الفلسفة .. صيغة عملية أم هيام وراء الأخيلة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-29-2024, 06:11 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-04-2004, 06:49 PM

Yaho_Zato
<aYaho_Zato
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الفلسفة .. صيغة عملية أم هيام وراء الأخيلة (Re: Yaho_Zato)



    الفلاسفة العمليون .. و الفلاسفة المنظرون


    نبدأ بالتنويه إلى أن التصنيفين أعلاه من عندي .. و أقصد بالفلاسفة العمليين أولئك الذين يقدمون جوانب عملية لفلسفاتهم في الأطار المجتمعي و السياسي و الإقتصادي و حتى التكنولوجي المادي .. بمعنى أنهم يقدمون حلولا، أيا كانت نظرتنا لتلك الحلول ، أما الفلاسفة المنظرين فنعني بهم أولئك الذين دارت فلسفتهم في دوائر تنظيرية فقط دون أن تقدم ما يمكن أن يوضع موضع التطبيق .. و من الطريف أننا اليوم نرى أن مسمى الفلسفة ينطبق في الغالب على هذه الشريحة الثانية من الفلاسفة .. مثل أصحاب الدراسات الأكاديمية البحتة في الفلسفة أو الغير مهتمين بالحلول أكثر من الإطلاع و النقد السلبي .. و أصبحت الفلسفات العملية تسمى في الغالب أفكارا و نظريات ، و من الواضح أن هذا صراع المصطلحات هذا قد أتى كنتاج لصراع فكري بين هاتين الشريحتين من الفلاسفة رغم إستفادتهما في كثير من الأحيان من نتاج بعضهما .. و قد إنتهى هذا الصراع الإصطلاحي في الغالب بتعفف الفلاسفة العمليين حتى عن مسمى الفلسفة ذاته لشبهة إرتباطه عند السامع بالفلاسفة المنظرين وحدهم .. و قد يكون في حنايا هذا المكتوب إفادة أكثر في توضيح هذا التصنيف .. و سنأخذ مثالين تاريخيين للفلسفة في أوروبا من جهة و العالم الإسلامي من جهة أخرى.


    في أوروبا


    من المشهود أن الثورة الصناعية في أوروبا قد غيرت نظم المجتمع الأوروبي و قلبته رأسا على عقب .. فقد صاحبت الثورة الصناعية طفرة ديناميكية هائلة .. و كانت في حالة تطور مستمر لا يخفت و لو لبعض الوقت .. و بالتأكيد فقد أثرت هذه الثورة على معايير الفلسفة الأوروبية .. و إضطرتها للتغيير و التطور إضطرارا كما فعلت بكافة نظم المجتمع الأوروبي في تلك الحقبة .. و يمكننا بعد إلقاء نظرة عامة لتواريخ ميلاد الفلاسفة البارزين في أوروبا و تواريخ وفاتهم لوجدنا الآتي : إيمانويل كانط (1724-1804) .. فردريك نيتشه ( 1844-1900) .. جيريمي بينثام (1748-1832) .. كارل ماركس (1818-1883) .. فريدريك إنجلز (1820-1895) .. رينيه ديكارت (1596-1650) .. ديفيد هيوم (1711-1776) .. جون لوك (1632-1704) .. آدم سميث (1723-1790)
    الغرض من ذكر هؤلاء و تواريخ ميلادهم هو النظر في علاقة فترات حياتهم بالثورة الصناعية (القرن الثامن عشر) .. كما أننا أيضا يجب أن نراعي مكان وجودهم في أوروبا إذ أن الثورة الصناعية لم تغزو كل أوروبا في آن واحد .. فقد كانت ألمانيا على سبيل المثال متأخرة في الثورة عن رصيفاتها إنجلترا و فرنسا .
    إذا نظرنا إلى أكثر هؤلاء الفلاسفة شاعرية - ديكارت - لوجدنا أنه أقدمهم .. و هو لم يعاصر الثورة الصناعية .. و نحن لا نحكم على ديكارت بالشاعرية إلا مقارنة بالمذكورين أعلاه .. فديكارت كان ذلك الفيلسوف صاحب المنهاج النقدي المتأني في جذور المفاهيم العامة عند البشر .. إذ أنه هو ذاك الفيلسوف الذي كان يختلي ينفسه أكثر وقته بشكل رسمي للتأمل في تلك الاسئلة مثل (ما أنا؟ من أكون؟ هل أنا موجود؟) و شبيهاتها .. في هدوء تام و إبتعاد عن أي نوع من انواع الشغب .. و كانت عنده رسائل متبادلة في الفلسفة مع النبلاء و سليلي العوائل المالكة مثل الاميرة إليزابيث من بوهيميا .. من الواضح أن الأجواء التي عاش فيها ديكارت كانت أبعد ما تكون عن الثورية التي تتطلب الفعل المادي المحسوس و المسؤول أو أن تشارك فيه على أقل تقدير .. لهذا كانت فلسفة ديكارت فلسفة تأملية نظرية و ليست عملية .. و هي من أبرز الأمثلة على فلسفة التنظير ... و نحن هنا لا ننتقد ديكارت أو نسفه نتاجه الفلسفي .. و لكنا نضع مثالا واضحا على معنى الفلسفة التنظيرية، و التي لا نبخسها قدرها أيضا و لكن لا نعطيها أكثر مما تستحق .. و قد نخمن أن مثل فلسفة ديكارت و محاور إهتمامها ا لكبرى كانت محل إستنكار من فلاسفة عصر النهضة الثوريين أمثال ماركس .. هذا مع العلم أن ديكارت اليوم يحظى بتقدير أكبر لعمله الفلسفي و يعتبر عند الكثيرين صاحب المبدأ النقدي التشكيكي .. رغم أن إعتبارنا الخاص أن صاحب المبدأ التشكيكي الأول هو سقراط نفسه .. و لكن ديكارت بلا شك قد خطا بهذا المنهاج خطوات واسعة تستحق الإشارة إليها.
    على النقيض تماما .. نجد ماركس الثائر .. و الذي شغل وقته في البداية بالفلسفة المثالية التي سيصبح فيما بعد ألد خصومها .. فقد تخصص ماركس أكاديميا في الحقوق .. و في الأخص التاريخ و الفلسفة .. و قد كان هيغليا يساريا (من فلسفة هيغل المثالية) .. و لكنه تبدل فلسفيا بشكل كبير أصبح معه ينتقد أستاذه هيغل نقدا قويا جدا .. ذلك أنه قد أصبح في موقف تضاد فكري سافر معه ( رغم تأثره به في نقاط فرعية كثيرة) .. و ذلك الموقف هو الذي بني ماركس عليه كل رؤيته في الإقتصاد السياسي و تطور التاريخ إلى تحقيق الشيوعية التي تنجزها دكتاتورية البروليتاريا .. نسمعه يقول في كتابه رأس المال:


    "يرى هيغل ان حركة الفكر, هذه الحركة التي يشخصها و يطلق عليها اسم الفكرة, هي الاله (الخالق, الصانع)... اما انا فاني ارى العكس : ان حركة الفكر ليست الا انعكاسا لحركة المادة منقولة الى دماغ الانسان و متحولة فيه"


    ماركس يرفض تماما إستعلاء قوة على قوة الطبيعة المادية .. و وجود شيء قبل وجودها .. حتى العقل المفكر .. و يعيد ذلك إلى أن الطبيعة أو المادة وجدت قبل وجود العقل حسب ما تدعمه نظرية التطور الدارونية .. إن موقف ماركس الفلسفي هذا قابل للجدل بصورة كبيرة .. و لكن ماركس لم يكن على إستعداد للوقوف عند تلك النقطة كثيرا لانه كان فيلسوفا عمليا و لا يملك الكثير من الوقت للتفرغ لكافة فروع الفلسفة .. فشرع في تصميم و إخراج نظريته العبقرية في تطور تاريخ الإقتصاد السياسي .. و نجد هنا أن ماركس في سعيه ذاك قد تبنى نظرية دارون للتطور تبنيا تاما .. و ذلك لأنها تعزز من موقفه المادي و تعزز من دراسته لتطور المجتمعات لأنها تتبنى نفس المنهاج التحليلي المادي و تصل إلى نتائج متشابهة معها رغم إختلاف مجال البحث.. يقول إنجلز في خطبته الشهيرة على قبر ماركس :


    "فمثلما اكتشف داروين قانون تطور الطبيعة العضوية اكتشف ماركس قانون تطور التاريخ البشري: الحقيقة البسيطة التي تخفيها هيمنة الايديولوجيا و هي ان الانسان يجب اولا ان ياكل و يشرب و يجد الماوى و الملبس قبل ان يصبح في استطاعته الاهتمام بالسياسة و العلم و الفن و الدين الخ..."


    في حين كان باقي الفلاسفة المنظرين في عصر الثورة يدورون حول حلقة مفرغة .. و الحركة المجتمعية لا تلقي لهم كثير بال .. و لا هم كانوا مهتمين إهتماما حقيقيا بها سوى ما تجريه إنعكاساتها على أسلوب التفكير العام .. فنيتشه مثلا كان يؤسس في مذهبه الفلسفي الخاص في ألمانيا و الذي كان سيكون مثارا أكبر للكثير من الجدل و الإتهامات لو كان أتى قبل عصر النهضة الذي تذبذبت فيه مفاهيم الأخلاق بشكل كبير.. و من حسن حظه أن ألمانيا كانت متأخرة في الثورة الصناعية عن إنجلترا و فرنسا بحيث أصبح عنده شيء من الوقت لكي يكون له صيت مع غياب صوت الآلة رغم وجود تأثيرها الفكري العام .. و قد كان ماركس غاضبا من مواطنيه الفلاسفة الألمان الذين فضلوا أن يعكفوا على فلسفاتهم النظرية في حين كانت أوروبا في تطور صناعي متسارع .. و الأدهى من ذلك أنهم أصبحوا يحورون الأدب الإشتراكي الثوري الذي يردهم من فرنسا ليجعلوه مشابها لفلسفاتهم النظرية .. لنسمع ماركس و إنجلز يتحدثان عن هذه القضية في البيان الشيوعي .. يقولان :


    "و بشراهة تخاطف الفلاسفة، و أدعياء الفلسفة، و الأدباتية الألمان، هذا الأدب. و لكنهم نسوا أنّ نزوح تلك الكتابات، من فرنسا إلى ألمانيا، لم يرافقه في الوقت نفسه نزوح أوضاع الحياة الفرنسية. فـفقد الأدب الفرنسي، في الأوضاع الألمانية، كل أهمية عملية مباشرة و اتخذ وجها أدبيا بحتا. و من ثم كان لا بد من أن يبدو كتأمل لا نفع فيه حول تحقيق الجوهر الإنساني. و هكذا، لم تكن مطالب الثورة الفرنسية الأولى، في نظر الفلاسفة الألمان في القرن الثامن عشر، سوى مطالب "العقل المعياري" بصورة عامة، و تجليات إرادة البرجوازية الثورية الفرنسية، لم تكن تعني في نظرهم، سوى قوانين الإرادة البحتة، الإرادة كما ينبغي أن تكون، الإرادة الإنسانية الحقة.
    و العمل الوحيد للأدباء الألمان كان ينحصر في التوفيق بين الأفكار الفرنسية الجديدة و وجدانهم الفلسفي القديم، أو بالأحرى في انتحال الأفكار الفرنسية انطلاقا من آرائهم الفلسفية؛ و هذا الانتحال تم بالطريقة نفسها التي يتعلم بها المرء عادة لغة أجنبية، أي بواسطة الترجمة.
    و معروف كيف استبدل الرهبان عناوين المخطوطات، المنطوية على الأعمال الكلاسيكية للعهد الوثني القديم، بعناوين حكايات سمجة لقدّيسين كاثوليك. أمّا الأدباء الألمان فقد تصرفوا حيال الأدب الفرنسي الدنيوي على عكس ذلك، لقد ذيَّلوا الأصل الفرنسي بهرائهم الفلسفي، فكتبوا، مثلا تحت النقد الفرنسي للعلاقات المالية: "تجريد الكائن البشري"، و تحت النقد الفرنسي للدولة البرجوازية: "إلغاء سيطرة الكلّي المجرَّد" إلخ..
    إن دسّ هذه العبارات الفلسفية الجوفاء، تحت التطويرات الفرنسية، عمَّدوه بأسماء، مثل "فلسفة الفعل"، و "الاشتراكية الحقّة"، و "علم الاشتراكية الألمانية"، و "التعليل الفلسفي للاشتراكية"، إلخ..
    و بهذه الطريقة خُصي الأدب الاشتراكي-الشيوعي الفرنسي خصيا واضحا."


    من هذه المقتطفات نرى بداية العداوة بين الفلاسفة العمليين و الفلاسفة المنظرين في أوروبا .. و الغصة النقدية التي يتحدث بها ماركس و إنجلز عن الفلاسفة المنظرين .. فأوروبا في عصر النهضة لم تعد تستحمل وجود هؤلاء المنظرين .. و نجد أن الفلاسفة العمليين قد وصل بهم الحد إلى صرف نظر الناس عن أنهم فلاسفة .. أو بمعنى أدق تنازلوا عن مسمى الفلسفة في سبيل تمييزهم عن أولئك النظريين .. كما نجد أنهم كانوا في نقدهم لبعضهم أقل حدة من نقدهم للمنظرين بسبب طبيعة فلسفتهم .. فماركس كان ينتقد المدرسة الإشتراكية الأوينية ( من روبرت أوين) في إنجلترا و غيرها من المدارس .. و لكنه لم يكن ينسى أن يشيد بإنجازاتها حين يفعل ذلك .. و لكنه لم يكن يرى في الجانب الآخر للفلسفة النظرية أي حسنة .. لهذا من الممكن أن نقول أن ماركس هو الذي بدأ مشروع القطيعة بين الفلاسفة العمليين و الفلاسفة المنظرين في أوروبا .. حتى أننا نخمن أن باقي الفلاسفة العمليين الذين كانوا يختلفون معه في فلسفته قد تأثروا في الغالب بقوة حجته ضد أولئك المنظرين و تبنوا وجهة نظره دون أن ينسبوها له .. و لم تكن هناك حاجة لنسبها له و لم يكن ماركس نفسه ليطالبهم بنسبها له .. إذ كان يكفيه جدا أن يعي الفلاسفة العمليين تلك النقطة عن المنظرين و يحذروها منهم.

    الشاهد أن الفلسفة الماركسية كانت هي إحدى القمم من الناحية العلمية عند ظهورها و تعرف الجمهور عليها .. و رغم آرائها التي كانت غريبة جدا حتى على أوروبا في ذلك الوقت إلا أن المنافسة الحقيقية التي وجدتها الماركسية في ذلك الوقت في المجال العملي كانت من قبل النظرية الكلاسيكية – أم الرأسمالية - و التي أسس لها جون لوك ( و ليس آدم سميث كما هو شائع ) و من ثم جاء آدم سميث بكتابه الشهير ( ثروة الأمم) الذي مثل قمة النظرية الكلاسيكية .. و رغم أن النظرية الكلاسيكية كانت منافسا قويا للماركسية ، إلا أنها كانت فقط منافسا إقتصاديا .. و لم تكن لديها إنعكاسات على الصيغة المجتمعية الكاملة كما هو موجود في الماركسية .. و الكلاسيكيون قد إنتبهوا لهذه النقطة و لكنهم لم يستطيعوا أن يعالجوها .. فكانت فلسفتهم قاصرة بإزاء الماركسية من الناحية العلمية .. و قد كانت لديهم محاولات ضعيفة و موسومة بالعته الفكري للخروج بنظرية مجتمعية تكمل نظريتهم الإقتصادية .. أشهرها نظرية آدم سميث (نظرية اليد الخفية) .. هذه النظرية تقول باختصار ( عندما يقوم أفراد المجتمع بسعيهم المستقل لتحصيل مصالحهم الشخصية .. سيجدون أنفسهم ساعين تلقائيا للمصلحة المجتمعية و كأنهم مقودين بواسطة يد خفية لتحقيق مافيه خير الجماعة) هذا التقرير الهلامي يعتبره الكلاسيكيون إلى اليوم الفرع المجتمعي في فلسفتهم .. و أعتقد أن النظرية تعبر عن فقرها الفكري بنفسها .. لهذا لم يكن الأستاذ محمود محمد طه مخطئا عندما قال أن الماركسية هي قمة نتاج الفكر الغربي .. أما غيرها فيجوز أن يسمى (محاولة لتصور واقع جديد) و ليست فكرا .. و المعنى الذي يقصده الأستاذ محمود في إعتقادي أن الفكر لا بد أن يكون متكاملا حتى يسمى فكرا .. و بهذا التصنيف فإن النظرية الكلاسيكية لا تعدو كونها نظرية إقتصادبة جشعة - عملية نعم .. و لكن جشعة - و لكنها لا تسمى فكرا لأنها لا تستوفي شروط الفكر.. و هذا ايضا يفسر إهتمام الأستاذ محمود بنقد الماركسية نقدا دقيقا بواسطة تفكيك اصولها و النظر إلى جذورها و إظهار موضع الداء فيها نظريا قبل أن يكون عمليا .. لأن نقد الماركسية يعني عند الأستاذ محمود نقد التجربة الغربية بشكل عام .. فإظهار حسناتها و نجاحاتها و إظهار سوءاتها و مواطن الخلل فيها و من ثم تقديم النظرة البديلة .. ليحدث التزاوج بين الإنتاج الفكري الغربي و الآخرالشرقي .. و يحصل العرس الفكري الذي طال إنتظاره.

    و من المفيد هنا ذكر أن الكلاسيكيين نفسهم قد إستفادوا كثيرا من نظريات ماركس الإقتصادية و باقي النظريات الإشتراكية (مثل الأوينية الإنجليزية التي سبقت الماركسية إلى الوجود) و إستخدموها لكي يحاربوا بها إقتصاد ماركس نفسه و الإقتصاد الإشتراكي بشكل عام.. و قد كان إقتصاد ماركس يدعي بتسلسل و عمق أنه يستطيع أن يتنبأ بالمستقبل في أطاره المجتمعي و الإقتصادي و السياسي .. في حين لم تحاول الكلاسيكية أن تدعي ذلك .. و إنما ركزت على تتبع قراءات ماركس و الإشتراكيين و إحداث الشروخ فيها بالسبيل العملي بطرق مختلفة .. و قد نجحوا في ذلك أكثر من مرة .. و من الطريف الذكر أن أصحاب النظرية الكلاسيكية التي تأسس عليها إقتصاد الولايات المتحدة الامريكية قد لفظوها بأنفسهم لبعض الوقت و تبنوا نظرية إشتراكية شهيرة هي نظرية الإقتصادي البريطاني جون كينس، و كانت هذه النظرية هي سلاح الولايات المتحدة للخروج من الكساد الإقتصادي العظيم الذي أصابها (1929-1941) .. و قد إستمرت في تطبيق تلك النظرية حتى الثمانينات - حيث قررت العودة للنظرية الكلاسيكية - ففي تلك الفترة تخلت أمريكا عن أساسيات النظرية الكلاسيكية و أصبحت تضع مصير إقتصادها في يد الحكومة الفيدرالية كي تخرجها من ذلك المأزق .. فهنا نرى حسنة - في نظري - من حسنات الكلاسيكيين ، و هي أنهم منفتحين على غيرهم (و لو بشيء من الوقاحة و عدم الإعتراف بالجميل) و يستفيدون من نتاج خصومهم الفكريين .. في حين كان ماركس و إنجلز عصاميان جدا في فكرهما الشيوعي .. و ذلك ينبع من قاعدة أصيلة عندهما و هي أن المجتمع الذي يبشران بمقدمه يلغي كل الصور المرافقة للمجتمعات التي سبقته .. في تنظيم الأسرة و المجتمع و حتى الأخلاق و الأديان .. فقد كانت ثورة لا هوادة فيها عند ماركس و إنجلز على كل ما هو معهود و متراتب عبر التاريخ .. إلا ما كان يصب في مصب فلسفتهما المادية البحتة مثل نظرية دارون في التطور.

    ربما أكون قد أسهبت بشكل غير لازم في هذه النقطة .. لا أدري .. و لكن كان هدفي هو أن أظهر أن وحده نتاج صراع الفلسفات العملية .. وحده الذي يؤثر بشكل محسوس على مجتمعاتنا .. في حين لا نجد تأثيرا مباشرا و واضحا لفلسفات ديكارت و نيتشه و غيرهم على واقع حياتنا حتى في الغرب .. إنما يكون الإحتفاء بهم اليوم في الغالب في الدوائر الأكاديمية المغلقة و بين هؤلاء الذين يحتكرون إسم الفلسفة عليهم بغير وجه حق.

    أعتقد أن الوقوف هنا قد يكون مستحسنا في هذه النقطة .. و نتقدم لإلقاء الضوء على الفلسفة في العالم الإسلامي.


    (عدل بواسطة Yaho_Zato on 05-07-2004, 02:21 AM)









                  

العنوان الكاتب Date
الفلسفة .. صيغة عملية أم هيام وراء الأخيلة Yaho_Zato05-04-04, 06:44 PM
  Re: الفلسفة .. صيغة عملية أم هيام وراء الأخيلة Yaho_Zato05-04-04, 06:49 PM
    Re: الفلسفة .. صيغة عملية أم هيام وراء الأخيلة Yaho_Zato05-04-04, 06:50 PM
  Re: الفلسفة .. "حب الحكمة" Yasir Elsharif05-06-04, 04:50 PM
    Re: الفلسفة .. "حب الحكمة" Abdel Aati05-06-04, 09:58 PM
      Re: الفلسفة .. "حب الحكمة" Yaho_Zato05-07-04, 02:42 AM
        Re: الفلسفة .. "حب الحكمة" yumna guta05-09-04, 03:49 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de