كـجـبار قــرن وربــع مـن الصـمـود بقلم عبدالرحمن إبراهيم محمد

Quote: وقد قلت بأنك قد مررت عابرا بتلك المنطقة مما لم يتح لك معاينة ماخلف تلك الأحجار التى تفتت منذ ملايين السنين وحضنت آلافا مؤلفة من أجداد هؤلا القوم القاطنين فى تلك القطعة المقفرة من الجبال لعشرات الآلاف من السنين. ولى ملاحظات. أولاهم الأهمية التاريخية لهذه السلسلة من الجبال الممتدة فى أرض النوبة والتى سهلت الدفاع عنها عبر التاريخ فلم يجروء حتى الإسكندر على غزوها. وقام على حراستها وإغلاق مسالكها رماة الحدق مما نتج عنه حماية لبقية أرض السودان من الغزاة ومذلة الإنكسار أمام المستعمرين. مما حفظ لأبناء الوطن كرامتهم وكبرياءهم فتميزوا على كل شعوب الدول النامية فى إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية بالإعتداد بالنفس وعدم قبول المذلة و "الحقارة". فلم يدم أى إحتلال لأى جزء من الوطن من سالف الأزمان لأكثر من قليل عدد معدود من السنوات، كان أطولها الإستعمار التركى الذى لم يدم لأكثر من 64 عاما. فكان السودان أول من تحرر من دول القارة وضرب الرقم القياسى فى عدم الخضوع للمستعمر المذل المهين. وهذه قضية نادرة بل معدومة فى كل الدول النامية التى درستها، وهذا ما يفسر إنكسار أنفسهم وقبولهم المذلة خاصة فى الدول التى يعملون فيها كأجراء وافدين. فالحمد لله على هذى الصخور الصم التى لو لم تفعل شيئا غير منحنا العزة والكرامة والإعتداد بالنفس، لكفتنا. ولكن الملاحظة الثانية إجتماعية-نفسية. فالأجيال التى تقطن المنطقة ترتبط عاطفيا بتسلسل أسرى يعود إلى عشرات الألوف من السنين، ولا يعرفون وطنا بديلا غير المنطقة التى يعرفون أسرارها وكيفية تطويعها بما يتلاءم مع معايشتهم اليومية لتلك التضاريس. هم جزء منها وهى جزء من كيانهم النفسى وهويتهم المتجذرة فى أعماق التاريخ. أما أهم النقاط فهو ما غاب عنك يا صديق، وهو ما ذكره لك الأخ النوبى الواعى وفاهم والأخ ماهر محمد صالح: Quote: ولكن هل وقعت عيناك على قرية كجبار ببيوتها ومزارعها ونخيلها وجزرها وناسها الأفاضل الكرام التى تقع خلف هذه الصخور بأمتار قليلة شرقا وغربا وعلى أمتداد عشرات الكيلومترات ؟؟ إنها قطعة من جنة الله فى الأرض