متعك الله بالصحة والعافية يا جعفر النميرى......18/1

Quote: دراسة في فكر مُرْتَـدِّ محمود محمد طه نبي السودان بقلم / عبد الله محمد سيد أحمد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " سيكون بعدي كذَّابون " ، وقد بدأ الكذابون في الظهور منذ حياة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فظهر " مسيلمة الكذاب " ، و " سجاح " وغيرهما ، وأحسب أن من أكثر الكذابين خطرًا في هذا العصر المدعو " محمود محمد طه " الذي تضافرت عوامل كثيرة في أن يستفحل أمره ، منها انبهار أتباعه بثقافته ، ومنها تسامح المجتمع السوداني وتساهل القوانين الوضعية التي كانت تحكمه ، ثم ذكاؤه وبساطته . محمود محمد طه ومن هنا كان تأثيره البالغ على من اتبعوه من الشباب ، وكان هذا الشخص يعمد إلى التلقين ، وكان تلاميذه يتسابقون إلى استظهار رسائله عن ظهر قلب ، وكان يعمد إلى فصل التلميذ الجديد عن محيطه القديم وإغراقه في الوسط الجديد ؛ حتى لا يرى ولا يسمع إلا ما يراه له ، وعمد إلى كتابة عدة رسائل صغيرة كان تلاميذه يبثونها في الطرقات بصبر عجيب . ولقد بغلت دعوة هذا الكذاب مبلغـًا كبيرًا ، وأمدها وبسط لها أن جهات مشبوهة من " البهائيين " و " اليهود " و " المنحرفين " كانت تقف وراءه وتدعمه ، ومنهم من حاول إثناء الرئيس " نميري " عن إنفاذ حكم الإعدام فيه ، حتى اضطر الرئيس " نميري " إلى إصدار بيان توعد فيه الذين حاولوا إثناءه ، واتهمهم بالخور والجبن ، وبعضهم في مصاف القادة والمسؤولين . ويقوم الفكر الجمهوري ـ فكر " محمود طه " ـ على إحداث تغيرات شاملة في العقيدة والشريعة والمعاملات ، كما تميل الفكرة إلى المعاصرة والأخذ بالجوانب الإنسانية الحضارية ـ بزعمهم ـ ، وهم في هذا يشبهون " البهائيين " و " القاديانيين " الذين ألغوا مفاهيم كثيرة من الدين وغيروا فيما غيروا الشهر ليكون تسعة عشر يومـًا . قال أنا " المسيح ابن مريم " تخرج " محمود طه " في قسم الهندسة بكلية " غردون التذكارية " ، وعمل بمصلحة السكك الحديدية ، وفي منتصف الأربعينات التي شهدت حركة وطنية عنيفة ، كوَّن حزبه الجمهوري كحزب سياسي يتعامل مع القضايا الوطنية ، وفي عام " 1948م " قاد تظاهرة من الطلاب في مدينة " رفاعة " ـ مسقط رأسه ـ احتجاجـًا على قانون أصدرته السلطات الإنجليزية بحظر الختان ، واعتقل على أثرها وسجن ، وأتاح له السجن فرصة القراءة المختلفة ، ولكن عند خروجه من السجن ادعى أنه " المسيح عيسى بن مريم " ، والمتتبع الدقيق لأفكار " محمود طه " يلاحظ أن أفكاره لم تثبت عند حد ، بل أخذت تتطور باضطراب ، فمن ادعاءه إلى أنه هو " المسيح عيسى ابن مريم " ، إلى ادعاءه أنه " المهدي " ، إلى ادعاء " الرسالة " ، ثم " الألوهية " . وكان لدى أتباعه في فترات متباعدة أفكار متباينة ، فهم تارة يعتقدون أنه رسول الرسالة الثانية ، وأنه مكلف وحده بإبلاغها ، وأنه لن يموت حتى تقوم الدولة الجمهورية في السودان ، ومن ثم تعم العالم أجمع ، وهم في أحيان أخرى يخاطبونه بخطاب الألوهية ، وقد تأكدت دعواه الألوهية ، وإقرار بعض أتباعه له بها ، وإن كانت الدعوة نفسها سببـًا مباشرًا في رجوع بعض أتباعه المقربين عن دينه . وقد تميز الحزب الجمهوري بأن بعض كبار الأتباع ينفصلون عنه بعد طوال ملازمة "محمود طه" ، وكانت هذه سمة ملازمة منذ الخمسينيات ، وكانت الأسباب المباشرة للانفصال أحيانـًا أن " محمود طه " يقول إن بمقدور الفرد أن يتقلب في مراتب الإيقان حتى يتلقى شريعته الفردية ، ولكن هذا بقي نظريـًا طول الوقت ؛ لأن كل من صرح بأنه قد وصل إلى مراتب الإيقان كان مصيره الفصل في دعوى الحسبة التي رفعها ضده " الأمين داود " ـ رحمه الله ـ ، والأستاذ " حسين محمد زكي " ، ولما كانت القوانين المعمول بها آنذاك قوانين وضعية ، لم يترتب على الحكم عقاب عملي ، وبدأ بعدها " محمود طه " في شن حملة ضارية على القضاء الشرعي والجماعة الإسلامية والعلماء وكل ما يمت إلى الإسلام بسبب : إدانته للتوجه الإسلامي : وقد أتيح للفكرة الجمهورية بعض الانتشار بعد مايو " 1969م " ، وسمح له بإلقاء محاضراته ، وفي إبريل " 1983م " اعتقل " محمود طه " وضيق على أتباعه . وفي سبتمبر " 1983م " صدرت القوانين الإسلامية ، وظل " محمود طه " معتقلاً حتى أطلق سراحه في نوفمبر " 1983م " ، وفي ديسمبر صدر منشور عن حزبه يدين التوجه الإسلامي ، ولم يكن الاعتراض موجهـًا نحو طريقة التطبيق ، بل كان الاعتراض مبدئيـًا باعتبار أن الإسلام الأول لا يصلح لإنسانية القرن العشرين ، وكانت التهمة التي وجهت إليه مع أربعة آخرين المطالبة بإلغاء قوانين الشريعة الإسلامية ، وقد حكم عليهم جميعـًا بالإعدام، ونفذ الحكم في " محمود طه "صباح الجمعة 18/1/1985م" ثم أفرج عن البقية ، بعد أن تابوا عن اعتقاداتهم الباطلة ، وأقروا بكفر " محمود طه " . وقد بدأت أفواج الجمهوريين تعلن توبتها وكفرها بعقائدها القديمة ، وكان هذا متوقعـًا لكل من كان على صلة بهم وبعقيدتهم في أن " محمود طه " لن يموت حتى تقوم الدولة الجمهورية ، وتحكم الناس بالشريعة الإنسانية القائمة على القانون الدستوري، والقائم بدوره على رفع الوصاية عن الرجال والنساء . وفي ليلة الجمعة عشية تنفيذ حكم الإعدام تنادى الجمهوريون إلى مؤتمر في الجامعة ، وكان مما قالوه في تلك الليلة أن موضوع إعدام " الأستاذ " كما يسمونه ليس داخلاً في اعتبارهم ؛ لأن " الأستاذ " أخبرهم أنهم " لن يمسوا شعرة من جسمي " ، وقد قوبل تنفيذ الحكم بارتياح بالغ في السودان ، وخرجت مظاهرات في " بحري " و " أم درمان " تؤيد التنفيذ وتباركه ، عكس ما نشرت بعض الصحف هنا . (عدل بواسطة Fra