|
رئيس تحرير صحيفة يولاندس- بوستن الدنماركية و الاعتذار الأصفر
|
" بقلم : هاشم بانقا الريح
الرسالة التي وجّهها رئيس تحرير صحيفة يولاندس- بوستن Jyllands-Posten الدنماركية إلى المسلمين و نُشرت على موقع الصحيفة على شبكة الإنترنت ، مثيرة للسخرية و توضح الاستخفاف بعقول المسلمين و الجهل بواقعهم . و أُذكّر هنا أن الصحيفة المذكورة هي التي نشرت رسوماً كاريكاتيرية تسيء للنبي محمد صلى الله عليه و سلم . تعالوا معي نقرأ بعض ما ورد في تلك الرسالة المنشورة باللغة الإنجليزية . بدأ كارستن جوست Carsten Juste رئيس تحرير الصحيفة بالثناء على صحيفته و كيف أنها نصيرة للديمقراطية و حرية الأديان و تحترم حق أي شخص في ممارسة دينه . الديمقراطية و حقوق الإنسان و حريته هي الشعارات و البضاعة المزجاة التي ظلّت تروّجها أوروبا و أمريكا زمناً و تكيل الاتهامات لكل من يجرؤ على النيل من هذه الشعارات. و هي شعارات و بضاعة قد أثبتت خواءها و فشلها و تخبطها أكثر من مرة و ما يحدث في العراق خير مثال على ذلك . فهو البلد الذي أتت أمريكا و الغرب لينتشلوه من ظلمات الاستبداد إلى نور الديمقراطية و حقوق الإنسان، ليكون مثالاً يُحتذى في الديمقراطية و الاستقرار !! فتأمّل . و عودة إلى رسالة رئيس تحرير الصحيفة الدنماركية فقد قال أن الرسوم التي نشرتها صحيفته تأتي في إطار حوار عام و مستمر حول حرية التعبير - على حد قوله - و لم يكن هدفها الإساءة و هي لا تتعارض مع القانون الدنماركي . و أضاف: إن ما أثارته هذه الرسومات ربما يرجع إلى سوء الفهم الثقافي الذي فسّر هذه الرسومات كأنها حملة ضد المسلمين في الدنمارك و بقية أنحاء العالم. و لا أدري أي سوء فهم هذا و كيف يريد السيد رئيس التحرير من المسلمين أن يفهموا هذه الرسومات التي تسيء إلى و تسخر من نبيهم الذي لا يكتمل إيمان أحدهم حتى يكون أحب إليه من نفسه و ولده و الناس أجمعين . و لا أظن بل و أكاد أجزم أن رئيس تحرير هذه الصحيفة بل و جميع غير المسلمين يمكن أن يستوعبوا هذا . و بعد أن رفض رئيس التحرير هذه التفسيرات المبنية على سوء الفهم الثقافي - كما قال - تابع قوله : "و لأننا حقيقة نؤيد و بكل قوة حرية الأديان و لأننا نحترم حق كل إنسان في ممارسة ديانته ، فلذا فإن إيذاء و إثارة غضب أو استياء الناس بسبب معتقداتهم الدينية مسألة خارجة عن إطار تفكيرنا ." دعونا نسأل سؤالاً واحداً: إذا كان رئيس تحرير هذه الصحيفة يعني ما يقوله و لا يسخر من عقول المسلمين أو يجهل واقعهم ، فكيف يكون احترام معتقدات الناس و عدم إثارتهم هو سياسة هذه الصحيفة و نهجها و في نفس الوقت تنشر رسوماً تسيء إلى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه و سلم الذي يؤمن برسالته ما يربو على البليون شخص في كافة أنحاء المعمورة ؟ فإذا كانت الدول تقوم و تقعد إذا ما أُسيء إلى زعيم من زعمائها أو علم من أعلامها ، فكيف لا يثور المسلمون و يعبرّوا عن استيائهم عندما تكون الإساءة و السخرية قد طالت رسولهم المبعوث رحمة للعالمين . عندما شكك الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد - مؤخراً - في صحة ما بات من المسلّمات، بالنسبة لليهود و الغرب ، وأعني المذابح التي تعرض لها اليهود على أيدي النازيين و المعروفة بالهولوكوست ، تعرض للكثير من الهجوم و الاتهام الحاد بمعاداة السامية بل و طالبته الكثير من الدول الأوربية و الولايات المتحدة بضرورة الاعتذار عن هذه التصريحات . أين كانت حرية التعبير التي تدّعي أوروبا أنها تروّج لها و تحميها و تصونها ؟ و هناك مئات الحالات التي دُنّست فيها حرية التعبير و حقوق الإنسان من قبل الغرب و لم يكن لوسائل الإعلام التي أطلت برأسها الآن أي دور في التباكي عليها و الذود عنها . و إذا لم تكن وسائل الإعلام الأوربية و صحافتها - على وجه التحديد - تهدف إلى الإثارة و إغاظة المسلمين ، فبماذا نفسّر قيام صحف أوروبية بإعادة نشر الرسوم الكاريكاتيرية التي سبق و أن نشرتها صحيفة يولاندس - بوستن الدنماركية في سبتمبر من العام الماضي؟ و من هذه الصحف التي نشرت هذه الرسوم تأييداً و دعماً للصحيفة الدنماركية المذكورة و إمعاناً في تأجيج مشاعر المسلمين، صحيفة Soir الفرنسية و صحيفة Die Welt الألمانية و صحيفة La Stampa الإيطالية و صحيفة El Periodico الأسبانية . بقي أن أُشير إلى أن كلمة "اعتذار" و مشتقاتها قد وردت مرة واحدة في رسالة رئيس تحرير الصحيفة الدنماركية . و كانت الكلمة تبدو بين السطور باهتة و حُشرت في سياق التبريرات التي ذكرها لنشر الرسومات مما يحمل إلى القول أن الاعتذار لم يكن مقصوداً لذاته في الرسالة المذكورة . إذ كيف يكون اعتذاراً مقبولاً و صادقاً و رئيس التحرير قد ذهب للقول في نفس الفقرة التي ذكر فيها كلمة اعتذاره للمسلمين ، أن الرسومات التي نشرتها صحيفته تتسم بالاعتدال و بعيدة عن الإسراف مع التأكيد على أنها لا تخالف القانون الدنماركي ، و كأنه - أي رئيس التحرير - يريدنا أن نتحاكم إلى القانون الدنماركي في كل شئوننا حتى ما يتعلق منها بعلاقتنا بالله سبحانه و تعالى !!
|
|
|
|
|
|
|
|
|