|
Re: الهروب الصغير - نوستالجيا (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
كان الصبي يبدّل نظرات سرية صامتة متسائلة مترددة بين ملامح جدته الصارمة الصامتة القلقة و بين ملامح السائق جاد الملامح و هو يركز نظرات جادة نحو الطريق الذي يتلوى أحيانا و أحيانا يستقيم في تبادل متكرر. كان الصبي يدرك بأنه المقصود بهذه الرحلة و أنه المتسبب في كل هذه المشقّات للجدة البدينة متوسطة العمر. ترك الصبي والدته و والده و أسرته الصغيرة في الخرطوم و جاء هارباً إلى تلك البقعة. ركب القطار خفية و لم يحدث أحدا. أحدث اختفاؤه المفاجيء الذعر لدى والديه. المسألة يمكن تفسيرها بأنه تسيّب من تلميذ لا يود أن ينصاح لأسلوب الحيا المدرسية. كان يعشق الإنطلاق. نوستالجيا محببة تجذبه نحو الحرية و حياة الطفولة التي لا تنصاع لقيود المجتمع. كان قد زار مع والديه قبل عامين مسقط راسه في إحدى قرى و ضواحي الدامر، فنما في داخله شوق للعب مع أنداد و من الأقارب كانوا مزارعين بحكم النشأة و يمتهنون مهنة واحدة يركبون الحمير ذاهبين للمزارع في الصباح و يقضون نهارهم في الحقول الخضراء ...يسبحون في النهر يداعبون الأبقار ذات العيون الواسعة و الجلد البني المحمر الأملس الناعم. كان الصبية يعودون في رحلة مسائية يحملون في حميرهم العلف و اللبن ليبيعونه في السوق ثم يعودون لمنازلهم بعد العشاء بعد أن باعوا بضاعتهم . رآها (هو) حياة لذيذة ...ممتعة ممعنة في الحرية أو رغبة في التسكع أو جري وراء اللعب. فقرر بينه و بين نفسه أن تلك الحياة التي يستحقها و التي يود أن يحياها.
|
|
|
|
|
|
|
|
|