|
Re: التنوع الثقافي بالسودان عبرالتاريخ ..كتبت د.انتصار صغيرون الزين (Re: فريد ودالمسيد)
|
الإستمرارية والتفرد :
يعكس هذا السرد الملخص للتطور التاريخي للثقافات والحضارات السودانية خصائص الحضارة السودانية والتي تتمثل في ثلاث محاور رئيسية هي الإستمرارية ، والأصالة والتفرد والمحافظة ، وتطور دور المرأة . ويمكن ملاحظة خاصية الإستمرارية في عدد من المخلفات الثقافية المادية مثل صناعة الفخار والتي لم تتوقف منذ العصر الحجري الوسيط وحتى اليوم وقد تميزت كل حقبة بأشكالها وزخارفها المتنوعة . أضف إلى ذلك إستخام الأصباغ لتزيين جسد الأموات والأحياء حتى اليوم عند القبائل النيلية وبعض قبائل دارفور . وقد استمرت عادة خلع القواطع (الإفكاك) منذ العصر الحجري الوسيط حيث كان يتم خلع القواطع العليا ونجد اليوم بعض القبائل النيلية التي تزيل القواطع السفلى . نلاحظ الإستمرارية كذلك في العادات الجنائزية مثل عادة دفن الأدوات مع الميت والتي لم تتوقف إلا بعد قبول المسيحية دينا واستمرت بصورة أخرى خارج القبر بكوم ترابي كشاهد وتطورها إلى مسطبة فهرم ثم كوم ومسطبة وقباب ، ونجد كذلك استخدام العنقريب لدفن الميت عند المجموعة (ج) وحضارة كرمة والتي استمرت في شكل حمل الميت على عنقريب (مركب) حتى القبر . علاوة على ذلك استمرت عادات استخدام الحلي من معادن واحجار كريمة وخرز ، والأخير هذا ما زال يستخدم عند قبائل الشمال في طقوس الزواج وعند القبائل الجنوبية كحلية للرجال والنساء.ومازالت الأشكال التي صنعت بها الحلى الذهبية وغيرها من فترة مروي تصنع حتى اليوم . ويمكن النظر إلى سمة أخرى من سمات الإستمرارية في الشلوخ والتي وجدت أدلتها منذ العهود المروية في بعضا التماثيل والرسومات. تتميز الثقافة السودانية كذلك بسمات الأصالة والتفرد والمحافظة. فبالرغم من توافد الثقافات الخارجية من الفرعونية والإغريقية والرومانية فيما بعد ، إلا أن أهل السودان حافظوا على الكثير من معتقداتهم وعمارتهم وفنونهم ، وحتى عندما تبنى المعابد الفرعونية تضاف إليها غرف أخرى توضح عدم تمسكهم بما وفد لهم من عمارة. ونجد في عمارة المعابد المروية في موقع النقعة تفردا وأصالة في عملية الإقتباس وقولبة الأشياء في قالب جديد يختلف تماما عن عن مصدر الإلهام. ومن أكثر الأشياء التي تعكس سمات الأصالة والتفرد اختراع اللغة المروية في محاولة للإبتعاد عن الكتابة الهيروغليفية. وفي نفس الحضارة نجد تمسكا بالأشكال المختلفة للفخار والزخارف المتنوعة رغما عن تحول العالم من حولهم لشكل واحد هو الجرار الكبيرة ذات اللون الأحمر. كما تفردت الحضارة المروية بصناعة النسيج، والتي وجدت أدلتها في بعض المواقع مثل الأنوال التي وجدت داخل المنازل ولا زالت تمارس بوصفها حرفة شعبية في منطقة شندي.
دور فريد للمرأة :
لعبت المرأة دورا هاما في التاريخ السوداني مما يجعلها أحد الأركان الهامة المكونة لخصائص الثقافة السودانية. فأولى الملاحظات التي تعكس ذلك نظام الخلافة في العرش حيث تؤول الخلافة ليس لابن الملك المتوفى ولكن لابن إحدى أخواته ، وقد استمرت هذه العملية حتى بداية الفترة المسيحية وتوقفت لفترة وعادت مرة أخرى في القرن الحادي عشر الميلادي. ويقال أن نظام الأمومة هذا هو الذي أدى لأسلمة النوبيين وذلك بزواج النساء المسيحيات بالمهاجرين من المسلمين مما مكن العرب من الوصول للسلطة، ونجد أن نظام الخؤولة هذا ما زلنا نتلمسه حتى اليوم في العلاقات الأسرية. وقد لعبت الملكات دورا عظيما في فترة مروي لدرجة أنهن أصبحن يشيدن أهرامات منفصلة ومعابد، وقد تحدث الرومان عن كوش التي تحكمها سلسلة من الملكات المسميات ب "الكنداكة" .وهذا الدور المتطور للمرأة نما تدريجيا منذ فترة نبتة عندما كان ملوكها يرسلون كريماتهم لمعبد آمون ويشاركن في الطقوس والشعائر ، كما نجد أن مشكلة الفرعون تهارقا أنه أصر على استدعاء أمه من منطقة الشلال الرابع لتحضر تتويجه في مصر. وقد أظهرت ملكات مروي في النقوش بنفس ضخامة رسومات الملوك. ونجد ان الملكات استمر دورهن حتى القرن التاسع عشر في منطقة شندي مما مهد لنساء السودان أن ينلن حقوقا لم تنلها المرأة في الدول الأوربية المتحضرة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|