|
Re: قرارات 2 فبراير 92 الكارثية .. وعرابها عبدال (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
عند فجر الإستقلال وحينما غادر المستعمر السودان طبعت أول عملة سودانية تحمل صورة خزان سنار ولوزات القطن وكان سعر ذاك الجنيه أكثر من ثلاث دولارات بقليل وأكثر من الجنيه الإسترليني ببضع قروش.. فما الذي حدث منذ ذلك الحين حتى صار الدولار معادلا لأكثر من عشرين ألف جنيه سوداني ( أي بمعدل إنخفاض للجنيه إلى أقل من واحد على ستة وستين ألف من قيمته السابقة)!! ما الذي حدث؟؟ لنفترض أنه منذ ذلك الزمان بدأ سباق بين الجنيه والدولار، فلا شك أن سرعة الدولار هي أضعاف أضعاف سرعة الجنيه ( فإنتاج العالم كل يوم في تقدم وإنتاجنا في توقف أو في تدهور). إذن محصلة هذا السباق أنه بمرور الزمن تتسع المسافة بينهما وتبعد الشقة ويصبح الفارق عظيما متراكما.. إن العالم يهرول بإيقاعات سريعة جبارة، وعقوله تعمل، تبتكر، تستغل كل قدراتها وإمكاناتها البشرية والآلية، سواعد عماله تبني وتصنع وتسخر شعوبا غافلة مثلنا لخدمتها بخاماتها وخيراتها. هذه السرعة الخاطفة لدى العالم المتقدم تقابلها لدينا عقولنا نائمة أو مشغولة بمسائل ثانوية، هوية، سياسة، توزيع عادل للسلطة والثروة .. إلخ ..إلخ ، تقابل عقولا متواضعة التفكير والتخطيط وزحفا بطيئا إن لم يكن توقفا تاما. ذاك هو حال الدولار مع الجنيه.. هل من وجه مقارنة بينهما؟؟ في حلبة المصارعة الحرة أو الملاكمة لابد أن يكون المتصارعان او المتباريان متقاربين في الوزن والقوة.. ذاك أمر بديهي لكن كيف يكون شعورك إذا إضطررت لمشاهدة جولة بها مصارع ضخم الجثة قوي ينازل شخصا هزيلا لا تقوى قدماه على حمله!! لابد أنك ستحتج على عدم عدالة المباراة، ولا شك أنك لتتوقع مسبقا نتيجة المباراة و قبل أن تبدأ.. هذا ما نود قوله.. نحن نحتج بشدة على إقامة مباراة كهذه، لا نقبل إطلاقا أن ينازل الجنيه الدولار، لأننا ندرك تماما وزن الجنيه ووزن الدولار ونعي القوة الإقتصادية الداعمة للجنيه وتلك الداعمة للدولار.. والمباراة التي تصورناها هي النتاج الطبيعي لسياسة التحرير الإقتصادي الذي يبشرنا بنتائجه المبشرة عبدالرحيم حمدي.. تحرير الجنيه معناه تجريد الجنيه من الحماية التي كان يجدها من السياسات الإقتصادية قبل إقرار سياسة التحرير، ومعناها أن ينازل الجنيه الدولار بدون ظهر يحميه وبدون تأهيل يجعله قادرا على الثبات.. إن إصلاح حال الجنيه لا يكون إطلاقا بدفعه إلى هذه المنازلة القاتلة والتي لا قدرة له ولا قبل له بها.. ليس عدلا أبدا أن ينازل الجنيه الدولار قبل أن يكتمل تدريبه وتأهيله وبدون إصطحاب الحماية الكافية. تلك الحماية تكون أولا بإيقاف هذه المباراة المهزلة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|