|
Re: أرواح هائمة (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
لم يكن فيه شيء غير عادي يلفت النظر. شكله مقبول ذكاءه عادي سلوكه طبيعي.ملامحه عادية كملامح أي شاب في تلك المدينة .كانت ملامحه مثل ملامح عشرات أو مئات الشبان الذين يمكن أن تصادفهم في اليوم أو الأسبوع دون ان يلفت انتباهك. لكن في شيء لم يلفت غيرها. تجاهله التام لها . و قد هز ذلك كيانها و ضعضع ثقتها في نفسها كانثى. فكانت كلما تراه تزداد غيظاً منه و هو لا يدي و في نفس الوقت تزداد رغبة في الوصول غلى دائرته المغلقة تلك.تلك الدائرة التي لا يستطيع أي شخص ان يصل إليها إلا من كان يملك الشفرة الخاصة بذلك. قضت شهور و شهور تعاني و هي تتمنى ان تقترب منه أن تلفت انتباهه فقط لا غير أن يجعلها تشعر بنفسها محور اهتمامه و لو ليوم واحد و لو لمرة واحدة. و كان هو غارق في اهتماماته الخاصة بل اهتمامه الوحيد. فقد كان الشعر و الأدب هي كل عالمه. عالمه الذي ملك عليه كل كيانه و كل مشاعره. بل ذهب في ذلك أشواطا بعيدة. عَشقَ الشعر الجاهلي و عرف موازين الشعر و سحر القافية النونية و الميمية و الراحة المتولدة من القافية التي تنتهي بحرف الحاء و الالف.غرق و سبح في كل بحور الشعر . ساهر مع أمرؤ القيس في خطراته التشببية و مع المتنبيء في مدحه و هجائه و مع كل شعراء الجاهلية. و عاش مع شعراء الجاهلية في أجوائهم الصحراوية الجافة و خيالاتهم السحرية المتشربة بخيلات السعالى و اشباح الجن و غيلان الفلوات . و هكذا عاش ما شاء الله أن يعيش مع هوايته تلك ما شاء له الله أن يعيش.
|
|
|
|
|
|
|
|
|