المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة ... كتاب

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-24-2024, 01:29 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-25-2015, 08:20 PM

حافظ البشاري
<aحافظ البشاري
تاريخ التسجيل: 01-23-2006
مجموع المشاركات: 203

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. (Re: حافظ البشاري)


    للمدينة مواقيتها اليومية التي تعلن عن حضورها الزماني والمكاني فاذان مسجد السوق الكبير في وسط المدينة يعلو مكبره الصوتي كل الفضاءات و تتبعه اذانات الاحياء الشعبية في تزامن كورالي صباحي وفيض من الروحانيات العتيقة عند تلاوة قرآن الفجر بصوت امام الجامع الكبير الشيخ سعد تبعثها مكبرات الصوت الي الجبال المحيطة بالمدينة وتبعث فيها الصحو لتردد مع صوت القاري الخرافي يا جبال اوبي معه و الطير ويتنقل شيخ سعد في تلاوته الصباحية بين سور وايات محورها الجبال وتستمر تلك التلاوات و التراتيل في مداها الزمني وتمددها بفضل الصدي حتي قبيل مطلع الشمس تبعث في الارواح وفي الابدان الحيوية و النشاط و الهمه هكذا يبدآ الجبليون وآهل الجبال صباحاتهم الباكرة ببعد ايماني ونقاء روحي تردده اصداء الجبال في شراكة تجعل للطبيعة حضورا قويا في الحياة العامة لسكان المدينة

    كل صباحات المدينه ندية فمن شرق المدينه الذي لا تغطيه الجبال تشرق شمس المدينة باعثة باشعتها الضوئية الدافئه الي كل بيت والي كل حجر في جبال المدينة والي كل شجرة من اشجار النيم والانجل و المهوقني التي تغطي مساحات مقدرة من طرق المدينة وساحاتها الخضراء وحيث انه لم يكن ثمة وسائل حديثه للنقل في تاريخ المدينة القديم فالناس في رواحهم و غدوهم يترجلون طرقات المدينة جيئة و ذهابا الا قليلون منهم يركبون دوابهم

    في طرقات المدينة الصباحية المزدحمه تري كل عمال المدينة بازيائهم المميزة يجوبون طرقات المدينة ذهابا الي اعمالهم في الصباح فممرضي و ممرضات المستشفي المركزي بزيهم الابيض يشكلون حضورا مميزا وعمال المحلج و النسيج و الموظفون المدنيون وتلاميذ المدارس في مواكبهم الصباحية بازيائهم الموحدة ذات القمصان الزرقاء الفاتحه و الاردية الزرقاء الغامضة او الكاكية الفاتحه و الداكنه و الفتيات بالبلوزات و الاسكيرتات الخضراء و البنية او الزرقاء الفاتحه و بكل الوان الطيف المدرسي يشكل تلاميذ المدارس مهرجانا من الفرح الصباحي وكذلك عمال النقل الميكانيكي راجلين او علي دراجاتهم بزيهم الازرق المميز وكل فريق بزي مميز او بدون تراهم يزحمون الطرقات في انسجام وتناغم صباحي فريد يؤكد ان المدينة قد افاقت من غفوتها و سباتها العميق وها هم اهلها يواصلون مسيرهم وكدهم اليومي من اجل ان يكون للحياة معني وفوق كل ذلك يشكل كاكي الشرطة و السجون والجيش حضوره المميز بين العامة وهم علي ارجلهم او علي دراجاتهم و سياراتهم الحكومية المكشوفه يبعثون اشارات الامن و الامان و الطمانينة للجميع

    كل علي شاكلته يسير في دروب المدينة الصباحية محييا من يلاقي و سائلا عن احواله و متفقدا لمن غاب عن مهرجان الفرح الصباحي عله بخير وقد اعتاد الجميع علي المسيرة الصباحية التي آصبحت عرفا اجتماعيا لاجيالا و اجيال فيها يتبادل آهل المدينة الدعوات الاجتماعية وفيه تنتقل اخبار المدينة من فرد الي آخر في يسر وسرعة متناهية وحين يصل الجميع الي منتهي مسيرته الصباحيه ينتظرون للحظات قليلة قبيل دقات ساعة النقل الميكانيكي التي تعلن ان عقاربها اشارت الي الساعه السابعة و النصف صباحا و عند سماع دقاتها ينهمك الجميع في اداء اعمالهم فهاهم تلاميذ المدارس يدخلون فصولهم بعد طوابيرهم الصباحيه وقوات الشرطة و السجون و الجيش ينهون طابورهم الصباحي وكل موظف يدخل الي مكتبه فالسابعه و النصف صباحا هي ميقات بداية العمل الرسمية في المدينة وهي الفاصل الزمني لبدء العمل ومع اخر دقاتها تخلي طرق المدينة من الجميع الي حين انتهاء ساعات العمل في الثانية و النصف ظهرا حين تعاود الساعه مره اخري دقاتها معلنه نهايه الدوام اليومي

    و يجئ نهار المدينة حاملا معه الدفء وتخلي طرقات المدينة الا ممن يسير في محازاة ظلال اشجار المهوقني و النيم لاتقاء حرارة شمس المدينة اللاسعة ورغم ذلك فان سوق المدينة هو اكثر اماكن المدينة زحاما فلا يخلو شبر من برندات سوقي المدينة من قدم لبائع او لمشتري فسوق المدينة بقسميه الداخلي و الخارجي هو

    اكثر
    اقسام المدينة حيوية ونشاط خاصة في مواسم الصيف وانتهاء موسم الحصاد في القري والمدن الصغيرة المجاورة لمدينة كادوقلي حيث تعج المدينة بحركة تجار المحاصيل وتجار الماشية و موردي الخضر والفاكهة

    حين تتجه شمس المدينة حسيسا نحو الغرب مخلفة ورائها ظلال للاشياء يخف معها سعير شمس الظهيره تدب الحركة مرة اخري في جسد انسانها و تكتظ شوارع المدينة بالمارة كل سائر الي من حيث اتي عائدا الي داره و في اوقات العصر تعج طرقات الاحياء الشعبية بالمارة و تكتظ الساحات الشعبية والميادين الرياضية باللاعبين يمارسون رياضاتهم المتنوعه الي حين غروب الشمس خلف جبال المدينة مخلفه ورائها اشعتها الذهبية التي تظلل امسيات المدينه بالفرح و البهجة الغامرة فمساء المدينة من اجمل مساءات المدن فهو كورال و لحن من الضياء يردد انشوده الزوال وهاجس حلول الظلام الدامس

    حين تغيب الشمس الي مستقر لها وراء جبال غرب المدينة العالية يسري في المدينة ظلام كثيف يعلن ان ليل المدينة طويل وان لابد من حراك بين طياته ليبدد تلك الظلمات الهالكه فالليل رغم ظلامه الموحش الا ان اهل المدينة يمارسون فيه اسمارهم و اذكارهم التي ينقلها صدي الجبال من حي الي اخر من شرقها الي غربها وبين شمالها وجنوبها حتي منتصف الليل الذي فيه تخفت حدة الحرکه وتزداد حدة الصوت بفعل السكون وحينها يغطي اهل المدينة في سبات عميق في انتظار اشراق يوم جديد فالمدينة تعيش بين نهاراتها ولياليها عوالم مختلفه كل له شخصيته المختلفة المرتبطه بحركة الضوء او سكون الظلام فالشخوص الليليون لهم ملامحهم الليلية و النهاريون لهم طابعهم النهاري وما بين النهاريون و الليليون للناس العاديون وجودهم الكثيف و لمن هم خارج نطاق التعريف التاريخي للاشياء مكانهم و اسماءهم المعروفه

    لكل مدينة معالمها و شخصياتها الواقعية و الاسطورية وفي تاريخ كل مدينة آثر وانسان يكون شاهدا للدلالة علي
    صدق الواقع او الاسطوره يغذي بعدها المعنوي و يشخص حياتها الماثلة هكذا تعيش المدينة حياتها واقعا و اسطورة في انسياب وسماحة فكل له دوره المؤثر في الحياة العامة بدون تنازع او تضاد ففي تاريخ المدينة القديم منه و الحديث شخصيات واساطير ووقائع منها ما هو مستمر ومنها ما انقطعت جذوره و صار حكايات متداولة
    ولان تحولات الوقائع والاحداث في المدينة ايقاعها بطئ فليس من ثمة حاجة للعجله فذاكرة المدينة الشفاهيه تحفظ عن ظهر قلب كل حدث و تاريخ وتنقله بامانة و دقة متناهية عبر جسور وحبال سرية من جيل الي جيل موثقة لكل حادثة وواقعه مكانها وزمانها في كتاب الذاكرة الجمعية و الذي تمثل صفحاته حياة كامله لاحداث الماضي وشخصياته ترفد حياة انسان المدينة الحاضر بصورة تبوغرافية للاحداث و المواقف
    شخصيات المدينة كثيرة تظهر و تختفي تؤثر في الواقع و يؤثر عليها الواقع تسير احيانا في خط سير الواقع و
    احيانا كثيرة تتجاوزه راسمة خط سيرها المخالف للواقع تتفق مع المزاج العام احيانا و احيانا كثيره تتجاوزه
    فمدينة بلا اساطير مدينة بلا شخصية فاذا كانت الاساطير تجذر للماضي مشروعية وجوده الخفي و المستتر خلف فضاءات اللغة و الحراك الاجتماعي فانها بلا شك ايضا تفسر كثير من سلوك انسان الحاضر و تصبغ ملامحه
    بحبرها السري في احيانا كثيره معلنة عن وجودها في تمثلات كثيرة تتضح بمقدرة الاخريين علي فك شفراتها
    التعاطي مع تنوع المدينة الاثني و الثقافي و الروحي جعل من خيال انسانها خيالا خصبا تتسع فيه اساطير الانا الخاصة لتتماهي في اساطير الاخر الغريب و لتصبح كل الاساطير تراثا اسطوريا ووعيا جمعيا في ذاكرة اصبحت لها القدرة العملية في اعادة انتاج انسان المدينة وتشكيله في شخصية متفردة تحيطه حالة من الخصوصية و الغموض الذي لايستطيع فك شفراته الجينيه الا من عاش في المدينة ردحا من الزمن و اصبح جزءا من نسيجها وتراثها و اصبحت المدينة جزء لا يتجزا منه هكذا اصبحت علاقه الانسان بالمدينة

    للناس وللاماكن عالمها الخاص في المدينة صاغته اللغه المدينية بابداعها المتفرد مستفيده اي تلك اللغة من كل منجز انساني و طبيعي او حتي متخيل و مستحدث كحالة خاصة تتناسب مع ما اتفق ان يكون مسمي للاشياء او للناس او الاماكن فحينما تتحدث الي اهل المدينة فانهم يتحدثون لغتك التي تفهمها وتعيها ولكن ثمه خيط رفيع يرتبط في ذاكرتك بان للغه هنا في المدينه فقه اخر و بلاغة مستتره تستفز كل ما عرفته من مركبات اللغه و الافعال انها لغة المدينه لغة الخلاسيين التي شكلتها لغات كل سكان المدينة علي اختلاف شاكلاتهم ولحنت حروفها اصداء الطبيعة واصبحت لغة تخرج من القلب والروح و ليس من الفم واللسان و بسبب هذه اللغة المفرده يحس كل غريب عن المدينة بان غربتة ماهي الا خيالات عميقه وليست واقعا فالواقع هو انه واحدا من كل المدينه وجمعها
    وان تاريخه الخاص له مكان في صفحات تاريخ المدينة العام

    تتحدث قبائل جبال النوبة الكثير من اللغات الخاصة بكل قبيلة و تشترك كثير من القبائل في لغات متشابه و حين اتسعت رقعة تواجد المجموعات الوافدة من خارج اقليم جبال النوبة تزاوجت كثير من اللغات المحلية مع لغات الاغراب ونتج عن ذلك التزاوج لغات هجين و لغات تخاطب مشتركه في الاطراف و حين اتسعت المدن لتضم بين اطرافها اناس و لغات و اديان وثقافات عديدة انتجت المدينة لغتها الفريدة من نسيج كل تلك اللغات و انتجت المدينة ايضا دينها المتعدد من جذور كل الاديان و الاساطير و اضحت ثقافة المدينه ناتج قسمه الكل علي نفسه و الواحد علي الجمع هكذا امست المدينه كل في واحده و واحدا في كله لا ينتمي الا للمدينه و لا يعرف الا بها
    واجيالا عبر اجيال شكلتهم طبيعة المدينة وفضاءها المكاني و المعرفي و الانساني المتفرد
                  

العنوان الكاتب Date
المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة ... كتاب حافظ البشاري08-25-15, 07:13 PM
  Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. لطفى العمده08-25-15, 07:19 PM
  Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري08-25-15, 07:22 PM
    Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري08-25-15, 07:26 PM
      Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري08-25-15, 07:31 PM
        Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري08-25-15, 07:33 PM
          Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري08-25-15, 07:50 PM
            Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري08-25-15, 08:01 PM
              Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري08-25-15, 08:14 PM
                Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري08-25-15, 08:18 PM
                  Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري08-25-15, 08:20 PM
                    Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري08-25-15, 08:24 PM
                      Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري08-25-15, 08:27 PM
                        Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري08-25-15, 08:41 PM
                          Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري08-25-15, 08:49 PM
                            Re: اساطير ... المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري08-25-15, 08:52 PM
                              Re: المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري09-06-15, 00:23 AM
                                Re: المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري09-08-15, 06:38 PM
                                  Re: المدينة الخلاسية ... سيرة مدينة .. حافظ البشاري10-06-15, 09:35 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de