|
Re: سياحة ميسرة فى بطون الفكر الوجودى (Re: طلعت الطيب)
|
ظل التساؤل الاساسى عند هيدجر فى كتابه الاول "الوجود والزمن - 1927م" هو ماذ ا يعنى الوجود فى هذه الحياة ؟ اما فى كتاباته اللاحقة فقد إنصب تفكيره حول البرهنة ولو شعريا وميثولوجيا بالتركيز على مسألة إزالة الحواجز والعقبات شخصية كانت ام ثقافية، والتى تحجب ما أسماه بظهور حدث الوجود occurence of the being event وبمعنى آخر كان هيجر ناقدا لكل ما يشغلنا عن الانفتاح على الحياة ومعنى الوجود. حيث افاد ان ذلك يحدث فى العادة حينما تشغلنا أسئلة ميتافيزيقية حول الجوهر والوجود، السبب والنتيجة، الذات والموضوع ونظريات ذات طبيعة انسانية. فى خطابه المعنون " رسالة الى الانسانية" الموجه لسارتر وكتاباته انتقد مفهوم الانسان كحيوان ناطق وافاد بأن الانسان راعى للوجود وليس مجرد حيوان ناطق. وكان هيدجر اول من انتقد المجتمع التكنولوجى الذى يضع الانسان وسيلة للانتاج والمنفعة واتهم سارتر بأنه فشل فى تفادى التقاليد الميتافيزيقية والانثروبوجيا التى تنتج مثل تلك المفاهيم. بمعنى آخر كان الرجل اول من انتقد مفهوم الانسان ذو البعد الواحد وافاد بمجد الانسان (او الدازين ويقصد به هيدجر طريقة الانسان فى الوجود) يرتبط بقدرته فى الانفتاح على الوجود وحفظ مكانته فى هذا العالم من اجل ظهور ذلك الوجود. يرى هيدجر ان مجد الجنس البشرى يتمثل فى البقاء منفتحا على ذلك "النداء " او البعد المقدس الذى يرواغه فى اهتمامته اليومية ليفيدنا الرجل خاصة فى كتاباته اللاحقة بضرورة ان نتعلم طريقا الاقامة "ادبيا" و"جماليا" فى هذا العالم بدلا عن الاكتفاء بالوجود البراجماتى . تطرّق هيدجر ايضا فى اعماله لما سبق وان كنت قد طرحته فى مسألة "القلق الوجودى" existential anguish ووجودنا البشرى العابر فى هذه الدنيا الذى كان قد طرحه فى كتاباته الاولى. وهو ما اطلق عليه " الوجود حتى الموت" being-unto-death والخاص بمعرفة وقبول الموت بأعتبار انه يعد تجسيدا لوجودنا المحدود فى هذه الحياة ولانه يساعدنا فى الانفتاح على الحدث الوجودى ومعناه، فالموت يواجهنا بإحتمال ان نكف عن الوجود. ولذلك اود ان انبه هنا الى ما ظل يثير إهتمامات مارتن هيدجر هو الاقتراب من الوجود (الانطولوجى) اكثر من الميتافيزيقيا (لان الاخيرة تعنى التبويب النهائى الذى عن طريقه نقوم بترتيب افكارنا). القوى التى توحد قوانا البشرية وتجمعها مهمة لانها تتمثل فى قدرتنا على منع تبديدها بالانشغال فى تفاصيل الحياة اليومية عن معانى الوجود. وهذا المفهوم الهيدجرى واهميته الانسانية العالية هو ما لفت نظر سارتر حيث افاد هيدجر بأن الانشغال بالقضايا الاخلاقية والجوانب النفسية للاخلاق دون الانتباه الى قوتها فى استكناه معنى الوجود قد يقود فى نهاية الامر الى ان ينشغل الوجودى بالاشجار المتشابكة بينما يغفل عن الغابة التى تتشكل منها.
|
|
|
|
|
|
|
|
|