|
هل لعب محمد احمد محجوب دورا ما في تدبير انقلاب مايو 1969 م
|
هل لعب محمد احمد محجوب دورا ما في تدبير انقلاب مايو 1969 م
؟ هل لعب محمد احمد محجوب دورا ما في تدبير انقلاب مايو 1969 م؟ هزا السؤال من نوع الأسئلة المسكوت عنها في تاريخ السياسة في بلادنا. الاستاذ المحجوب، المفكر و الأديب الكبير، احد أباء الفكر الليبرالي الزى تعتبر الديمقراطية القائمة على التنافس الحزبي لحمته و سداه، هل يمكن ان يتآمر مع مجموعة ضباط مغامرين، معظمهم صغار الرتب و السن (دون الثلاثين) و اقرب للجهل و الطيش، للانقلاب على حكم حزبي منتخب ديمقراطيا؟ خصوصا، انه هو المحجوب، الزى لم تخذله الديمقراطية أبدا: فتحت ظلها رفع علم الاستقلال مع الازهرى عام 1956م، و تحت ظلها كان ثاني وزير خارجية، و تحت ظلها تولى رئاسة الوزارة معظم سني الديمقراطية الثانية (1964-1969م) و تحت ظلها تحول من مجرد محامى إلى احد اللاعبين الكبار في المسرح السياسي في بلادنا طيلة سنوات الخمسين و الستين من القرن الماضي. و الحقيقة ان هزا السؤال أو بالأصح الاتهام أثير في فترات مختلفة و من جهات مختلفة، ليست كلها في خصومة مع(البوص). ان أول من أثار هزا الاتهام علنا هو الاستاذ بشير محمد سعيد (مؤسس الأيام) في سلسلة مقالات نشرت بالأيام في بعد انتفاضة ابريل 1985 مباشرة، تحت عنوان " لكي لا نؤخذ على حين غرة مرة أخرى". بشير، مثل المحجوب هو أيضا ليبرالي النزعة و لم يعرف عنه اى عداء تجاه المحجوب. و لان الفترة حينها كانت تكتظ بالأحداث الساخنة فلم تنل هزه الأطروحة حظها من النقاش، كما كان معظم الكتاب وصانعو الراى العام حينها يقفون مع حزب الأمة بما يشبه الإجماع فاثروا تجاهل ما قاله بشير خشية من إثارة غبار حول تاريخ الحزب لن يستفيد منه سوى الجبهة الإسلامية. كما ان الاستاذ محجوب برير في مقالات له حام حول الموضوع و لمح إلى دور مباشر للمحجوب أو تواطؤه بالصمت حيال تدبير انقلاب مايو. و المعلوم ان البرير من رجال الصف الثاني في الانقلاب. و هناك شواهد أخرى. فالمحجوب نأى بنفسه تماما عن العمل المعارض بعد الانقلاب حتى وفاته في 26 يونيو 1976 و مكتفيا بعقد مجالس الادب و الشعر مع أصدقائه من الأدباء العرب و قليل من السودانيين كان منهم الطيب صالح. كما ان المحجوب يكاد يكون السياسي الكبير الوحيد الزى لم يسيء الانقلابيون معاملته: الازهرى مات بالسجن، و الإمام الهادي قتل و تمت محاكمة الكثيرين بتهمة الفساد. كما انه كان على صلة قرابة مباشرة مع اثنين من قادة الانقلاب و صلة مصاهرة مع ثالث. كما نلاحظ ان حزب الأمة يتجاهل تماما اى ذكر للمحجوب طيلة الفترة الماضية علما بأنه ليس إنسان نكرة بل و يحفظ له تاريخنا السياسي بعض الإنجازات مثل مصالحته عبد الناصر و الملك فيصل عقب حرب 1967. الغريب ان المحجوب كان وقت الانقلاب في نحو أل 65 عاما من عمره و كان يتعافى من أثار جلطة دماغية ألمت به أواخر العام 1968. ان هزا الاتهام ازا صح (و أرجو ألا يصح) فسوف تكون له آثار وخيمة على حزب الأمة و على ذكرى المحجوب. فيكون بهذا ثاني مرة يسلم فيها هزا الحزب الحكم الديمقراطي للعسكر (بعد نوفمبر 195. كما قد تفتح الباب لاتهام الحزب بدور ما في انقلاب يونيو 1989م. أما المحجوب فقد يضعه هزا الاتهام في مرتبة واحدة مع عبد اللة خليل(!) مما قد يجرده من هالة القداسة و الاحترام التي لا يزال يتمتع بها في أوساط المثقفين السودانيين، خصوصا انه مثل صلاح احمد إبراهيم قد جنت أدواره و صراعاته السياسية و غطت على تراثه الادبى و الابداعى. ان الأمر كله، تقريبا، قد صار الآن تاريخا. و حزب اليوم تحت قيادة الإمام الصادق بعلمه و حنكته ليس أبدا هو كما كان في الستينات، فهو اليوم قد صار اقرب لنبض الجماهير. ان مشكلة هزا الحزب تتمثل في تسلق أفراد من الانتهازيين لأعلى مراتب القيادة فيه، و مناصب الحكم في أزمان الديمقراطية و عند أوان الأنظمة العسكرية لا يتوانون من وضع أنفسهم تحت خدمتها بحجة مضحكة هي غياب الموسسية و الديمقراطية (التي يبدو إنها لا تتوفر إلا عند الانقلابيين!!!).
|
|
|
|
|
|
|
|
|