نقد النظرية السنية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-31-2024, 02:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-10-2005, 03:23 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نقد النظرية السنية

    نقد النظرية السنية (1/2)

    فصل من كتاب بعنوان (ليس من السيرة النبوية)



    لحظة الوحي ألأولى من المسائل المهمة والحسّأسة في عقيدة الانسان المسلم، فهي نقظة الدخول الى عالم التكليف والمسؤوليّة، وهي لحظة تجتذب الفكر والشعور، لانّها أخطر لحظة في تاريخ البشرية، ولا يماري في ذلك غير المعاندين، كانت بداية تاريخ جديد، وأي تاريخ، تاريخ يتجدّد باستمرار، لا يلغي الوافد ولا يلغي ذاته، بل يمارس عملية الصهر الحيوي النشط، فكان حضارة وكان جغرافية وكان سعة بشرية متنامية وكان مناهج فكر، وبالتالي كان طرفاً ذا ثقل كوني في تقدير مسيرة الكون.
    هناك نوعان من الروايات تتعرّض لهذه البداية الأنقلابية الجذريّة الهائلة، نوع من الروايات يكشف عن ضمير خال بالمرّة من أي إستعداد لهذه الوظيفة الثقيلة، لانّها تشير الى كينونة مضطربة قلقة خائفة، فاجأها شيئ غريب عليها في كل الأحوال، ونوع أخر من الروايات يكشف عن قلب مملوء بالأستعداد الكامل لهذه الوظيفة المقدّسة، إنّها تصف قلب النبي الكريم وكأنه مُهيّأ لتلقي الثقل الكوني الكبير. في هذه المحاولة نريد معالجة النظرية الأولى، على ان نستعرض توجهّات وتصورات النظرية الثانية فيما بعد بإذن الله تعالى.
    روايات النظرية الأولى لها مصادرها المعتبرة ومنابعها المهمة، وهي عادة ثلاثة أصناف...
    الأولى: المصادر الحديثية (البخاري، مسلم، الترمذي...).
    الثانية: التراجم والسير (طبقات إبن سعد، أنساب الاشراف...).
    الثالثة: التاريخ (الطبري، اليعقوبي...).

    الروايا ت المعالجة: رواية البخاري
    1: (1 ـــ أ): [ ّثنا يحي بن بكير قال: حدّثنا الليث بن عقيل عن أبن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أم المؤمنين أنّها قالت: أول ما بديئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤية ألا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبِّب له الخلاء، وكان يخلو في غار حرّاء فيتحنّث فيه وهو التعبّد في الليالي ذات العدد، قبل أن ينزع ألى أهله، ويتزوّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزوّد لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حرّاء، فجاءه الملك فقال: أقرأ، قال: ما أنا بقاريئ، قال فأخذني فغطّني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: إقرأ، فقلت: ما أنا بقاريئ، فأخذني فغطّني الثانية حتى بلغ منّي الجهد، ثمّ أرسلني فقال: أقرأ، فقلتُ: ما أنا بقاريئ، فاخذني فغطّني الثالثه ثم أرسلني فقال (إقرا باسم ربّك الذي خلق، خلق الأنسان من علق، إقرأ وربّك الا كرم)، فرجع بها رسول الله يرتجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فقال: زمّلوني زملوني، فزمّلوه، حتى ذهب عنه الروع،، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا والله، ما يخزيك الله أبدا، أنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق،، فانطلقت به خديجة وأتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى، وكان أمرءا تنصّر بالجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الانجيل بالعبرانية، ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عُمي، فقالت له خديجة: يا ابن العم اسمع من أبن أخيك، فقال له ورقة: يابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزّل الله على موسى، ياليتني فيها جذعا، ليتني اكون حيّاً إذ يخرجك قومُك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ فقال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلاّ عُودي وأن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم يلبث روقة أن توفي وفترالوحي) (1) ــ 1 / 14 ح 3 ــ
    2: (1 ـــ ب): [ (حدّثنا يحي بن بكيرحدّثنا الليث عن عُقيل، عن شهاب، وحدّثني سعيد بن مروان، حدّثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، أخبرنا أبو صالح سلمويه، قال حدّثني عبد الله بن يونس بن يزيد قال: أخبرني أبن شهاب أنّ عروة بن ا لزبير أخبره أنّ عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم...) ـ 3 / 327 ح 4953 ــ وساق الحديث، وزاد عليه (وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي) ] 2
    3: (1 ــ ج): [ حدّثنا يحي بن بكير، حدّثنا الليث عن عقيل، عن أبن شهاب ح وحدّثني عبد الله بن محمّد، حدّثنا عبد الرزاق، حدّثنا معمر قال: قال الزهري: فأخبرني عروة عن عائشة رضي الله عنها... ] 3 ــ 4 / 295 ح 6982 ــ وساق الحديث، وزاد عليه (وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما بلغنا حزناً غدا منه مرارا كي يتردّى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل كي يلقي منه نفسه تبدّى له جبريل، فقال: يا محمّد أنك رسول الله حقاً، فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أ وفى بذروة جبل تبدّى له جبريل فقال مثل ذلك) ] ــ 4
    4: (1 ـــ د): [ عبد الله بن يوسف، حدّثنا الليث، قال: حدّثني عقيل، عن أبن شهاب سمعت عروة قال: قالت عائشة رضي الله عنها: فرجع النبي صلى لله عليه وسلم يرجف ألى خديجة يرجف فؤاده، فأنطلقت به إلى ورقة بن نوفل وكان رجلا قد تنصّر يقرا الانجيل بالعربية، فقال ورقة: ماذا ترى؟ فأخبره فقال ورقة هذا الناموس الذي أُنزل على موسى، وأن ادركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً ]5 ـ نفس المصدر 2 / 473 ح 3392 ــ
    5: (1 ـــ ه): [ حدّثنا أبن بكير، حدّثنا الليث، عن عقيل، عن بن شهاب، عن عروة أن عائشة رضي الله عنها قالت: أوّل ما بديئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم ا لرؤيا الصالحة فجاءه الملك فقال له: إقرأ باسم ربك الّذي خلق، خلق الانسان من علق، إقرأ وربك الاكرم ] 6ــ نفس المصدر 3 / 328 ح 4955 ــ
    6: (1 ــ و): [ حدّثنا عبد الله بن يوسف، حدّثنا الليث، عن عُقيل ‘ عن إبن شهاب، قال: سمعت عروة قالت عائشة رضي الله عنها أوّل ما بديئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة، جاءه الملك فقال: إقرأ...) 7ــ 3 / 328 ح 4956 ــ
    7: (1 ــ ز): [ حدّثنا عبد الله بن يوسف، حدّثنا الليث، عن عقيل، عن أبن شهاب قال: سمعت عروة، قالت عائشة رضي الله عنها: فرجع النبي صلى الله عليه وسلم الى خديجة فقال زملّوني زمّلوني، فذكر الحديث ].8 3 / 4957.

    رواية مسلم
    8: (2 ــ أ): [ (حدّثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن سرّح، أخبرنا إبن وهب، قال: أخبرني يونس، عن إبن شهاب، قال: حدّثني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته...) وساق الحديث كما في (1 ــ أ) ] 9 ـ مسلم 1 /73 ح 252 ــ
    9: (2 ــ ب): [ حدّثني محمّد بن رافع، حدّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، قال: قال الزهري: أخبرني عروة عن عائشة: أنها قالت: أوّل من بديئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي، وساق الحديث بمثل حديث يونس، غير أنه قال: فوالله لا يُخزيك الله أبداً، وقال: قالت خديجة: أي أبن العم: أسمع من أبن أ خيك ] 10 ـ 1/ 73 ح 253 ــ
    10: (2 ــ ج): [ وحدّثني عبد الملك بن شعيب بن الليث، قال: حدّثني أبي عن جدي، قال: حدّثني عقيل بن خالد، قال أبن شهاب: سمعت عروة بن الزبير يقول: قالت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى خديجة يرتجف ] 11 ــ 1/ 73 ح 254 ــ


    رواية أحمد
    11: (3 ــ أ): [ حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا عبد الرزاق، حدّثنا معمر، عن الزهري، فذكر حديثاً، ثم قال: قال الزهري: فاخره عروة، عن عائشة، أنها قالت: أوَّل ما بديئ به رسول الله... ] 12 ــــ مسند أحمد 6 / 259 ح 26014 ــ وفي الزيادة الواردة في (1 ــ أ).


    رواية أبن سعد
    12: (4 ــ أ): [ أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني معمر بن راشد، ومحمّد بن عبد الله عن الزهري، عن عروة عن عائشة، قالت: كان أوّل ما بديئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلاّ جاءت مثلها فلق الصبع، وقالت فمكث على ذلك إلى ما شاء الله، وحبّب له الخلوة فلم يكن شيئ أحبّ إليه منها، وكا ن يخلو في غار حرّأء يتحنّث في الليالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله، ثمَّ يرجع الى خديجة فيتزوّد لمثلها حتى فجأه الوحي وهو في غار حرّأء ] 13ـ
    13: (4 ــ ب): [ أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني أبراهيم بن اسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن أبن عباس قال: فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك وهو بأجياد إذ رأى ملكاً واضعاً إحدى رجليه على الاخرى في أفق السماء يصيح: يا محمّد انا جبرائيل، يا محمّد أنا جبرائيل، فذعر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، وجعل يراه كلّما رفع رأسه الى السماء، فرجع سريعاً إلى خديجة يخبرها خبرها، وقال: يا خديجة والله ما بغضتُ بغض هذه الاصنام شيئاً قط، ولا الكهّان، وانّي أخشى أن أكون كاهناً، قالت: يا ابن عمّ، لا تقل ذلك، فأنّ الله لا يفعل ذلك بك أبدا، أنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتؤدي الامانة، وأن خُلقَك لكريم، ثم أنقطلقت إلى ورقة بن نوفل، وهي أوٍّل مرّة أتته، فاخبرته ما أخبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ورقة: والله إبن عمك لصادق، وأن هذا لبديئ نبوّة، وأنّه ليأتيه الناموس الاكبر، فمريه أن لا ي جعل على نفسه إلا ّ خيرا ] 14
    14: (4 ــ ج): [ أخبرنا عفان بن مسلم، أخبرنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا خديجة أني أرى ضوء واسمع صوتاً، وأني أخشى أن أكون كاهناً، فقالت: أنّ الله لا يفعل بك ذلك يابن عبد الله،انك تصدق الحديث وتؤدي الأمانة وتصل الرحم ].15
    154 ــ ه) [ أخبرنا يحي بن عباد وعفان بن مسلم قالا: أخبرنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا عمّار بن أبي عمّأر، قال يحي بن عباد، قال حماد بن سلمة: أحسبه عن إبن عباس، ان النبي صلّى الله عليه وسلم قال: يا خديجة أني أسمع صوتاً وأرى ضوءً وأني ا خشى أن يكون في جُنن، فقالت: لم يكن الله ليفعل بك ذلك يا ابن عبد الله، ثم أتت ورقة بن نوفل فذكرت له ذلك، فقال: أن يك صادقاً فهذا ناموس موسى، فانْ يُبعث وأنا حي فسأعززه وانصره وأؤمن به ] 16 ـ المصدر 1 / 194 ــ 195.


    رواية البلاذري
    16: (5 ــ أ): [ حدّثني محمّد بن سعد، عن محمّد بن عمر الواقدي، عن إبن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن إبن عباس... ] وساق حديث إبن سعد في (4 ــ ب) 17
    17: (5 ــ ب): [ حدّثني محمّد بن سعد، عن الوا قدي، عن معمر بن راشد ومحمّد بن عبد الله الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت...] 18 وساق حديث أبن سعد في (4 ــ أ)، مع أختلاف ملحوظ.
    18: (5 ــ ج): [ حدّثنا عمرو بن محمّد الناقد، حدّثنا أسحق بن منصور السلولي، حدّثنا أبراهيم بن يوسف بن أبي اسحق، عن ابيه، عن أبن اسحق قال: حدّثني أبو ميسرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أوّل ما بُعث يدعى يا محمّد ولا يرى شيئاً غير انّه يسمع الصوت، فيهرب منه في الارض، قال: فذكر ذك لخديجة بنت خويلد وقال: خشيت أن يكون قد عرض لي أمر، قالت: وما ذاك: قال: إذا خلوت دُعيتُ فاسمع صوتاً ولا أرى شيئاً، فقد خشيت، قالت: ما كان الله ليفعل بك سوء، أنّك لتصد ق الحديث
    وتصل الرحم وتؤدي الأمانة ن ثم أن خديجة قالت لابي بكر الصديق، أنطلق مع محمحد على ورقة بن نوفل فأن ر جل يقرأ الكتب، فليذكر له ما يسمع، فأنطلقا حتى اتتيا ورقة ففال له النبي صلى الله عليه وسلم: أني أذا خلوت دُعيت يا محمّد فاسمع صوتا ولا أرى شيئاً، قال له ورقة: ليس عليك بأس، فإذا دُعيت فأثبت، حتى تسمع ما يقال لك، فتثبت للصوت، فقال له: قل بسم الله الرحمن الرحيم، فقال بسم الله الرحمن الرحيم، فأعادها عليه ثلاث مرّات، ثمَّ قال: قل الحمد لله رب العالمين ثلاث مرّات حتى ختمها، فقال له: قل آمين، ثمّ رجع النبي إلى ورقة، فذكر له ذلك، فقال: أشهد أنك النبي الّذي بشّر به عيسى بن مريم، وأنك الّذي نجد في الكتاب، وأنك لنبي مرسل، ولتؤمرّن بالقتال، ولئن كانت لي الحياة لأقاتلنّ معك ] 19 ــ 1 الى 3 المصدر 1 ص 104 ص 109 ــ


    رواية أبن أسحق
    19: (6ــــ أ): [ قال أبن اسحق، وحدّثني وهب بن كيسان مولى ابن الزبير، قال سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي: حدّثنا يا عبيد كيف كان بديئ ما أُبتديئ به رسول الله صلى الله عل يه وسلم،من النبوة حين جائه جبرائؤل عليه السلام، قال: فقال عبيد ـ وأنا حاضر يحدّث عبد الله بن الزبير ومن عنده من الناس ــ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في غار حرّأء كل سنة شهراً، وكان ذلك ممّأ تتحنّث به قريش في الجاهلية... فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور ذلك الشهر من كل سنة... حتى إذا كا نت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته... جاءه جبرائيل عليه السلام بأمر الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءني جبرائيل، وأنا نائم بنمط من ديباج في كتاب فقال أقراً، قال: قلتُ: ما أنا أقرأ، قال فعتّني به حتى ظنننتُ أنّه الموت، ثمّ أرسلني فقال: إقرأ، قال: قلتُ ما ذا أقرأ؟ فعتّني به حتى ظننت أنّه الموت، ثمّ أرسلني فقال: أقرأ، قال قلتُ ماذا أقرأ؟ ما أقول ذلك حتى إلاّ إفتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بيّ، فقال: أقرأ باسم ربك... قال: فقرأتها، ثمّ أنتهى فانصرف عني وهببت من نومي، فكأنما كُتبت في قلبي كتابا، قال: فخ رجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل مسعت صوتا من السماء يقول: يا محمّد أنت رسول لله وانا جبير، قال: فوقفت أنظر إ ليه فما أتقدم وما أتأخر، وجعلت أصرف وجهي عنه في أفاق السماء، قال: فا أنظر في ناحية منها إلاّ رأيته كذلك، فما زلات واقفاً ما أتقدم أمامي وما أ رجع ورائيحتى يعثت خديجة رسلها في طلبي، فلغوا أعلى مكة، ورجعوا اليها وأنا واقف في مكاني،ثمّ إنصرف عني، وأنصرفت راجعاً إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست ألى فخذها مضيفاً إليها، فقالت: يا أبا القاسم أين كنت؟ فوالله لقد بعثت رسلي في طبلك حتى بغلوا مكّة ورجعوا لي، ثمّ حدّثتها بالذي رأيت، فقالت: أبشر يا ابن العم وأثبت، فو الّذي نفس خديجة بيده أني لأرجو أن تكون نبيّ هذه الأمة، ثمّ قامت فجمعت عليها ثيابها، ثمّ إنطلقت إلى ورقة بن نوفل وهو أبن عمّها، وقد تنصّر وقرأ الكتب، وسمع من أهل التوراة والانجيل، فأخبرته بما أخبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه رأي وسمع، فقال ورقة بن نوفل: قدوس قدوس، والّذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتيني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الّذي كا ن يأتي موسى وهو لنبي هذه الامة، فقولي له ليثبت، فرجعت خديجة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقول ورقة، فلّما قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره وانصرف، صنع كما يصنع، بدأ بالكعبة فطاف بها، فلقيه ورقة بن نوفل وهو يطوف بالكعبة فقال: يا بن اخي خبرني بما رأيت وسمعت، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ورقة بن نوفل: والّذي نفسي بيده، انك لنبيّ هذه الأمة، ولقد جاءك الناموس الاكبر الّذي جاء موسى، ولتكذّبنَّه ولتؤذيّنه... ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرن الله نصراً يعلمه ثم أدنى رأسه فقبّل يافوخه، ثمّ أنصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله ]. 20
    20: (6 ـــ ب): [ قال ابن اسحق: وحدّثني أسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير، أنّه حدّث عن خديجة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أي أبن عمِّ أتستطيع أن تخبرني بصاحبك الّذي يأتيك إذا جاءك؟ قال: نعم، قالت: فإذا جائك فأخبرني به، فجاءه جبريل عليه السلام كما كان يصنع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخديجة: يا خديجة هذا جبريل عليه السلام قد جاءني، قالت: هل تراه؟ قال: نعم، قالت: فتحوّل فأجلس على فخذي اليمنى، فتحوّل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس على فخذها اليمنى، فقالت: هل تره؟ قال: نعم، قالت: فتحوّل فأجلس في حجري، فتحوّل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس في حجرها، قالت: هل تراه؟ قال: نعم، قال: فتحسّرات وألقت خمارها ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في حجرها، ثمّ قالت له: هل تراه؟ قال: لا، قالت: يابن عم أثبت وأبشر، فو الله أنّه لملك، وما هذا بشيطان.
    قال أبن اسحق: وقد حدّثت عبد الله بن حسن هذا الحديث، فقال: قد سمعت أُمي فاطمة بنت الحسين تحدِّث بهذا الحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خديجة، إلاّ أنّي سمعتها تقول: أدخلت رسول الله بينها وبين درعها، فذهب عند ذلك جبريل، فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ هذا لملك وما هو بشيطان ] ــ السيرة الهشامية 21 ـ 1 / 251 ــ 254 ـ


    رواية الطبري
    21: (7 ــ أ): [ حدّثني أحمد بن عثمان المعروف بأبي الجوزاء قال: حدّثنا أبي، قال: سمعت النعمان بن راشد يحدّث الزهري عن عروة، عن عائشة، أنها قالت... ] 22 وساق الحديث كما في البخاري
    22: (7 ــ ب): [ حدّثني يونس بن عبد الاعلى قال: أخبرنا إبن وهب قال: أخبرني يونس بن شهاب قال حدّثني عروة أنّ عائشة أخبرته، ثمّ ذكر نحوه ] 23 ــ اي نحو الحديث السابق ـ ].
    23: (7 ــ ج): [ حدّثنا محمّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال حدّثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدّثنا سليمان الشيباني قال: حدّثنا عبدالله بن شداد، قال: أتى جبرائيل محمّد فقال: يا محمّد إقرأ، فقال: ما أقرأ، قال فضمّه، ثمّ قال: يا محمّد أقرأ، قال: ما أقرأ، قال: فضمّه ثم قال: يا محمّد إقرأ، وقال: إقرأ بأسم ربك الّذي خلق...
    قال: فجاء الى خديجة، فقال: يا خديجة ما أراني إلاّ وقد عُرض لي، قالت: كلا والله، ما كان ربّك يفعل ذلك بك، ماأتيت فاحشة قط، قال: فأتت خديجة ورقة بن نوفل فأخبرته الخبر، فقال: لئن كنت صادقة أنّ زوجك لنبيّ، وليلقين من أمّته شدّة، ولئن أدركته لأؤمنّن به.
    قال: ثم أبطأ عليه جبريل، فقالت له خديجة: ما أرى بك إلاّ قد قلاك، قال: فأنزل الله عزّ وجل والضحى والليل إذا سجى... ].24
    24: (7 ــ د): [ حدّثنا إبن حميد قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن أسحق قال: حدّثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال: سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبد الله بن عمير بن قتادة الليثي: حدثنا كيف كان ما أبتدأ به رسول الله... ] 25 وساق الحيث الوارد في سيرة ابن اسحق مع اختلاف ملحوظ (6 ــ أ).
    25: (7ــ ه): [حدّثنا سلمة قال: حدّثني محمّد بن اسحق، عن أسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير، وأنّه حدّث عن خديجة أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يثبته فيما أكرمه الله به من نبوّته: يا أبن العم أتستطيع... ] 26 وساق الخبر كما في سيرة أبن آسحق (6 ــ ب).
    26: (7 ـــ و): [ حدّثنا ابن حميد قال: حدّثنا سلمة قال: حدّثني محمّد بن اسحق قال: وحَدّثت بهذا الحديث عبد الله بن الحسن فقال: سمعت أمي فاطمة... ] 27 و ساق الحديث في سيرة أبن اسحق (6 ــ ب).
    27: (7 ــ ز): [ حدّثنا أبن المثنى قال: حدّثنا عثمان بن عمر بن فارس قال: حدّثنا علي بن المبارك، عن يحي ــ يعني ابن أبي كثير ــ قال: سألت أبا سلمة أي القرآن نزل أوّل؟ فقال: يا أيها المّدثر، فقلت: يقولون أقرأ باسم ربّك، فقال أبو سلمة: سألتُ جابر بن عبد الله: أيّ القرآن أُنزل أوّل؟ فقال: يا أيها المُدّثر، فقلت: أقرأ باسم ربّك، فقال؟ لا أخبرك إلاّ ما حدّثنا النبي صلى الله عليه وسلم قال: جاورت في غار حرّاء فلما قضيت جواري هبطت فأستبطنت الوادي فنوديت، فنظرت عن يميني وعن شمالي وخلفي وقدامي، فلم أر شيئاً، فنظرت فوق رأسي فإذا هو جالس على عرش بين السماء والارض فخشيت منه ـ قال أبن المثنى هكذا قال عثمان بن عمر ـ وإ نّما هو فُجئتُ منه فلقيت خديجة فقلت: دثّروني دثّروني، وصبّوا عليّ الماء، وأنزل عليّ يا ايها المدّثر، ورواه أيضا عن كريب بن وكيع عن علي بن المبارك الىأ خر السند السابق ] 28 ـ المصدر 2 كم ص 383 حتى ص 391 ــ


    رواية البيهقي
    28: (8 ـــ أ): [ قال أبن شهاب... وحدّثني... سعد بن المسيب: وكان فيما بلغنا أوّل ما رأ ى أن الله عز وجل أره رؤية في المنام فشق ذلك عليه، فذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمراته خديجة بنت خويلد بن اسد فعصمها الله عزّ وجل من التكذيب، وشرح صدرها للتصديق، فقالت: أبشر، فأن الله عزّ وجل ما يصنع بك إلاّ خيرا، ثم أنه خرج من عندها ثم رجع إليها، فأخبرها بأنه رأى بطنه شّق، ثمّ طُهر وغُسل، ثم أعيد كما كان، قالت: عذل هير فابشر، ثم أستغلق له جبريل عليه السلام وهو بأعلى مكّة فاجلسه على مجلس كريم مُعجب، كان النبي يقول: أجلسني على بساط كهيئة الدرنوك، فيه الياقوت واللؤلؤ، فبشّره برساله الله عزّ وجل، حتى أطمأن للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال له جبريل عليه السلام: إقرأ، فقال: كيف أقرأ، قال: إقرأ باسم ربك الذي خلق... ويزعم ناس أن يا أيها المدّثر أوّل سورة أُنزلت عليه والله أعلم.
    قال أبن شهاب: وكانت خديجة أوّل من آمن بالله وصدّق رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تُفرض الصلاة، قال: وقبل الرسول رسالة ربّه عزّ وجل واتبع ما جاء به جبريل عليه السلام من عند الله عزّ وجل، فلما قبل الذي جاءه به من عند الله تعالى، وانصرف منقلباً إلى بيته جعل لا يمر على شجرة أو صخرة إلاّ سلّم عليه، فرجع مسروراً إلى أهله موقناً قد رأي أمراً عظيماً، فلما دخل على خديجة قال أرأيتك الّذي كنت أُحدثك أني رأيته في المنام، فإنه جبرايل عليه السلام إستعلن لي، أ رسله ربّي، وأخبرها بالذي جاءه من الله عزّ وجل، وما سمع منه، فقالت: أبشر، فو الله لا يفعل الله بك ألاّ خيرا، فأقبل الّذي جاءك من عند الله، فانّه حق... ثمّ انطلقت مكانها حتى أتت غلاما لعبتة من ربيعة بن عبد شمس نصرانيّاً من أهل بنيوى يُقال له عداس، فقالت: يا عداس أذكرك الله أما أخبترني هل عندك علم من جبريل، فقال عدّاس: قدوس قدوس ما شأن جبريل يّذكر بهذه الأرض التي أهلها أهل أوثان ! خبّريني بعلمك فيه، قال: فأنّه أمين الله بينه وبين النبيين وهو صاحب موسى وعيسى عليهما السلام، فرجعت خديجة من عنده فجاءت ورقة بن نوفل... فلمّا وصفت خديجة له حين جاءته شأن محمد صلى الله عليه وسلم ذكرت له جبريل عليه السلام، قال لها ورقة: يا بنية أخي: ما أدري لعل صاحبك النبي الّذي ينتظر أهل الكتاب الّذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والانجيل، وأقسم بالله لئن كان أياه ثمّ أظهر دعاءه وأنا حيّ لأبلينّ الله في طاعة رسوله صلى لله عليه وسلم وحسن مؤازرته الصبر والنصر فمات ورقة ] 29 ـ دلائل النبوة 2 / 152 ــ 145 ــ ورواها بسند (عن إبن لهيعة، عن أبي ا لاسود، عن عروة) 30ــ المصدر 2 / 146 ــ
    29: (8 ــ ب): [... قال حدّثنا عبيد بن شريك قال: حدّثنى يحي، قال: حدّثنا الليث عن عقيل، عن أبن شهاب: أنّ محمّدا بن النعمان بن بشير الانصاري كان يسكن دمشق أخبره: أن الملك جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أقرأ، قال: فقلت ما أنا بقاريئ، فعاد الى مثل ذلك، ثمّ أرسلني فقال إقرأ، فقلتُ ما أنا بقاريئ، فعاد ألى مثل ذلك، ثمّ أرسلني فقال لي: أقرأ باسم ربك... ] 31 ــ المصدر 2 / 139 ــ
    هذه هي أهم الرويات التي تتحدّث عن إبتداء الوحي بالنسبة لنبينا الكريم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وما واكب وتلك اللحطة الكونية الخطيرة من أحداث وملابسات وظروف، وكل الروايات الأخرى لا تخرج عن هذه المضامين والتصورات والاستحقاقات والاسانيد، ولك أن تراجع في ذلك أمهات الكتب والمصادر والاسفار الحديثيّة والرجالية والتاريخية 32


    فرز الروايات المعنيِّة
    نحن نتحدّث ونعالج لحظة الوحي الاولى، لحظة معينة في حياة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، تلك هي لحظة الوحي الاولى، أو بالدقة لحظة إبتداء الوحي، ولذا فأنّ بعض الروايات السابقة لا تدخل في هذا المجال رغم أيهامها بذلك، ورغم إندراجها عند رواتها ومصنيفها تحت عنوان يغري بأخذها في هذا النطاق، وعليه لابد من طرحها على صعيد صياغة تلك اللحظة التي تشكّل أخطر بداية عرفها التاريخ البشري سابقاً ولاحقاً في تصورنا نحن أتباع هذا النبي الأمي العظيم.
    أولأ: أنّ رويات البخاري (1، 2، 3، 4، 5، 6، 7) تنصبّ بشكل و أخر على تلك اللحظة أو بعض حولياتها القريبة، فهي تصف لنا كيف أستقبل الرسول الوحي، وكيف تصرّق بعيد ذلك، وما هي مستحقات العملية في كثير من الأمور والمجالات، وفي ا لروايات زيادة ونقص وأختلاف، سوف نأتي على التامل مع هذه المفارقات.
    ثانياً: روايانت مسلم [ 8، 9، 10 ] هي الأ خرى تصب في هذا الاتجاه، مع الأخذ في نظر الأعتبار مفارقات الزيادة والنقصان والاختلاف في تضاعيف الروايات.
    ثالثأ: رواية أحمد في مسنده رقم (11) منسجمة مع رواية البخاري خاصة (1 ــ ب) أي تتعلّق باللحظة التاريخية الكونية بالذات مع أستحقاقاتها التي تذكرها الرواية.
    رابعاً: أما روايات أبن سعد فالّذي يمكن أن نلاحظه عليها ما يلي: ــ
    • أن الرواية رقم (12) تتحدّث عن (إعداد) ما قبل اللحظة إذا صحّ التعبير، فهي تستعرض موضوع الرؤيا الصادقة والتحنّث ثمّ تختم (حتى فجأه الوحي وهو في غار حرّاء)، وعليه تكون هذه الرواية غريبة عن النقطة الأساسية التي نحن في صددها.
    • الرواية رقم (13) هي الاخرى غريبة لا تتصل بابتداء الوحي الفعلي، الوحي القرآني الّذي يعتبر البداية الحقيقية للوظيفة النبوية.
    • الرواية رقم (14) كسابقتيها.
    • الرواية رقم (15) لا تختلف عن أخواتها في على صعيد عدم تصديها لموضوع النقطة الجوهرية في الموضوع الذي نحن في شأنه.
    أنّ روايات أبن سعد تتحدّث عن ظواهر معينة صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم،لا ندري هل هي قبل لحظة الوحي أو قبل لحظة الوحي ام أثنائها أم بعدها، وأن كان الا حتمال الأول أقرب للفهم كن يعطيه لحن الخطاب.
    خامساً: رواياتا البلاذري (16، 17) ذاتهما روايتا أبن سعد عن الواقدي أي (12، 13)، التي تكلمنا عنهما سابقاً، والرواية رقم (1 ليس لها علاقة بالوحي القرآني الكريم، وظاهرها أنها تتعلّق بالجنبة الاستعدادية أو جنبة الإعداد إذا صحّ التعبير.
    سادساً: رواية أبن اسحق رقم (19) تعالج القضية في روحها، أي لحظة الوحي القرأني، فهي على وزان روايات البخاري ومسلم وأحمد.
    سابعاً: رواية أبن اسحق المرقّمة (20) يبدو أنّها تتحدث عن مرحلة لاحقة من الوحي القرآني الكريم.
    ثامناً: روايات الطبري (21، 22، 23، 24، 17) فانها لاشك تعالج لحظة الوحي القرأني.
    تاسعاً: رواياتا الطبري رقم (25، 26) فهما بعيدتان عن اللحظة المقصودة.
    عاشراً: رواية البيهقي رقم (2 تعالج المسألة بنقطتها الجوهرية، كذلك روايته رقم (29).
    وبناء على ذلك تكون كل من الروايات (12، 13، 14، 15، 16،17، 20، 25، 26) لا تتطرّق الى لحظة الوحي المحمّدي الاولى، وإنّما تتحدّث عن مراحل لاحقة أو سابقة، ولكن لا يعني هذا سوف نهملها تماماً في الحث، بل قد نحتاجها في تفصيل مجمل أو ايضاح مبهم، أو دعم برهان، وخدمة للبحث سنعمل أضافة لذلك على دراسة شيئ من سندها ومتنها.


    مسانيد الروايات غير المعنيِّة
    الرواية رقم (13): في سندها داود بن حصين وقد ضعّفه جمع من الرجاليين، منهم أبن عيينة وأبو زرعة وأبو حاتم والساجي والجوزاني ــ 33 تهذيب التهذيب 3 / 181 ــ وفي سندها أيضاً (اسماعيل بن أبراهيم بن أبي حبيبة)، فقد قال عنه أبن معين ليس بشيء، وقال مرّة: يًكتب حديثه ولا يُحتج به، وقال أبو حاتم: شيخ ليس بالقوي، يُكتب حديثه ولا يُحتج به، منكر الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: ضعيف ـ 34 نفس المصدر 1 / 104 وقد ضعّفه كثيرون غير الذين ذكرنا ــ هذا فضلاً عن التردّد في شخصية عكرمة، والرواية في حكم المرسلة، لأن إبن عباس لم يروها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي من مراسيل الصحابة.
    لستُ من المُغرمين بفحص السند والتعويل عليه، ولا من المُغرمين بالكشف عن المعاني والدلالات بقدر هيامي باكتشاف الوظيفة، وظيفة النص ضمن علاقة جدليّة حيّة بين المعرفة وا لقوة، فليس هناك نص بريئ حتى إذا كان رواة الحديث ثقاة، بل توثيق الرواة ذاته لا يسلم باي حال من الأحوال من الانحياز بدرجة من الدرجات، ولكن عملاً بمجارات العرف العلمي السائد في الخطاب الديني، أراني مضطرأ الى اللجوء لذلك في حدود فائدة قد نجنيها، ولو على صعيد التواصل مع محبي ورواد هذه المدرسة، وسوف نحاول تشريح وظيفة النص أجلا، ولكن هل يعني هذا أهمال الدرس التاريخي الذي يؤكد على تناقض النص وا لحادثة والزمن؟ بطبيعة الحال أن مثل هذا الا همال يقود الى جدب غير مرغوب فيه، لان العمل الذي نحن في صدده هو أقرب الى التحقيق منه الى استخلاص قوانين أو شروط تمظهر التاريخ.
    الرواية تجسّم عمل جبرايل بنمط بدائي خيالي، وتكشف عن شخصية محمّدية غير واثقة من نفسها، ضعيفة مرتبكة، وهو الأمر الذي يتناقض في كل الأحوال مع واقع هذا الأنسان الرَّصين، الّذي غيّر مجرى التاريخ بمعدلات كونية ولا يزال ! فمن غير المعقول، وذلك على ضوء معطيات حياته وسيرته أن يكون نهب هوس الاصابة بالكهانة أو ما يشبه ذلك.
    الرواية رقم (14) في سندها (حماد بن سلمة) وهو وإن وثّقه جماعة، ولكن البخاري تركه لأنه أُصيب بالنسيان، ثم هنا كلام حول نزاهة ما يُنسب إليه من حديث ! ومرّة أخرى أجدني لا أتفاعل مع مثل هذه الروايات التي تتضّمن خوف محمّد من الإصابة بمرض الكهانة، فذلك ما لم يطرأ على بال في ضوء كل الحالات التي نعرفها عن محمّد، ثم أن الحديث يجمد عند (عروة) !، ذلك أن عروة لم يكشف لنا عن مصدره، وعروة من التابعين، أنّه حديث مرسل، فقد ولد لست سنين خلت من خلافة عمر ومات بعد المائة 35 ــ نفس المصدر 7 / 184 ــ وأعتقد من الصعب الأعتماد على الروايات المرسلة ليس في الأحكام وحسب، بل في التاريخ وخاصّة إذا كانت القضية تمس عقيدة أمة بكاملها.
    الرواية رقم (15) في سندها خلل واضح، ذلك قول حماد بن سلمة (أحسبه عن إبن عباس)، فضلاً عن (عمّار بن أبي عمار)، فقد تكلّم فيه شعبة، وقيل عنه (كان يخطيئ) 36 ــ تهذيب التهذيب 7 / 404 ــ
    الرواية رقم (16) في سندها داود بن حصين وابن أبي حبيبة وقد مرّ حالهما.


    الرواية رقم (17) في سندها محمّد بن عمر الواقدي وهو عند الجمهور (مُجمع على تركه) ـ المغني في الضعفاء 2 / 619 ــ و (محمّد بن عبد الله) ضعّفه أبن معين ويحي، وقال أبو داود غتع ليس بقوي 37 ــ تهذيب التهذيب 9 / 287 ــ
    الرواية رقم (1 في سندها إبراهيم بن يوسف بن آسحق، قال أبن معين: ليس بشيئ، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال الآجري: سألت عنه أبا داود فقال ضعيف 38 ــ تهذيب التهذيب 1 / 183 ــ قال أبن كثير (وهو مرسل وفي غرابة، وهو كون الفاتحة أوّل ما نزل) 39 ــ سيرة إبن كثير 1 / 399 ــ
    الرواية رقم (20) في سندها اسماعيل، وهو ليس من الصحابة، ثمَّ هناك ثغرة في السند تكمن في قوله (حُدِّث عن خديجة) فالواسطة بينه وبين خديجة مجهولة.
    الرواية رقم (25) مضى نقدها في الرواية رقم (20).
    الرواية رقم (26) منقطعة.


    قراءة في المتون السابقة

    هذه الروايات مخدوشة السند بشكل وآخر، ومتونها مثيرة، خاصّة تلك التي تصوّر النبي بالوجل الخائف المرتعب من هاجس الكهانة، كما هو في ا لروايات (13، 14، 16)، وتلك الرواية التي تنسب هذا الرجل خوفه من (الجنون) كما في الرواية رقم (15)، لا أنطلق في ذلك من قبليات دينية، بل من الواقع، فان قوّة شخصية محمّد تنازع هذا الهاجس، لا تخضع له، وليس هناك من شاهد تاريخي يثبت بأنه تعرّض أو سلك بما يشير إلى هذا الهاجس الغريب، ولم يساوره شك في لحظة من اللحظات شك بنبوّته ورسالته، كان يتابع شؤونها بالتفصيل، يناضل من أجلها باستمرار.
    الرواية رقم (1 واضحة الوضع، فهي إضافة إلى تضمّنها الخوف الّذي ترفضه شخصية محمّد فإ ن راويها يدّعي أنّ خديجة أرسلت مع النبي أبا بكر الى ورقة بن نوفل ممّأ يصطدم بكل الروايات الاخرى، وفي النص تتجلّى وظيفة الصراع على القرب الشخصي من محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، هناك إ نحياز في النص المزعوم، ثمّ تدّعي الرواية بان ورقة كان يعرف الفاتحة، فهل هو توظيف آخر لصالح ورقة مثلاً؟ سوف ندرس بعض معالم شخصية ورقة في السطور التالية. نقرأ في هذه الروايات بأن ورقة بن نوفل كان يماهي بين محمّد وموسى، ولكن كلمة الله عيسى حلّ هنا محل الكليم موسى، فهل هناك مواقف خفية تعمل على تصميم التفضيل في سياق الاقتراب والابتعاد عن النبوة الجديدة؟ النصوص ليست بريئة أبدا... لقد زُجّ إسم أبي بكر في متن الرواية بطريقة إ عتباطية غير مدروسة.
    أن الرواية رقم (1 مرتبكة في كل دواعيها وأركانها، من السند الى المتن إلى اجوائها وظروفها وإيحائاتها، وقد جاء في السيرة الحلبية عن الخبر أو الرواية (قال بعضهم: أسناده ليس بالقائم) ـ 1 / 245ـ
    الرواية رقم (20) المنقطعة (لسقوط الواسطة بين اسماعيل بن ابي حكيم وخديجة التي يُدّعى أنّها أصل الرواية) فأن مضمونها يثير الشفقة والرثاء، ذلك أن خديجة تحتل مرتبة الأستاذيّة لمحمّد، فهي تفسّر الح
    أن هذا الانتقال في المشاهد بين فخذ وأخر، والتقلّب بالحالات الخارجية من الخمار الى الحجاب، قد يشي عن نوازع جنسية مخياليّة لدى الراوي، وربما أراد الاستفادة منها لتقريب الغرض، ومهما يكن يكشف عن مخيال مسرحي مخدوم الوظيفة والفن، وممّا يثير الاستغراب حقاً أن محمّدأ كان يؤمن بأن الّذي كان ياتيه هو جبرائيل (يا خديجة هذا جبرائيل عليه السلام قد جاءني)، ولذا نتساءل عن موقع كل الّذي جرى بعد هذا اليقين؟ أ نّها رواية مضطربة المتن متألكة الاطراف متنافية التضاعيف، وعلى وزانها في السند والمتن الرواية رقم (25) والرواية رقم (26)، تتعارض شيئاً ما، بل في عنصر جوهري مع الروايتين (20، 25)، ذلك أنّ خديجة هنا أدخلت محمّداً (بينها وبين درعها فذهب عند ذلك جبرائيل)، حيث تبقى خديجة محافظة على مركزها في الرواية كمفسّرة، عالمة، عارفة، ومحمّد هو المتلقي !
    تتجلى حقيقة العلاقة بين النص والسلطة هنا، فخديجة هي المعنية في النص وليس محمّدا ولا الوحي، نحتاج الى مزيد من تحليل، وهذا ما سوف نلتقيه بعد حين.
    أن أي دور لخديجة يتعدّى مهمة الاسناد المادي والمعنوي في علاقتها بالرسول الكريم يثير الشكوك، وأنّ اي دور لخديجة يجسّد الاستاذيّة أو يعطيها مهمّة توضيح وبيان قضايا الوحي مرفوضة ليس في المنطق الاسلامي وحسب بل في المنطق العادي أيضاً، بل حتى في ضوء معلوماتنا عن محمّد، فنحن لم نعهد لخديجة أيّ دور إرشادي توجيهي في حياة النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، لم يشر التاريخ الى أي دور قيمي أو قيادي أو تعليمي لخديجة بالنسبة للرسول في حياتها منذ الزواج وحتى وفاتها، كانت طائعة مطيعة لمحمّد في كل حركاته وسكناته، وعليه يكون إعطاء دور الترشيد الفكري والميتافيزي لخديجة بالنسبة لمحمّد يصطدم مع التاريخ.
    نظرة بسيطة لهذه الروايات تقودنا إلى ما تجيش به من إضطراب واختلاف وتضارب في أكثر من عنصر وأخر في داخل بنياتها التكونية.
    • أنّ خشية محمّد تاخذ صوراً متعدّدة من متن لآخر، فهي تتردّد بين الكهانة كما في الرواية (13، 14)، والجنون كنا في الرواية رقم (15) ومجهوليّة هذا الخوف في حقيقة الهوية المرتقبة طبق الرواية رقم (1، ومن الطبيعي أن عدم التطابق بين هذه الحالات يُعضف من قيمة الإطمئنان أليها، خاصّة وأن الكهانة مُصطلح له خواصّه وفضائياته، والجنون حالة أخرى تختلف عن الكهانة، وهناك تقريب للجنون غير المتعارف عليه، ينسبه إلى الجن، أي كون صاحبه مسكوناً بالجن، فيما الغموض يلّف الموقف في الراوية رقم (1 فضلاً عن أنّ الثبات والأصرار والقوّة التي يتمتع بها محمّد تنفي كلها مثل هذه الإ مضاءات الهشّة.
    • نقرأ في الروا ية رقم (13، 15) أنّ خديجة ذهبت لوحدها إلى ورقة بن نوفل لتقصّ عليه نبأ محمّد أمّا الرواية رقم (1 فتطالعنا بشيئ جديد، مغاير تماماً، ذلك أنّ خديجة أرسلت أبا بكر ومحمّداً المُبتلى الى القس المزعوم ورقة بن نوفل كي يحلّ اللغز، وهناك دار حوار بين ورقة ومحمّد، هذا فضلاً عن أنّ هناك روا يات أخرى تدّعي أن خديجة والرسول ذهبا معاً إلى ورقة، كما انّ دوري خديجة وورقة يغيبان تماماً في الرواية رقم (14).
    • نقرأ أنّ خديجة عندما كانت تريد أن تخفف من روع النبي تارة تناديه يا ابن العم، وأخرى يا ابن عبد الله.
    • وتتباين هذه الروايات في تشخيص أوليّات الأزمة، فهي تارة صورة جبريل في السماء، وأخرى الصوت والنداء، وثالثة الضوء، وهكذا. هذا وربما نواصل المعالجة في ا لسطور التالية
                  

العنوان الكاتب Date
نقد النظرية السنية Sabri Elshareef09-10-05, 03:23 PM
  Re: نقد النظرية السنية Sabri Elshareef09-10-05, 03:36 PM
  Re: نقد النظرية السنية Sabri Elshareef09-12-05, 07:44 PM
  Re: نقد النظرية السنية Sabri Elshareef09-12-05, 08:16 PM
    Re: نقد النظرية السنية عمار عبدالله عبدالرحمن09-13-05, 04:32 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de