|
Re: أجمل ما كتب من الأدب منذ بداية الخلق وحتى الآن .. (Re: adil amin)
|
الأديب والكاتب الفنان عادل أمين أختيارك موفق من هذا النبع العبقري الصافي الطيب صالح .. أتمنى أن يسير هذا البوست لإعادة قراءة الطيب صالح ، خاصة للأجيال الجديدة التي سمعت عنه كثيرا ولم تقرأ له بعد .. فلنختار مقاطع من أعماله ، قد لا تزيدنا قناعة عن قناعتنا به ولكن ليثبت إيماننا بعبقريته وتفرده هذا الإنسان خاصة في وصفه وتحليله لإنسان السودان ، والدعوة موجهة للأستاذ عبد المنعم عجب الفيا والأستاذة الجندية والأديب الشاعر عبد القادر الكتيابي لما جمعتهم به من علاقة ولجميع الأخوة المهتمين. وهنا أقدم مشهدا آخر لعبقرية هذا اللفنان في كيفية الأستثمار الذكي وتسويق الحدث الروائي والأستفادة القصوى منه وبثلاثة أوجه متباينة، كما جرى لخبر عرس الزين الذي كان يمكن أن يكون عابرا وعاديا في أي عمل روائي ، حتى لو شيدت كل أحداث الرواية وبنائها الدرامي فيما بعد على ذلك الحدث أو الخبر . ودمت أخي الأستاذ عادل أمين
قالت حليمة بائعة اللبن لآمنة - وقد جاءت كعادتها قبل شروق الشمس - وهي تكيل لها لبنا بقرش : "سمعت الخبر ؟ الزين مو داير يعرس " . وكاد الوعاء يسقط من يدي آمنة . واستغلت حليمة انشغالها بالنبأ فغشتها اللبن . كان فناء المدرسة " الوسطى " ساكنا خاويا وقت الضحى ، فقد أوى التلاميذ إلى فصولهم ، وبدأ من بعيد صبي يهرول لاهث النفس ، وقد وضع طرف ردائه تحت إبطه حتى وقف أمام باب " السنة الثانية " وكانت حصة الناظر . " يا ولد يا حمار . إيه أخرك ؟ " ولمع المكر في عيني الطريفي : " يا فندي سمعت الخبر ؟ " " خبر بتاع إيه يا ولد يا بهيم ؟ " ولم يزعزع غضب الناظر من رباطة جأش الصبي ، فقال وهو يكتم ضحكته : " الزين ماش يعقدو له بعد باكر " وسقط حنك الناظر من الدهشة ونجا الطريفي . وفي السوق أقبل عبد الصمد على دكان شيخ علي ، محتقن الوجه ، ليس ثمة أدنى شك في أنه غضبان . كان له على شيخ علي ، تاجر العماري ، دين ماطله عليه شهرا كاملا - وقد قرر أن يخلصه منه ذلك اليوم ، بالخير أو بالشر . " علي . أنت يعني قايل أنا ما بخلص قروشي منك ، ولا فكرك شنو ؟ " " حاج عبد الصمد . كدى قول بسم الله واقعد نجيب لك فنجان جبنة " " يا زول جبنتك طايره عليك ، قوم افتح الخزنة دي ادني قروشي ، ولا كمان أن بقيت ما بي ضمه كمان فهمني " وبصق شيخ علي على " السفة " من فمه " كدى اقعد اتحدثك بالخبر دا " " يا زول أنا مو فاضي لك ولا فاضي لي خبيراتك ، باقي أنا عارفك مستهبل داير تطرتش على قروشي " . " يمين قروشك حاضرات ، كدى اقعد انحكيلك حكاية عرس الزين" " قلت عرس منو ؟ " " عرس الزين " وجلس عبد الصمد ووضع يديه على رأسه وظل صامتا برهة ، وشيخ علي ينظر إليه مغتبطا بالأثر الذي أحدثه . وأخيرا وجد عبد الصمد ما يقول : " أي لا إله إلا الله محمداً رسول الله . عليك الرسول يا شيخ علي دار حديث شنودا ؟ " ولم يخلص عبد الصمد دينه في ذلك اليوم
|
|
|
|
|
|
|
|
|