|
Re: وزارات ولاية القضارف تنـهب الـمال العام و... 358 مليون دينار جـملة الـمخالفات المالية!! (Re: بكري الصايغ)
|
حملة للتطبيع! ____________________
د. مرتضى الغالي
جريدة الوطن القطرية.
الاختلاسات هل هي جريمة في كل الأحوال أم أنها مرتبطة بحجمها ويمكن الاعتذار لها إذا كانت صغيرة الحجم بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي أو الموازنة العامة أو إذا كانت متباعدة الحدوث أو كان حجمها (أكبر من اللازم) أو ان الاختلاسات يمكن ان يعتذر لها بحاجة المختلس لها أو موقعه من (الوجاهة الاجتماعية)؟!
إذا توصلنا إلى إجابة عن هذا السؤال يمكن أن نفهم طبيعة التعامل مع المختلسين ونظرة الدولة والمجتمع للاختلاس‚‚ لأنني أخشى ما يخشاه الناس أن يحدث «تطبيع اجتماعي» مع الاختلاسات بما يخرجها من دائرة الأفعال المجرمة المحرمة المشبوهة والوضيعة وبما يجعلها في دائرة «المهارة الديوانية» و«الشطارة الممدوحة» و الفهلوة التي تدخل في دائرة الإعجاب والقدوة‚‚!
وأكثر فظاعة وأبعد في الموازين السالبة ان تتقبل الاسرة السودانية عائد الاختلاس من رب الأسرة‚ ثم تعمل على «توفيق أوضاعها» مع عائد هذه الاموال المختلسة التي تدخل عليها باعتبارها من الكسوب التي لا غبار عليها‚ بل ان تتجه الاسرة بعد ذلك إلى المباهاة بالمقتنيات الناتجة عن هذا المال الحرام الذي تم اختطافه من ريع الدولة‚ وريع الدولة هو مجموع أموال المواطنين التي يتوجب تخصيصها من أجل الغذاء والدواء والعلاج والتعليم و محاربة الملاريا والكلازار وبناء المساكن الآدمية ومد الطرق وتأمين الرعاية الاجتماعية للمشردين والفقراء والنازحين وحفر الآبار وإنارة المستشفيات وإقامة نقط الغيار والمحطات البيطرية وتأمين الوظائف وتوفير حقوق المعاشيين وصيانة مرتبات المعلمين‚‚ الخ! وتزداد الكارثة وتتعاظم المصيبة عندما «تزدهر» الاختلاسات في الدولة الفقيرة التي تتكاثف فيها أدوار الدولة في الحماية والرعاية وتقصر فيها أثواب المال عن تغطية «عورات الحاجة» ومع أن الاختلاسات جريمة كاملة حتى في الدول الغنية التي ينحصر فيها دور القطاع العام ورغم ان الاختلاسات في مثل هذه الدول المرتاحة يتم من «فوائض الفوائض» ولا تلحق آثاره المباشرة بدافع الضرائب إلا أن هذه الدولة الثرية تضع المختلسين للمال العام بين (يدي الله) وبين قبضة العدالة القوية التي لا تتخاذل عن العقاب وقد شهدنا حاكم الولاية الأميركية الكبرى ونجم المجتمع اللامع الذي تمت (تهزئته) على رؤوس الأشهاد لأنه استضاف زواج ابنته في قاعة عامة تابعة للدولة أما مناسبة هذا الحديث المكرر المعاد‚‚ فهو حديث لمسؤول كبير في جهاز مالي قال فيه ان الاختلاسات مفزعة ولكنها ليست كثيرة‚‚! أي انها لا تدعو للانزعاج‚‚ وجزاه الله خيرا‚ ولكن يود الناس فقط لو علموا بحجم آخر «اختلاس مصرفي» وآخر «سرقة عامة» حتى يسكن الفزع وتطمئن القلوب‚‚!
|
|
|
|
|
|