المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدرويش.. دكتور عبد الرحمن الغالي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-27-2024, 01:47 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-08-2016, 06:11 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    الحلقة السابعة

    الفصل الثاني: شواهد وشهادات:

    1) شهادات أوهروالدر/ ونجت في كتابهما

    الغريب في الأمر أن كتاب أوهروالدر/ونجت ومع أنه كتب بروح مبشر حاقد ناقم على المهدية أن قطعت عليه عمله مقرونة مع روح مسؤول مخابرات يريد أن يتم عمله في فتح البلاد إلا أن أنوار الحقيقة تسربت من بين كفيهما لتقف شاهداً على زور تلك الاتهامات، فأصبح الكتاب يكذب بعضه بعضاً. فمما ورد في الكتاب:

    القبض على البعثة التبشيرية في الدلنج:

    جاء في الكتاب أنه قد تم أسر أفراد بعثة المبشرين بكردفان ومع أن البعثة كانت مسلحة بالبنادق ومع اعترافه بأنها أمدت بعض النوبة بالسلاح في حربهم مع المهدية إلا أن أحداً من مبشريها لم يقتل بل اكتفى المك عمر قائد قوات المهدية بأخذ السلاح منهم وعاملهم بلطف، جاء في الكتاب:

    ( استقبلنا المك عمر بطريقة لطيفة وأحضر لنا قهوة)

    وحينما جيء به (أوهروالدر) وأفراد البعثة إلى معسكر المهدي ذكر في عدد من المرات كرم المهدي وخلفائه ولطف معاملتهم . قال :

    ( جلبونا لقطية الخليفة شريف حيث دعانا للدخول للظل وإراحة أنفسنا وأبعد عنا الجوع وأعطانا ماءً لنشرب وتركنا نرتاح) ثم أخذوهم للمهدي حيث يصف ذلك (حيانا بلطف وسألنا عن جنسياتنا وسبب مجيئنا للسودان....لما رأى إجهادنا أعطانا مشروب قمر الدين) ( ثم أعطانا قمر الدين مرة أخرى وأخذ يهش عنا الذباب) ( لم يطلب منا المهدي أبداً اعتناق الاسلام وانما اخذ يحدثنا عن مزاياه) ( تجمع الناس حولنا مهددين ولما رآنا المهدي رجع وأمرنا أن نمشي أمام جمله ليحمينا) ثم قال عن تحديد مصيرهم ( عقد مجلس للنظر في مصيرنا حيث أشار الحاج خالد أن الشريعة لا تبيح قتل القسيسين غير المحاربين بالإضافة إلى أنهم أسرى) ومثل هذا التسامح هو الذي أغرى الأب بونومي رئيس البعثة للتوسط. قال أوهروالدر( حينما اتُهم المك عمر بالغلول أرسل إليهم (للمبشرين) ليتوسطوا له لدى المهدي فذهب بونومي إلى المهدي وأخبره بأن النوبة هم من سرق الغنيمة وليس المك عمر)

    وحينما طلب المبشرون المأسورون من المهدي الذهاب إلى أهلهم قال أوهروالدر: ( استمع لنا بلطف وقال في الوقت الراهن الطرق خطرة ولا أريد أن يصيبكم أذى) وقد صدق إذ حكوا هم أنفسهم أن الشعور العام لدي السودانيين والثوار كان معادياً لهم حتى داخل المعسكر.

    ولحمايتهم من مضايقات الناس أمرهم بلبس القفطان الذي يلبسه المصريون، قال أوهروالدر( وأخذنا بنصيحته الجيدة)

    وقال أوهروالدر يصف المهدي: ( المهدي متمكن جداً في فن كسب الناس ابتسامته الصافية وسلوكه الحميد وكرمه ومزاجه المعتدل) وحينما أرسل القنصل النمساوي هانسال خطاباً للمهدي عارضاً فيه دفع فدية لكل المسيحيين الأوربيين مقابل إطلاق سراحهم:( أبدى المهدي سعادته بالخطاب وقال إن نظام الفدية كان معمولاً به في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه {أي المهدي} غيّره وكذلك الجزية { ضريبة الرأس التي يدفعها المسيحيون} ووعدنا أن يحمينا) تم القبض على الرجل المبعوث بخطاب الفدية في طريق رجوعه للخرطوم ووجدوا معه خطاباً من المبشرين وبعد أن شرح المبشرون للمهدي مضمون الخطاب تم إطلاق سراح المبعوث) ولما ادعى الاسطمبولي أنه كان السبب في إطلاق سراح المبعوث علّق أوهروالدرقائلاً: (ولكننا ندين في ذلك للنوايا الحسنة والنزعة اللطيفة للمهدي) وقال ( ولما علم المهدي بكذب الاسطمبولي في ترجمة الخطاب سامحه) .

    ويمضي أوهروالدر وتتسرب منه الشهادات : ( سلّمنا على المهدي فرد علينا بألطف وأرق طريقة وأطعمنا بيده وأكل معنا – لقد كان مدهشاً أن يفعل ذلك لأن كثيراً من المسلمين يعتبرون مجرد الأكل أمام المسيحيين خطأ)

    (وجّه المهدي أحمد سليمان بإعطائنا كل ما هو ضروري لحياتنا من بيت المال)

    (ولما اشتكت إحدى الراهبات للمهدي أمر بإحضارهن في حمايته، طلبن أن يكن في حماية أتباع المهدي من الإغريق والذين طلبوا أيضاً ذلك فوافق المهدي الذي أشفق عليهن من قلبه على ذلك الطلب)

    ثم ياتي فيقول أن تعامل المهدي الرحيم معهم لم يكن بدافع الشفقة ولكن إتباعاً للرسول صلى الله عليه وسلم الذي إلتزم التسامح مع الرهبان وأمر أصحابه بذلك. ثم يورد عهد الأمان الذي منحه النبي (ص) للنصارى والرهبان والذي توجد نسخة منه في دير جبل سيناء كاملاً. قال أوهروالدر:

    ( ومن الحقائق المعروفة جيداً في القرآن أن النبي محمداً يأمر باحترام الرهبان والأشخاص الأتقياء الذين كرسوا حياتهم للعبادة وعلاوة على ذلك فهو يخبر أتباعه بأن من واجبهم أن يفعلوا كذلك. وتأكيداً لهذا فإنني _ والكلام لأوهروالدر_ هنا أقتبس ترجمة لقطعة مشهورة توجد في مخطوطة محفوظة في الدير اليوناني بجبل سيناء:

    بسم الله الرحمن الرحيم

    هذا كتاب كتبه محمد بن عبد الله إلى كافة الناس أجمعين بشيراً ونذيراً ومؤتمناً على وديعة الله في خلقه لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً.كتبه لأهل ملته ولجميع من ينتحل دين النصرانية من مشارق الأرض ومغاربها قريبها وبعيدها فصيحها وعجميها معروفها ومجهولها: كتاباً جعله عهداً. فمن نكث العهد الذي فيه وخالفه إلى غيره وتعدّى ما أمره كان لعهد الله ناكثاً ولميثاقه ناقضاً وبدينه مستهزئاً وللعنة مستوجباً، سلطاناً كان أم غيره من المسلمين المؤمنين.

    وإن احتمى راهب أو سائح في جبل أو وادٍ أو مغارة أو عمران أو سهل أو رمل أو ردنة أو بيعة فأنا أكون من ورائهم ذاب (ذاباً) عنهم من كل عدة لهم بنفسي وأعواني وأهل ملتي وأتباعي كأنهم رعيتي وأهل ذمتي. وأنا أعزل عنهم الأذى في المؤن التي يحمل أهل العهد من القيام بالخراج إلا ما طابت به نفوسهم وليس عليهم جبر ولا إكراه على شيء من ذلك.

    ولا يغّير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا حبيس من صومعته ولا سائح من سياحته. ولا يهدم بيت من بيوت كنائسهم وبيعهم ولا يدخل شيء من مال كنيستهم في بناء مسجد ولا في منازل المسلمين. فمن فعل شيئاً من ذلك فقد نكث عهد الله وخالف رسوله. ولا يحمل على الرهبان والأساقفة ولا من يتعبد جزية ولا غرامة. وأنا أحفظ ذمتهم أينما كانوا من بر أو بحر في المشرق والمغرب والشمال والجنوب وهم في ذمتي وميثاقي وأماني من كل مكروه. وكذلك من ينفرد بالعبادة في الجبال والمواضيع المباركة لا يلزمهم ما يزرعوه لا خراج ولا عشر ولا يشاطرون لكونه برسم أفواههم.

    ويُعانوا عند إدراك الغلة باطلاق قدح واحد من كل أردب برسم أفواههم. ولا يلزموا بخروج في حرب ولا قيام بجزية ولا من أصحاب الخراج وذوي الأموال والعقارات والتجارات مما أكثر( من ) إثني عشر درهم (درهماً) بالحجة في كل عام. ولا يكلف أحداً (أحد) منهم شططاً. ولا يجادلوا إلا بالتي هي أحسن ويخفض لهم جناح الرحمة. ويكف عنهم أدب (؟) المكروه حيثما كانوا وحيثما حلوا. وإن صارت النصرانية ( يعني المرأة) عند المسلمين فعليه برضاها وتمكينها من الصلوات في بيعها. ولا يحيل بينها وبين هوى دينها.

    ومن خالف عهد الله واعتمد بالضد من ذلك فقد عصى ميثاقه ورسوله.

    ويُعانوا على مرمة بيعهم ومواضعهم ويكون ذلك معونة لهم على دينهم ومعا (وفاءً/ وفقاً) لهم بالعهد. ولا يلزم أحداً (أحد) منهم بنقل سلاح بل المسلمين يذبوا عنهم ولا يخالفوا هذا العهد أبداً إلى حين تقوم الساعة وتنقضي الدنيا. وشهد بهذا العهد الذي كتبه محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم لجميع النصارى والوفاء بجميع ما شرط لهم عليه من أثبت اسمه وشهادته آخره.

    علي بن أبي طالب، ابو بكر بن أبي قحافة، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، أبو الدرداء ، ابو هريرة، عبد الله أبو مسعود (يقصد ابن)، عباس بن عبد المطلب، فضيل بن عباس، زهير بن عوان ( الزبير بن العوام)، طلحة بن عبيد الله، سعد بن معاذ، سعد بن عبادي ( عبادة)، ثابت بن قيس، أبو خيثمة، هاشم بن أمية ( بن عبية) حارث بن ثابت، عبد الله بن عمرو بن العاص، عمرو بن يسن، معظم بن قريشي،عبد العظيم بن حسن.

    وكتب علي بن أبي طالب هذا العهد بخطه في الثالث من المحرم ثاني سني الهجرة الموافق أول أغسطس 622 للميلاد ووقعه النبي بنفسه ( وفي الأصل العربي وختم بخاتم النبي صلى الله عليه وسلم)

    وتعضيداً للروايات المتواترة التي ذكرها بدري وهولت وغيرهم من الكتاب عن توجيه المهدي بعدم قتل غردون قال أوهروالدر: ( لما أحضروا رأس غردون للمهدي بدا عليه الانزعاج الشديد لموته)

    بل أكثر من ذلك يروي أوهروالدر أن الأوربيين لم يكونوا مقيدين ولم يقيد أحد منهم إلا في ظروف معينة: (رجال أمثال لبتون وسلاطين وصالح المك .. كان يُنظر إليهم في معسكر المهدي كرجال شجعان وقادة ماهرين وكانوا حقاً يخشونهم وهذا هو السبب الذي وضعوا عليهم السلاسل والأغلال، لقد اعتقدوا أنهم يمكن أن يفروا) وكان ثلاثتهم قد عرض على غردون خدماته والانضمام إليه فرفض. فإذا كان التقييد بالسلاسل لا يتم إلا لعلة فكيف بالقتل؟! قال أوهروالدر ( لم يكن لدى المهدي أدنى شك في ميول هؤلاء ولقد عاملهم بأقصى درجات الشك ولكن حتى بالنسبة لهؤلاء المتوحشين كانت فكرة قتل رجال مخلصين للحكومة وقاتلوا بشجاعة دفاعاً عن مديرياتهم كانت تلقى اعتراضاً إلا إذا قدموا سبباً مقنعاً وكافياً لقتلهم).

    وذكر أوهروالدر أيضاً (أن المهدي استقبل روفيرسي استقبالاً حسناً وأهداه حصاناً) ( ولما مرض روفيرسي بعثه المهدي لكازقيل ليغير الهواء لأن هواءها أفضل)

    ويدل تواصل المبشرين وهم في معسكر المحاصرين للأبيض مع سكان الأبيض أن حركتهم لم تكن مقيدة حيث ذكر التالي( أرسلوا لنا خطابات وتلقوا منا أموالاً وملابس) والحقيقة أن الخطابات والرسل لم تقف عنهم أبداً من سلطات ومبشري الأبيض ومن غردون والمبشرين بالخرطوم قبل فتحها ومن مصر حتى نجحت تلك المراسلات في تهريب بعضهم. ورغم نجاح تهريب الأب بونومي إلا أن عامل المهدية في كردفان لم يسيء معاملة الباقين ولم يشدد عليهم وعزا أوهروالدر ذلك لإنشغال الشريف محمود حاكم الأبيض بوفاة المهدي.

    وذكر أوهروالدر في نقاش المهدي الديني معهم أنه ناقشهم حول مزامير داؤود وختم قائلاً( أعلم أنكم – المسيحيين – ناس طيبون جداً وأنكم تطعمون الجائع وحدثنا عن أعمال الرحمة).

    هذا جانب من الأقوال التي تناثرت في كتاب أوهروالدر/ ونجت عن تسامح المهدي وهي أقوال وشهادات شديدة الأهمية نظراً لأن كتابهما كان المحرض الأول ضد الدولة المهدية وعلى عزو السودان.

    1) المهدية والمسيحيين:

    لخص الأستاذ أبو شامة سياسة الإمام المهدي نحو الأوربيين المسيحيين في عدة نقاط أهمها:

    1) عدم محاكمة أي أوربي على أية تهمة أو جريمة قام بها قبل الثورة.

    2) عدم إكراه أي منهم على قبول الإسلام وإنما الاكتفاء بعرض الإسلام فقط .

    3) عدم قتل أي أوربي لأي جرم مهما بلغ.

    4) مساعدة المسيحيين وخصوصاً الأوربيين للعيش في المعسكرات وفيما بعد في أمدرمان بإضافتهم لشخصيات لها وزنها السياسي والاقتصادي وقدرتها على رعايتهم وحمايتهم من الجهلاء وضعاف العلم. وفي أمدرمان أبدلوا هؤلاء بقادة من نفس مواطنيهم ما أمكن وفي كل الحالات لو ظهرت حوجتهم للمال فإن بيت المال يقوم بالصرف عليهم.

    5) رغم تجسس بعضهم عفا المهدي عنهم. ( مثل بونومي ولبتون وأوليفربان وغيرهم)

    6) ولما غادر المهدي الأبيض لفتح الخرطوم ترك أهل الكنيسة بها.

    7) وفيات المبشرين بعد الثورة قلّت عنها قبل الثورة.

    هذا وقد ذكر أبو شامة سبل كسب العيش بالنسبة للأوربيين المسيحيين في المهدية حيث كان سلاطين يعيش على بيت المال وكان الشماس دومينيكو بولوناري مسؤولاً عن حديقة الكنيسة الكاثوليكية وإدارة طلمبتها في مقابل مال من بيت المال، وعمل لبتون في معمل الذخيرة ثم في البواخر لقاء أجر من بيت المال، وعملت الراهبات على كسب عيشهن من الخياطة وعمل أوهروالدر عملاً خاصاً في صناعة الصابون مع لبتون ثم عمل في صناعة صنارات صيد السمك ثم في صناعة زراكش الثياب.

    2) شواهد أخرى على العفو والتسامح

    المنكر فيك – وفي مهديَتك

    عليك تدنيه – من شدة رأفتك

    أحمد ود سعد

    من الشخصيات التي حاربت المهدية أو أساءت للمهدي وعفا عنهم:

    1) عبد الله ود إبراهيم: كان بالأبيض عندما حاصرها المهدي . غادر القلعة لما علم بدنو المهدي منها وذهب مباشرة لقتل الإمام المهدي بسلاح ناري ولما فشلت المحاولة عاد مسرعاً للأبيض وبعد فتح الأبيض سامحه المهدي بل وعيّنه قائداً لفرقة تحت إمرة حمدان أبو عنجة.

    2) كبراء الخرطوم الآتية أسماؤهم أوصى المهدي بالحفاظ على حياتهم وعيّن لهم من يقوم بذلك وهم: الشيخ محمد حتيك قاضي القضاة والشيخ الأمين الضرير شيخ الاسلام والشيخ محمد السقا والسيد حسين المجدي والمفتي شاكر والسنجك محمد قرضية وإبنه أحمد وأحمد بك جلاب مدير الخرطوم والشيخ محمد الخراساني والشيخ سليمان الدراوي ومحمد سليمان ومحمد طه الشامي والشيخ صالح أورباوي وفرج باشا الزين القائد العام .

    3) ضباط حامية أمدرمان فرج الله وعبد النبي. (حيث سمى المهدي فرج الله أميراً على عساكره وجعل له مرتباً قدره 20 ريالاً في الشهر يجرى له من بيت المال وأمر أصحابه بعدم التعرض له)

    4) حسين باشا خليفة مدير بربر ودنقلا عفا عنه بعد أن سلّم وعيّنه أميراً على العبابدة فنكث العهد

    5) الفكي مختار الكناني رفض مرور المهدي حينما كان ملاحقاً من الترك في هجرته وأعدّ جيشاً لمحاربة المهدي ولما وقع في الأسر عفا عنه. والتزم للمهدي بتسريح جيشه فنقض العهد.

    6) عفا عن الملك تيفرا مك فنقر رغم أنه أتى مبايعاً له مع زعماء الجبال فنكث العهد وخانه مع راشد بك حيث سهل مروره وكتم خبره لولا رابحة الكنانية فعفا عنه ثم خان مرة ثانية مع الشلالي حيث حاول قبض طلائع المهدي.

    7) عفا عن عثمان الطوبجي بالأبيض وأكرمه وسمح له بإقامة احتفال المولد تطييباً لخاطره.

    8) المضوي عبد الرحمن: هاجر إلى قدير وانضم للمهدي نكث عهده وذهب للعيلفون وقام بعمليات نهب وقابل الحكمدار عبد القادر حلمي ثم انضم للمهدي مرة أخرى بعد واقعة شيكان فعفا عنه وبعد وفاة المهدي هرب إلى مصر عن طريق الحبشة. ومن عجائب الحكايات أن الحكومة المصرية قبضت عليه وأرادت محاكمته بتهمة المشاركة في المهدية وتأليب سكان الخرطوم عليها إلى أن تدخل الزبير باشا موضحاً أن الثورة كانت عامة إنخرط في سلكها كل الناس

    9) محمد شريف نور الدائم: أبلغ عن المهدي في بداية الدعوة ونظم قصيدة في هجائه بايعاز من عبد القادر حلمي ولم ينتقم المهدي من استاذه وإنما تلقاه عندما جاءه بالاحترام وبحسب تعبير شقير (فاستقبله المهدي أحسن استقبال وأمر بذبح النياق إحتفالاً بقدومه وبقي في صحبته غير مهان) وظل محمد شريف على قيد الحياة طيلة فترة المهدية.

    10) سلاطين باشا: بعد تسليمه وادعائه الاسلام عفى عنه، قال غردون في خطاب لرئيس حملة الانقاذ( سلاطين مع المهدي والمهدي لم يصادر ماله بل أبقاه له كله وهو يحسن معاملته) . ولكن سلاطين أرسل لغردون خطاباً يخبر فيه عن ضعف جيش المهدي، ولما كان غردون في حاجة ماسة لرفع الروح المعنوية لسكان الخرطوم المحاصرين فقد أفشى ذلك الخطاب وأرسل منشوراً إلى جنوده وأهل الخرطوم ينقل فيه حديث سلاطين. وقد وصل ذلك المنشور للمهدي ومع ذلك لم يُقتل وإنما حبس لأجل معلوم ثم أطلق سراحه بعد طلبه الغفران.

    11) محمد سعيد حاكم كردفان: أرسل له المهدي رسلاً أثناء حصار الأبيض فقتلهم وبعد أن تم فتح الأبيض عفا عنه وأكرمه وعظمه ثم نكث فكان يكاتب غردون سراً فقتل بذلك.

    12) صالح المك: حارب المهدية في عدة مواقع وأُوكل إليه قمع الثورة المهدية في الجزيرة ورفع حصار سنار وقتل الأمير أحمد المكاشفي في سقدي. تم حصاره وأسره وأُرسل للمهدي فأكرمه وعفا عنه. ثم بعد ذلك نكث وكاتب غردون وضُبط خطابه مع السفينة التي أرسلها غردون لمصر فأسرها الأنصار ومع ذلك لم يُقتل.

    13) لبتون سلّم وذكر لأحدهم أنه سلّم لعدم وجود من يؤازره في حرب المهدي ومع ذلك عفا عنه المهدي مرتين ثم عاد وراسل غردون وأفشى أحوال الأنصار وأصبح ينتظر النجدة وقد قُبضت مراسلات غردون له مع رجل قبطي اسمه صالح شنودة ومع ذلك لم يقتل وسجن إلى حين فتح الخرطوم ثم أطلق سراحه.

    14) زوجة أبي السعود وهو أول من قاتل الامام المهدي بالجزيرة أبا. كان أحمد سليمان قد أعطاها خادمة فوهبتها لبنتها وجاءت متضررة للمهدي فكتب لأحمد سليمان: (إن زوجة أبي السعود بنت العقاد أعطت الخدامة التي أعطيت لها لبنتها لما أُرسلت إلى محمد صالح ساتي علي وقد تضررت المذكورة إلينا ولإلفها لمماليكها وموافقتهم طلبنا لها بذلك وقد وافقت التي أرسلتموها لها فجزاك الله أحسن الجزاء)

    15) وكنت قد جمعت بعض مواقف الامام المهدي التسامحية مع الشيخ محمد شريف وارجعتها لموقعها من الاثار الكاملة وكذلك مع الفكي الازيرق وغيرهما لم أذكرها لبعدي عن مراجعي. وهذه المواقف ليست حالات عارضة وإنما كانت سلوكاً وديدناً.

    وقد وصف هولت المهدي ( بالنفور من الخصام وعدم قطع العلاقات إلا بعد استنفاد أقصى وسائل الإبقاء عليها)

    16) وعند تسليم المدن كان النسق هو: يتم إعطاء الأمان للسكان لاسيما الرؤساء ، ويسمح لهم بأخذ متعلقاتهم الشخصية وممتلكاتهم مثل الأمتعة والمنقولات أما الأشياء التي تخص الحكومة مثل السلاح والذخيرة والمهمات فتورد لبيت المال.

    17) فعلى سبيل المثال لما قبلت حامية بارا بالتسليم أعطاهم الإمام المهدي الأمان وطلب من الأمير النجومي المحافظة على رؤساء وجنود الحامية وعموم أهلها من أذى الجوامعة. وكان على رأس الحامية النور بك عنقرة الذي أصبح فيما بعد من أمراء المهدية. وعن كسلا قال هولت ( وكما حدث في أماكن أخرى رأت الحامية أنه من الأفضل لسلامتها أن تطلب شروط السلام من المهدي ذاته بدلاً من الوقوع تحت رحمة القائد المحلي) وتم تأمين حاكمها احمد رفعت إلى أن نكث وغدر حينما حاول الانقلاب واستعادتها اثناء غيبة دقنة من المدينة. وعن الأبيض قال شقير أن المهدي كان يستعد لفتح الأبيض حينما أنهكها الحصار ولكن جورجي الاستامبولي استشفع المهدي شفقة على أهل الحامية وعلى أصدقائه القساوسة فسمح له المهدي بالذهاب إليهم وإقناعهم بالتسليم ثم ذكر معاملته الطيبة لهم ولمحمد سعيد حاكمها

    18) وذكر معاوية يسن في رده على شوقي بدري عن أحداث التيارة نافياً سبي النساء مايلي ( حين جاء مبعوث المهدي منذراً المدينة بالتسليم للإمام محمد أحمد المهدي، قرر المغاربة مقاومة الثائر الزاحف إلى قدير. ولا بد أنه كان قرار كثير من قبائل "أولاد الريف". وعلى ذلك استعد المدافعون عن البلدة لمقاومة المهدي بحفر خندق كبير، والخندق في كل أرجاء السودان يسمى القيقر، وأنت بذلك أدرى.

    في تلك المعركة ألحق المهدي هزيمة كبيرة بالمدافعين. وقتل غالبية الذكور، وبقيت النساء والأطفال ومنهم أجدادنا الذين خيرهم الامام المنتصر بين أن يذهبن طليقات، أو إن شئن يرافقنه في زحفه صوب البقعة. وانشقت عائلتنا نصفين. ذهب بعض جداتنا إلى أن هذا القائد الذي ضمن للحرائر أمنهن وشرفهن لحريٌّ بهن أن يرافقنه حتى لو أفضى ذلك إلى الموت. وهذا هو شق عائلتنا التي تقيم في حي مكي بأم درمان)

    3) شواهد من منشورات ومكاتبات الإمام المهدي

    • من خطاب للأنصار الذين يحاصرون الخرطوم:

    ( فألفوا عباد الله الذين يخرجون مسلمين ومنقادين بأنواع التآليف وتلقوهم بالإكرام والتشريف لتنالوا هذا الثواب الظريف وتقوموا بقصد الدين الحنيف ولا تتلقوا أحداً من المنقادين بتعنيف حيث يقول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة.) (فألفوا أبناء أبويكم آدم وحواء عليهما السلام وأكرموهما في أبنائهم صلة لهما وبراً بهما وشفقة على عباد الله سبحانه إذ أن الله يعامل عبده بما يعامل به عبيده فالذي تحبون أن يعاملكم به عند ورطتكم وخوفكم تعاملوا به عباد الله تعالى يعاملكم الله في اليوم الهائل بالشفقة والاكرام) (فيسروا أحبابي ولا تعسروا وألفوا ولا تعنفوا ولا تنظروا لمن استشهد من الأنصار فتحقدوا بسبب ذلك على من كان مع الكفار فإن قيامنا هذا لله لا لنفس ولا لسوء اختيار بل في سبيل الله ومن استشهد من الأنصار فقد نال عظيم المقدار) ( وأكرموا الذين يأتون مسلمين وخصوصاً العلماء ومن كانوا أهل وظائف كبار وبالأخص نحو الأمين الضرير فقد قال صلى الله عليه وسلم : أكرموا عزيز قوم ذل وغني قوم افتقر ولذلك أسرار مع دعاية نحو ذلك إلى اتساع الدين وإنما نحن دعاة لا منفرين)

    • ( وحيث فهمتم ما ذكر فإني لا لأؤاخذكم بما فات منكم ولا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين) ( وعليكم أمان الله ورسوله وأمان العبد لله وليس عليكم حرج فيما مضى) وذكر في الحاشية (تحشية: سنرسل لكم عبد القادر ود أم مريوم لزيادة الطمأنينة في الأمان)

    • ومن خطابه رداً على خطاب غردون الأول:

    (أما الهدية التي أرسلتها فعلى حسب نية الخير فجزاك الله الخير وهداك إلى الصواب واعلم أنه كما كتبنا لك انا لا نرغب متاع الحياة الدنيا وزينتها وإنما هي قصد المترفين الذين لم يكن لهم عند الله نصيب فها هي مرسلة إليك مع ما نرغبه من اللبس لأنفسنا ولأصحابنا )

    وفي المقابل كان رد فعل غردون ركل الهدية وإحراقها والتفوه باساءات وكتابة خطاب جانبت لغته اللياقة. كان المهدي يخاطبه بغردون باشا عزيز بريطانيا وكان رده : المتمهدي وخطابك الركيك الخ

    • وفي خطاب آخر لغردون قال:

    (لذلك لاطفت جميع الأكابر وأهل الدولة بالقول والفعل ليعرفوا ما عند الله فيرغبوا فيه) ( ومن وقع في قبضتنا من الأكابر من الدولة والحكام ما عملنا معه إلا الخير والإكرام)

    وقال لغردون عن محمد سعيد حاكم كردفان

    ( وليكن معلوماً عندك يا حضرة الباشا أن جميع الذين قتلوا على يدي أنذرتهم أولاً إنذاراً بليغاً وها هي واصلة إليكم إنذار ولد الشلالي بعد مخاطبته لي وإنذار هكس بأجوبة عديدة للعامة وجواب مخصوص له ولأكابر جيشه وقد أرسلنا إلى باشا الأبيض بجواب فقتل رسلنا وبعد أن وقع في يدنا أكرمناه وأعطيناه جبة جميلة ليتدرج إلى الصدق مع الله ولا زلنا نكرمه ونعظمه فلم يصدق وما زال يقع فيما يهلكه ونحن نصفح عنه حتى أخذته نيته فمات ومع ذلك لأجل مبايعته لي ومجالسته معي فقد أتانا خبر بعد موته أنه عفى عنه في الآخرة فصار من السعداء)

    • من رسالة لعثمان دقنة:

    (وحيث لايخفى عليك حبيبي أن قيامنا هذا لله ولمحض الدلالة إليه من غير ضغينة على أحد من قبل النفس فإن ذمة الاسلام عزيزة ولا بد من الوفاء بها لأهلها فيلزم على مقتضى وعدكم والتزامكم بتنجيز المطلوب بتحمل الأذايا في الله واستئلاف الخلق قولاً وعملاً اقتداءاً برسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعاً لقوله تعالى( ولا تزال تطّلع على خائنة منهم إلا قليلاً منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين).

    ( فعلى هذا كل من كان رافعاً رأسه عناداً للمهدية ولو آذى بالفعل إذا أذعن واتبعها وانضم..فلا تحصل له مؤاخذة بما سلف)

    ( وحذروا جميع ناساتكم من اقتحام النهي الوارد في قوله تعالى : " فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً" وقد ورد لنا من رسول الله (ص) أن ثواب الناجين من المؤمنين لنا أكثر من ثواب الكفرة الهالكين) ( ولهذا السبب كنا أصدرنا منشوراً من عندنا لكافة العملاء المحاصرين بالخرطوم هذه صورته واصلة إليكم)

    • ومن مكاتباته لغردون ( وكانت عديدة كما ذكرنا)

    قال في خطاب بتاريخ 10/10/1884 ص 80 ( ولولا مراعاة حسم دماء المسلمين لضربت صفحاً عن مخاطبتك وبادرتك بالهجومات التي لا أشك في نجاحها) وكتب له في 6/1/1885 ص 82( فإن أسلمت وسلمت عفونا عنك وأكرمناك وسامحناك ) وفي 7/1/1885 كتب له ( وبعد فإن أراد الله سعادتك وقبلت نصحنا ودخلت في أماننا فهو المطلوب وإن أردت أن تجتمع على الإنجليز الذين أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهلاكهم فنوصلك إليهم) ص 83 وقال ملاطفاً له ( لأننا قد سمعنا مراراً فيك الخير ولكن على قدر ما كاتبناك للهداية والسعادة ما أجبتنا بكلام يؤدي إلى خيرك كما نسمعه من الواردين والمترددين وللآن ما آيسنا من خيرك وسعادتك كما سمعنا من الفضل) ( ولذلك طال ما كاتبناك لترجع إلى وطنك وتحوز فضالتك الكبرى ولئلا تيأس من الفضل الكبير أقول لك : قال الله تعالى " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما") وفي سياق الترفق به استشهد المهدي في رسائله لغردون بأقوال المسيح عليه السلام فقال ( وقد قال المسيح عليه السلام يا معشر الحواريين ابنوا على موج البحر داراً ، تلكم الدنيا فلا تتخذوها قراراً) ص 58 وقال في منشور آخر ( وتعلم ذلك أنت حقيقة من سيرة عيسى عليه السلام وحوارييه وقد قال كببت لكم الدنيا فلا تنعشوها بعدي)

    • وفي تأمين الخارجين من المدن وملاقاتهم بالاكرام كان يحث المحاصرين على الرفق فقال ( وليكن ذلك بلطف وعطف... مع البشارة قال تعالى إذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام كتب ربكم على نفسه الرحمة)

    • وفي تأمين الرؤساء كتب إلى خشم الموس بك ( فلا تظنوا أننا نطلب أموالكم وما ملكت أيديكم إن سلمتم وصرتم من أصحابنا) ( فإن سلمتم عفونا عنكم ورضينا عليكم وكنتم من الأصحاب) ( وجميع أموالكم التي بأيديكم في الوابورات والتي بالبر تكون لكم ما عدا حق الميري الخاص وأسلحته الخاصة) ص 82

    • وكتب لضباط حامية امدرمان بمثل خطابه لخشم الموس

    • وكتب إلى زقل ( حبيبي حيث أن المطلوب هو حسن الدلالة إلى الله والرفق بخلق الله) ص 150

    • وكتب في منشور آخر:( ومادام حبيبي أن الرفق من سنة الأنبياء والمرسلين التي نحن نريد إحياها) ( تجرون فك سراح المسجونين بود مدني مع رد كافة ما ضبط معهم)

    • وكتب للخليفة ليكاتب أهل الخرطوم ( وليكن العفو عنهم وعن أموالهم كمثل ما كتب لأهل الققرة ولكن تستثنى أموال الميري والسلاح)

    • وكتب مخاطباً السجان: ( فمن أُتى إليك به للحبس فاستعمل فيه الرفق وأجر عليه حسب الحدود المشروعة، ولا يصير تشغيل المحابيس إلا في ضرورة)

    ولو أردنا الاسترسال لضاق المجال، إذ تضم مجلدات المنشورات السبعة التي جمعها أبو سليم رحمه الله آلاف الشواهد وليس بين يدي إلا مجلد واحد.

    4) إكرام المشائخ:

    تنقل المهدي خلال سني دراسته بين عدد من شيوخ العلم وصادف عدداً من مشائخ الطريق، وكانت علاقته – إذا إستثنينا غيرة أستاذه - طيبة معهم. ولم تشكل المهدية _ رغم مظاهر صفائها العقائدي ورغبتها في الأخذ من النبع الأول للإسلام _ لم تشكل قطيعة مع الصوفية والتطرق. حيث نهل المهدي من نبع التصوف السني النظري في مقروءاته وعاشر أهل الطرق وعرف للطريقة إيجابياتها وأكمل نقصها .وقد برز ذلك في فترة مبكرة حيث أورد في واحد من أوائل منشوراته بتاريخ يونيو 1881 ركائز الطريقة الصوفية وسماتها الست واستكملها بإيجابيات ست أخرى فكانت المهدية جماع خصائص الطريقة مقرونة بالبعد الايجابي الحركي الجهادي التوحيدي الوحدوي. ومما يدل على إحتفاء المهدي برجالات التصوف ذكره في ذلك المنشور عدداً من الأولياء الذين رحبوا بمهديته ونصحوه بعض النصائح مثل الشيخ الطيب والشيخ التوم والشيخ البصير والشيخ القرشي والشيخ عبد القادر الجيلاني. وسنرى أن أهل الطرق ورجالات الدين كانوا من أوائل أتباعه حينما نأتي لتحليل طوائف المجتمع التي تولت القيادة في المهدية.

    وقد رأينا كيف أكرم المهدي المخالفين فكيف بالموافقين؟ ،ومن شواهد إكرامه للمشائخ المنشور الذي أمر فيه بتوقير أبناء العبيد ود بدر بعد وفاته ( وإنزالهم منزلته في التوقير والاحترام وعدم التعرض لجماعتهم وأتباعهم والنظر إليهم بعين المحبة) ص 116 وكتب إلى ذرية الشيخ الولي الشهير بالعيلفون عند وفاة أبيهم الخليفة حمد محمد بركات قائلاً ( فوافقوه وانضموا إليه أنتم وهو في طاعة الله)( فليقم مقام أبيه ولينحي نحو آبائه الأكرمين) وذكر أبو سليم أن (الوثيقة أصلية مختومة بختم المهدي الرابع واحتمالاً بخط المهدي وبأسفلها إمضاء السيد عبد الرحمن المهدي وتعليق يقول بأن هذه الوثيقة تدل على أن المهدي لم يمنع رجال الطرق من عباداتهم ومشائخهم) ووثيقة أبناء العبيد أعلاه أيضاً يمكن استنتاج ذلك منها.

    وكتب المهدي محذراً من التعرض لأولاد البشير نور الدائم وسمح للطوبجي بالاحتفال بالمولد النبوي بالأبيض هو ومن ينتمون إليه. وكتب إلى سعد أحمد بدر وأبناء أخيه احمد موسى والطاهر العباس وحسب الرسول رداً على مكاتباتهم بأن يتبعوا الأمر الذي كتبه لهم الخليفة قائلاً ( وكذلك الأمر الصادر منه ( الخليفة) في مادة إتباع الناس لمشائخهم السابقين على نهج المهدية لأن الذي عمهم الله جميعاً ببركتها ونظمهم في سلكها اعتمده والسلام)

    وكتب للشيخ محمد النور من عمد بارا كتاباً يسمح له بقراءة الصلاة الجزولية أورده شقير جاء فيه : ( وبعد فمن عبد ربه محمد المهدي إلى حبيبه محمد النور وقاه الله الشرور، إننا قد قلنا أن من أمكنه أن يصلي على النبي بالصلوات الواردة المأثورة فخير لأجل الإقتداء ومن كان لا ينشط لذلك فليصلي على النبي بما ينشطه من جزوليته أو غيرها والسلام)

    ونقول حتى لو تم الأمر بإلغاء الطرق ورفع المذاهب والتوحد حول المهدية لإزالة التفرق في الدين ومواجهة المستعمرين فقد بقيت المعاملة الطيبة لهؤلاء.وسنعود بإشارات سريعة على إكرام المشائخ والعلماء في فقرات قادمة

    5) العدل

    والرفق تابعه العدل وشواهده كثيرة حيث بدأ المهدي بنفسه فقال:

    ( أحبابي سألتكم بالله العظيم ونبيه الكريم من كانت له علىّ مظلمة والحال أني ناسي لذلك فليطلبني قبل الآخرة فإني قد اتهمت نفسي بذلك) ( من كانت له مظلمة على الخلفاء والأمراء والأشراف فليطلب ذلك)

    ولما سارت سرية محمد عبد الكريم نهب أفراد منها التجار فرفع أحدهم عريضة للمهدي فقال ( نبهنا على محمد عبد الكريم بأن يسيروا بالعدل ولا يظلموا أحداً وحيث أنه حصل منهم هذا الظلم فالأحسن أن ترسل لهم لإرجاع هذه السرية لأن الظلم لا يُرجى معه نصر)

    وكتب للأنصار جهة السبلوقة بعدم التعدي على الأهالي:

    (حيث لا يخفى عليكم أن الظلم نار ودمار وهو محرم كتاباً وسنة وليس من دأب الأخيار ، إنما هو طريق الكفار الفجار وأنتم أنصار الله وقد خرجتم في سبيل الله فاحذروا من فساد هجرتكم وصونوا أنفسكم من التعرض للناس في حقوقهم وأموالهم بالطريق لغاية وصولكم ذهاباً وإياباً. كذلك واعلموا أن من تعدى على أحد في نفسه أو ماله بغير وجه حق فنحن غير راضين عليه ولا بد أن الله ينتقم منه في الدنيا قبل الآخرة.)

    وقال في خطاب لأهل الشرق: ( فقريب يورثكم الله أرضهم وديارهم فعليكم بالعدل والإحسان)

    وأوامره في رد المظالم كثيرة منها خطابه لمحمد خالد زقل عامل دارفور يذكره بالرفق بالرعية وبرد أموال أحد الذين اشتكوا من عمال الغنائم الذين أخذوا أمواله غنيمة لبيت المال والذي ختمه بقوله ( والحال بوصول هذا عندكم تردوا لهم كافة أموالهم وما أخذ منهم)

    وقال ( فلازم راحتهم ولا يعودوا لنا ثاني مرة شاكين ).

    ومثل شكوى عثمان صالح أرباوي الذي ذكر تعدي خمسة أشخاص من جيش عبد الحليم مساعد عليهم وأخذهم ممتلكاتهم كتب المهدي إلى مساعد ( ما دام حبيبي ان الرفق واللين سنة الأنبياء والمرسلين التي نحن نريد احياها إذ تعلمون أن الله تعالى أظهرنا رحمة للأمة ولم يظهرنا نقمة للمسلمين) وعند وصول جوابي هذاعندكم تفكوا سراح المسجونين بولد مدني وفداسي ....مع رد كافة ماضبط منهم) ( وأحضروا الخمسة أنفار الموضحين الذين كانوا السبب في ذلك)

    ومثل خطابه لبلال رمضان يعتذر له عن خطأ نائبه عثمان محمد فرح ويأمر برد ما أخذ منه. ومثل كتابه للخليفة يطلب منه تدارك أمر جماعة أحمد سليمان الذين ظنوا أن أحدهم أخفى شيئاً من الغنائم قائلاً ( فالواجب رد المذكورين عن هتك حرمه المصون عن الغلول وإن بان شيء ما هو معلوم عنده فليكن تبيّنه بالحضرة من غير هتك لحرمته على من تظن منهم العداوة بالسوابق التي أنفذها في الله)

    ومثل زجره للذين أخذوا من الأمين الضرير خادمه وتنبيهه لهم مراراً باكرامه وافساح المجلس له ثم طلبه منهم رد ما أخذ منه. ومثل أمره بإكرام نساء أعيان الخرطوم في عهد التركية والسعي في راحتهن ومثل هذا كثير لا يحصى.

    6) نفي المحسوبية

    وفي نفي المحسوبية كتب ( وتكون راحة جميع الأخوان والأصحاب كبيراً وصغيراً من بيت المال ولتفرغ الاخوان لخدمة الدين وراحة المسلمين لا يخدم أحد لنفسه ولا لجماعته فكل مؤمن بالله ورسوله ومهديه ومعاون على هذا الدين يكون على راحة المسلمين ولا يستبد أحد بطائفة لجماعته ولا بقبيلة لرايته ولا بجهة ومعلومية لأمره لأن هذا فيه خدمة النفوس والاتكال على غير القدوس مع أن البيعة على زهد الدنيا والاتكال على الله وبذل النفس لإقامة الدين وحيث كان الواجب القيام بالبيعة فالأخوان جميعاً فليخدموا الأعشار والزكوات والغنائم لبيت المال ولا يأخذ أحد لنفسه ولا لجماعته شيئاً.)

    وفي خطاب لمحمد الخير يذكر وظيفة بيت المال وأمينه:

    (إذ أنه -كما لا يخفى على ذكي فطنتكم- لا يريد بها إلا راحة عباد الله المساكين والأرامل والمنقطعين)

    ويأمر الأمراء في نفس المنشور برد الأموال التي استدانوها من بيت المال: ( أما من يكون تحت يده شيء منها فليتجرد التجرد الكلي ولا يترك بطرفه درهماً ولا ديناراً ولو إبرة ومن أخذ شيئاً من ذلك يؤخذ منه كرهاً ويخرج اسمه من دفاتر أنصارنا وسلك أصحابنا)

    وقال في منشور آخر رابطاً الخلافة والإمارة والنيابة بالرفق والعدل:

    (لا أتمم لكم خلافتكم ولا إمارتكم ولا نيابتكم عنا في الأحكام إلا أن تشفقوا على خلق الله) وقال ( وتنصفوهم من أنفسكم إذا إدعوا عليكم)

    7) وفي الفساد المالي

    قال: ( هذا وقد استفسر الأمناء ... واستفسروا فيمن كانوا محتاجين قبل وعادمين ما يقوتهم بموافقة كلام أهل الصداقة وبعد فتح المدينة صاروا أغنياء غناءً تاماً حتى صاروا يرسلون الرسائل لمصر بالألف جنيه ونحوه، هل يغنّمون أم لا؟ فالمذكورين بعد الوقوف على حقيقة ذلك بشواهد تدل على أنه ليس ملكاً لهم يؤخذ منهم لبيت المال وأما من أخذوا شيئاً بإدارته للأرباح فهؤلاء تعطى لهم أرباحهم ويرجع الأصل لبيت المال)

    وقد أشار صاحبا الدراسة حول كاريزما المهدي إلى أن السياسة الاقتصادية كانت تعكس المباديء الاسلامية والمهدوية في التقوى والزهد وقالا بصفة خاصة:

    (و في محاولة منه لمنع النزعة القبلية لسلب المهزوم للمكسب الشخصي وضع المهدي القاعدة الإسلامية القديمة ( لكلٍ حسب حاجته). وعليه فقد تم إعتبار الغنائم وأنواع الثروة الأخرى ملكية عامة أو مجتمعية تخص كل المجتمع المهدوي.)

    الهوامش:

    WINGATE, Ten Years Captivity In The Mahdi’s Camp, third edition London Sampson Low, Marison andcompany

    والترجمة منقولة من كتاب محمد حميد الله مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة ص561-563 وهي تتطابق مع النص الإنجليزي الذي أورده ونجت/أوهروالدر سوى الخطأ في أسماء بعض الصحابة الشهود. والجدل حول صحة الوثيقة ليس من غرض هذا الكتاب.

    أبو شامة سابق ص 133-137

    Wingate op.cit

    السيد علي المهدي سابق ص 92

    مع أن هؤلاء العلماء ألفوا الرسائل في تكذيبه والتحريض عليه. قال المهدي :

    (فإن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء وقد يدخر للمتأخرين ما عسر على المتقدمين فلا تغتروا بالخطب التي يؤلفها في ذمنا وتكذيبنا علماء السوء كأحمد بن اسماعيل الولي وحسين مجدي والمفتي شاكر ومحمد ود حتيك وود الدليل وأمثالهم ممن وقع في عرضنا فهؤلاء ممن أدخل الله في قلوبهم النفاق بحب المال والجاه)

    رسالة الشيخ أحمد الأزهري ضد المهدي عنوانها "النصيحة العامة لأهل الإسلام عن مخالفة الحكام والخروج عن طاعة الإمام"

    رسالة المفتي شاكر مفتي مجلس استئناف السودان عنوانها: بطلان دعوى محمد أحمد المتمهدي

    رسالة الضرير بعنوان هدى المستهدي إلى بيان المهدي والمتمهدي

    شقير ص 522

    محمد عبد الرحيم نفثات اليراع ص 97

    شقير ص 493

    نفسه ص 506 والخطاب بتاريخ 4 نوفمبر 1884

    (ابو سليم ج 4 ص 325).

    ( ج 1 ص 420، ج 2 ص 242، ج3 ص 86، ج 5 ص 285)

    هولت 185

    شقير 379- 380

    http://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-57324.htm

    ابو سليم ج 4 ص 200

    هولت 110

    ابو سليم نفسه ص 61-62

    ابو سليم سابق ج 4 ص 209-211

    الأثار الكاملة ج 4 ص 58

    الصادق المهدي يسالونك سابق الفصل السابع

    وذلك قوله ( الطريقة فيها الذل والانكسار وقلة الطعام وقلة الشراب والصبر وزيارة السادات فتلك ستة والمهدية فيها أيضاً ستة الحرب والحزم والعزم والتوكل والاعتماد على الله واتفاق القول فهذه الاثنتا عشرة لم تجتمع لأحد إلا لك) والكلام للشيخ الطيب في حضرة نبوية رواها المهدي

    شقير ص 619

    ابو سليم ص 161

    نفسه ص 65

    نفسه ص 185

    RICHARD H. DEKMEJIAN and MARGARET J. WYSZOMIRSKI op.cit

                  

العنوان الكاتب Date
المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدرويش.. دكتور عبد الرحمن الغالي عمر عبد الله فضل المولى03-01-16, 09:05 AM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-01-16, 09:09 AM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-01-16, 10:16 PM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� محمد أبوجودة03-02-16, 05:20 AM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-02-16, 07:48 AM
      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-03-16, 08:25 AM
        Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-03-16, 10:00 PM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� محمد حيدر المشرف03-04-16, 05:08 AM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-05-16, 04:49 PM
      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-06-16, 04:37 PM
        Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-07-16, 03:32 PM
          Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-08-16, 06:11 PM
            Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-09-16, 08:27 AM
              Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-10-16, 10:21 PM
                Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-12-16, 11:25 AM
                  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� مني عمسيب03-12-16, 11:29 AM
                    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-14-16, 11:17 AM
                      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-14-16, 11:27 AM
                        Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-14-16, 11:32 AM
                          Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-15-16, 07:29 PM
                            Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-16-16, 08:00 PM
            Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-30-16, 04:00 PM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-17-16, 09:25 AM
      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-17-16, 07:26 PM
        Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-19-16, 07:49 PM
          Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-20-16, 04:04 PM
            Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� حماد الطاهر عبدالله03-21-16, 04:14 PM
              Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-22-16, 08:42 AM
                Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-22-16, 07:45 PM
                  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-23-16, 11:09 AM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى03-31-16, 09:21 AM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� Ammar Makki03-31-16, 10:18 AM
      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� Ammar Makki04-03-16, 07:38 AM
      Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى04-20-16, 04:56 PM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى04-05-16, 04:03 PM
    Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى04-10-16, 09:44 AM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� عمر عبد الله فضل المولى06-02-16, 05:07 PM
  Re: المهدية: قراءة في أطروحة رواية شوق الدروي� sadig mirghani06-04-16, 03:03 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de