|
Re: دكتور محمد محمود ودكتور حيدر إبراهيم ضمن مجموعة لتحرير كتاب بمرور 50 عام على ثورة أكتوبر (Re: عبدالله عثمان)
|
Quote:
أكتوبر قصة شعب وقصة ثورة
لم تكن قصة إخفاق ، ولم تكن خيبة . كانت قصة شعب ، طلابه الطليعة . كما يحدث دوماً تسبق الحركة الجماهيرية الأحزاب السودانية جميعاً بإشعال فتيل الحريق ، بما فيها التي حرضت ، وتلظت من جمر العسكر ومذلة سجونه . عمت التظاهرات حتى المدارس الوسطى كما تسمى سابقاً ، ونعمت جميعاً بريح خانقة ، يقولون لك بلِل وجهك بقطعة قماش رطِب تحميك من الغاز المسيل للدموع . أقيمت المتاريس في الشوارع ، وحصد الرصاص الأرواح في الساحة أمام القصر ، حتى تغير اسمها إلى ساحة الشهداء ، كان قتل العُزل في ذلك الزمان غريباً . ذهب رأس الدولة في ذلك الزمان ( معالي الرئيس الفريق إبراهيم عبود رئيس مجلس الثورة و القائد الأعلى للقوات المسلحة ) إلى إذاعة أمد رمان ، وتنحى عن الحكم ببيان كان يمكنه ألا يتلوه ، لكن فطرة من رضعوا أثداء أمهات الأبطال أبت عليه إلا التنحي وقد كان .تم ذلك بعد اتفاق مسبق على إحالة أعضاء مجلس الثورة للتقاعد وبلا محاكمات .ولو علِم حينها اللواء القوى في الدولة حينها بنية التنحي لأفرغ الرصاص في صدر الفريق غضبا . انتهى الأمر وبدأ العهد الجديد ... الكثير يمكن أن يدخل في السيرة ، ومنها أن فنان الشعب ( محمد الأمين )كان يجوب المدارس الثانوية على أيامنا ليختار الكورال لملحمة أكتوبر الشهيرة ، ومن يتطلع القصيدة المتألقة ، يعرف قصة الشعب ويعرف كيف صنع الشعب ثورته . في 21 أكتوبر أطلق رجال الشرطة النار على ندوة طلابية انعقدت بحرم الجامعة خاصة ببحث قضية الجنوب ، وسقط الشهيد محمد أحمد القرشي ، و بابكر عبد الحفيظ ، في اليوم التالي خلال موكب نعش القرشي ألقيت خطب سياسية تدين الحكم العسكري ، وتقدم أساتذة الجامعة باستقالاتهم بسبب الظلم الذي وقع ، وأعلنوا أنهم لن يعودوا لأعمالهم قبل إنهاء الحكم العسكري وعودة الديمقراطية للبلاد اجتمع القضاة والمحامون في اليوم التالي وأعلنوا إجراءات مماثلة . جرى تنظيم الإعلان عن إضراب سياسي عام شارك فيه المدرسون والأطباء والطلاب والعمال ، والموظفون ونفذ الإضراب العام في 26 أكتوبر 1964 م . لم تستطع قوات الشرطة وقف التظاهرات وتدخل الجيش ، وعند إعطاء الأوامر بإطلاق الرصاص على الجماهير اعترض صغار الضباط ، بعدها تنحى الفريق عبود عن الحكم ، وقام بحل مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء ووافق على تكوين حكومة انتقالية تمهيداً لعودة الحكم المدني والديمقراطية .
وبدأ إبداع الشعب ، شعراً وغناءً : مرحباً أكتوبر الأخضر مرحى قد ترقبناك أعواماً عِجافا ــــــ كان في الجامعة موكب هادر صمم يجلي الليل السادر كان في الخطوة بنلقى شهيد بدمو بيرسم فجر العــيد ـــــ أكتوبر واحد وعشرين يا صحو الشعب الجبار يا لهب الثورة العملاقة يا مُشعل غضب الأحرار ـــــ أصبح الصبح ولا السجن ولا السجان باقٍ وإذا الفجر جناحان يرِفان عليه وإذا الحُزن الذي كحّل هاتيك المآقي بالذي شد وثاقاً لوثاق بالذي بعثرنا في كل واد ــــ باسمك الأخضر يا أكتوبر الأرض تُغني والحقول اشتعلت قمحاً وعداً وتمني ــــ
أما عن الديمقراطية ، وطرائق ممارستها ، ومنهاجها الذي لم يتبدل عندنا ، فهي ممارسة على النمط السوداني المُترهِل . كان لي صديق يقول دوماً بيننا وبين الديمقراطية عشرات السنوات من محو الأمية و احترام الرأي المُخالِف ،حتى نتمكن من تهنئة المنتصرين بطيب نفس وتبادل السلطة دون حبائل المكر ، أو خُبث السياسة . المراوحة بين العسكرة الديكتاتورية وذلك الشكل الشائه من الديمقراطية ، واختلاط محبة المُريدين والطوائف والسياسة بلا برنامج ، وطفح الخلافات العرقية والمناطقية وغيرها دليل غليان أمة لم تتشكل بعد ، ولم تزل تراوح مكانها . المجد لأكتوبر في ذكراه ، رغم تواضع ما كتبناه على عُجالة . عبد الله الشقليني 21/10/2005 م |
|
|
|
|
|
|
|
|
|