|
Re: جِدَّنَا الدُب.. من حكايات هنود الانيشنايباك في كندا (ترجمة) (Re: طه جعفر)
|
(3)
كيف هي قمة الجبل هناك؟ و عن الاودية و الانهار سألته ليصف لها المكان بدقة. حصلت الفتاة علي أكبر قدر من التفاصيل بعدها دخلت خيمة أبويها لتبديء تجهيزاتها للذهاب بحثا عن الشاب اليتيم. جهزّت زوجين من الأخف الجلدية و أعدت مقدارا من اللحم المجفف يكفيها لطول الطريق . اثناء احتفالات قبيلتها بعودة الفرسان قبّلت أمها و أباها مودعةً و بعد أخبرتهما بنيتها في اللحاق بالشاب اليتيم ليعود معها. مضت في طريقها و بعد قليل لم تعد تسمع أغنيات النصر و الاهازيج من معسكر قبيلتها؛ لقد ذهبت.. لقد ابتعدت. كانت تركض ليل نهار بإتجاه مكان حبيبها، لم تكن تتوقف إلا قليلاً لتأكل شيئاً او لتصلح عطباً في خفّها. ركضت و ركضت لأيام و أيام و في أحد ايام ركضها رأت الجبال التي تغطي قممها الثلوج التي التمعت أمامها ببريق مدهش. اختارت مخبأ لترتاح فيه و تقضي الليل و في الصباح بدأت بحثها عن اوصاف المكان كما حفظتها من ذلك الرجل جوار خيمة ابويها.وجدت المكان بسفح الجبل و به عانقت انفها رائحة احتراق الحطب و بدخولها للغابة و بعد مشىٍ قليل لاحت أمامَها خيمةٌ كبيرة. كان الهدوء عميقا و لم تعرف ما ينتظرها، ضج الإسئلة بخاطرها. قررت ولوج الخيمة و عندها سمعت صوتاً يقول:" لو كنت ستقتلني فعليك احتمال عذاب تقطيعي لاجزاء لحمك ، لن أكون فريسة سهلةً لك". لقد سمع الشاب اليتيم وقع الخطوات و عرف أنها لآدمي فجمع سهامه لجانبه و شد وتر قوسه بسهم وجهه نحو مدخل الخيمة. مستدركة الخطر علي حياتها بدخولها الخيمة نادته باسمه قائلة هل انت بخير؟ هنا ردّ الشاب اليتيم بالايجاب. دخلت بنت زعيمة القبيلة الخيمة و كان بالفعل بداخلها الشاب اليتيم مستعداً للدفاع عن نفسه. كان نحيل الجسد و لقد أعاقت الجراح غير الملتئمة حركته و لم يكن معه طعام! فلقد نفد المخزون الذي تركه له رفاقه و لقد قاربت الدلاء التي تركها له الرفاق مربوطة علي أوتاد منغرسة بالأرض من الجفاف الكامل. اتضح لها أن الشاب اليتيم قد اقتصد في استهلاك الماء و الطعام منذ أن غادره رجال الغارة؛ أكل و شرب فقط بما يجعله حياً. دون إبطاء شرعت بنت زعيم القبيلة في إيقاد النار لإعداد الطعام و مضت لتجلب له ماءً ليشرب و لتطبخ به و جلبت معها عشبات شافية لتداوي بها جراحه. أنها نهاية الخريف و بداية الشتاء لذلك قضت بنت الزعيم بقية ايامها تجمع الثمار، تصطاد و تقطع الأخشاب لتجهز لشتاء طويل سيقضيانه معا فالشاب اليتيم مازال متأثراً بجراحه. جمعت ما يكفيهما من الطعام لفصل الشتاء بفضل المهارة التي اكسبتها لها تلك التجربة في الصيد و قطع الاخشاب. شفي الشاب اليتيم من جراحه بفضل رعايتها له. خلال ليالي الشتاء الطويلة حكي لها عن تجربته مع رجال الغارة و عن الغارة نفسها. و خلال تلك الايام و الليالي الشتوية الطويلة طالما فكّر في الماضي و حاول أن يستَكْنِه المستقبل و ماذا سيكون مصيرهما إذا لم يستطع أن ينجز إلتزامه لها و كيف سيكون الحال أذا نجح في الظفر بها. و طالما جال بنفسه سؤال حول ملازمة روح جدّه له و هل ستظله روح جدّه من جديد أم هي تلك المرة العابرة في الليلة قبل الغارة. لقد حكي لها زيارة من روح جدّه له و كيف كانت عونا و سندا في مغالبة الصعاب و حكي لها أن جدّه قال له " يا حفيدي، لقد أعطيتك حصانين و لتحوزهما عليك أن تعرف معني الألم". تذكر الشاب اليتيم كيف أحسّ بمرارة الهجر و الوحشة عندما تركه رجال الغارة ليغالب آلام جراحه و بقية الاخطار. هنا عرّف كيف هو سعيد بحضورها و ممتن لها و شاكرٌ لرعايتها التي أعطته فرصة جديدة للحياة. لقد كلمته عن عذابها خلال ليالي و أيام انتظارها له، حكت له عن رحلتها و كيف ركضت لتصل إلي مكانه و كلمته عن تحوُّل احزانها لافراح بلقائها له. مرّت ايام الشتاء و هاهي ريح الجنوب الدافئة تهب لتذيب الثلوج. في فجر أحد الايام ببداية الربيع كلمّها عن رؤيته لجدّه في المنام و أن جدّه قد قال:" حان الوقت لتعودا لدياركما بعد أن نلت قسطا من الراحة، عليك أن
طه جعفر
|
|
|
|
|
|
|
|
|