|
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... (Re: عبد المجيد محمود)
|
واتذكـرك يايمه في وكــت الهجير صالياك نار الدوكي عستيلنا الفطير رشـيتي قلتي أكلوهـو خيـر يصرح لنا ههنا بما يحسه وهو بعيد عن بلاده وأمه حينما تذكرها وهي تقوم ساعة الهجير ومع توقد نار الدوكي تزداد الحرارة لهيباً فتصلي أعضاها فيا له من شقاء ولكن !!! رغم ذلك يعتبرونها سعادة ما بعدها سعادة فتأتي وبيدها تلك الصنعة التي صنعتها وهي الفطير . وتحملها المشقة وبحنان تقول أكلوهو خير، فياله من مشهد يصور أسمي آيات الحب الأمومي وركوب الصعاب من أجل الأبناء ويكفيها منهم ضحكاتهم وهم يتناولون الطعام سعداء. فالترجع إلي وكت الهجير حين الشمس ساطعة محرقة وإن إرسال الشمس لأشعتها المحرقة لا يقل روعة عن طلوعها رغم حرقتها لأنها تساعد في نضوج بعض المحاصيل بل هو أعظم وأكبر عظمة ومثل هذه المناظر لا تري في بلاد أوروبا وغيرها لإزدحام الأرض بالأبنية الشاهقة ولتلبد السماء بالضباب .
واتذ كر ك يا يمه يا بسـمة الطـفل الغرير وكت الخلوق ترقد تنوم وأسهر براي أرعي النجوم والشـوق يرف جنحـيهـو بي فوق لي يحوم وأهتف باسمك في الخيال طيفك كمان بي فوقي جال وأتمني لو لحظات يدوم لكني فجأة ألقاهو زال
يبدو هذا الشاعر في هذه الأبيات التي مرت آنفاً بأنه معجب بذكري أمه إعجاباً فريداً وهذا الإعجاب ليس منحصراً في حيز ضيق بل في نواحي متعددة فنراه مرة معجب بأمه حينما تحمل حليلة اللبن وهي مسرورة منشرحة وكذلك ساعة الهجير وهي مصطلية بنار الدوكي وهكذا … إذن نري أن هذا الشاعر إعجابه ليس محصوراً بل نجده واسع ممتد يذكرها وكأنها في بسمتها بسمة طفل غرير صغير غض الإيهاب
وكذلك وكت الخلوق ترقد وما أروع وأبدع كلمة الخلوق وما أبدعها من صيغة جمالية فريدة حين الخلوق تتوجه إلي مرقدها تنوي النوم هانئة سعيدة ، لكن أنا هنا في الغربة وحيداً أرعي النجوم وهذا مشهد تفتحت فيه عيون الشاعر ساهرة فكانت هي غذاءه الوحيد وسلواه في غربته .
في هذه اللحظات جاءته لحظات الشوق الكامن في دواخله فرفرف الشوق من فوقه وكأنه طائر طار فوق بجناحيه وحام حوله وهنا ما استطاع الشاعر أن يتحمل ذلك فهتف باسم أمه فهنا أشتد به الشوق فشلَ تفكيره وأصبح يهتف ويناجي ويسلي نفسه بالخيال وبذلك الطيف الذي أتاه . وتمني الشاعر لو لحظات يدوم والعادة أن يكون التمني أو المترتب عليه مما يحدث في المستقبل أنه في الإمكان طبعاً تأويل ما قاله الشاعر لكن الأحسن والأجدر أن نسير مع ما جاء به الشاعر من التمني واستعمال هذه العبارة و(أتمنى) يبدو أن الشاعر استعملها وهو يفكر في . استعمال ( لو) لأن (لو) تفيد التمني أحياناً . فتمني الشاعر لو استمر هذا ولو استخدم ( لو) لأصبحت تأكيد لما جاء بعد مع لو أتمني لو لحظات يدوم ذلك الطيف الذي أتاه ليلاً وهو في أشد لحظات الذكريات التي عاشها بوجدانه . وعرج بنا الشاعر إلي :-
واتذكر يايمه ساعة الناس يجونا من البلد ناعـم ترابه عـلي جـسـيماتن رقد ريحة التمر فوق الهدوم ولون الخضار خـانس لبد والشـوق أوار و بيشتعل كان ظني فيهو يكون خمد واتذكر يا يمة والناس قالوا راجعين البلد رصوا الهديمات عدلوا ركبوا اللواري وقبلوا
استمر الشاعر في تصوير وجدانه ومشاعره (يا يمه) وهي مناداة وما أحلاها ، وصور أمه بالبحر الذاخر الذي ملئ بالمودة والمحنة عندما يفيض ويسيل وأقول أن الشاعر أفلح في تصوير الأم بالبحر الذاخر الممتلئ ، فالنقف قليلاً أمام هذا البحر لنرشف وننهل قليلاً علنا نرتوي أو نشفي قليلاً من شوقنا وكذلك أبدعها لنا في صورة ما أروعها حينما وصفها بالشعلة التي يقتبس الناس من نورها وضيائها مثل ما قال سيدنا موسى لقومه حين رأي عاراً قال لأهله : ( امكثوا أنى آنست ناراً لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد علي المنار هدى ) . فهي الشعلة التي تهتدي بها في ظلمات البر و البحر وهي شعلة الأمل الذي ينير لنا الطريق .
بذكرك كذلك يا والدتي الحنونة يا فيض المودة عندما يعود الناس من البلد فإنهم يهيجون عواطفي الكامنة وأتفجر أسي وحسرة وندامة وأعيش كذلك في ذكريات البلد فهنا عندما يري أهله قادمين تندفع أشجانه ويتفجر شوقه وذلك حال يدل علي حب البلد وأهلها . فحين يراهم وعلي ثيابهم ذلك التراب الناعم من أثر السفر تهيج دواخله بالشوق المتدفق كالبركان الثائر وهذه من شدة الشوق والحنين . وحينما أراهم بهذه الصورة أتخيلهم حاملين التمر الذي أشمه فوق الهديمات فيزيد الشوق والحنين أكثر إلي البلد . من الملاحظ أن الشاعر هنا استخدم صيغة التصغير مرات كثيرة علي وجه الدقة خمس مرات وهذا العدد إن لم يكن كثير لكنه ملفت . ولابد للقارئ أو المستمع أن يقف عنده ليتأمل لِم قال الشاعر وكتين ، زينوبة ، الحليلي ، هديماتن ، وما إلي ذلك ، فإن جو القصيدة أو الأغنية العام لهو جو إعجاب منقطع النظير بالأم والبلد والذكريات الخوالي فالتصغير يدل أحياناً علي التدليل والإعجاب فالشاعر يري هنا في الصفة التصغيرية شيئاً حبيباً يجب المحافظة عليه والعناية به ويحافظ عليه كما يحافظ علي الصغير فالشاعر هنا يحافظ علي ذكريات البلد والأم حتى لا يعيش بجميع وجدانياته بعيداً عنها ، والتصغير حبيب إلي القلب والنفس عند أهل الشمال .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-08-06, 02:18 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-08-06, 02:50 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-08-06, 02:59 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-08-06, 03:17 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-09-06, 01:42 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-10-06, 06:09 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-10-06, 06:21 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-12-06, 01:54 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-12-06, 03:32 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | أحمد الشايقي | 04-08-06, 02:54 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-10-06, 06:34 AM |
|
|
|