مدخل الى فكر محمد أركون

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-26-2024, 06:42 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-09-2006, 08:05 AM

Mohammed Elhaj
<aMohammed Elhaj
تاريخ التسجيل: 12-12-2004
مجموع المشاركات: 1670

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مدخل الى فكر محمد أركون (Re: Mohammed Elhaj)

    فالواقع ان عالم الاسلاميات (أي المستشرق) قد حصر كل همه بدراسة الفكر المركزي اللغوي أو المركزي النطقي (LOGOCENTRISTE) (كعلم اللاهوت, والفقه, والفلسفة). بمعنى آخر لقد حصر اهتمامه بدراسة النصوص النظرية القديمة وأهمل ما عداها. وحتى هذه الدراسة بقيت تجريدية تمارس داخل المنظور المثالي لتاريخ الافكار التقليدي.وأهملت الاسلاميات الكلاسيكية بالتالي ما يلي:
    تك المشكلة الضخمة والمعقدة لعلاقة المشروطية المتبادلة بين الاسلام بصفته ظاهرة دينية/ وبين كل المستويات الاخرى للوجود البشري (اي العامل الاجتماعي, والعامل الاقتصادي, والعامل النفسي, والحامل التاريخي, والعامل اللغوي, والعامل الجنسي, الخ...) فالاسلام مدروس بشكل عام من خلال منظور "تجريدى وكأنه يقف فوق الزمان وفوق المكان, فوق المجتمع وفوق التاريخ. فهو يؤثر عليهما دون أن يتأثر بهما. انه يخترق التاريخ والعصور دون أي تطور أو تغير. (وهذه هي نظرة اللاهوت الكلاسيكي كله ليس فقط في الأسلام, وانما في المسيحية واليهودية ايضا). فهي تعتقد انه لا علاقة للدين بالملابسات الاجتماعية والاقتصادية والمادية فهو يعلو عليها ولا يمكن ان يتأثر بها. انها نظرة مثالية - عذبة، ولكنها لا تصمد امام الامتحان. وهذا ما اثبتته العلوم الانسانية والاجتماعية الحديثة كعلم الاجتماع الديني وعلم تاريخ الاديان وعلم الاديان المقارن.
    الطابع الهامشي للاستشراق
    داخل
    ساحة العلم الغربي ذاته
    بما ان اسماء كبار المستشرقين لامعة ومشهورة عندنا في العالم العربي فاننا نتوهم انها تحظى بنفس الشهرة في بلدانها الاصلية. في الواقع ان الوضع عكس ذلك تماما كما يرى اركون فتأثير المستشرقين لا يكاد يتجاوز جدران اقسام الدراسات الشرقية في الجامعات الغربية، من أوروبية وامريكية. وبالتالي فليس لهم اي تأثير على مجريات العلم الغربي أو الفكر الغربي ذاته كما ان تأثيرهم على الرأي العام الغربي ضعيف جدا ان لم يكن معدوما.
    هل تمكن مقارنة تأثيرهم على الساحة الفرنسية (او الباريسية) بتأثير باحث مثل كلود ليفي ستروس مثلا؟ (مختص في دراسة أساطير المجتمعات "البدائية" في أمريكا اللاتينية "،. وهل تمكن مقارنة تأثيرهم بتأثير فيلسوف مثل ميشيل فوكو المختص بدراسة الفكر الأوروبي ؟ أو بتأثير فيرنان بروديل, أحد رواد علم التاريخ الحديث في فرنسا؟ حتى أسماء من نوع لويس ماسينيون أو غوستاف فون غرونباوم أو جاك بيرك لا تستطيع أن تصمد أمام هذه الاسماء المذكورة. ولكنها عندنا شائعة جدا ومشهورة.
    والسبب هو ان المستشرقين بقوا محكومين في معظم الأحيان بالمنهجية الكلاسيكية للغرب, أي بالوضعية التاريخوية والعرقية المركزية.
    ولم ينفتحوا إلا قليلا جدا على التجديد المنهجي الذي حصل مؤخرا، أي على منهجيات علوم الانسان والمجتمع التي أخذت تقلب الخارطة المعرفية للغرب بدءا من أوائل الستينات. ونحن نعلم أن هذا الانفتاح المنهجي مرتبط بموقف فكري ونفسي. بمعنى: هل يمكن اعتبار الشعوب الاخرى غير الأوروبية بانها تستحق ان تحظى بنفس المكانة الانسانية التي تحظى بها الشعوب الأوروبية؟ وهل يمكن القول بأن لغاتها وثقافاتها تستحق نفس الدراسة وتنطبق عليها نفس القوانين التي تنطبق على اللغات والثقافات الأوروبية؟ أم أن هناك تمييزا عنصريا حتى على مستوى المنهج والدراسة والمصطلح ؟ على ضوء الاجابة عن هذه الاسئلة يحسم موقف كل باحث بمعنى: هلينتمي الى الحداثة الفكرية ابستمولوجيا أم لا ينتمي ؟ هل ينتمي الى الاستشراق الكلاسيكي أم إلى الاستشراق الحديث ؟
    الاسلاميات التطبيقية
    إذن يريد محمد اركون احلال الإسلاميات التطبيقية محل الإسلاميات الكلاسيكية (أو الاستشراق) كما ذكرنا آنفا. لكن ماذا يقصد بهذا المصطلح ؟ إذا ما فهمنا ذلك ادركنا خطورة المشروع الكبير الذي يشقه اركون لدراسة الفكر الاسلامي منذ البداية وحتى اليوم. فمشروعه طموح الى ابعد الحدود، وان كان يتخفى غالبا خلف الصياغات التعبيرية المتواضعة والحذرة للباحث العلمي الاكاديمى وهو يقودك الى النتيجة التى يريدها دون ان تشعر بأنك اجتزت الحواجز والاسوار، او انتهكت المحرمات, او قفزت قفزات واسعة على المستوى المعرفى والسبب هو مقدرته التربوية "البيداغوجية" الفائقة التى تمكنه من تغليف اكثر الطروحات الفكرية ثورية بصياغات مخملية، ناعمة وهادئة.
    لكأن اركون يريد ان ينتقل بالوعى الاسلامى من مرحلة القرون الوسطى الى مرحلة الحداثة دون ان يشعره بالصدمة أو دون ان يصدمه حقا.
    ولكن هل هذا ممكن بشكل كلى؟ ألن يتمزق هذا الوعى فى لحظة ما من اللحظات كما حصل للوعى المسيحى فى اوروبا اثناء اصطدامه بالحداثة العلمية والفكرية الصاعدة بدءا من القرن الثامن عشر؟ بمعنى أخر:
    ألن يدفع الثمن لكي يتحرر من نفسه ويتخلص من قيوده واغلاله ؟
    وهل هناك من طريقة اخرى للتحرر؟ هذه اسئلة، مجرد اسئلة، نطرحها على هامش فكر اركون, وربما التقينا بهذه الاسئلة من حين لأخر على مدار هذا الحديث الطويل, كفانا هنا ان نسجل هذه الملاحظة وان نضيف اليها قائلين بأن اركون كالطبيب الجراح يريد ان يجرى العملية للمريض دون ان يشعره بالألم, او قل بأقل ما يمكن من الالم, ولهذا السبب يتخذ الكثير من الاحتياطات والتدابير لكيلا يصدم المريض او لكيلا يقتله تحت العملية الجراحية انه يعرف ان الوعى الاسلامى المعاصر مريض بل ومريض جدا، وهو يرد انقاذه لا يريد قتله.
    انه يريد انتشاله من الوهدة الانحطاطية المميتة التى سقط فيها. وفى اكثر الاحيان يتحدث عن عملية اسعاف وان ما يقوم به ليس إلا اسعافا لمريض فى حالة الخطر، وبعد ان يتحسن وضعه قليلا تجرى له العملية الجراحية التى لابد منها فقد تأخرت زمنا طويلا بمعنى انه لايقدم له الحقائق دفعة واحدة وانما على جرعات متتالية، لانه لو قدمها له دفعة واحدة لقتله فورا مهما يكن من امر فأن اداة هذه العملية الجراحية هى الاسلاميات التطبيقية، وقد ان الآوان لكى نوضح خصائص هذه المنهجية بكل ادواتها ومصطلحاتها الوظائفية، الشغالة، والفعالة، لنتخذ نصه بالذات منطلقا للتحديد كما هى العادة، يقول فى نصه الاول من كتاب "مقالات فى الفكرة الاسلامى".
    "كان روجيه باستيد قد نكثر كتابا بعنوان "الانثربولوجيا التطبيقية" ونحن على غراره نستخدم مصطلح "الاسلاميات التطبيقية" فنحن ننطلق فى دراستنا من الفكرة الاساسية التالية. ان الاسلام - ككل الاديان الكبرى - قد الهم قليلا او كثيرا مجمل "القيم " التى تشكل الاسمنت المسلح للبنية الكلية للمجتمعات التى انتشر فيها، كما وخلع المشروعية على هذه القيم.
    ولكن هذه المجتمعات الاسلامية اخذت تتعرض منذ القرن التاسع عشر لهزات ورضات "او لطفرات تطورية" تشبه تلك التى تعرضت لها المجتمعات الغربية المسيحية منذ القرن السادس عشر، وبالتالي فينتج عن مثل هذه الحالة بعض المهام العملية او التطبيقية التى لايمكن للباحثين العلميين اهمالها او التغاضى عنها، وهذه المهام هى التى تشكل برنامج الاسلاميات التطبيقية وقد استعرضناها على مدار اعمالنا كلها، وهى تنحصر اساسا فى المهمة التالية، اعادة قراءة نقدية للتراث الاسلامى الكلي ".
    فماذا يقصد اركون بالمصطلحين التاليين ""نقدى" و"كلي "؟ يقصد بالموقف النقدى اولا ا"تبنى كل وسائل التفحص والدراسة العلمية التى طبقها الغرب على ذاته ومايزال يطبقها من اجل تجاوز ازماته الخاصة، ولكن مع تبنيها ينبغى تعديلها بعض الشىء لكيلا تبدومقحمة بشكل تعسفى على التراث الاسلامى ولكى تتلاءم مع حالة الاسلام وتصبح قابلة للانطباق عليه, وهذا يفرض على الفكر الاسلامى الحالي - وبالتالي العربي - الالتزام بالضرورة التالية التمييز بين اكراهات النضال الايديولوجى - السياسى من جهة، وبين ضرورة تمثل وهضم المكتسبات العلمية للغرب من جهة اخرى، ولكن نلاحط فى الحالة الراهنة للاشياء وضمن موازين القوى السائدة ان تمييزا كهذا يبدو صعب المنال, هذا اذا لم يكن مستحيلا، فالضرورة الايديولوجية تتغلب هنا على الضرورة الابستمولوجية (أو المعرفية) لهذا السبب اقول. ربما كانت المراجعة النقدية المطلوبة للتراث الاسلامى سوف تظل – ولفترة طويلة - حكرا على بعض الباحثين والافراد المعزولين من مسلمين او غير مسلمين, اقصد بهؤلاء الافراد اولئك الباحثين الذين يقبلون بأن يعتنقوا بشكل كلى مبادىء المنهجية العلمية وفكرة البحث المتضامن عن المعنى واستخلاصها من خلال كل التجارب الثقافية للانسان, وليس من خلال تجربة واحدة فقط " بمعنى انه ينبغى ان نقارن بين تجربة الاسلام وتجربة الاديان الاخرى من مسيحية ويهودية وبوذية... الخ لكى نوسع عقولنا قليلا.
    هذا ما قاله محمد اركون عن مفهوم الاسلاميات التطبيقية فى نصه الاول فما الذى قاله عنه فى نصه الثانى الذى يتخذ عنوان "نحو اسلاميات تطبيقية" نلاحظ هنا، ومن خلال تعداد البنود التالية، ان اركون يرسم الخطوط العريضة لمشروعه الفكرى كله.
    وهو فيما يحدد اركان المنهجية الجديدة يكشف, بشكل مباشر او غير مباشر عن نواقص المنهجية الكلاسيكية يقول بما معناه.
    1 - ان الاسلاميات التطبيقية تتميز بطابعها العملي او التطبيقى، وليس النظرى او التجريدى فى دراسة موضوعها:
    اى الاسلام هذا يعني ان عالم الاسلاميات ينطلق هنا من المسائل الحارقة التى يطرحها المسلمون على انفسهم او التى يعانون منها فى حياتهم اليومية، بالطبع فإن فهم الحاضر يتطلب منا اولا فهم الماضى، اى فهم المضمون الموضوعى للنصوص الاسلامية الكبرى واولها القرآن, ولم تعد المنهجية الحيادية "اى الباردة الخارجية، الوصفية" التى يتبعها المستشرق الكلاسيكى بقادرة على الاحاطة بالوضع, ينبغى عليه الانخراط اكثر فى عملية المعرفة اذا ما اراد ان يقوم ببحثه العلمى بشكل كامل بمعنى ان الدراسة الوصفية لاتكفى وانما ينبغى رفدها بالدراسة التفكيكية - النقدية من اجل استخلاص الاحكام العامة.
    2 - ان العلوم الانسانية الحديثة قد قلبت جذريا شروط ممارسة الفكر العلمى فى الغرب ذاته, هذا فى حين ان الفكر الاسلامى - اى العربى، او التركى او الفارسى او الباكستانى وعموم الفكر المكتوب باللغات الاسلامية الاخرى - يعانى من - تأخر كبير يتجاوز القرون الثلاثة (مسافة التفاوت التاريخى بين الفكر الاسلامى والفكر الاوروبي تصل الى الثلاثمائة سنة فقد ابتدأ هذا الفكر بالكاد يحس بآثار الهزات والحضارات والاختلاجات الهائجة التى كانت قد ابتدأت فى الغرب بدءا من القرن السادس عشر واخذت تولد ما يمكن ان ندعوه بالفكر الحديث, اما الفكر الاسلامى (بكل نسخه العربية او الفارسية او التركية... الخ)، فلا يزال واقعا تحت هيمنة نظام الفكر القروسطى,"او الابستمي القروسطى بحسب تعبير ميشيل فوكو pisteme نقصد بالابستمى القروسطى ما يلي:.
    الخلط بين ما هو اسطوري - وما هو تاريخى وعدم القدرة على التمييز بينهما، ثم التصنيف الدوغمانى للقيم الاخلاقية والدينية، ثم التأكيد اللاهوتى على القول بأفضلية المؤمن – على غير المؤمن,والمسلم - على غير المسلم, ثم تقديس اللغة والقول بأنها وقف من الله وليست اصطلاحا بشريا، ثم ثبوت المعنى المؤصل من الله الى البشر عن طريق الرسول واحاديثه, ثم الأعتقاد المطلق بأن هذا المعنى مفسر وموضح ومحفوظ ومنقول بشكل كامل من قبل الفقهاء الى الاجيال التالية من المؤمنين دون اى نقص او حذف او ضياع على الطريق ثم الايمان بوجود عقل خالد، او ابدى وازلى لايتغير ولايتبدل والاعتقاد بأنه عقل فوق تاريخى او يتجاوز التاريخ لانه يستمد معينه من كلام الله.
    وبالتالي فأنهم يفترضون بأن هذا العقل يتمتع باساس انطولوجى يتجاوز كل تاريخية ويعلو عليها "اى يحميه من التغيير بتغير الازمان والعصور" هذه هى المسلمات الاساسية التى تسيطر على ذهنية الناس فى العصور الوسطى غنى عن القول بأن الخصائص الكبرى لهذا الابستمى القروسطى ما تزال موجودة وناشطة حتى فى الفكر المسيحى المعاصر فى الغرب ذاته فالكثير من المفكرين المسيحيين الغربيين, ما يزالون يرفضون - كما المسلمين - تاريخية العقل, وبالتالي فهم يعتقدون بأن نصوصهم معصومة ولا علاقة لها بالتاريخ.
    3 - على عكس الاسلاميات الكلاسيكية فان الاسلاميات التطبيقية تدرس الاسلام ضمن منظور انثربولوجى واسع فهى تعتبر ان الاسلام ليس إلا احدى تجليات الظاهرة الدينية التى تتجاوزه وتتجاوز كل دين خاص مأخوذا على حدة، فالظاهرة الدينية او "ظاهرة التقديس " ظاهرة أنثربولوجية بمعنى انه لايخلو منها اى مجتمع بشرى، بدائيا كان ام متحضرا عتيقا كان ام حديثا ان وجهة النظر هذه تعتبر حديثةجدا حتى بالنسبة للفكر الغربى المتقدم.
    وضمن هذا المنظور فان الاسلاميات التطبيقية تختلف جذريا عن الاسلاميات الكلاسيكية، فنحن نعلم ان هدف الاسلاميات الكلاسيكية "اى الاستشراق " هو: تقديم معلومات دقيقة ووصفية " اى خارجية وباردة" عن الاسلام الى الجمهور الغربى الذى لا يعرف عنه شيئا، وهى لا تنخرط فى دراسة نقدية مقارنة تضع الاسلام على قدم المساواة مع المسيحية واليهودية.
    اما هدف الاسلاميات التطبيقية,"اى منهجية اركون " فهو مختلف تماما فاركون يريد ان يدرس الاسلام من خلال منظورين متكاملين يراعيان النقطتين التاليتين.
    أ - يريد علم الاسلاميات التطبيقية الدخول فى مواجهة صراعية مع تراث طويل من التقليد التبجيلي والجدالي الذى ميز موقف الاسلام من الاديان الاخرى بمعنى انه يريد ان يتمايز عن الموقف الاسلامى الشائع من بقية الاديان ويريد ان يحل محل هذا الموقف الهجومى الموروث عن العصور الوسطى موقفا أخر هو الموقف المقارن. ويرى اركون ان هذا يتطلب منا الانخراط فى اكبر عملية تحرير داخلية للفكر الاسلامى وذلك انطلاقا من المبدأ الابستمولوجى الذى نص عليه جاستون باشلار عندما قال: لايمكن للفكر العلمى ان يتقدم فى مجال ما إلا بعد تدمير المعارف الخاطئة المسيطرة فى هذا المجال فنحن لاننا تربينا داخل مجال دين معين فاننا نعتقد ان كل ما تلقيناه صحيح, وان كل ما عداه خطأ وضلال وبالتالي فينبغى ان نبتدىء بالتحرر من انفسنا.
    ب - ان علم الاسلاميات التطبيقية يعتبر نفسه فعالية علمية متضامنة مع كل الفكر المعاصر ولذا فهو يدرس مثال الاسلام كما يدرس غيره مثال اليهودية او المسيحية او البوذية او الهندوسية.... الخ, اى ضمن منظور الاسهام فى اغناء الانثربولوجيا الدينية رأى دراسة الاديان من خلال المقارنة بينهما واكتشاف نقاط التشابه الكائنة بينها)، وهذا هو المنظور الواسع الذى يتجاوز حالة الاسلام الخاصة كما قلنا لكى يصل الى حالة التدين بصفته بعدا انثربولوجيا من ابعاد الانسان فى كل زمان ومكان, "اى دراسة الظاهرة الدينية او ظاهرة التقديس من خلال كل الاديان وليس من خلال دين واحد فقط فالتقديس ظاهرة انثربولوجية لايخلو منها اى مجتمع بشري " ضمن هذا المنظور قام محمد اركون باعادة قراءة للقرآن الكريم وبعض النصوص الاسلامية الكلاسيكية الكبرى لماذا؟ لانه يريد ان يثير داخل الفكر الاسلامى تساؤلات جديدة كانت قد اصبحت مألوفة بالنسبة للفكر المسيحى منذ زمن طويل "المقصود: الفكر المسيحى فى الغرب طبعا وليس فى الشرق " لان الفكر المسيحى فى الشرق لا يزال متأخرا من هذه الناحية مثله فى ذلك مثل الفكر الاسلامى سواء بسواء" انظر وضع المسيحيين العرب فهم يعيشون نفس الحساسية القروسطية للتدين وذلك على عكس المسيحيين الاوروبيين, مما يدل على ان الدين مرتبط بحالة المجتمع ودرجة تطوره او عدم تطوره.
    انه يريد للفكر الاسلامى ألا يظل متخلفا عن الفكر المسيحى الغربي وهكذا يضع اركون القرآن الكريم على محك النقد التاريخى والمقارن, ثم على محك التحليل الالسنى التفكيكى والتأمل الفلسفى الذى يركز دراسته على كيفية انتاج المعنى ولشروط انتشاره وتحولاته وانهداماته, فالمعنى ليس ابديا ولا ازليا وانما هو ينفك وينحل مثلما يتركب ويتشكل انه يتفكك بعد ان تكون الجماعة قد عاشت عليه فترة معينة من الزمن وعن طريق هذه الاضاءة الجديدة للقرآن الكريم يريد اركون ان يتوصل الى تجديد الفكر الدينى بالمعنى الاوسع للكلمة وليس فقط الفكر الدينى فى الاسلام, انه يريد تجديد فهمنا للظاهرة الدينية عن طريق تطبيق المنهجيات الحديثة على دراسة الاسلاهم مثلما طبقها المفكرون الاوروبيون على دراسة المسيحية واليهودية.
    خلاف ابستمولوجي اخر بين الاسلاميات
    التطبيقية والاسلاميات والكلاسيكية
    يتمثل هذا الخلاف فيما يلي:
    - ان الاسلاميات الكلاسيكية "او الاستشراق التقليدى" تدرس الاسلام بصفته نظاما من الافكار التجريدية المزودة بحياتها الخاصة وكأنها جواهر جامدة لاتتغير ولاتتبدل اى لاتتلوث بالتاريخ ولاتخضع للتاريخية، وهذا هو منظور تاريخ الافكار التقليدى كما قلنا فهو يعتقد ان الافكار توجد مستقلة عن الحيثيات الاجتماعية والمادية المحيطة، لكأنها تقف معلقة فى الفراغ فوق الواقع, وفوق الاشياء.
    - اما الاسلاميات التطبيقية فتدرس الاسلام كظاهرة دينية معقدة من خلال علاقتها بالعوامل التالية: النفسية والتاريخية، والاجتماعية والاقتصادية... الخ, ولذلك فهى تستخدم منهجيات العلوم التالية:
    1 - التحليل النفى
    2 - علم النفس الفريد والجماعى
    3 - علم التاريخ "اى دراسة تطور المجتمعات الاسلامية والمتغيرات التى طرأت عليها عبر التاريخ ".
    4 - علم الاجتماع "اى دراسة الاسلام بصفته نظاما للعمل التاريخى او للممارسة التاريخية" كما يقول عالم الاجتماع الفرنسى آلان تورين, وهذا يعنى دراسة تأثير الاسلام على المجتمعات التى انتشر فيها، ثم تأثير هذه المجتمعات على الاسلام ايضا، فعلى عكس ما يظن المؤمنون التقليديون فان الاسلام يتأثر ايضا بالمجتمع الذى ينغرس فيه ويتخذ صبغته ولونه "وبهذا المعنى يمكن التحدث عن اسلام اندونيسى واسلام باكستانى واسلام عربى وربما اسلام مغربى واسلام مشرقي... الخ."
    هكذا نجد ان الاسلام قد اصبح يدرس من خلالى الزوايا المتعددة لهذه العلوم الانسانية والاجتماعية، وليس فقط من خلال المنهجية الفللوجية كما كان يفعل الاستشراق الكلاسيكي ومايزال, وهذا المنحى الجديد فى الدراسة هو- الذى يدعو اليه اركون بكل قواه, انه يريد ان يخرج الاسلام من "خصوصية الازلية" التى سجنه فيها المستشرقون التقليديون لئلا تقام اى مقارنة بينه وبين المسيحية فهو فى رأيهم من جنس والاديان "الحضارية لا من جنس أخر، ومجرد المقارنة بينه وبين دين الغرب يعنى حطا من قيمة هذا الاخير هذه هى المسلمة الضمنية (نادرا ما تكون صريحة) والتي تتحكم بأعمال الكثير من المستشرقين المحافظين.
    هناك مستشرقون غير محافظين كمكسيم رودنسون مثلا منفتح كل الانفتاح على المقارنة.
    نستنتج من كل ما تقدم ان الاسلاميات التطبيقية اكثر طموحا من ناحية الانفتاح المعرفى او الابستمولوجى او المنهجى، من الاسلاميات الكلاسكية ونفهم ايضا ان نقد محمد اركون للاستشراق يختلف جذريا عن نقد الجمهرة الغالبة من المثقفين العرب والمسلمين صحيح انه يتفق معهم فى نقطة واحدة هى "ادانة العرقية المركزية الاوروبية" او ما راح. يدعوه مؤخرا بالعقل المهيمن ولكنه لم يموضع المشكلة على المستوى الابستمولوجي لا الايديولوجي كما يفعل المثقفون المذكرون, فالعرقية المركزية الاروربية مرتبطة بمرحلة كاملة من تاريخ الفكر الاوروبي هى مرحلة الحداثة الكلاسيكية.
    وقد بلغت هذه المرحلة اوجها فى القرن التاسع عشر، قرن الوضعية والتاريخوية والمنهجية الفقهلغوية.
    وقد كانت لهذه المنهجية مبرراتها فى ذلك الوقت, ولذا فلا معنى لان نثور عليها بعد فوات الاوان ونتهم جميع المفكرين الاوروبيين بالنزعة العرقية المركزية، او حتى العنصرية "بمن فيهم ماركس نفسه ".
    فالواقع ان كل ثقافة تنتصر تميل للتمحور على ذاتها واعتبار نفسها مركز الكون, ولذا فينبغى ان نموضعها ضمن حيثياتها وظروفها، ونعرف انجازاتها وسلبياتها قبل ان ندينها بعدئذ يمكننا ان ندرس كيف تم تجاوزها على يد المنهجيات الحديثة لعلوم الانسان والمجتمع, أى انسان وأى مجتمع فهذه المنهجيات اوسع من المنهجية الكلاسيكية السابقة لانها منفتحة على كل الثقافات والمجتمعات البشرية دون استثناء، وينبغى ان نعلم ان اركون قد تتلمذ فى بداية حياته العلمية على المنهجية الكلاسيكية للاستشراق "اى المنهجية الفللوجية او الفقهلغوية" ولم يثر عليها لاحقا إلا بعد ان هضمها واستوعبها وعرف ايجابياتها وصرامتها العلمية، فهى ليست كلها سلبية كما يعتقد البعض وانما تشكل المرحلة الاولى والاساسية من الدراسة العلمية. لهذا السبب سوف نتوقف قليلا - او كثيرا – عند المنهجية الفللوجية التاريخية - كما سادت فى القرن التاسع عشر، وذلك قبل ان ننتقل الى دراسة المنهجية الحديثة التى يتبناها محمد اركون, وهكذا نستطيع ان نقيس حجم القطيعة "او حجم الهوة" التى تفصل بين كلتا المنهجيتين على المستوى الابستمولوجى، ومن خلال ذلك سوف نستعرض بعض المصطلحات الاساسية للفكر الحديث وكيف يمكن تعريبها.
    المراجع الاساسية للبحث:
    1 - محمد اركون "نحو نقد العقل الاسلامى" منشورات ميزون نيف اى لاروز باريس, 1984 فصل بعنوان "نحو اسلاميات تطبيقية" ص 43, 63.
    2- محمد اركون: مقالات فى الفكر الاسلامى، منشورات ميزون نيف اى لاروز، الطبعة الثالثة، باريس, 1984.
    3- محمد اركون: بحث بعنوان "خطابات اسلامية، خطابات استشراقية وفكر علمي ".
                  

العنوان الكاتب Date
مدخل الى فكر محمد أركون Mohammed Elhaj04-08-06, 03:31 PM
  Re: مدخل الى فكر محمد أركون Mohammed Elhaj04-08-06, 04:16 PM
  Re: مدخل الى فكر محمد أركون Mohammed Elhaj04-09-06, 08:05 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de