فى الحوار الدائر حول إعلان الوحدة مع الحركة ، كما أن هذه النقاط فى رأي لها قيمة توثيقية.)) والملاحظة الأخري أن هذه الورقة(خلفية إعلان الوحدة) كانت بتاريخ 12 مارس 2002، أي بعد أسبوعين من التوقيع على إعلان الوحدة، بينما الورقة الثانية(تحليل للوضع التنظيمي) كانت بتاريخ 2يوليو 2003م أي بعد عام ونيف من تاريخ كتابته للورقة الأولى، ويبدوا أن مياه كثيرة جرت تحت الجسر خلال هذه المدة.

    نواصل
                  

العنوان الكاتب Date
مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج /اسمرا ahmed haneen10-31-04, 12:03 PM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج ahmed haneen11-01-04, 00:30 AM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج ahmed haneen11-01-04, 09:26 AM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج ahmed haneen11-02-04, 00:29 AM
    Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج Abdel Aati11-02-04, 04:25 AM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج esam gabralla11-02-04, 04:29 AM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج ahmed haneen11-02-04, 05:43 AM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج ahmed haneen11-03-04, 02:33 AM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج nada ali11-03-04, 02:43 AM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج ahmed haneen11-03-04, 02:24 PM
    Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج Abdel Aati11-04-04, 02:48 AM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج ahmed haneen11-05-04, 12:01 PM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج خالد عمار11-05-04, 07:51 PM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج nada ali11-08-04, 07:01 AM
    Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج خالد عمار11-08-04, 07:12 AM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج nada ali11-08-04, 07:26 AM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج nada ali11-09-04, 03:39 AM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج ahmed haneen11-09-04, 12:05 PM
    Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج خالد عمار11-09-04, 12:43 PM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج nada ali11-10-04, 02:27 AM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج خالد عمار11-10-04, 08:15 AM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج ahmed haneen11-10-04, 12:00 PM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج nada ali11-11-04, 02:05 AM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج خالد عمار11-11-04, 10:29 AM
  Re: مشروع السودان الجديد- "كلمات سبارتكوس الأخيرة"- التجاني الحاج ahmed haneen11-12-04, 02:37 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de