|
Re: مفكر سعودي: العرب أعاقوا الحضارة (Re: طارق عبد الله)
|
رأيي في كلام المفكر البليهي أنه يحمل قدرا كبيرا من الصحة حيث ان إسهام العرب في الحضارة الانسانية كان ولا يزال محدودا للغاية مقارنة بأمم أخرى مثل الفراعنة والإغريق والرومان والفرس والأوروبيين ويرجع ذلك كما ذكر الكاتب إلى غياب التفكير النقدي ولعل السبب هو طريقة نشأة ونمط حياة الانسان العربي والذي هو في العموم نتاج لمجتمع لايؤمن كثيرا بأهمية النقد والتفكير بل على العكس يفرض قيودا صارمة على أبنائه تصل حتى لشكل الملابس وطبيعة العلاقات الاجتماعية وغيرها، فالعربي اما سيد يطاع أو تابع يطيع. استمر هذا الوضع تقريبا طيلة تاريخ العرب باسثناء فترة اول عصر الاسلام الذي دعا للمساواة وتزكية المجتمع وشجع اعتاق الأرقاء والغى التفاضل بين الناس على أساس الأنساب وللمفارقة دعا أيضا الى اعمال العقل والتفكير، وظهرت العديد من الأمثلة التي تؤكد سمو وعظمة مبادئ الدين الجديد مثل المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار والعفو عن أهل مكة يوم الفتح على الرغم من افعالهم ضد المسلمين وغيرها. بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بدأت بذور الفتنة والتطلع الى الحكم تطل برأسها لدرجة قتل الخليفتين عثمان وعلي رضي الله عنهما، وبعدها بدأ العصر الأموي الذي تميز عن سابقيه بكونه ملكا عضوضا وليس خلافة وببدء ظاهرة تحالف رجال الدين مع السلاطين والمستمرة ليومنا هذا مستغلين انقياد معظم الناس لما يقوله هؤلاء دون مناقشة او تفكير. من هنا يصعب على المرء الاعتقاد بأن مجتمعا بهذه السمات قد ينتج مفكرين يساهمون في نقله الى وضع أفضل، وإن وجد مثل هؤلاء المفكرين فسوف يواجهون اقسى انواع المقاومة والتنكيل من الدولة والمجتمع على حد سواء. أما في خصوص ما يطلق عليها الحضارة الاسلامية، فأنا لدي ابتداء تحفظ على ربط الحضارة والتي هي نتاج انساني تراكمي بدين معين لما فيه من التضليل واغماط حق الآخرين، وعودة للموضوع فإن فترة ازدهار العلوم لدى المسلمين تلت ترجمة الكتب اليونانية والهندية القديمة في بيت الحكمة ببغداد في عهد الخليفة العباسي المستنير المأمون والذي شجع العلم التطبيقي والفلسفي والانفتاح على الحضارات الاخرى بخلاف سابقيه الأمر الذي وضع لبنة لظهور اسماء مثل البيروني والرازي وجابر بن حيّان وغيرهم، الا ان من المثير للاهتمام ان معظم العلماء المسلمين كانوا من العجم وليسوا من العرب وان الحضارة الاسلامية اندثرت مع غياب هؤلاء مما يعزز رؤية الاستاذ البليهي ان هؤلاء كانوا خارج الإطار العربي السائد وان ظهورهم استثناء وليس قاعدة، أيضا من المثير للسخرية ان نرى مسلمي هذا الزمان يفاخرون بهذه الأسماء لتغطية فشلهم في تقديم إنجاز في عالم الْيَوْمَ في حين ان هؤلاء العلماء اتهموا بالردة والزندقة وغيرها من قبل اسماء لها الكثير من الاتباع و المريدين المتعصبين احيانا كالذهبي والغزالي وابن تيمية، مما يدعم نظرية ان الانسان العربي متعصب وعصي على التغيير. خلاصة الكلام ان تغيير الواقع العربي لايمكن ان يتم بدون تشجيع قيم النقد والتفكير المستقل بدون املاءات فلو نظرنا الى الشعوب الاخرى لوجدنا فترات دموية وكالحة في تاريخها أيضا، الا ان الفرق يكمن انها تعلمت من التجارب ووضعت التاريخ في إطاره الطبيعي والموضوعي وتطلعت للأمام بعكس العرب الذين لا يزالون يتقاتلون نتيجة لأحداث وقعت قبل اكثر من ١٤٠٠ سنة ونسوا قول الله تعالى: { تِلْكَ أُمَّة قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.
|
|
|
|
|
|
|
|
|