|
Re: التنوع الثقافي بالسودان عبرالتاريخ ..كتبت د.انتصار صغيرون الزين (Re: فريد ودالمسيد)
|
تعددية ثقافية تاريخية ومعاصرة :
من خلال دراسة هذه المجتمعات القديمة ومن خلال معرفتنا بالسودان القديم نجد أن التعدد الثقافي في السودان كان موجودا منذ أقدم العصور. فنلاحظ في المسلات ذكرا للقبائل النوبية والبجاوية التي تتحرش بالحدود المصرية وتهاجم طرق القوافل التجارية . هذه التعددية ظهرت بوضوح في فترة مروي (350ق.م-350م)والتي يمكن ظان نعتبرها بداية تكوين السودان الحديث. وهي مجموعات نوبية وزنجية مختلطة بعناصر من البحر المتوسط ثم بدأ تسرب للمجموعات العربية بقصد التجارة أو البحث عن المرعى والذي بدأ بطيئا وزاد في فترة العصور الوسيطة، وهذه الهجرات أدت لاختلاط العناصر المحلية بالعنصر العربي والذي لم تتوقف هجرته عند هذا الحد، واستمرت الهجرة غربا كما قدمت هجرات أخرى من العرب. كل هذه التحركات والهجرات أدت إلى تشكيسل القبائل السودانية الحالية، فهي في الحقيقة عناصر قديمة قدم تاريخ هذا الوطن ، تلاقحت مع الثقافات الواردة إليها وتأقلمت وتعايشت معها وأنتجت خليط سودان اليوم. نتج من ذلك كذلك تعددية واضحة في ثقافات السودان اليوم. ويجب النظر للتعددية هنا على أساس أنها مصدر قوة في العالم المعاصر وليست إهدارا للهوية. وهنا لابد للإشارة لحديث رئيس وزراء البوسنة السابق حارس سيلازديتش (مجلة العربي الكويتية العدد456 ،1996) والذي وصف التقاء الثقافات "كالزلزال الذي يجلب معه طبقات تلتقي مع بعضها البعض برغم أنها ليست من نفس الكيفية الجيولوجية" وقد أشار في حديثه هذا إلى أن التعددية هي ميزة البوسنة لأن العالم كله يعيش اليوم تعددية وهي دواء للعالم المعاصر، وأن البوسنة كانت مرفوضة لأنها تمتلك ثقافات متعددة، وهذا مصدر قوتها . ولهذا فشل الصرب لأنهم حسبوا البوسنة بالكم لا بالكيف، بينما معظم دول أوربا ذات قوميات واحدة مما يعتبره دكتور سيلازدتش "بنية تحتية هشة" .
التعددية مصدر قوة وإتحاد :
إذن ثقافات السودان المتعددة يجب أن تكون مصدر قوة وإتحاد لا مصدر شتات أو حيرة أو بحث عن الهوية . فالسودان اليوم هو سودان الأمس لم تطمس هويته ثقافات واردة سلميا أو حربيا بل تعايشنا معها وأخذنا ما يناسبنا وتركنا غيره. فنحن لانحتاج لما يسمى بالترميم الثقافي Culture Restoration ويعني هذا المصطلح ردم الفجوات المعرفية تأسيسا للهوية الثقافية والتي بدأها زنوج أمريكا والكاريبي الذين يحاولون خلق شكل من أشكال الإستمرار الثقافي لمعرفة إلى أي مدى ننتهي ولكن كيف نجعل من هذا التباين الثقافي تلاقيا ثقافيا ونحن الآن نعيش فترة من التعايش تتجاذبها مشاكل النعرات القبلية والمشاكل الطائفية والعقائدية والحزبية . وهنا تبرز اهمية دراسة الثقافة السودانية بصورة متأنية وبمنهجية أكثر شمولا في نظرتها مثل الحوار الثقافي الذي يعترف بإمكانية التباين الثقافي في المكان الجغرافي الواحد . ويعترف بقوة أي ثقافة وحدها وقدرتها على التفاعل والتشكل والتحور بأساليبها كما يعترف بتباين ردود الفعل بحيث يمَكن من استمرارية العملية الثقافية والحضارية في كل المجتمعات الإنسانية دون توقف وفي استمرارية دائمة. ومن هنا ندعوا لمزيد من الحوار ولمزيد من المنهج من أجل فهم أعمق بعمق تاريخ هذا الوطن ....إنتهى.........
|
|
|
|
|
|
|
|
|