مصطفى سيد أحمد المقبول عمرالأمين سلفاب .. هذا المغنّي الأسمر طويل البال عريض القلب لحد أن يتحمل أحلام البسطاء وأسئلة المثقفين وهموم الشارع العادية والكونية مصطفى سيد أحمد مثّل وحده مدرسة غنائية وتيار جديد للأغنية السودانية على مستوى النص المغنّى تحديداً وعلى مستوى علاقة المغنّي بهموم مواطنه ... ذلك بالرغم من قصر عمر تجربته الفنيّة والتي لم يؤثر ذلك عليها فيما يخص نضجها فنّياً سواء معرفياً أو جمالياً معرفياً : طرح مصطفى سيد عبر تجربته خطاباً غنائيّاً مميّز بمحتوى فكري في همه جمالي في شكله ومغاير على مستوى الممارسة نفسها وأعني بالممارسة تلك الدرجات التي نلحظها في تتبعنا المنتبه لخطوات مصطفى وهو يمضي بتجربته ويوغل بها أكثر فيما يطمح له أثناء مواجهته للعقبات أو إستجابته للأفكار التي تطرأ أو ربما يحين أوانها ... تحديداً أجدني أقف ضد التفكير الذي يقسّم التجربة التي قدمّها لمراحل ومن ثم التورّط تاريخيّاً في تحديد التقسيم الزمني لتلك المراحل بعضنا يقسّمها ما قبل المعهد ( معهد الموسيقى والمسرح ) وبعده والبعض يقسمها كما قسمها الأستاذ عجب الفيا كما جاء في بوسته وغيرها من التقسيمات والتي تتناول التجربة وكأن هناك قطيعه معرفية أو جماليه ما تمت فجأة أو بناءاً على لحظة لم ينجح حتى الآن أحد في تحديدها والمتابع لتجربته رحمة الله عليه يلاحظ أنه ومن البداية كان مغايراً في تجربته وإن كانت البداية لا تحمل الملامح الحقيقيّة للتجربة التي تركها الآن ... ولكن ما تم فيها من إنجاز لا ينفصل من تلك البدايات في شيء .. قدّم مصطفى سيد أحمد أغنية عاطفية مشحونة بصدق عاطفي عميق رفض فيها الغدر وكل ما يمكن أن يهدم أو يهزم حياة الإنسان .. غدّار / الشجن الأليم ... وغنّى للحزن والألم الخاص والحنين ... والله أيام يا زمان / الرسالة / تاني تاني / شقاء الأيام / حسنك بديع/ غير ما تقول ... وغيرها من أغنيات نهايات السبعينات وأوّل الثمانينات .. هذا التناول لنصوص غنائية تنتمي لتيار الأغنية العاطفية الجديدة التي قدمها أبو عركي ومحمد الأمين ووردي والهادي الجبل وأحمد ربشة والموصلي وربما وجدناها في بعض أغنيات حمدالريح ومحمد ميرغني .. أقول هذا التناول جعله أقرب لهذا الإختيار .. لمحتك .. بكل الجمالي الرمزي فيها .. وبكل ما تحمله من مخيال وتجريب لغوي يستند على الغنائية في بناء النص .. كذلك المسافه والحزن النبيل .. مصطفى سيد أحمد يتميّز بذائقة شعرية عالية الحساسية درّبها وظل يدرّبها بالإطلاع والمتابعه وكان بدخوله معهد الموسيقى والمسرح أن إلتقى بشعراء مثقفين ينتمون للتجريب ومنفتحين على الكتابة بكل أشكالها وأدواتها ... يحيى فضل الله / قاسم أبوزيد / خالد عبدالله / خطاب حسن أحمد وخلال تعامله مع المسرح تلحيناً وأداءاً كتجربة فتحت أمامه آفاقاً ومخيالاً أوسع هذا إلى جانب وعيه السياسي وحساسية هذا الوعي ما فتحه على تناول نصوص مثل صابرين / تعالي نعلم الشفع / سمحه وسمرية / السحاب وقبل هذه النصوص أغنيات مثل عشم باكر / ياضلنا / عباد الشمس / يا سر مكتوم / واقف براك / سفر العمر / وهج الشعاع / حاجه فيك / مناقير الكنار وهذه الأخيرة ظل مبدعنا محتفظاً بها منتظراً أن يأتي زمنها لترى النور بالرغم من تقديمه لها بالعود في مطلع النصف الثاني من الثمانينات في برنامج صالة العرض كانت الفترة التي قضاها مصطفى سيد أحمد فترة خصبة تابع عبرها النص العامي في تنامي شكله وتعمّق مضمونه وهي نفس الفترة التي جرؤ فيها على التعامل موسيقياّ مع نص مثل مريم الأخرى بكل ما يحمل من محاميل دلالية للعلامة أو الرمز في النص وإستناده على الميثولوجيا وعلى التناص مع التاريخي والديني في اسطورة المجدلية والتي لا أعتقد لها وجوداً في الذاكرة الشعبية بكل تياراتها الثقافية إن متابعة التجربة في تناميها لا ينفصل من متابعة النص العامّي والذي أخذ في تقديم نفسه بشكل متجدد بسرعه تكاد تجعل الأنفاس تتلاحق فنجد اسماء مثل القدال وحميد وأزهري محمد علي وأزهري الحاج دفع الله ويحيى فضل الله وقاسم أبوزيد خطاب حسن أحمد وخالد عبدالله وغيرهم من جيل الثمانينات مطلعها ومنتصفها ... ومصطفى بوعيه الحصيف وذكاء الفنان داخله كان قادراً على افنتباه والإلتقاط بحساسيّة وشفافيّة ورهافة حس
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة