|
الثـورة يصنعها المفكــرون وينجزها الشجعــان ويستفيد منها الإنتهازيــون
|
الثورة يصنعها المفكرون ، وينجزها الشجعان ، ويستفيد منها الإنتهازيون !!
بقلم : عبدالفتاح محمد إبراهيم عثمان [email protected]
إخترت العنوان أعلاه لكتابة هذا المقال ليس لبخس شيء ، بل إحياءاً لهذه المقولة التي طالما ظل يرددها الثوار في وطني جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً ووسطاً ، فالثورة - أية ثورة - كانت ولا تزال تعرف بأنها رفض لواقع مزري سواء كان تمخض عن ظلم سياسي أو إجتماعي أو ثقافي أو عرقي أو ديني أو إقتصادي أو في أي منحنى من مناحي الحياة الأخرى ، فضلاً أنها - أي الثورة - هي مجموعة أحاسيس ومشاعر تنبعث في الإنسان بغية حدوث الإنتفاض والثور لأجل تحقيق غاية وهذه الغاية بضرورة حتمية تنطلق من منطلق لنا ولغيرنا أو لنا ولسوانا أو لنا ولعدانا وكلاها صحيحة ، غير أن الثورات هذه جميعها وفي أغلب الأحايين تنشأ وتقوم وترتكز على أساس إيدلوجي ( ديني ) أو على أساس عرقي ( إثني ) وهذه الأسس هي طبيعة الثورات حسبما متعارف عليه تاريخياً الثورات في العالم الثالث إلا من ندر ، وتنقسم في حد ذاتها هذه الثورات إلى صنفين أولى محمية بالسلاح وأخرى شعبية ليست محمية بالسلاح وتعرف بالإنتفاضة ، ولعل ما يجمع بين كلتا الثورتين أكثر مما يميز بينهم ، وبطبيعة حالة الثورات أنها لا تنطلق وفق ترتيب كثيف مسبق لها بل تنشأ كردة فعل لفعل آخر كأداة رفض لذاك الفعل ومن ثم عقب ذلك تتم إعادة الصياغ وترتيب وترتتيل الأوضاع حسب الحوجة والضرورة .
* كيف يصنع المفكرون الثورات : عند إستشراء الظلم - أي كان - سياسي ، إجتماعي ، ثقافي ، ديني ، عرقي ، جهوي ، لغوي ، يستشعر المفكرون بعظمة الدور الطليعي الملقاة على عاتقهم حيال هموم وقضايا جماهير شعبهم، وتنشأ وقتها الغريزة الفكرية في إيجاد مخرج ومخلص لشعبهم مما هم فيه . ويظل هذا التفكير يتقدم إلى الأمام رويداً رويداً وينمو ويكبر لحظة إثر لحظة حتى يصل إلى ذروته ، آنئذ تشخص القضايا والهموم تشخيصاً سليماً وتوضع الحلول المرضية والسلمية السليمة لتداركها ويبدأ في ذات الأثناء الكفاح المدني ( الحوار ) كآلية وقتذاك لإنجاز الحلول محل النظر - وعندما يعجز المفكرون عن تحقيق شيء من هذا القبيل عبر هذه الآلية المتواضعة تتجه أنظارهم صوب خيارات أخرى ( جديدة ) يمكنها أن تؤدي إلى ذات النتيجة ولكنها في هذه المرة بوسائل أخرى مستوحاة من الواقع ومستلهمة في ذلك بالظلم التأريخي الذي عادة يولد الغبن وألإحتقان . فالمفكرون هم الذين إكتووا بنيران الظلم أكثر من غيرهم من شرائح المجتمع الأخرى - ليس لشيء سوى أنهم مفكرين - ولأن المفكرون هم الشريحة الأكثر وعياً في مجتمعاتهم البسيطة التي غالباً ما تبحث فقط عن بدائيات مقومات الحياة من مأمن ومأكل ومشرب وملبس ومسكن ، لذلك يقع الحمل الأكبر على عاتق المفكرين والذي يفضي بدوره إلى بحثهم الدؤوب عن آلية لتخيف هذا الحمل ولن يتحقق حلم التخيف هذا إلا بالخلاص من الواقع المزري المعاش ، فتثور أفكار المفكرون وعقولهم - يتمخض عن ذلك إيجاد خيار جديد وهو ( الثورة ) بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، وفي خضم ذلك يظل هذا الخيار هو الشغل الشاغل للمفكرون بعد نفاذ الخيارات الأخرى التي بدؤوا بها إلى أن يصل المفكرون إلى الإعلان عن ( ثــورة ) للخلاص والتغيير وتسوق هذه الفكرة في غضون أيام قلائل حتى تجدها سائرة وسط المواطنين وتصبح حديث المدينة ليلتف حولها المواطنون ويتطلعوا لنجاحها وبلوغ ما بشرتهم به من عصر الخلاص والتغيير والنهضة .
* كيف ينجز الشجعان الثورة : بعد رسم ملامح الثورة من قبل المفكرين ، يأتي دور المناضلين والذين بدورهم لا يتوانوا في أن يقدموا أرواحههم رخيصة في سبيل إنجاز المرحلة الثورية وتحقيق أهداف الثورة فضلاً عن تكبدهم المشاق ومواجهتهم للصعاب التي تعتري مسيرتهم النضالية وبذلهم للغالي والرخيص بإسهامهم الفكري والمادي والنفسي حتى تصل الثورة إلى مرحلة النضوج بعدما كانت نواة عند المفكرون ..
وفينا شيء من حتى وللحديث بقية
|
|
|
|
|
|
|
|
|