|
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد (Re: Mohamed Yousif)
|
نواصل بما جاء في العقد الفريد " فأقام روح بفلسطين، وخرج حسان إلى الأردن، فقام ناتل بن قيس الجذامي فدعا إلى ابن الزبير، وأخرج روح بن زنباع من فلسطين، ولحق بحسان بالأردن فقال حسان: يا أهل الأردن، قد علمتم أن ابن الزبير في شقاق ونفاق وعصيان لخلفاء الله. ومفارقة لجماعة المسلمين؛ فانظروا رجلا من بني حرب فبايعوه فقالوا: اختر لنا من شئت من بني حرب، وجنّبنا هذين الرجلين الغلامين: عبد الله وخالدا ابني يزيد بن معاوية؛ فإنا نكره أن يدعو الناس إلى شيخ، ونحن ندعو إلى صبيّ. وكان هوى حسان في خالد بن يزيد، وكان ابن أخته؛ فلما رموه بهذا الكلام أمسك، وكتب إلى الضحاك بن قيس كتابا يعظم فيه بني أمية وبلاءهم عنده، ويذم ابن الزبير ويذكر خلافه للجماعة، وقال لرسوله: اقرأ الكتاب على الضحاك بمحضر بني أمية وجماعة الناس. فلما قرأ كتاب حسان، تكلم الناس فصاروا فرقتين، فصارت اليمانية مع بني أيمة، والقيسية زبيرية، ثم اجتلدوا بالنعال، ومشى بعضهم إلى بعض بالسيوف، حتى حجر بينهم خالد بن يزيد، ودخل الضحاك دار الإمارة فلم يخرج ثلاثة أيام. وقدم عبيد الله بن زياد فكان مع بني أمية بدمشق، فخرج الضحاك بن قيس إلى المرج- مرج راهط- فسعكر فيه، وأرسل إلى أمراء الأجناد فأتوه، إلا ما كان من كلب؛ ودعا مروان إلى نفسه، فبايعته بنو أمية، وكلب، وغسان، والسكاسك وطيّ؛ فعسكر في خمسة آلاف، وأقبل عباد بن يزيد من حوران في ألفين من مواليه وغيرهم من بني كلب، فلحق بمروان وغلب يزيد بن أبي نمس على دمشق فأخرج منها عامل الضحاك، وأمر مروان برجال وسلاح كثير. وكتب الضحاك إلى أمراء الأجناد، فقدم عليه زفر بن الحرث من قنسرين وأمده النعمان بن بشير بشرحبيل بن ذي الكلاع في أهل حمص، فتوافوا عند الضحاك بمرج راهط، فكان الضحاك في ستين ألفا، ومروان في ثلاثة عشر ألفا، أكثرهم رجالة، وأكثر أصحاب الضحاك ركبان؛ فاقتتلوا بالمرج عشرين يوما، وصبر الفريقان، وكان على ميمنة الضحاك زياد بن عمرو بن معاوية العقيلي، وعلى ميسرته بكر بن أبي بشير الهلالي: فقال عبيد الله بن زياد لمروان: إنك على حق، وابن الزبير ومن دعا إليه على الباطل، وهم أكثر منا عددا وعددا، ومع الضحاك فرسان قيس؛ واعلم أنك لا تنال منهم ما تريد إلا بمكيدة، وإنما الحرب خدعة، فادعهم إلى الموادعة، فإذا أمنوا وكفّوا عن القتال فكرّ عليهم. فأرسل مروان السّفراء إلى الضحاك يدعوه إلى الموادعة ووضع الحرب حتى ننظر. فأصبح الضحاك والقيسية قد أمسكوا عن القتال، وهم يطمعون أن يبايع مروان لابن الزبير، وقد أعد مروان أصحابه، فلم يشعر الضحاك وأصحابه إلا والخيل قد شدت عليهم، ففزع الناس إلى راياتهم من غير استعداد وقد غشيتهم الخيل، فنادى الناس: أبا أنيس، أعجز بعد كيس ، وكنية الضحاك: أبو أنيس، فاقتتل الناس، ولزم الناس راياتهم، فترجّل مروان وقال: قبح الله من ولاهم اليوم ظهره حتى يكون الأمر لإحدى الطائفتين. فقتل الضحاك بن قيس، وصبرت قيس عند راياتها يقاتلون، فنظر رجل من بني عقيل إلى ما تلقى قيس عند راياتها من القتل، فقال: اللهم العنها من رايات! واعترضها بسيفه، فجعل يقطعها، فإذا سقطت الراية تفرق أهلها، ثم انهزم الناس فنادى منادي مروان: لا تتبعوا من ولّاكم اليوم ظهره. فزعموا أن رجالا من قيس لم يضحكوا بعد يوم المرج، حتى ماتوا جزعا على من أصيب من فرسان قيس يومئذ، فقتل من قيس يومئذ ممن كان يأخذ شرف العطاء، ثمانون رجلا، وقتل من بني سليم ستمائة، وقتل لمروان ابن يقال له عبد العزيز، وشهد مع الضحاك يوم مرج راهط عبد الله بن معاوية بن أبي سفيان، فلما انهزم الناس، قال له عبيد الله بن زياد: ارتدف «2» خلفي. فارتدف، فأراد عمرو بن سعيد أن يقتله، فقال له عبيد الله بن زياد: ألا تكف يا لطيم الشيطان؟ وقال زفر بن الحارث وقد قتل ابناه يوم المرج: لعمري لقد أبقت وقيعة راهط ... لمروان صدعا بيّنا متنائيا فلم تر مني زلة قبل هذه ... فراري وتركي صاحبيّ ورائيا أيذهب يوم واحد إن أسأته ... بصالح أيامي وحسن بلائيا أنترك كلبا لم تنلها رماحنا ... وتذهب قتلى راهط وهي ماهيا وقد تنبت الخضراء في دمن الثّرى ... وتبقى حزازات النّفوس كما هيا فلا صلح حتى تدعس الخيل بالقنا ... وتثأر من أبناء كلب نسائيا فلما قتل الضحاك وانهزم الناس: نادى مروان أن لا يتّبع أحد، ثم أقبل إلى دمشق فدخلها، ونزل دار معاوية بن أبي سفيان دار الإمارة؛ ثم جاءته بيعة الأجناد فقال له أصحابه: إنا لا نتخوف عليك إلا خالد بن يزيد، فتزوّج أمّه؛ فإنك تكسره بذلك- وأمه ابنة أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة- فتزوجها مروان، فلما أراد الخروج إلى مصر قال لخالد: أعرني سلاحا إن كان عندك. فأعاره سلاحا. وخرج إلى مصر، فقاتل أهلها وسبى بها ناسا كثيرا، فافتدوا منه ثم قدم الشام. فقال له خالد بن يزيد: ردّ عليّ سلاحي. فأبى عليه، فألح عليه خالد، فقال له مروان، وكان فحاشا: يا بن رطبة الاست! قال: فدخل إلى أمه فبكى عندها وشكا إليها ما قاله مروان على رءوس أهل الشام، فقالت له: لا عليك، فإنه لا يعود إليك بمثلها. فلبث مروان بعد ما قال لخالد ما قال أياما، ثم جاء إلى أم خالد فرقد عندها فأمرت جواريها فطرحن عليه الوسائد ثم غطته حتى قتلته، ثم خرجن فصحن وشققن ثيابهن: يا أمير المؤمنين! يا أمير المؤمنين! قام عبد الملك بالأمر بعده، فقال لفاخته أم خالد: والله لولا أن يقول الناس إني قتلت بأبي امرأة لقتلتك بأمير المؤمنين. وولد مروان بن الحكم بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بمكة. ومات بالشام لثلاث خلون من رمضان سنة خمس وستين، وهو ابن ثلاث وستين سنة، وصلى عليه ابنه عبد الملك بن مروان. وكانت ولايته تسعة أشهر وثمانية عشر يوما. وكان على شرطته يحيى بن قيس الشيباني. وكاتبه سرجون بن منصور الرومي. وحاجبه أبو سهل الأسود مولاه. ولاية عبد الملك بن مروان: هو عبد الملك بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية، ويكنى؛ أبا الوليد ويقال له أبو الأملاك؛ وذلك أنه ولي الخلافة أربع من ولده: الوليد، وسليمان، ويزيد، وهشام. وكان تدمى لثته فيقع عليها الذباب، فكان يلقب: أبا الذباب. أمه عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية. وله يقول ابن قيس الرقيات: أنت ابن عائشة التي ... فضلت أروم نسائها لم نلتفت للداتها ... ومضت على غلوائها ولدت أغرّ مباركا ... كالشمس وسط سمائها وبويع عبد الملك بدمشق لثلاث خلون من رمضان سنة خمس وستين. ومات بدمشق للنصف من شوال سنة ست وثمانين؛ وهو ابن ثلاث وستين سنة، فصلى عليه الوليد بن عبد الملك. وولد عبد الملك بالمدينة سنة ثلاث وعشرين، ويقال سنة ست وعشرين، ويقال ولد لسبعة أشهر. وكان على شرطته: ابن أبي كبيشة السكسكي، ثم أبو نائل بن رباح بن عبيدة الغساني ثم عبد يزيد الحكمي، وعلى حرسه: الريان. وكاتبه على الخراج والجند: سرجون بن منصور الرومي، وكاتبه على الرسائل: أبو زرعة مولاه، وعلى الخاتم: قبيصة بن ذؤيب، وعلى بيوت الأموال والخزائن: رجاء بن حيوة. وحاجبه أبو يوسف مولاه. ومات عبد الملك سنة ست وثمانين، وهو ابن ثلاث وستين سنة، وصلى عليه الوليد ابنه. وكانت ولايته منذ اجتمع عليه ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر. ودفن خارج باب المدينة. وفي أيام عبد الملك حوّلت الدواوين إلى العربية عن الرومية والفارسية حوّلها من الرومية سليمان بن عسد مولى خشين، وحوّلها عن الفارسية صالح بن عبد الرحمن مولى عتبة، امرأة من بني مرة، ويقال حوّلت في زمن الوليد. ابن وهب عن ابن لهيعة قال: كان معاوية فرض للموالي خمسة عشر، فبلغهم عبد الملك عشرين، ثم بلغهم خمسة وعشرين، ثم قام هشام فأتم للأبناء منهم ثلاثين. وكتب عبد الله بن عمر إلى عبد الملك بن مروان ببيعته لما قتل ابن الزبير، وكان كتابه إليه يقول: لعبد الملك بن مروان من عبد الله بن عمر، سلام عليك؛ فاني أقررت لك بالسمع والطاعة على سنة الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلم. وبيعة نافع مولاي على مثل ما بايعتك عليه. وكتب محمد بن الحنفية ببيعته لما قتل ابن الزبير، وكان في كتابه: إني اعتزلت الأمة عند اختلافها، فقعدت في البلد الحرام الذي من دخله كان آمنا، لأحرز ديني، وأمنع دمي، وتركت الناس قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلًا. وقد رأيت الناس قد اجتمعوا عليك، ونحن عصابة من أمتنا لا نفارق الجماعة؛ وقد بعثت إليك منا رسولا ليأخذ لنا منك ميثاقا، ونحن أحق بذلك منك، فإن أبيت فأرض الله واسعة، والعاقبة للمتقين. فكتب إليه عبد الملك: قد بلغني كتابك بما سألته من الميثاق لك وللعصابة التي معك، فلك عهد الله وميثاقه أن لا تهاج في سلطاننا، غائبا ولا شاهدا ولا أحد من أصحابك ما وفوا ببيعتهم، فإن أحببت المقام بالحجاز فأقم، فلن ندع صلتك وبرّك؛ وإن أحببت المقام عندنا فاشخص إلينا، فلن ندع مواساتك؛ ولعمري لئن ألجأناك إلى الذهاب في الأرض خائفا لقد ظلمناك وقطعنا رحمك؛ فاخرج إلى الحجاج فبايع، فإنك أنت المحمود عندنا دينا ورأيا، وخير من ابن الزبير وأرضي وأتقى. وكتب إلى الحجاج بن يوسف: لا تعرض لمحمد ولا لأحد من أصحابه. وكان في كتابه: جنّبني دماء بني عبد المطلب؛ فليس فيها شفاء من الحرب ؛ وإني رأيت بني حرب سلبوا ملكهم لما قتلوا الحسين بن علي. فلم يتعرض الحجاج لأحد من الطالبيين في أيامه". يتبع
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 01-31-15, 03:21 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | منتصر عبد الباسط | 01-31-15, 06:32 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | عمار عبدالله عبدالرحمن | 01-31-15, 06:42 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | منتصر عبد الباسط | 01-31-15, 06:48 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | قصي محمد عبدالله | 01-31-15, 07:48 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | قصي محمد عبدالله | 01-31-15, 08:09 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | قصي محمد عبدالله | 01-31-15, 08:18 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | ahmedona | 01-31-15, 08:34 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | منتصر عبد الباسط | 01-31-15, 08:35 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | ahmedona | 01-31-15, 08:42 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | منتصر عبد الباسط | 01-31-15, 09:46 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | منتصر عبد الباسط | 01-31-15, 10:16 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | منتصر عبد الباسط | 01-31-15, 10:37 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | محمد عبد القيوم سعد | 01-31-15, 11:06 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 02-01-15, 10:58 AM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 02-01-15, 05:22 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 02-03-15, 11:29 AM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 02-05-15, 09:13 AM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 03-03-15, 02:12 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 03-09-15, 11:05 AM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | ahmedona | 03-09-15, 11:18 AM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 03-09-15, 12:01 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 03-16-15, 12:43 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 03-19-15, 06:34 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 03-19-15, 10:21 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | سيف النصر محي الدين | 03-20-15, 02:03 AM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 04-10-15, 03:23 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 04-13-15, 07:31 AM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 04-15-15, 09:31 AM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 04-16-15, 08:59 AM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 04-16-15, 09:39 PM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 04-18-15, 10:29 AM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 04-20-15, 10:38 AM |
Re: الخلافة الاسلامية ... وبعد | Mohamed Yousif | 04-26-15, 08:01 AM |
|
|
|