03:37 PM March, 05 2016 سودانيز اون لاين بريمة محمد-الولايات المتحدة، ولاية فرجينيا مكتبتى رابط مختصرفى حوالي عام 2006م، كتبت الأتي عن تراث البادية .. بخصوص القشة التى تسمى "دخن أم مسخت" أو "أم دخن دخن" كما يسمونها أهل البادية ..
أقرأوا .. ثم نأتيكم بتفاصيل عن النبات حتي يعرفه كل إنسان منكم حين يجده ..
لم يكن مستغرباً أن تلتقط والدتى شيئ من خبرة جدى .. فى ذات مرة قريب لنا يسمى شنتو اب خريس سقطت له فى أذنه ثمرة قشة معروفة لنا البقارة حينما نذهبوا إلى الصعيد .. ومازال الموسم بِكرِي .. تلك القشة من عينة بوص الصعيد تسمى قشة أم دخن دخن .. (مع أيراد كلمة دخن مرتين كما كتبهما) .. فهى تشبه الدخن تماماً فى قندولها ونوعية الشرى الذى يكسو (دخنتها) .. فهى بالنسبة لخبراء الزراعة هى من عينة الدخن الكاذب .. أو الدخن البرى ..
ومصيبة تلك القشة أن (دخنتها) ذات (الريش) الكثيف التى يغلف ثمرتها يجعل من الصعب أستخراجها أذا ما وقعت فى الأذن أو حتى الأنف .. فهى تندفع إلى الأمام فى شكل حلزونى فى كل هبشه .. وما لم يكن الإنسان متمكن من خبرته يجب أن لا يقرب من أنسان سقطت فى أذنه حبة ذلك النبات .. وكثيراً ما نسمعوا "يا ناس ألحقوا فلان أم دخن دخن .. لحقت قعر أضانه .. أو فلان أم دخن دخن وصلت مخه" .. وكأن ما يتخيل البدو أن الأذن فاتحة مباشرة فى المخ .. أو إنها بوابة جانبية للمخ ليطل بها إلى العالم الخارجى حتى يسمع الأنسان .. وكأن المخ هو الذى يسمع! ..
ومن الغريب الأذن لا تستحمل حبة خردلة .. ناهيك أن قشة ذات أجنحة وشعر .. فكان شنتو أب خريس (يتركش) رأسه جانباِ حتى يكاد أن يسقط على الأرض .. ويهز رأسه بعنف حتى يكاد أن يكسر رقبته .. ومع كل هزة تذهب حبة القشة خطوات مقدرة نحو "مخ الأضان" .. زوجة شنتو أب خريس، هى حليمة أم التنقه هى قريبتنا وهى خبيرة فى أشياء كثيرة مثل طهور الفتيات .. والولادة وغيرها .. وهى شجاعة لا تهاب المخاطر ولا ترجف يدها كما يقولون عن الخبير الجيد .. أخذت أم التنقه مناقشاً وحاولت سل أم دخن دخن من أذن شنتو أب خريس لكن الأمر يحتاج إلى خبرة أخرى .. وهى الأستعداد النفسى للمريض لتقبل علاج الخبير .. مع معرفته بأن زوجته لم تسل حبة أم دخن دخن من أذن إنسان من قبل لم يركن لعالجها .. فكانت كل حركة من يدها يؤولها بأنها سوف تقد مخه .. وفى الحقيقة حليمة "كلكلت" فى أذنه كلكة حتى أمتلات الأذن بالدم .. وكنا نعلم يقيناً إن كان جدى موجوداَ فإن الأمر لا يتطلب ثوانى ولا يحتاج إلى جرى وتحزم وتشمير للسواعد لسل قشة أم دخن دخن .. وعندما عجز القوم قالوا "أجروا لأمنة بت بيبى" .. ربما تحتفظ ببعض خبرة والدها .. جاء شنتو وهو فى أشد الألم البائن على محياه .. وكان يضرس أسنانه ويغمد عيونه .. ويتألم ويتلوى .. حينما رأته والدتى .. وشنتو من أخوانها العزاز .. فحليمة زوجته صاحبتها منذ أيام الصبى .. فقالت له "يا أب خريس دا أمر حين" .. أستغرب شخصى "هووى أمنه أمى ما تقدى للزول مخ أضانه" .. وكنت فى صغر سنى أؤمن مثل بقية البقارة أن المخ يمكن الوصول إليه من ناحية الأذن .. قالت لى والدتى "أسكت ياولد أنا الحاجات دى تعلمتها من جدك أبو أمنه" .. وأمنه التى يلقب بها جدى هى والدتى .. سكت .. كان والدى رحمه الله على مسافة وكان يريد أن يقل شيئاً لكنه أيضاً يحاول أن يكتم سرة .. ذهبت إليه وقد هالنى ما أصاب شنتو أب خريس .. قلت له أبوى مالك (تتكشم) .. قال لى "والدتك تعرف تخرج هذه القشة لكن أنت عارف أمك علاجها حار" .. قلت له "هل رأيتها من قبل سلت لزول أم دخن دخن" قال لى "أنا شخصى والراعي الذي كان يرعى لنا قد سلت لنا القشة من أذنينا من قبل وأنتم لم تولدوا بعد" .. قلت لوالدى "هل نتركوها تجغجغ أضان الزول" قال "سوف تعالجه !! " .. قلت حسناً ..
فى أثناء حديثى كانت الوالده قد أعدت كل عدتها "للشغل" فى أضان شنتو أب خريس .. فقد طلبت المناقيش من شقيقى الأكبر .. وأحضرت سمناً وبدأت تدفئه فى النار .. ومازالت تبحث فى أشياء أخرى .. وما أن أنتهت حتى قالت لشنتو أرقد فى العنقريب .. رقد شنتو لوحده دون أن يمسكه إنسان .. وكان ضمن الحضور شقيقه التوم معروف بأسم اللنقى أب شنيب .. وهو إنسان ألجن .. يع يع يع .. يقصد به لا لا ..
تجمعنا كباراً وصغاراً حول شنتو أب خريس لكى نروا العميلة وأذنه مليانه دم! .. وضعت والدتى قليل من السمن فى أذن شنتو .. وقد شعرنا بأن شنتو إرتاح لهذا الدهن الساخن وكأن سخونة الدخن قد قتلت لديه الوجع .. ولكن فى الحال صاح اللنقى أب شنيب .. خياس خياس مييتى أضانه .. يقصد خلاص خلاص ملأتى أضانه دهن .. ووالدتى تسكته "أب شنيب أسكت .. ما تشغلنى!" وكلما بدر من والدتى شيئ لا يعجب اللنقى أب شنيب يرد يع يع .. ووالدتى تقول "خلاص بطل يع يع" ..و (عكفت) والدتى إحدى طرفى المنقاش حتى صار أحنفاً .. وكانت تدخله فى أذن شنتو وتستعدل به أجنحة القشة .. فكان كلما أستعدلت شعرة من شعرات تلك القشة ناحية وسط الأذن تلتصق الشعرة مع جسم الحبة لعامل الدهن الذى كانت تحافظ والدتى على مستوى معين منه داخل الأذن .. وكانت بين الحين والأخر تسأل شنتو "أب خريس أنت طيب " فيرد مومعاً بأصبعه "بأنه بخير" .. لم تمض طويلاً حتى "جبدت" كل القشة وشعرها كحزمة مربوطة مع بعض بفعل الدهن الذى أقدغته فى الأذن .. وحالما أخرجت والدتى القشة فى لحظة سريعة دون أن يتبين شخص مننا إنها أخرجتها رأينا شنتو يقوم من سريرة معانقاً والدتى .. "مرقتيها من أضانى الله يمرق منك الشر با بت أبوى" .. ظن أخوه اللنقى أب شنيب أن شنتو جبن .. فنهره .. "دى حلقتك الحواف .. أيقد تحت " .. يقصد دى خلقتك يا خواف أرقد تحت .. أى يأمره بأن يصبر .. قالت له والدتى لقد أخرجتها .. فقال "آآآها .. سيتيها" يقصد سليتيها .. فوقف على طوله قائلاً " ما شاء الياه من شاء الياه" يقصد ما شاء الله ما شاء الله .. "ما قصيتى تب " يعنى ما قصرتى تب ..
علق والدى أن ولدتى صارت أكثر خبرة ربما بعامل تقدم السن .. قائلاً " زمان كانت تجغبص جغباص .. لكن الأن يمكن أن نقولوا عندنا خليفة ل بيبه أبو أمنه"
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة