|
Re: قراءة في كتاب andquot;الإسلام والدولةandquot; للمفكّر السوداني النيل عبد القادر أبو قرون (Re: احمد حامد صالح)
|
وقد انطلق الشيخ أبو قرون من مُسلّمة رئيسة في الإسلام، فحواها أهميّة الإيمان بالرسول ـ صلى الله عليه وسلّم ـ وتصديق عصمته مُستنداً في ذلك إلى جملة من الآيات القرآنيّة من سورة لقمان وسورة الفرقان وسورة النحل وسورة العنكبوت، وكلّها تحثّ على اتباع النبيّ، لأنّ طاعته من طاعة الله، وهي طاعة تدلّ على سبيل الخير وتهدي إلى صراط مستقيم، لا سيما وقد بُعث ليُتمّم مكارم الأخلاق. بيد أنّه لا مجال للإكراه أو الإلزام في هذه الطاعة، لأنّ دين الله ليس ذلك المكروه الذي يُجبر عليه الإنسان ولا هو بالبغيض الذي يُدفع إليه دفعاً أو يُقاتل دونه ويستباح مال وعرض ودم من أعرض عنه، لذلك: "نجد هذا النهج الربّانيّ يصطدم بحديث ينسبونه لرسول الله ـ صلى الله وبارك عليه ـ وهو "أُمرت أن أقاتل الناس حتىّ يشهدوا أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله وإن فعلوا هذا عصموا منيّ دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّ الإسلام وحسابهم على الله". فهل يمكننا تصديق من يقول إنّ النبيّ المعصوم ـ صلى الله وبارك عليه وآله ـ يقول أو يفعل ما يعارض ما أنزل إليه من ربّه أو يتّخذ نهجاً غير الذي أرسل به؟ وهل قاتل النبيّ ـ صلى الله وبارك عليه وآله ـ الناس لإجبارهم على الدخول في الإسلام؟".[5]
إنّ عدم الإكراه على الإيمان هي الحقيقة التي ينبغي التقيّد بها عند قراءة تاريخ الرسول وما فعله قبل فتح مكّة وبعدها، لا سيما أنّه لا توجد حادثة تاريخيّة واحدة تُروى عن إجبار الرسول لشخص على الإسلام أو عن النطق بالشهادتين.[6]
ويلفت الشيخ النيل النظر إلى أنّ نشر بعض الأحاديث النبويّة التي ينادي فيها الرسول بفرض الإسلام بحدّ السيف[7] فيها إساءة لنبيّ الإسلام ولنهجه، لذلك يرنو المؤلّف من خلال مراجعته الموروث الدينيّ المتّصل بطريقة قيام الدعوة وطبيعة تشكّل الحكم في بدايات الإسلام إلى تحريك سواكن القرّاء وزعزعة ركودهم الذي يصفه الشيخ أبو قرون "بالركود المصنوع"، في دعوة علمية للنقاش والحوار الهادئ مؤكداً أنه يقبل المُراجعة والتعديل.
إنّ جوهر الأطروحة التي يدافع عنها الشيخ أبو قرون قائمة على أساس أنّ الإسلام لم يأت لإقامة دولة، وأنّ الرسول محمد ـ صلى الله وبارك عليه وآله ـ لم يحمل هذه الرسالة ليُقيم حكماً. فالدعوة التي جاء بها النبي محمد - مثل دعوات غيره من الأنبياء والرسل- قامت على أساس البلاغ ولم تتعد حدود قوله تعالى: "وما على الرسول إلا البلاغ المبين".(العنكبوت، آية 18).
|
|
|
|
|
|
|
|
|