|
المقال.. المشكلة.. (Re: مكي النور)
|
حديث المدينة
قائد.. لكن أين الشعب..!!
عثمان ميرغني [email protected]
*في خطابه بالمركز العام للمؤتمر الوطني بمناسبة ختام الاجتماع التداولي للهيئة البرلمانية لحزب المؤتمر الوطني.. قال الرئيس البشير إنه سيقود بنفسه المقاومة إذا دخلت قوات دولية الى دارفور.. وهي عبارة قاطعة حاسمة تعلن السقف الأعلى لموقف الحكومة ضد احلال قوات الامم المتحدة بديلاً لقوات الاتحاد الأفريقي.. ولاشك أن أي رئيس دولة مهمته الاولى ان يقود شعبه ضد كل ما يهدر كرامته وسيادته على وطنه.. لكن هل تأكد الرئيس جيداً من موقف شعبه ورائه قبل أن يتقدمه ويقوده؟؟ *سيكون صعباً على الرئيس اقناع الشعب بأى معركة ضد الأمم المتحدة لسبب بسيط.. هو ان الشعب يرى بأم عينيه الامم المتحدة تملأ شوارع الخرطوم.. والأزياء العسكرية لضباط قواتها وجنودها لم تعد تعقد حاجبي الدهشة لأى مواطن في السودان.. وأكبر من ذلك كله الإحساس الكاسح عند الكثيرين بأنهم في حاجة الى أجنبي يرفع عنهم ظلم الوطني.. *الأمر لم يعد في معسكرات النازحين في دارفور الذين يطالبون بقوات أممية ترفع عنهم رهق الخوف من القتل والاغتصاب.. بل حتى هنا في الخرطوم.. قبل أيام قليلة سارت مظاهرة من المفصولين الى مقر الأمم المتحدة ترفع شكواها بعد ان جفف اليأس العشم في حل وطني.. ولا يقتصر الأمر على مسيرات بل حتى قضايا فردية صغيرة صار أصحابها يذهبون بها رأساً الى السيد يان برونك.. يطلبون منه الانصاف..!! كيف سيقود الرئيس جيشاً من شعب صار ينتظر الخلاص عند الآخرين؟؟ *سيسير شعب السودان جيشاً عرمرماً وراء الرئيس لو رأى بأم عينيه الرئيس يقود حملة ضد الفساد ويفتك بأركانه.. أو لو رأى الرئيس مهموماً بظلامات المظلومين التي تراكمت بين يدي هيئة الحسبة وغالب الشاكين (احتسبوا) شكواهم لما طال بها الأمل بلا عشم.. لكن أن يكون الشعب مدعواً في الملمات ومنسياً في حقوقه.. أن تقتله الإحن والتجاهل والجبايات كل يوم.. ولا من ركن يلجأ إليه.. فذلك أحبط للهمة.. وربما يجد الرئيس نفسه في معركته ضد قوات الأمم المتحدة وحيداً.. حتى جحافل المنتفعين الذين يهتفون ويصفقون في المواكب الرسمية سيغشاهم موج التخاذل.. *صعب للغاية أن يوجه الرئيس نداء لشعب لا يُذكر الا في المواجع.. شعب غائب عن المشاركة يفتى باسمه وتعقد العقود وتقرر المصائر وكأنه طفل قاصر غير قادر على ان يصنع مستقبله.. *أخشى أن يكون المشهد تماماً مثلما كان السودان في أخريات القرن التاسع عشر.. الخليفة عبدالله التعايشي يواجه جيشاً غازياً غالب جنوده من السودانيين.. وعندما داست جحافل الغازي على عاصمتنا امدرمان.. وسارت البواخر الحربية الغازية لتكمل احتلال أرض الجزيرة كان السودانيون على ضفتي النهر يهتفون لها ويقدمون لها المؤونة والوقود.. اكتشف الحاكم حينها أنه يقود شعباً من الناقمين المنتظرين بلهفة ساعة الخلاص.. *سيدي الرئيس قبل أن تقود المقاومة ضد التدخل الأجنبي.. تقدم لتقودها ضد الفساد.. وإذلال الشعب.. قبل أن تتقدم لتقود.. هل أنت واثق أن خلفك شعب..؟؟
|
|
|
|
|
|
|
|
|