|
Re: رحلة لغوية ممتعة (عن اللغة الأم) (Re: Dahab Telbo)
|
(3)
وكأي لغة أم لا أستطيع توقيت بداية العلاقة ولكن أقدم ذكرى واعية لي مع تعلم اللغة العربية هي ترانيم سجع الحروف الأبجدية، تلك الصيغة المحلية بالتمام. كنت حينها في الثالثة أو الرابعة من العمر ؛ وكأني أراني جالس في حجر أحد إخوتي الكبار بساحة القراءة في مسيد القوني موسى عطية لتعليم القران الكريم، والترنيمة تأتيني مسجوعة ومموسقة بأصوات جديدة، وبإمكاني الآن القول أن ما جعل تلك الترنيمة مميزة عن غيرها من أصوات طلاب القرآن المتصايحة بشتى السور؛ هو أني وجدت نفسي واعيًا كليًا بمفرداتها، وبحكم ترددي على المسيد من حين إلى آخر رفقة إخوتي الكبار ، وجدتني أحفظ الكثير من حروف الأبجدية العربية في نسختها المحلية،وتلك هي الجريرة التي جعلت من المواظبة على الذهاب إلى هناك يوميًا أمرًا إجباريًا بعد شهور قليلة من تاريخ ذلك الاكتشاف. ” أليف واقفة، نون مرمية، واو ضنب الكلب، ياء عريجة” كانت هذه هي تلميحات الحروف عند بداية التدوين في اللوح الخشبي، فبعد اجتياز امتحان النطق الشفوي للحروف العربية، ينتقل الطالب إلى تدوينها على لوح خشبي لجعل الأمر أكثر جدوى ، وكأي طالب جديد بعد تخطي التمرين الصوتي والكتابي، انتقلت إلى معرفة التشكيل، فكانت هناك صيغة عامة لبيان تغيير التشكيل على الحروف اسمها ” باء نصب” وسُميت بهذا الاسم “الغريب” لأن النصب هو فاتحة التشكيل، وأيضًا أثر التنوين يكون أكثر وضوحًا على الحروف الثابتة ، لذلك تبدأ القاعدة من حرف الباء. “با ؛ بي؛ بو ، بلا تا ؛ تي، تو، تلا” إذا هي قاعدة تبين – بالحرف الزائد- أثر حركة النصب والكسر والضم والربط بالام والألف؛ على حرف الباء، وبحسب الرواية المحلية تقرأ هكذا : “” با نصب جابت أليف، بي خفض جابت ياء، بو رفع جابت واو، وإذ تقدمت لام أليف فهكذا تا نصب جابت أليف،تي خفض جابت ياء، تو رفع جابت واو، وإذ تقدمت لام أليف فهكذ ثا نصب جابت أليف، ثي خفض جابت ياء، ثو رفع جابت واو، وإذ تقدمت لام أليف فهكذ جا نصب جابت أليف، جي خفض جابت ياء، جو رفع جابت واو، وإذ تقدمت لام أليف فهكذ الى حرف الياء“ رويدًا رويدًا تعرفت على التنوين، ثم غرائب الكلمات العربية ” حينئذ، أولئك….” حدث كل ذلك ولمّا ابلغ الخامسة بعد! ، الجدير بالذكر هو أني أول ما دخلت عوالم اللغة العربية، دخلتها من باب رسم الإمام ورش أبو سعيد عثمان بن سعيد (3) ، وهي تجربة تحوي كثير من الاختلافات الشكلية في الأحرف ووضع الهمزة قبل الاختلاف المعروف لقراء القران – القاف تنقّط بنقطة فوقية واحدة، والفاء نقطة تحتية، النون عندما تكون في أخر الكلمة لا تنقّط والهمزة على الالف تُقطع تقطيع فينقلب الحرف الى حرف أخر والعين كذلك لها رسم مغاير .... الخ- والسبب في ذلك لأني عرفت درب العربية قبل أن اعرف طريق التعليم الرسمي. معظم دول إفريقيا تفضل تعلم القرآن – وبالتالي اللغة العربية- على طريقة الإمام ورش.
تلبو ___________ (3) الإمام ورش( ابحث بالاسم في ويكيبيديا)
|
|
|
|
|
|
|
|
|