|
Re: عودة الشريف (الهارب) (Re: معاوية الزبير)
|
مواصلة في هذا البوست المصادفةأرجو من الزملاء الاتحاديين الكتابة في ذكرى رحيله الـ34هنا رثاء شقيقه زين العابدين الهندي له لنأخذ منه العبرةبسم الله الرحمن الرحيمرسالة إلى الشهيدبقلم : الشريف زين العابدين الهنديكان الحديث معك يخرج دائما من دائرة المحل والمكان؛ كنت تخترق دوائر الزمان بقلب يضم العالم العربي، صورة وهيولي؛ وأنت تحمل أثقال الواقع، بكل أوزانه ومعطياته وقيوده؛ وتُحلق متخطِّيا لكل الصعاب؛ ونُشْدَهُ نحن من حولك، وأنت تُذلِّل كثيرا من المستحيلات، وتُحِيل معظم الأمنيات إلى حقائق. مَن ذا الذي كان يرقب هذه المعجزة وهي تتفجر من ينابيع النبيين؟ ومن ذا الذي يحيا بها الآن ويحمل أمانتها بين كتفيه، ويمضي بها نحو الخلود؟ ومَن ذا الذي يرتاد الآن هذه المشارف السامقة وهو يبتسم حتى الموت، ويخاطب الناس من خلف البرازخ .. صارخا في البرية -كالعهد به حيّا- وممسكا بتلابيب المستحيلمَن ذا الذي يخوض الآن عتمات الظلام، شاخصا إلى الشعلة التي لا تنطفئ ولا تموت؛ حتى لو اختفى هذا الأديم البشري؟ مَن ذا الذي كان جزءا من هذا الحب الإلهي الذي لا يغيض ولا ينضب ولا يجف، لتذروه الرياح ويمضي إلى العدم؟ مَن ذا الذي عاصر هذه السيرة، وشق طريقه عبر هذه المسيرة، وحمل أثاقل العذاب على طريق الآلام؟ هاهي الأعوام تستدير كاستدارة الزمان، ولا زال النداء يتيما.. تتجاوب أصداؤه عبر الفِجاج، وما كان له أن يكون يتيما.. وما ينبغي له!! كأني بعينيك تغفو في محاجرها يقظى؛ وترقب في إغماضها جمعنا، بسعة الصدر الذي لا يضيق.. أو تحسب أنَّا نعيش الضياع ؟ كيف وهذا التراث تعلوه أكاليل الشهادة؟ أو تحسب أنَّنا في حيرة من أمرنا؟ كيف وشرف الموقف يضيق به متسع الفضاء؟ لقد كنا بك مثلما أنت الآن بنا: نكون، أولا نكون!! أراك تُسْبغ ثوب إشفاقك العطوف كعادتك.. إن هذه الدموع تبتدر قسرا .. دعها مرة .. تسيل؛ إنها تغسل الآلام .. لا تشفق. صحيح هوت السارية واضطرب السكان، والنوء يعصف بالرياح وبالرعود وبالمطر، ولكن الجرذان وحدها تغادر الآن .. وذلك فضل من الله كبير؛ فإن السفن ترتفع فوق الأمواج. لا زلنا نرى الشـاطئ في عينيك قريبا؛ وها أنت ترى إنَّا جاهدون في رفع الشراع.. فغدا تشرق الشمس ثانية، ويسكن الريح رُخاءً اطمئن.. لقد تعلمنا منك … وما أكثر ما تعلمنا منك. تعلمنا منك: - التوازن الصعب- إنها لن تنحرف شرقا، ولن تنحرف غربا.. - إن الوطن الذي تحلم به، يترامى بين ذلك الخليج وذلك المحيط.. - إن الحرية التي تريدها لقومك، هي ذات الحرية التي تريدها لوطنك الكبير.. - وقوميتك الكبرى؛ تلك التي دافعت عنها حتى الموت. فلم تكن عبدا، مثلما أنك لم تُرِد أن تكون سيدا لمستعبدين.. أنَّى كان هذا الاستعباد.. حتى لو كان لطبقة؛ وحتى لو كان لحزب؛ وحتى لو كان لفرد. - وإن الديموقراطية التي أردتها، هي تلك التي يعيش فيها الإنسان حر الفكر، وحر المعتقد، وحر الرأي، وحر القول والعمل. - وإن الاشتراكية التي نشـدتها، هي عدالة الطمأنينة المشروعة، التي لا تجعل للطموح قيدا، ولا تتخذ للطمع استغلالا، ولا يعرف فيها الفرد طعم الحاجة المر، ولا يتأذى فيها بتخمة الشبع من عرق الآخَرين، ويمتد فيها النظر عبر أجيالها المقبلة، بغير التضحية.. بجيل أو بعض جيل. مثلما علَّمتنا أن الجادة، ألاَّ يطمِس اليمين أعين الحقيقة الحضارية، وألاَّ يبعثر اليسار معالم التراث، ويدفن المنابع القومية. كما علَّمتنا أن القيادة هي نكران للذات وفناء في المجموع، وعيش بالحس الوطني، وضرب للمثل الأعلى.. رائع السَّمْت والخلق والتكوين؛ وأنها حب أساسي للناس (كل الناس) ، وإيثار للناس (كل الناس)، ورعاية وعناية، يستظل بها حتى الأعداء ، ويجدون فيها العفو والصفح والتسامح والغفران. وعلَّمتنا أن الناس يتعلمون من أخطائهم؛ وأن الخطأ وليد التجربة؛ وأن الحركات كلها تجارب؛ وأنها عُرضة للخطأ مثلما أنها عُرضة للصواب. وكان عندك للمخطئ درس ووعي ونقاش ، مثلما للمحسن تفويض وتأهيل وتوكيل . وعلَّمتنا .. أن كل الكبار آباؤك، وكل الأتراب إخوانك، وكل الصغار أبناؤك، من غير أن يفرق بينك وبينهم .. دين ولا لون ولا لغة ولا حزب ولا معتقد. وعلَّمتنا .. كيف يكون الرجل أمَّة وحده، ويكون قوماً ويكون وطناً، ويكون إنسانية برُمَّـتِها. وعلَّمتنا .. كيف يكون الوفاء وأنت تخاطب الأزهري من لُجج آلامك، ومحيطات متاعبك، التي لم تبلغ قدميك يوما… تمارس له عهود الوفاء، وتطمئنه على إكمال المسيرة، وتؤكد له السير قُدما –بلا كلل ولا ملل– بالمجموعة كلها (بين ساعديْك وعلى صدرك) حُنوَّا وحِرصاً، ومودة وصبراً، واحتمالاً وتحمُّلاً. وعلَّمتنا كيف يفنى الإنسان في قضية، حتى تحيا بحياته وتتنفس بأنفاسه؛ لا يخاصم إلاَّ فيها، ولا يصالح إلاَّ فيها، ولا يفكِّر إلاَّ بها، ولا يحيا إلاَّ لها؛ وكيف يكون من أجلها روحاً لا يدركها التعب، وطاقة لا ينالها النفاد، وجسما لا يَهُـدُّه الجوع، وأعينا ساهرة لا تطرق النوم.. ولا يغشاها النعاس كما يغشى الناس. وعلَّمتنا أن الخوف والدَّعة والراحة، والرفاهية والاسترخاء، هم أعداء ألِدَّاء للنضال والكفاح. وأعلمتنا بالبيان أنك مع المقاوم المعتقَل في سجنه، ومع المقاتل في مصرعه، ومع المهاجر في مهجره؛ وأنك تتوشح بدماء الشهداء من قبلك ، وتحمل مسؤولية من معك.. ومن ليس معك !! وعلَّمتنا أنك لا تحالف لتنتكس، ولا تعاهد لتنكُث، ولا تبايع لتنقُض، ولا تصادق لتغدر، ولا تزامل لتُماري. تنصَّلَـت مِن حولك "الجبهة" فصرت صمودا، وقعد مِن حولك القاعدون فذهبت وربُّك تقاتلان، ولم يضرُّكما شيء.. وأرخيت سوابل السِّتر على كل شيء. نَـمْ الآن يا أبا هاشم .. هانئا قرير العين: فكل الذين شرعوا معك شرعة الجهاد الحق؛ يجتمعون ويتجمَّعون، ويبتدرون ويتبادرون ، وأنت ملء قلوبهم وصدورهم وعزائمهم؛ وما اعتركت شهور الأعوام إلاَّ بدفن الموتى، ولَمِّ الجرحى والصفوف، وشحذ الهِمم وإعداد العُدة والعدد. لقد تثاقلت خطوات التاسع من يناير 1982، وهو يجرُّ نفسه نحو المغيب، مؤذنا بانتهاء مرحلة طويلة عميقة ومتسعة الأبعاد؛ هي من أروع وأحدث ما خطَّته صنوف النضال، على صفحات التاريخ المعاصـر، فنَّا متميزا جديدا عامرا ، وغنيا .. من أفانين النضال والتربية الوطنية... تنقَّلتَ بين الممارسات النضالية الشعبية المسلحة (حيث اختلطت دماء الشهداء مُروية شوارع الخرطوم، في أروع مظهر من مظاهر الوحدة الوطنية) إلى الممارسات السياسية العربية والأفريقية، مع الدول الصديقة وحركات التحرير المساعدة، وشخصياتها القيادية الحميمة، التي أدركت أصالة العمق الوطني، والتوجُّه القومي النقي .. في القيادة السودانية، وما تعتمل به أعماقها من ثروات نضالية، تجعلها من أبرز ركائز النضال القومي .. في الساحة العربية. نَـمْ أبا هاشم راضيا مطمئنا ومرضيا عنك بإذن الله تعالى؛ فما لمثل ما بدأت انقضاء، إلاَّ النصر أو القبر … ولا توسُّط بينهما .. لكل الذين وقفوا معك وسمعوا ووعوا، وتعلَّموا وأمَّلوا وانتظروا؛ وهم قطرك كله، وبلادك كلها، ووطنك العربي كله، وقارَّتك الأفريقية جمعاء. هذا الوجود المقدس .. الذي يضمه قلبك الرحب الكبير الذي لم يزل ينبض، ونســمع نحن وجيبه ونحس خفقه ونتجـاوب مع صداه .. وهو يمتلئ بأركانه وأرجائه، بكل الذين عرفوك شعلة عربية أفريقية (ناصر، لومومبا، جيزينغا، نكروما، سيكوتوري، بن بيللا، فيصل، صدام، القذافي، أبوعمار، جوكوني) كان هذا رهطك.. يوم يعطِّر التاريخ صفحاته بذكراك؛ وكانت هذه أبعاد الرؤيا لديك في أرجائها الواسعة وأبهائها الرحبة. نَـمْ أبا هاشم .. فلم يزل هذا هو الهدف، وهذا هو الدستور، وهذا هو الحداء؛ وهاهنا مصارع الشهداء وانتصارات المناضلين. إننا بسبيل إلقاء بعض الجثث إلى اليم، فقد ماتت من الرعب؛ وها هي العاصفة تهدأ، والسارية ترتفع، ويوشك الليل أن ينقضي، ويوشك القيد أن ينكسر . هو ذا أبو الشهداء … الزعيم الخالد: إسماعيل الأزهري، وبصحبته الشهيد الثائر: محمد صالح عمر، والإمام البطل: الهادي المهدي .. يُقْبلون، رموزا خالدة للوحدة الوطنية السودانية. وإلى اللقاء ... أبا هاشم
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
عودة الشريف (الهارب) | معاوية الزبير | 12-20-15, 01:27 PM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | درديري كباشي | 12-20-15, 01:51 PM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | معاوية الزبير | 12-20-15, 04:43 PM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | معاوية الزبير | 12-20-15, 09:48 PM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | معاوية الزبير | 12-21-15, 01:17 AM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | Mohamed Yassin Khalifa | 12-21-15, 01:59 AM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | معاوية الزبير | 12-21-15, 04:41 AM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | عاطف عمر | 12-21-15, 05:09 AM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | معاوية الزبير | 12-21-15, 05:53 AM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | wadalzain | 12-21-15, 09:32 AM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | معاوية الزبير | 12-21-15, 04:51 PM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | عرفات حسين | 12-21-15, 05:11 PM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | عرفات حسين | 12-21-15, 05:15 PM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | عبدالعظيم عثمان | 12-21-15, 06:02 PM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | معاوية الزبير | 12-21-15, 07:45 PM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | مامون المعتصم أحمد | 12-21-15, 08:42 PM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | ابراهيم حموده | 12-22-15, 03:44 PM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | معاوية الزبير | 12-22-15, 04:14 PM |
Re: عودة الشريف (الهارب) | الفاتح شلبي | 12-22-15, 05:31 PM |
|
|
|