|
Re: و أُبــْرُهَـةُ المَـلِكُ الذى ليسَ يُـنْـكَـرُ (Re: omar ali)
|
ليس هناك فى التاريخ " أبرهة" واحد, و إنما " أبرهتين", سنبدأ بسيرة الأول الذى مهَّد للثانى الأكثر شهرة لدينا.
وأُبـــْرُهَـــةُ المَـلِكُ الذى ليسَ يُـنْـكَـــــــرُ
|
إمبراطور إثيوبيا الذى بإعتناقه للمسيحية غـيَّر وجه العالم ( 350 م ) نجد عدد قليل من الرجال الذين كان لهم تأثير عظيم فى تاريخ البشرية مازالت آثاره باقية حتى الآن كما هو حال " أُبرهة" إمبراطور إثيوبيا, رغم رحيله منذ أكثر من 1600 عام. إن قراره بتحويل ديانة بلاده إلى المسيحية قد غيـَّر بدون شك مصير الحضارة الغربية البيضاء. و لولا قراره ذاك لكانت أوروبا الآن تدين بالدين الإسلامى عوضاً عن المسيحى. فعندما كان الإسلام يكتسح كل شمال أفريقيا و جنوب آسيا, وقفت إثيوبيا بحزم ضده, و لأكثر من 1000 عام ظلت إثيوبيا المتحدِّث الرسمى بإسم المسيحية فى الشرق. و لو قـُيض للإسلام آنذاك إخضاعها لتمكن من إكتساح كل شرق أفريقيا و خلق صلات مع القوي الإسلامية فى وسط و غرب أفريقيا, و لإصبح ليس فى مقدور القوى المسيحية, التى كانت أُوروبية بيضاء, أن تجد موطىء قدم فى أفريقيا على الإطلاق. أكثر من ذلك, أنه لو لم تكن هناك هذه المعارضة الإثيوبية لكان, بدون شك, غزو الإسلام لأوروبا – الذى وصل إلى أبواب باريس – أكثر قوَّة, و لإستطاع أن يكتسح كل أوروبا الغربية. و فى كل الأحوال, لو لم تكن إثيوبيا مسيحية لأصبح إخضاع أفريقيا, من قبل القوى المسيحية البيضاء, من الصعوبة بمكان. تحوُّل " أُبرهة" إلى المسيحية جاء نتيجة لحدث. ففى عام 330 ميلادية جنحت سفينة عدد من الفينيقيين الذين كانوا فى طريقهم للهند, إلى شواطىء إثيوبيا, و كان من بين أُولئك نجلىَّ الزعيم ( Merobius ). فقام الإثيوبيون, الذين كانوا وقتها فى حربٍ مع " روما", بقتل كل ركاب السفينة و أبقوا فقط على الشابين الأثنين. ثم قاموا بتقديمهما إلى الملك ( Ameda ) الذى إحتفظ بهما ضمن حاشيته. أحد الشابين المدعو ( Frumentius ) أصبح مُـعلِّم لولى العهد " أُبرهة", و إستطاع أن يستميله إلى المسيحية. و بعد نجاحه بتحويل آخرين إلى المسيحية, عاد( Frumentius ) إلى القسطنطينية حيث إستقبله هناك الإمبراطور قسطنطين الأكبر, و الذى من شدَّة تأثره بقصته قام بمساعدته, فعيَّنه القسيس ( Athanasius ), رئيس الكنيسة, أُسقفاً. و عند عودته مرّة أُخرى إلى إثيوبيا بصحبة مساعديه قام بتأسيس كنيسة مع " أُبرهة", الذى أصبح وقتها ملكاً, فقدَّم له كل المساندة و الدعم. و قد قام " أبرهة" أيضاً بإعتماد إسم إثيوبيا لإمبراطوريته من الكتاب المقدَّس. و قد كان لقبه : " ملك الأُكسوميين و الحميريين و الصابئة, حاكم ( Raiden ) و ( Zeilah ) و التجراى و ( Belljas ) و ( Kaens ), ملك الملوك, إبن الإله (مارس) الذى لا يُـقهر. و قد إمتد نفوذه من نهر النيل إلى البحر الإحمر شرقاً, و من جنوب حدود مصر إلى ( Zeilah ) على المحيط الهندى. و كانت أُولى الخطوات التى إتخذها " أبرهة" هى تشييد معبد مُهيب, أصبح مركزاً للحجيج من المسيحيين إلى أن تم تدميره لاحقاً بواسطة المحمَّـديين بعد مرور 1200 عام. و بعد أن أسَّـس المسيحية فى بلاده, أصبح " أبرهة" شغوفاً بنشرها فى الجزيرة العربية و على الأخص اليمن, أرض أسلافه التاريخية, الذين كان من بينهم الملكة المشهورة " سبأ". اليمن كانت فى ذلك الوقت تضم أغلب أراضى ما يطلق عليه الآن الحجاز, و سكانها الذين يردون نسبهم إلى إسماعيل, إبن إبراهيم و الجارية المصرية هاجر, كانوا خليط من أسلافهم السود و البيض, و كانوا وثنيين و عَـبَدَة للنار. و كانت مدينتهم المقدسة مكة, حيث تقع الكعبة أو المعبد الشهير, و الذى يُـعتقد أن إبراهيم و إسماعيل قد قاموا بتشييده. و الجزء الآخر من سكان اليمن كانوا من اليهود الذين هاجروا إليه بعد تدمير القدس بواسطة ( Titus ) عام 70 ميلادية. و بغزوه اليمن بجيشٍ جرَّار هزم " أبرهة" العرب و إحتل مكة بعد حصارٍ دام لمدة شهرين. و فى إخضاع جنوب الجزيرة العربية هذا نجد "أبرهة" قد تفوّق فيما فشلت روما فى تحقيقه. و بغرسه لبذور المسيحية هناك, عاد " أبرهة" إلى عاصمته " أُكسوم" محمَّلاً بالغنائم. إن سبب عودته ليس معروفاً و لكن غرسه للمسيحية هناك كان له صداه الواضح فى أنحاء العالم. كان يعاون " أبرهة" فى الحكم أخيه ( Eisebaha ). و قد دعى ( L. J. Morie ) " أبرهة" : " ( كلوفز = Clovis) إثيوبيا الذى حقق مجداً أقل من (كلوفز) و لكنه كان أكثر صلاحاً و كرماً و لطفاً ", و أضاف : " المؤرخون يحتفون بتقديرٍ عالٍ بعظمة و جلال, و فضائل و مناقب الشقيقين المحبوبين الذين ظلاَّ على الدوام أصدقاء متساويين و ليس متنافسين". يتبـــــــــــــــــع ...
|
|
|
|
|
|