الصادق المهدى وفاطمة عبد المحود وحديث فى السياسة

Quote: ومن انصع صفحات التسامح التي يحق لنا نتيه بها تلك التي سجلها النقابي العمالي الرائد عبد اللطيف م. بشير الشهير باسم « كمراد» في مذكراته التي لم تنشر بعد. حدثت مفاجأة عند تكوين الاتحاد العام لنقابات عمال السودان في مطلع الخمسينات وانتخاب الشفيع احمد الشيخ سكرتيراً له . فقد وصلت برقيات تهنئة من اتحاد النقابات بالصين الشعبية ثم تلتها رسائل تفيد بأن وفداً رفيع المستوى من اثني عشر شخصاً سيزور السودان للتهنئة والتضامن والتنسيق . واقترح الوفد الزائر موعداً للوصول اذا وافق الاتحاد السوداني المضيف. اسقط في يد القادة النقابيين السودانيين : لم تكن لديهم موارد كافية للترحيب بالوفد في منازلهم او في الفنادق . تفتق ذهن عبد اللطيف كمراد عن اقتراح مدهش هو جمع تبرعات من بعض الاثرياء بداية بالسيد عبد الرحمن المهدي الذي كان يعرف والد كمراد بحكم الجذور المشتركة بدنقلا . ذهب كمراد والشفيع الى السيد عبد الرحمن المهدي (الذي كان يسمي كمراد «المنعول» مداعباً، اشارة الى ماركسيته آنذاك). شرح الشفيع الموقف للسيد عبد الرحمن فلما انتهى وتحدث عن التبرعات قال له السيد عبدالرحمن: هؤلاء ضيوف السودان كله وليسوا ضيوفكم وحدكم . ستكون كل نفقات اقامتهم واعاشتهم وترحيلهم علىّ وسأتكفل بأية نفقات اخرى يحتاجونها . لاضرورة لان تجمعوا تبرعات من اي شخص آخر. لم يكتف السيد عبد الرحمن بذلك بل اقام حفل استقبال للوفد الشيوعي بداره ودعا الصحفيين وخطب مرحباً بهم وقال لهم مازحاً انه كادح ومكافح. الهامش الملحق بهذه الحادثة هو ان السيد عبدالرحمن المهدي توفى عام 1959 عندما كان عبد الخالق محجوب مختفياً ومطارداً . فلما علم بالوفاة تسلل الى المقابر « وتلاشى» بعد الدفن