أستميحك عذراً يا سيدي يا رسول الله، عندما أمسك بالقلم لأكتب عنك في أول يوم من أيام السنة الهجرية الجديدة، وهي عام 1427 من الهجرة، أمسك بالقلم وقلبي يعتصر ألماً عندما أسمع ما أسمع، وعيني تدمع دماً، عندما أرى من يسيء الى مقامك السامي الذي تجاوز سدرة المنتهى، فكان قوب قوسين أو أدنى.
فأي قلم يستطيع أن يحصر صفاتك العلية، وأي لسان يقدر على أن يثني عليك بما أنت أهله، وأي خيال يستوعب جمالك وكمالك في الخَلْق والخُلق؟
فأنت الذي زكّى الله لسانك فقال: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وزكّى الله فؤادك فقال: ما كذب الفؤاد ما رأى، وزكّى الله بصرك فقال: ما زاغ البصر وما طغى، وزكّاك كلك فقال: وإنك لعلى خُلق عظيم.
نعم... وأنت الذي قال فيك شاعر الإسلام حسان بن ثابت:
وأحسنَ منك لم تر قط عيني
وأجملَ منك لم تلد النساء
خُلقتَ مبرأ من كل عيب
كأنك قد خُلقت كما تشاء
وقد قال الإمام البوصيري عنك في همزيته:
كيف ترقى رقيك الأنبياء
يا سماء ما طاولتها سماءُ؟
لم يساووك في علاك وقد حال
سناً منك دونهم وسناءُ
إنما مثّلوا صفاتك للناس
كما مثّل النجوم الماء
تتباهى بك العصور وتسمو
بك علياءُ بعدها علياء
وقد قال عنك أمير الشعراء أحمد شوقي:
يا خير من جاء الوجود تحية
من مرسلين الى الهدى بك جاءوا
أثنى المسيح عليك خلف سمائه
وتهللت واهتزت العذراء
يا من له الأخلاق ما تهوى العلا
منها وما يتعشّق الكُبراء
لو لم تقم ديناً لقامت وحدها
ديناً تضيء بنوره الآناء
زانتك في الخلق العظيم شمائل
يُغرى بهن ويولع الكرماء
فإذا رحمتَ فأنت أم أو أب
هذان في الدنيا هما الرحماء
وإذا أخذت العهد أو أعطيته
فجميع عهدك ذمة ووفاء
أقول هل مثل هذا الإنسان، يتصور أن يكون في يوم من الأيام عرضة للنيل من ذاته أو من صفاته أو من مقامه، من قبل من هم لا يساوون قُلامة ظفره؟
مع العلم بأن المساس منه مساس من الذات الإلهية، فالله سبحانه وتعالى قال في شأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: “ألم نشرح لك صدرك، ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك، ورفعنا لك ذكرك”.
قال المفسرون إن المقصود من قوله تعالى: “ورفعنا لك ذكرك” أن الله تعالى لا يُذكر في مكان، إلا ويذكر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم معه.
انظر الى الأذان حيث يقول المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم يقول أشهد أن محمداً رسول الله، وانظر الى الشهادة عموماً حيث يذكر الله تعالى، ويذكر محمد صلى الله عليه وسلم معه، ولذلك يقال: الشهادتان بلفظ المثنى، وليست الشهادة بلفظ المفرد.
ثم إن الله تعالى أمرنا بأن نصلي ونسلم عليه في صلاتنا، ولا تصح الصلاة إلا به، في حين اننا لم نؤمر بأن نصلي على أي نبي غيره.
والمرء منا لا يطلق عليه بأنه مسلم ما لم يشهد بأن محمداً رسول الله، وهذا يعني بأن حقه مقترن بحق الله، لأنه ليس بشراً عادياً، بل نبياً مرسلاً من الله رب العالمين.
يقول المفكر الانجليزي “بوسورث اسمث” الذي خاطب العقل الأوروبي: إذا قدرنا تاريخ الإسلام فنظرنا إليه من نافذة الإنصاف، فإنما نقدر صاحبه الذي أسسه ووضع حجره الأساسي، وهو محمد الذي لا نستطيع أن نقول في حقه إلا أنه رجل عظيم بعقله وعمله وأخلاقه وبلاغته وتدينه، وسيحمل له المنصفون من النصارى وغيرهم الإخلاص، متى عرفوه في المستقبل. http://www.alkhaleej.ae/articles/show_article.cfm?val=236013
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة