الـ BBC : مينــاوي يمهـــل الخرطـــوم ايامـآ لانهــاء ازمــة دارفـــور..ليقـرر ما سيقـوم بـه!

Quote: العدد رقم: 391 2006-12-09 فضل الاعتكاف على الذهاب إلى القصر الرئاسي..مناوي.. هل بإمكانه العودة إلى مربع الحرب مرة أخرى؟! المتفحص لتقاطيع وجه مني اركو مناوي، كبير مساعدي رئيس الجمهورية ورئيس حركة تحرير السودان الموقعة على اتفاق ابوجا، يوم الاثنين الماضي، وهو يتحدث للصحافيين عن (استيائه البالغ من الحكومة في التعامل مع الضالعين في احداث الفاشر) لا يحتاج الى كبير عناء ليدرك ان الرجل كان في قمة الغضب والاستياء. فمناوي ـ الذي عرف بزهده في التحدث لوسائل الإعلام ـ دعا الصحافيين الى منزله الصغير الكائن بشارع البلدية، وتحدث اليهم والدم يغلي في عروقه، مهددا بالعودة الى مربع الحرب خلال اسابيع في حال عدم (لجم انشطة مليشيا الجنجويد)، واتهم الحكومة في الوقت نفسه بالتواطؤ معها. وحينما خرج الصحافيون من المؤتمر الصحافي وفي معيتهم غنيمة من المادة الصحافية الدسمة كانوا أقرب الى اليقين ان مناوي كان يعي ما قاله!. تلكؤ! وعلاقة مناوي مع الحكومة او الطرف الرئيس فيها - المؤتمر الوطني – لم تكن عسلا على لبن، كما يقول المثل الشائع، بل شابها الكثير من التوتر والشد والجذب بين الطرفين منذ توقيع اتفاقية ابوجا في مايو الماضي. وأبلغ مثال على وضعية حركة تحرير السودان الآن، هو ما صرح به مناوي نفسه قبل اشهر قليلة عندما اكد: انه (في ورطة حقيقية ومأزق كبير!)، ومن ثم ناشد المجتمع الولي بالضغط على الحكومة من اجل تنفيذ الاتفاق. واقعيا وعلى الأرض لا يبدو ان بنود الاتفاقية قد نفذت بالفعل، فالمعارك ما تزال دائرة بين القوات الحكومية ومقاتلي رافضي ابوجا، وبوتيرة اكبر مما كانت عليه قبيل توقيع اتفاقية سلام ابوجا، كما ان عدد النازحين في المعسكرات في تزايد مستمر، في الوقت الذي توقع الجميع حدوث العكس. يقول يان ايغلاند، منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، ان عدد النازحين قد وصل الى (4 ملايين).. والأمر على هذا النحو يبدو منسجما مع ما ذهب اليه عبد الجبار دوسة، رئيس لجنة تنفيذ اتفاقية دارفور من جانب حركة تحرير السودان، حيث اكد في مؤتمر صحافي عقده بمقر الحركة بأم درمان بأن الحكومة نفذت 17 بندا من جملة 155 بندا تم الاتفاق عليها! وهو الشئ الذي دعاه هو الآخر الى تقديم استقالته من منصبه احتجاجا على ما وصفه من تلكؤ حكومة الوحدة الوطنية في انفاذ الاتفاق على ارض الواقع. خراب! وبالعودة الى حديث مناوي في المؤتمر الصحافي الذي عقده على خلفية احداث الفاشر والتي راح ضحيتها ما يقارب الـ20 شخصا ما بين قتيل وجريح، حيث اتهم مليشيات الجنجويد بالضلوع فيها، غير ان الحكومة قللت من هذه الأحداث واعتبرتها مجرد تفلتات مقدورعليها، مشيرة الى أن المواجهات حدثت بين حركة مناوى وحرس الحدود. وبغض الطرف عن تسمية هؤلاء الذين قاموا بالهجوم على مدينة الفاشر، فإنهم لم يفعلوا هذا للمرة الأولى، بل انهم هاجموا المدينة قبل نحو شهر من الآن وعاثوا فيها فسادا، وذهبوا الى منزل الوالي عثمان يوسف كبر وطالبوه بمرتباتهم التي لم يصرفوها لفترة طويلة، وعندما لم يجدوا الاستجابة لمطلبهم قاموا بقتل احد حراس الوالي الشخصيين، وظلوا بالمدينة حتى تم اخراجهم بالقوة بواسطة القوات المسلحة اثر صدور تعليمات وتوجيهات من شخصية قيادية متنفذة في الحكومة.. وطبقا لمصادر (السوداني) فإن المجموعة ذاتها قد اغارت على مدينة مليط الحدودية في الأسبوع الماضي، ونهبت المتاجر وسلبت المواشي وأخذت كل شئ معها بعد ان روعت امن المواطنين، ومن ثم اتجهت الى مدينة الفاشر!. صحيح ان الهدوء يلف مدينة الفاشر الآن بعد توقف اعمال العنف بها، ولكن الصحيح ايضا ان السكان المحليين ما يزلون قابعين داخل منازلهم والسوق مغلقة جزئيا خشية ان يعاود المهاجمون الكرة، لأنهم ذهبوا الى مكان لم يعرفه احد حتى الآن! وربما لهذا السبب اصدر الاتحاد الأفريقي بيانا من مقره بأديس ابابا يوم امس، وحذر من مغبة المساس بممتلكاته في المدينة، وأكد الفا عمر كوناري، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، ان جنوده الذين وضعوا في حالة الاستعداد القصوى سيردون بقوة في حال مهاجمتهم. ممكن وغير ممكن! وبما ان الترتيبات الأمنية هي العمود الفقري لأي اتفاق ينشأ بين طرفين متنازعين عسكريا، فإنها تتخذ معياراً لفشل او نجاح اي اتفاقية. وكان لغط يدور حول هشاشة الترتيبات الأمنية في اتفاقية ابوجا، لدرجة ان كثيرا من المراقبين قد قالوا , حينها، ان اتفاقية ابوجا فاشلة منذ اليوم الأول. والآن وبعد مرور اكثر من نصف عام على توقيعها، ها هو مناوي، رئيس سلطة دارفور الانتقالية، يهدد بالرجوع الى مربع الحرب، بالرغم من أنه حقق بعض النجاحات في زيارته المطولة التي قام بها مؤخرا الى ولايات دارفور. والسؤال الطبيعي هنا: هل مناوي جاد في تهديداته؟ وبعبارة اخرى: هل بإمكانه العودة مجددا الى سفوح الجبال ومناطق والغابات الصغيرة لمقاتلة القوات الحكومية؟ احد القيادات المتنفذة في حركة تحرير السودان اخبرني ان هذا الأمر ممكن وهو مطروح بقوة وسط القيادات خاصة العسكرية منها، وأضاف القيادي، الذي فضل حجب اسمه: (هنالك ترتيبات جارية الآن في المناطق التي نسيطر عليها من اجل استقبال مناوي، لأن العديد من القيادات الميدانية يطالب مناوي بالعودة)... غير ان العديد من المراقبين للشأن الدارفوري يرون صعوبة عودة مناوي وحركته الى للحرب ان لم يكن من الاستحالة بمكان. فالعميد متقاعد ابراهيم ابوطويلة , والذي عمل لفترات طويلة في دارفور، يعتقد ان مناوي فقد اهم عنصر من عناصر قوته السابقة وهي الروح المعنوية للجنود: (جنود مناوي فقدوا كثيرا من روحهم المعنوية التي كانوا يقاتلون بها، لأنهم تركوا القتال لفترة طويلة ثم انهم لم يستلموا رواتبهم لفترة تقارب العام). ويبدو هذا الكلام مطابقا لما ساقه مصطفى تيراب، الأمين العام لحركة تحرير السودان، عندما اعلن في المؤتمر الصحافي ذاته ان معظم جنودهم بدأوا بالتسلل الى المجموعات الأخرى المناهضة للاتفاقية بعد الملل الذي تسرب اليهم. سياسيا يعتقد استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم محمد عثمان ابوساق ان مناوي لن يستطيع الحصول على اكثر مما حصل عليه الآن، ويقول لـ(السوداني) في اتصال هاتفي (ان مناوي فقد ميزة كونه الحركة الأقوى في دارفورالآن، وإذا عاد مرة اخرى لرفقائه السابقين فإنه لن يكون القائد). وبما ان مناوي لا يمكن ان يترك القصر الجمهوري ويعود الى حسكنيتة – والحديث لأبو ساق- ليكون تحت سلطة عبد الواحد محمد نور او خليل ابراهيم، فإنه سيفكر مليون مرة قبل ان يقدم على هذه الخطوة!!. ومع ذلك , تبدو كل الاحتمالات مفتوحة مفتوحة في ظل عدم وجود مرجعية يمكن الاستناد عليها في الطريقة التي يفكر بها الساسة السودانيون. كتب: المحررالسياسي