اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-26-2024, 02:22 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-03-2005, 10:40 AM

هاشم نوريت
<aهاشم نوريت
تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 13622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) (Re: هاشم نوريت)

    Quote: ج/ أما الحزب الوطنى الاتحادى فقد بعث أمينه العام خضر حمد ببرقية تهنئة إلى الفريق عبود من القاهرة ، فى اليوم التالى مباشرة للانقلاب ، يطالبه فيها باتخاذ إجراءات ضد الفساد والمفسدين. وكتب فى مذكراته ، فيما بعد ، أنه بعد عودته للسودان قابل المرحوم إسماعيل الأزهرى الذى عبر له عن ثقته فى وطنية عبود وجماعته ، ورأى أن يعطوا الفرصة ليعملوا فلعلهم يوفقون فيما فشلت فيه الأحزاب ، وأنهم لن يضعوا من جانبهم أى عراقيل أمامهم ، وسيفسحون لهم الطريق للعمل المثمر ، لأن المهم هو خير البلد. واقترح عليه أن يزور اللواء أحمد عبد الوهاب ثم عبود ، فقام بالزيارتين ونقل خلالهما رأى أزهرى (مذكرات خضر حمد، ضمن القدال ، معالم .. ، ص 107).



    د/ وأما الأخوان المسلمون الذين لم يعاملوا بواسطة الحكم العسكرى الجديد كحزب سياسى ، وإنما كجمعية دينية ، والذين كان نشاطهم محصوراً فقط وسط الطلاب ، فقد أيدوا الانقلاب صراحة ، أيضاً ، حيث كتبت صحيفتهم (الأخوان المسلمون) بتاريخ 1/12/1958م تقول: "إن البداية التى سارت عليها الحكومة فى تصحيح الأوضاع الفاسدة تدعو للاطمئنان" (نفسه).

    (2/3/13) وليس ثمة ما هو أوضح ، فى تفسير دوافع الحزب الشيوعى لاتخاذ ذلك الموقف المتفرِّد من انقلاب نوفمبر 1958م ، من وثيقة المؤتمر الرابع ، بعد تلك الأحداث بعدة سنوات (أكتوبر 1967م) ، والتى أوردت ، فى سياق تحليلها لوقائع تلك الفترة: ".. لقد أدى العجز الموضوعى للنظام .. فى مواجهة قضايا ما بعد الاستقلال .. إلى أزمة حادة فى البلاد. يقابل هذا نمو متزايد فى العناصر الثورية ، وخاصة الحزب الشيوعى ، بين الحركة الجماهيرية ، وكان زمام المبادرة فى يد القوى اليمينية المتطرفة ، فنقلت الصراع الطبقى من حيزه السلمى إلى دكتاتورية عسكرية موجهة فى الأساس إلى صدر القوى الديموقراطية. فما عجزوا عنه بالصراع السلمى أرادوا تحقيقه بالصراع الدموى" (الماركسية وقضايا الثورة السودانية ، ص 10.

    (2/3/14) وإلى ذلك كله ، فإن ثقلاً معتبراً من الجهد الفكرى والسياسى الذى ظل الحزب الشيوعى يبذله ، طوال تاريخه ، وبخاصة فى جبهة الصراع مع الاتجاهات التصفوية داخله ، قد انصب على المنافحة عن ديموقراطية الحركة النقابية ، كتنظيمات مهنية تعمل على تحسين أوضاع أعضائها ، بصرف النظر عن تباين انتماءاتهم السياسية ، والتفريق بينها وبين الأحزاب كتنظيمات طبقية تستهدف السلطة بالأساس. وذلك ، رغم الدور التاريخى الفعال الذى لعبه الحزب فى تأسيس تلك النقابات ، والمراكز القيادية المرموقة التى تبوَّأها الكثير من كادره فيها بالانتخاب الديموقراطى ، الأمر الذى كان من الممكن أن يشكِّل إغواءً حقيقياً له باستسهال العمل على تجييرها لخدمة أهدافه السياسية المباشرة.



    ويلزمنا ، هنا ، ومن باب الدقة والاستقامة الواجبة ، أن نسارع للقول بأن الحزب لم يكن نادراً ما يشهد بروز مثل هذه الاتجاهات فى تاريخه. فقد برز ، على سبيل المثال ، عام 1970م ، ضمن وقائع الصراع الذى احتدم داخله ، عقب إنقلاب مايو ، الاتجاه لدعوة السلطة للتدخل لضمان سيطرة القوى التقدمية على قيادة الحركة النقابية: (حاسم حاسم يا ابو القاسم) .. الخ! غير أن التيار الغالب وقتها (جناح عبد الخالق) تصدى لهذه الدعوة المنحرفة بحزم ، حيث أكدت مجلة (الشيوعى) فى حينها: "أن تحرير الجماهير العاملة من نفوذ الطبقات الرجعية لا يتم بقرار إدارى تصدره السلطة .. (و) أن التنظيمات الديموقراطية ليست أجهزة رسمية ، بل أدوات شعبية فى يد الجماهير ، ويجب أن تظل كذلك ، وقد ناضل الحزب الشيوعى فى كافة الظروف لتحافظ تلك التنظيمات على هذه الصفة" (م/الشيوعى ، ع/134).

    ونسارع ، أيضاً ، لتأكيد ما سبق ذكره من أننا ، بإيرادنا لهذه الواقعة ، لا نرمى إلى تبرير سلوكيات سياسية فاسدة ارتكبها أعضاء نافذون فى قيادة وقواعد الحزب ، أو إبراء ذمة الحزب نفسه من المسئولية عنها بالكلية ، بقدر ما نهدف إلى إضاءة جوانب من الصراع داخله حول إحدى أهم القضايا المركزية فى تاريخنا السياسى الحديث: قضية الديموقراطية.







    (3)



    (3/1) لكن ، ولئن كان ضرباً من المكابرة الغليظة الادعاء بأن موقف الشيوعيين السودانيين من الديموقراطية الليبرالية ظل قائماً باتساق لا يتغير طوال الوقت ، فإن من فساد النظر اللاتاريخى ، الذى لا يرتب درساً ولا يخلف عبرة ، عدم استصحاب المسببات والعوامل التى دفعت بالحزب ، فى بعض معارج تاريخنا السياسى المعاصر ، إلى حال التراجع عن استمساكه القديم بتلك الديموقراطية. إن من بين مقاصد هذا المقال الحضَّ على الاعتبار بدروس هذه (المسببات والعوامل) ، ليس من جانب الشيوعيين وحدهم ، بل ومن جانب كافة أطراف الحركة الوطنية فى بلادنا ، إذا كنا نروم ، حقاً وفعلاً ، فتح طريق سالكة لتحقيق أهداف هذه الحركة ، بتجاوز أخطاء الماضى التى إن وجب تحميل الشيوعيين نصيبهم فيها ، فإنه لا يجوز أن يعفى الآخرون أنفسهم من أى قسط منها ، اللهم إلا بالمصادمة لحقائق التاريخ الباردة ومنطقه الصارم. ومن بداهات الوجدان السليم انتفاء الحكمة عن تصوُّر الدوح حراماً على بلابله ، حلالاً على الطير من كل جنس (!) رغم أن عبرة التاريخ التى لا بد قد (تجرعها) الجميع ، الآن ، حتى الثمالة هى أن (الاعتداء) على الديموقراطية ليس (دوحة) يمكن لعاقل أن يتفيَّأ ظلها ، بل هى (حمارة القيظ) ذاتها!!

    نعم ، لقد حدث أن تراجع الشيوعيون ، بالفعل ، فى فترات من هذا التاريخ ، عن لغة ذلك الخطاب (الديموقراطى الليبرالى) القديم ، المتوطن فى مبادئ الحريات العامة والحقوق الأساسية ، وانقلبوا يبحثون عن (ديموقراطية أخرى) تتمتع بها فقط الجماهير الشعبية الوطنية والديموقراطية بينما تحرم منها الفئات المعادية للثورة الديموقراطية (الماركسية وقضايا الثورة السودانية ، ص 132) ، وأطلقوا على ذلك مصطلحات (الديموقراطية الثورية) و(الديموقراطية الجديدة) وما إلى ذلك من الطروحات التى لطالما سحبت أقدامهم ، فى فترات معلومة من تاريخهم ، للتورط فى تدبير انقلابات ، ودعم انقلابات ، والتعاطف مع انقلابات ، مما كان ينسجم ورؤيتهم التى تبلورت ، وقتها ، حول إشكالية الصراع السياسى ، وسلطة الحزب الواحد ، والشمولية ، وذلك بفعل تلك (المسببات والعوامل) التى يتوجب على الجميع التمكُّث فى تأملها بتجرُّد ودراستها برويَّة.



    (3/2) فمع أن تلك الرؤية لم تكن مفتقرة أصلاً إلى التأسيس النظرى فى قلب التربة الفكرية للماركسية اللينينية ، وتحديداً طبعتها الروسية التى سعت لتعميم هجائيات الديموقراطية الليبرالية من واقع خبرة الثورة العظيمة فى ذلك البلد البعيد بظروفه الخاصة ، بالاضافة إلى تأثيرات الحركة الشيوعية العالمية وحركة اليسار ، عموماً ، فى العالم وفى المنطقة ، بمحدِّداتها الموضوعية والذاتية ، وأشراطها التاريخية المعلومة ، إلا أنه يقع صحيحاً أيضاً القول بأنها ، وبرغم كل ما أبداه الحزب من مقاومة لإغواء الانكفاء على النصوص ، تسربت إلى فكر الحزب ، بخاصة ، من بين ملابسات الاعتداءات والمخاشنات المتواترة والمحبطة ، باسم ذات الليبرالية فى الممارسة الديموقراطية البرلمانية السودانية ، ضده وضد الحركة الجماهيرية المستقلة كلها ، على يد ذات القوى التقليدية التى سبق ، للمفارقة ، أن أعلنت ارتضائها بها منهجاً للحكم وللحياة السياسية فى البلاد:



    أ/ فمنذ مطالع الاستقلال عمدت تلك القوى لاختزال كل قيمة له ، وأى معنى يمكن أن ينطوى عليه ، فى محض (عَلـَم) يُرفع ، و(سلام جمهورى) يُعزف ، وربما (عملة وطنية) أضحت دولة بين الأغنياء بخاصة! ولم يكن شعار (تحرير لا تعمير) ، فى تلك الفترة ، غير صياغة شديدة الإحكام لتلك الرؤية الخرقاء. وكما لاحظ بعض الباحثين فقد "كان النظام البرلمانى بالنسبة للأحزاب التقليدية وسيلة شرعية لفرض سيطرتهم ، وليس أداة لتأسيس الديموقراطية فى السودان. وقد تبين ذلك فى المواقف غير المبدئية وتغيير التحالفات وتحوُّل النواب البرلمانيين من معسكر إلى آخر" (حيدر أبراهيم على ؛ المجتمع المدنى والتحوُّل الديموقراطى فى السودان ، ص 50).

    ولقد توَّجت تلك القوى ، كما ذكرنا ، مسلسل خروجها المتكرر على أسس الديموقراطية البرلمانية الليبرالية ، خلال الأشهر القلائل التى أعقبت الاستقلال ، وفى سياق صراعاتها الكيدية فيما بينها حول كراسى الحكم ، وبَرَمِها بمطلب توسيع رقعة الحريات والحقوق السياسية ، كقضية لا تنفصل عن النضال ضد تغلغل الاستعمار الحديث ، وذلك بإقدامها على وضع السلطة ذاتها ، فى 17 نوفمبر 1958م ، فى أيدى كبار الجنرالات بـ (تعليمات) من المرحوم عبد الله بك خليل ، الذى لم يسجل تاريخ حزب الأمة ، حتى الآن ، على ضخامة التغييرات الفكرية والسياسية والتنظيمية التى شهدها عبر مسيرة تطوره ، أية محاسبة سياسية له ، أو مراجعة تتسم بالمباشرة والشفافية لتلك (الكارثة) التى ورط حزبه والبلاد بأسرها فيها، فكبدت الشعب ست سنوات من الحكم الشمولى ، باستثناء ما سلف إيراده من إشارة السيد الصادق المهدى عالية القيمة ، وغير المسبوقة ، على ما شابها من مسحة التبرير (الصحافة ، 10/4/2001م).



    ب/ وفى أعقاب ثورة أكتوبر 1964م لم يهدأ للقوى التقليدية بال حتى قطعت أمرها فيما بينها للاجهاز على حكومة الثورة الأولى. ثم سرعان ما أعدت كامل عدتها للانقضاض على الحزب ، وتدبير حله ، وطرد نوابه من الجمعية التأسيسية ، بالاستناد إلى أصوات الأغلبية الميكانيكية داخلها ، والمشاعر البدائية المنفعلة بالتحريض الغوغائى خارجها ، مما أسماه عبد الخالق (عنف البادية) الذى أطلقته القوى التقليدية من عقاله ، مدججاً بكل ما أوتى من همجية وأسلحة بيضاء ، لمهاجمة الشيوعيين ودور حزبهم ، بهدف قطع الطريق نهائياً أمام الاندياح الملحوظ آنذاك لنفوذه بين الجماهير ، مستغلة فى ذلك حادثة معهد المعلمين العالى الشهيرة ، والمشكوك فى أمرها ، عام 1965م ، والتى أريد لها أن تفجر الفتنة بحديث مجترىء على الدين لطالب مجهول الهوية ، جرت نسبته إلى الحزب فى هستيريا من الغوغائية ، والعجلة ، واللهوجة ، وعدم الرغبة فى التثبت. بل إن نائب حزب الأمة محمد ابراهيم خليل ، لم يجد فى نفسه حرجاً كى يعلن على رءوس الأشهاد ، وفى لحظة صدق نادرة وكافية لفضح المسكوت عـنه فى مهـرجان التباكى على الديـن الذى تم نصـبه فى جلسـة البرلمـان بتاريـخ 15/11/1965م ، أنه "ليس من المهم إن كان (ذلك) الطالب شيوعياً أم غير شيوعى"!! (ضمن القدال ، معالم .. ، ص 155). ومن عجب أن يقال ذلك تحت عنوان (الدفاع عن الديموقراطية)!! فبعد أن تقدم محمد احمد محجوب ، زعيم الجمعية ورئيس الوزراء ، فى تلك الجلسة ، بطلب إلى رئيس الجمعية برفع المادة (25/ من اللائحة الداخلية لمناقشة أمر (عاجل) ، تلى الرئيس اقتراحاً تقدم به ستة أعضاء يقول: "إنه من رأى هذه الجمعية التأسيسية .. ولتجربة الحكم الديموقراطى فى البلاد (!) وفقدانه للحماية اللازمة لنموه وتطوره (!) .. أن تكلف الحكومة للتقدم بمشروع قانون يحل بموجبه الحزب الشيوعى السودانى" .. الخ!! (نفسه ، ص 154).



    وإذاً ، فكل معضلات ما بعد ثورة أكتوبر ، وكل مصاعب إعادة بناء ما خربته الديكتاتورية العسكرية على كافة الأصعدة الاقتصادية ، والسياسية ، والاجتماعية ، والثقافية ، وجبهة الحرب فى الجنوب ، وجبهة العلاقات الخارجـية ، كان سببه ، ببساطة ، الحزب الشيوعى !! وبحله وطرد نوابه من البرلمان سوف تستقيم الأمور كلها ، وتتوطد تجربة الحكم (الديموقراطى) (!) ، وتكتسب المناعة المفقودة ، واللازمة لنموها وتطورها (!)

    وما أن فتح باب (الخطب) ، حتى انبرى (خطباء) المؤسسة التقليدية ، يهرفون بما لا يعرفون ، ويكيلون للحزب تهماً إنشائية لم يستشعر أى واحد منهم وازعاً من ضمير كى يكلف نفسه بالوقوف على شئ من حقيقتها ، ولو بالحد الأدنى من قيم القسط والعدل مما يحض عليه الاسلام الذى راحوا يتحشدون باسمه ، دع عنك أى مستوى من المسئولية تجاه الشعب والوطن. فالدكتور الترابى ، مثلاً ، لم يكن أقل صراحة من السيد محمد ابراهيم خليل فى الاعتراف بالنية المبيتة لحل الحزب وطرد نوابه من البرلمان ، بصرف النظر عن حديث الطالب الغِر. ووجه زعيم جبهة الميثاق الاسلامى ، آنذاك ، خمس تهم للحزب هى: الإيمان ، الأخلاق ، الديموقراطية ، الوحدة الوطنية ، الاخلاص للوطن !! (نفسه ، ص 155). أما المرحوم نصر الدين السيد فقد جحد الشيوعيين حتى نضالهم ضد ديكتاتورية عبود ، ومشاركتهم فى استعادة النظام الديموقراطى البرلمانى الليبرالى (!) قائلاً: "إن الحزب الوطنى الاتحادى هو الحزب الوحيد الذى وقف ضد الحكم العسكرى من ميلاده إلى مصرعه"!! ولم يفته ، بالطبع ، أن يدلى بدلوه فى مهرجان (التكفير) المنصوب تحت قبة (البرلمان الديموقراطى) فراح يتهم الشيوعيين بأنهم ".. يلقنون أبناءنا بأن الله لا وجود له وأن هذا الدين خرافة!!" وعندما ألفى نفسه مضطراً لإثبات ما يقول ، لم يتردد فى إبلاغ نواب الشعب الذين ينتظر منهم إصدار أحد أهم وأخطر القرارات فى تاريخ البرلمانية السودانية: "هذا ما قاله لى أخ قادم من موسكو ، قل أعوذ بالله من هذا .. وأطلب من الله عز وجل أن يحيينا مسلمين ويميتنا مسلمين إن شاء الله !!" (نفسه ، ص 156)

    صوت واحد ارتفع من وسط كل (زفة) التهريج التى شهدتها تلك الجلسة ، مشحوناً بكل دلالات الحكمة ، والشجاعة ، وصدق المواجهة مع النفس ، وأمانة النيابة عن الشعب. فلقد أتيح للسيد حسن بابكر الحاج ، نائب الدائرة (3) عن الوطنى الاتحادى ، أن يلمح وراء تلك التعبيرات الملتبسة المخاتلة بشاعة الاتجار بالدين ، والمنطق المقلوب على رأسه ، فنهض ينبه الأذهان الغافلة ، ويسدى النصح لكل من ألقى السمع وهو شهيد: "إن هناك طالباً سفيهاً يقال إنه أساء للرسول الكريم والدين الاسلامى ، فقامت مظاهرات .. تطالب بحل الحزب الشيوعى. ولنفترض أن أحد أعضاء الحزب الوطنى الاتحادى تفوه بمثل ما تفوه به الطالب السفيه ، فماذا يكون موقف الوطنى الاتحادى"؟ ثم خاطب النواب قائلاً: "رجائى أن تتركوا الحماس جانباً وتحموا الديموقراطية التى عادت إلينا بعد تضحيات .. فتأكدوا أنها ستنزع برمتها منكم كما انتزعت فى الماضى .. ولا أريد أن أسجل حرباً على الديموقراطية. فخير لأبنائى أن يدفنونى شهيداً من شهداء الديموقراطية بدلاً من أن أعيش فى عهد توأد فيه الديموقراطية" (نفسه).

    ولكن الديموقراطية وئدت ، وما من سميع ، ولا من مجيب! وئدت برغم الرأى العام الغاضب خارج البرلمان ، وبرغم كلمات الحق التى جلجلت فى حديث السيد نائب الوطنى الاتحادى ، وبرغم الكلمات الحارة لنواب الحزب الشيوعى فى دحض التهم التى ما انفكت تتطاير فى أرجاء القاعة ، ومن ذلك تأكيد نائب الخريجين ، آنذاك ، محمد ابراهيم نقد على أن الحزب الشيوعى برئ من تهمة الالحاد التى يحاولون إلصاقها به ، وأن موقف الحزب من الدين واضح فى دستوره ، وفى تاريخه الطويل ، وتاريخ أعضائه ، وتأكيده أيضاً على انهم لا يقولون ذلك عن خوف ".. وإننا لا نخاف ، فلم نتعود الخوف فى الماضى ولن نتعوده اليوم" (نفسه ، ص 157).



    ومع أن الحزب أصر على التمسك بالديموقراطية ، والسير فى طريقها حتى نهاية الشوط، فطرق أبواب القضاء ، ونجح ، بالفعل ، فى استصدار حكم ببطلان تلك القرارات ، إلا أن القوى التقليدية ، إمعاناً منها فى مصادمة البداهة الديموقراطية ، أعلنت ، جهاراً نهاراً ، رفضها الانصياع لكلمة القضاء المستقل ، واصفة حكمه بأنه (تقريرى) لا إلزام فيه. وأصدر د. حسن الترابى ، أحد أبرز وأنشط المنظرين لذلك الموقف كراسة كاملة سعى من خلالها حثيثاً لنفى أية قيمة لقضاء المحكمة العليا ، الصادر فى 22/12/1966م ، ببطلان مجمل (الاجراءات) التى اتخذتها الجمعية التأسيسية بتعديل الدستور ، فى 22/11/1965م ، لحل الحزب وطرد نوابه من البرلمان، باقتراح من د. الترابى نفسه، فى جلسة 16/ 11/ 1965م، وكذلك لإثبات قيومية قرارات الجمعية التأسيسية على أحكام القضاء ، حتى لو قفزت تلك القرارات من فوق نصوص الدستور ، أو صدرت بالمصادمة لضمانات الحريات العامة والحقوق الأساسية فيه (د. حسن الترابى ؛ أضواء على المشكلة الدستورية: بحث قانونى مبسط حول مشروعية حل الحزب الشيوعى ، يناير 1967م).

    وكم كانت لاذعة ، فى هذا الشأن ، كلمة الاستاذ محمود محمد طه ، رغم خلافه الفكرى هو نفسه مع الماركسية ، فى كتابه الذى أصدره ، بالمقابل ، وفى معرض الرد على د. الترابى تحت عنوان (زعيم جبهة الميثاق الاسلامى فى ميزان: الثقافة الغربية ـ الإسلام ، أضواء على المشكلة الدستورية) حيث وصف كتاب د. الترابى بأنه: "لا قيمة له ولا خطر ، لأنه متهافت، ولأنه سطحى ، ولأنه ينضح بالغرض ويتسم بقلة الذكاء الفطرى" (ضمن القدال، معالم .. ، ص 161).



    (3/3) ولئن كانت المنطلقات الفكرية للدكتور الترابى ، ودوافعه السياسية ، معلومة بدرجة لا يعود معها ثمة سبب للدهشة بإزاء ما يصدر عنه فى هذا الشأن ، فإن المرء ليحتار كثيراً فى موقف زعيم سياسى آخر ، يختزل نموذجه مواقف كل الديموقراطيين الليبراليين إبان تلك الأزمة ، لكونه أبرز من ارتبط بالديموقراطية البرلمانية الليبرالية فى السودان ، طوال حياته، بل وبعد رحيله ، وهو المرحوم إسماعيل الأزهرى. فعندما اتجهت المظاهرات الهستيرية التى دبرها (الأخوان المسلمون) إلى منزله ، عقب صلاة الجمعة 13/11/1965م ، داعية إياه ، بوصفه رئيساً لمجلس السيادة آنذاك ، للانضمام إلى (جردة) الاعتداء على الحريات والحقوق الدستورية ، لم يستنكر رافع العَلـَم ، وواضع كتاب (الطريق إلى البرلمان)، ورئيس أول حكومة وطنية تشكلت عبر صناديق الاقتراع ، أن تدعوه الهتافات الغوغائية للقفز من فوق كل المبادئ والأسس الديموقراطية ، ولم يستنكف أن يبدى ، على عكس المتوقع ، إستجابة مدهشة ، وحماسة محيرة ، حين وقف يخاطب حشود (الهتيفة) من شرفة المنزل ، مؤكداً لهم أنه معهم (!) ومعلناً ، بالاستباق لكل ما يمكن أن تتمخض عنه المداولات المؤسسية من قرارات ، أن الحكومة والجمعية التأسيسية (سوف تضعان) حداً لهذا الفساد (!) بل ومهدداً ، فوق ذلك ، وبكل وزنه السياسى وثقله التاريخى وجاذبيته الشعبية ، بأن الحكومة والجمعية التأسيسية إن لم تفعلا ذلك ، فإنه سوف (ينزل بنفسه) مع تلك الحشود إلى الشارع لتطهير البلد (!) (المصدر ، ص 153).

                  

العنوان الكاتب Date
اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 09:03 AM
  Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) القلب النابض12-03-05, 09:43 AM
    Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 10:34 AM
      Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 10:35 AM
        Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 10:36 AM
          Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 10:36 AM
            Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 10:37 AM
              Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 10:38 AM
                Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 10:39 AM
                  Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 10:40 AM
                    Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 10:41 AM
                      Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 10:42 AM
                        Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 10:43 AM
                          Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 10:43 AM
                            Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 10:44 AM
                              Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 10:45 AM
                                Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-03-05, 10:46 AM
          Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-26-05, 07:52 PM
  Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) عدلان أحمد عبدالعزيز12-03-05, 07:26 PM
    Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-04-05, 07:29 AM
      Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-04-05, 07:46 AM
        Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-04-05, 08:09 AM
          Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-04-05, 08:42 AM
            Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-04-05, 08:43 AM
              Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-04-05, 08:45 AM
                Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-04-05, 08:47 AM
                  Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-04-05, 08:48 AM
                    Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-04-05, 08:50 AM
                      Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) هاشم نوريت12-04-05, 08:51 AM
                        Re: اقراء حديث اول وزير اعلام فى حكومة النميرى (شيـــوعـــى) زول ساكت12-07-05, 02:42 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de