النظام المصرفى الموازى أضمن وأسرع لك فى المعاملات المصرفية البسيطة من النظام المصرفى الإنقاذى المنهار. ... أما الودائع فاتركوها فى بنوك العالم المؤتمنة، وأجِّلوا الإستثمارات فى السودان إلى حين تغيير النظام. وحذارى أن تقعوا فى فخ ألية صُنَّاع السوق لأنَّ أموالكم هى المستهدفة بها بالأساس.
والسؤال المهم: ما هى جدوى آلية صُنَّاع السوق طالما أنَّها تَتْبَعُ السوق الموازى حافراً بحافر فى تحديده لسعر الصرف إرتفاعاً وانخفاضاً؟ وهل تحذيرات معتز موسى للمتعاملين بالعملات الصعبة خارج النظام المصرفى بطائلة القانون لهم، كافية لوقف سباق السوق والآلية بإجبار الناس للتعامل مع جهاز مصرفى منهار وغير موثوق به، وفوق ذلك وقفت الحكومة معه على حساب الناس وودائهم؛ وقد كان أوجب واجباتها أن تفعل العكس تماماً؟
وللأسف سيستمر هذا السباق إلى أن يُلغى الجنيه السودانى ويتم التعامل بالدولار عنه. وما لم تبنِ الدولة إحتياطيَّاً نقدياً من العملات الصعبة - يغطى العملة المتداولة لدى الجمهور والدولة لِأغراض الإستيراد الخاص والعام من السلع والخدمات، ويُلبى الطلب على العملة للأغراض المشروعة (العلاج والتعليم بالخارج)، ويُغطى الصرف على البعثات الدبلماسية، ويُغطى تحويل أرباح المستثمرين الأجانب، ويُغطى دفعيات أقساط الدين الخارجى - لن تستطيع الدولة التحكم فى سعر الصرف وعرض النقود ولا فى معدلات التضخم.
الذى حدث فى الأيام السابقة أنَّ الحكومة عجِزت عن تلبية الطلب الكلى للدولة، ومنعت النَّاسَ الإستفادة من ودائعهم لدى البنوك، فازدادَ إنكماش الإقتصاد على الإنكماش الحادث بسبب عدم توفر الإحتياطى النقدى؛ فزداد الطينُ بِلَّة بتضاعف الركود الإقتصادى. والآن طبعت الحكومة تريليونات من العملة وضختها فى الأسواق؛ الأمر الذى سيؤدى إلى إرتفاع معدلات التضخم بصورة كبيرة للغاية. فإذا عُطِّلت آلية صُنَّاع السوق ورفعت الدولة من قيمة عملتها بسعر صرف مُدار أو خلافه للسيطرة على التضخم، سيلجأ النَّاسُ والحكومة معاً للسوق الموازى لتلبية الطلب الكلى للدولة لعدم وجود عملات صعبة. وعندئذٍ سيمتلئ السوق ببضائعَ لا يستطيع أن يشتريها الجمهور، فيُصاب الإقتصاد بحالة جديدة من الركود.
هذا الركود مع ذلك التضخم، يُدخل الإقتصاد القومى فى وضعية شاذة ماحقة ومحبطة هى وضعية "الركود التضخمى" (Stagflation)، الذى عادة ما يُصاحِب الأزمات العظيمة كما حدث فى حرب 1973 للدول الغربية؛ حينما منعهم العربُ البترول. وهذا الوضع من الركود التضخمى يحدث فى السودان الآن بسبب أنَّ الإنقاذ تحجب جزءاً كبيراً من عائدات القطاعات التى إجترحتها عن الشعب السودانى.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة