|
Re: اسئلة الثورة السودانية (Re: وليد زمبركس)
|
لماذا أغلب الاحزاب السودانية امّا مفلِسَة أو على وشك الافلاس ؟
هذا السؤال لا يعجب الكثيرين و لكن الاجابة عليه تضع الحصان أمام عربة العمل السياسي لأنّ العمل السياسي فى كل مراحله يحتاج الى المال و الحزب الذى يفشل فى فهم هذه الأبجدية عليه أن يجيب على السؤال الكبير و هو : اذا كان الحزب يفشل فى ادارة موارده المالية فما هو الضمان أنّه سوف لن يفشل فى ادارة موارد الدولة عند وصوله أو مشاركته فى الحكم ؟ . علمًا بأنّ ذلك الحزب سوف لن يقوم باستيراد أعضاء من خارجه لإدارة شئون الدولة و انّما سوف يديرها بنفس تلك الكوادر التى فشلت مجتمعة فى ادارة موارد الحزب المالية .
قد يأتى شخص و يطرح فكرة أنّ موارد الدولة المالية تختلف عن الموارد المالية للحزب ، و رغم وجاهة هذا الطرح إلّا أنّه غير ملامس للحقيقة التى نحن بصدد مناقشتها و هى الحقيقة المتعلقة بجانب ادارة الموارد و ليس بجانب الموارد نفسها . فنحن هنا بصدد مناقشة تلك الطريقة العلمية أو قل الفنية ( حسب اتفاق و اختلاف مدارس علم الادارة ) و التى تعنى بتطوير و استثمار تلك الموارد المالية موضع النقاش .
فكرة أنّ الاحزاب تفشل عن ادارة مواردها المالية بسبب ملاحقة الحكومة لها ، انما هى فكرة مع موضوعيتها الّا أنّها لا تشرح كل الحقيقة لأنّ السودان ليس الدولة الوحيدة التى تصلح للاستثمار ، بل أنّ الكثير من الدول بها عائد استثمار أكبر من عوائد الاستثمار التى يمكن أن تحققها المشاريع فى وطن تحكمه أمزجة الحكوميين . هذا بجانب التسهيلات البنكية و المالية التى تقدّمها الكثير من الدول مما يجعل منها أفضل مكان للاستثمار . كما أنّ الاستثمار نفسه عملية تحتاج الى معرفة أكثر مما تحتاج الى المال ، اذ يمكن لحزب ما أن يستثمر فى مكتبته الوثائقية أو حتى أن يستثمر فى كوادره التى يمكنها أن تساهم فى المشاركة فى اعداد الكتيبات الثقافية و الدوريات و النشرات و حتى الكتب الاكاديمية و المذكرات المدرسية التى يمكن بيعها لصالح الحزب ، هذا بالاضافة الى اقامة الكورسات الصيفية و الحفلات و غيرها من الأنشطة البسيطة و المربحة التى تنجح في كسب المال منها الجمعيات المدرسية و الجامعية و تفشل أن تضعها ضمن خططها المالية الأحزاب . أليس أفضل للأحزاب أن تضع هذه الأنشطة الاستثمارية البسيطة ضمن استثماراتها بدلًا أن تواجه هذا الافلاس الدّائم المقيم ؟ .
أمّا قضية جمع رأس المال المطلوب لاقامة مشاريع استثمارية فتلك مسألة تخضع لهمّة الاحزاب فى جمع ذلك المال ، فهى اجسام تتعامل مع أعداد كبيرة من الأعضاء و المتعاطفين و يمكنها حثهم على جمع ذلك المال ، خاصة أنّ التجربة قد اثبتت أنّ الاحزاب السودانية لا تفشل فى جمع المال و لكنها تفشل فى استثمار ذلك المال المجموع و هذا يعيدنا الى النقطة الاولى نقطة الفشل فى ادارة الموارد المالية و التى لا علاقة لها بحجم تلك الموارد .
ليس معتادًا فى الساحة السياسية السودانية أن نقرأ عن حزب جمع كوادره و الكوادر الصديقة لعقد مؤتمر يناقش تطوير مصادر الحزب المالية أو استثمار ما بيده من مال . أليس هذا وحده أمر مدهش يفتح أبواب السؤال ؟
|
|
|
|
|
|
|
|
|