كلام في الحب وأشياءِ أُخر: الحوار الذي اجريته مع الشاعر والكاتب فاروق جويدة..

Quote: " بعد زيارته الاولي للسودان عام 1968وبعد عودته الي بيروت قال لاذاعة مونت كارلو انه بعد لقائه بالشعب السوداني والحفاوه التي قوبل بها لدرجة تسلق كثير من الناس الأشجار ليتمكنوا من سماعه " ظل يبكي طوال الليل لأنه لم يكن يصدق أن هنالك من يقدره مثل هذا التقدير مما زاد من مسئوليته تجاه الشعوب العربيه " في زيارته الثانيه للسودان عام 1970 في الليله التي أقامها بنادي قوات الشعب المسلحه قال نزار قباني في مقدمتها ( منذ سنتين أتيت الي السودان حاملا حقائب الشعر والحب . وبعد أن ودعته وفتحت حقائبي في بيروت اكتشفت ألف عريشة عنب داخل ثيابي واكتشفت علي ضفاف فمي الف ينبوع ماء وألف سنبلة قمح .حين عدت من السودان منذ سنتين لم يعرفني الناس . كان جسدي قد تحول الي غابه وكلماتي الي أغصان وحروفي الي عصافير . جميع من كلمتهم عن زيارتي الأولي للسودان تصوروا أنكم أطعمتموني عشبا أفريقيا خاصا وسحرتموني . وأنكم بمياه النيلين الأبيض والأزرق عمدتموني .وأن كهانكم بالمسك والزعفران قد مسحوني " " والواقع أن شيئا من هذا قد حدث .. والسحر السوداني الذي حاولت أن أنكره في بادئ الأمر بدأ يتفاعل في جسمي وينتشر كبقعة الحبر الكبيره علي وجهي ووجه دفاتري . وهاأنذا أعود مرة ثانيه الي السودان بشراسه مدمن مهزوم الاراده يعود الي كبريته وعلبة سجائره " وبشوق مسحور يعود الي مغارة ساحره ." انني أعود لأخذ جرعة ثانيه من هذا الحب السوداني اللاذع الذي حارت به كتب العرافين ودكاكين العطارين . انني أعرف عن الحب كثيرا" سافرت معه وأكلت معه وشربت معه وغرقت معه وانتحرت معه ونمت عشرين عاما علي ذراعيه " ولكن الحب السوداني قلب جميع مخططاتي عن الحب وأحرق جميع قواميسي . يسمونني في كل مكان شاعر الحب . ولكنني هنا أشعر أنني أسقط في الحب للمرة الأولي " فالسودان بحر من العشق أغرق جميع مراكبي وأسر جميع بحارتي . العشق السوداني يحاصرني من كل جانب كما يحاصر الكحل العين السوداء فأستسلم له وأبكي علي صدره وأعتذر له عن صلفي وغروري ." هذا عن العشق فماذا عن الشعر ؟؟؟. في المرة الماضيه اكتشفت أن السودان يسبح في الشعر كما تسبح السمكه في الماء وأن السودان بغير الشعر كيان افتراضي ووجود غير قابل للوجود . ثمة بلاد تعيش علي هامش الشعر وتتزين به كديكور خارجي." أما السودان فموجود في داخل الشعر كما السيف موجود في غمده وملتصق ومتغلغل فيه . كما السكر متغلغل في شرايين العنقود . صعب علي السودان أن ينفصل عن الشعر ان قدره أن يبقي مسافرا نحو الشعر وفي الشعر الي ماشاء الله.....""