لا أدري الحكمة (لا الغرض) من جولة وزير المالية الأخيرة على زعماء الأحزاب. واعتبرتها حركة في شكل وردة كما نقول في الموضوع الذي لا ثمرة منه. ولكن ما أزعجني حقاً هو استجابة دوائر الأحزاب لها. فزعيما الأمة والشعبي "اختليا" بالوزير. لم يكن معهما أياً من مسؤولي الاقتصاد الحزبيين. وأكرما وفادته ووعداه بعرض رأيهما في رفع الدعم والبدائل لاحقاً. ولا أدري لما هذه المطاولة؟ ولماذا لم يوضحا لوزير ممحون رأي حزبيهما للتو والحين. والسلام. واستغربت لرفض فاروق أبو عيسى لقاء الوزير كأن لقاؤه رجس سياسي. أما لقاء الوزير مع الشيوعي فدخل في باب فقه الرجس نفسه في مناقشات في الأسافير. وأعفى الله الخطيب من الحرج بإعلان الرئيس البشير الرفع قبل اللقاء به. وجات منك يا بيت الله. ولا أدري حتاما هذه الصغائر! حتاما!
جاء الوزير يعرض مسألة خاسرة. فليسمع ما لا يرضيه ويذهب في حال سبيله. ولكنها سانحة للأحزاب أن تعرض بصورة دقيقة بدائلها المالية في سياق خبري وسيكولوجي سعى إليها إلا أن تكون خلوا من البديل كما أوحي زميلي رئيس التحرير وفضل الله محمد. وددت كغير مختص أن لو "عدلت" الأحزاب ببدائلها رأسنا في مسألتين. الأولى: هل صحيح أن دعم الدولة للمحروقات وغيرها يذهب إلى جيوب الأغنياء لا الفقراء. لقد راجت هذه المعلومة مؤخراً في دوائر الحكومة وتفاقمت ولم أجد بعد سنداً إحصائياً لها من الدولة ولا نقضاً لها من المعارضة. المسألة الثانية: هل حقاً تدعم الدولة ما تزعم دعمه من محروقات وقمح وغيره. وراج تكذيب الزعم في دوائر المعارضة ولم توالها حتى تصبح حجة لها بين الناس. ووجدت "الميدان" غير الورقية تقول إنه خلافاً لما تزعم الحكومة من دعم للمحروقات فهي تكسب 12 جنيهاً في كل جالون بنزين و7 جنيهات في كل جالون جازولين. علاوة على أن تكلفة كيلوات الكهرباء 10 قروش وتبيعه الدولة للبيوت ب 15 قرشاً. إذا صح هذا النقض لزعم الحكومة إثقال الدعم عليها فواجب المعارضين جعله بعض وعي الناس الذي عليه الرك في تكييف السياسات بفرض الإصلاح على نظام أو تغييره.
قلت إنني لا أدري الحكمة من جولة الوزير. فهو قد جاءنا قبل شهور ببرنامج ثلاثي لإسعاف الموقف المالي للدولة. واشتمل البرنامج، بجانب رفع المحروقات، على تقليل الإنفاق الحكومي، وتقليص هيكل الدولة، وتقشف الدستوريين، وتمكين وزارة المالية من الولاية على المال العام. ولو جاءني الوزير لسألته عن بيان إنجازه بالأرقام في جوانب برنامجه الإسعافي. وكنت أخذتها حارة وباردة مع أمين حسن عمر الهازئ بنا لتعليقنا أمل حل الأزمة بوقف تجنيب الأموال والتقشف (كجزء من ضبط الانفاق الحكومي). وقال ذلك محض مزايدات. وأنهم سيرفعون الدعم وإذا لم يعجب الشعب فسيعقدون الانتخابات في موعدها ليقل كلمته. وعش يا شعب!
لا أريد أن أغادر هذا المكان بغير كلمة لدكتور غندور للأمانة التي في ذمته بحكم زعامته لاتحاد العمال. قلت حقاً إن رفع الدعم ليس حلاً وأن الاقتصاد يحتاج لحل شامل. وبعد وعد سعادتك بصرف زيادة الحد الأدنى للأجور وصرف متأخرات مواهي الأقاليم (68 مليون جنيه) جئت ببدائل غامضة لا ترقي لحل شامل مثل مراقبة تفلت السوق، وتخفيض الضرائب على الدواء. هذا تربيت على الكف كما يقولون. وددت لو اجتمعت مع خبراء اقتصاد لتكوين خطة أفضل وأجرأ لصورة العمال للإصلاح الاقتصادي. فهم وأضرابهم صاروا سيد الواحدة البحملها. وعليك أن تقرر، بعد طول عهد حيث أنت، أن تكون معهم نهائياً أم مع سيد الكتيرة. وتذكر أن مؤسس المقعد الذي تحتله اختار بإرادة أن يكون مع سيد الواحدة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة