|
Re: اسئلة الثورة السودانية (Re: وليد زمبركس)
|
قضية الحرية و الديمقراطية التى حرمت منها اجيال متلاحقة من السودانيين ، اثّر ذلك على تفكيرهم و معرفتهم بتاريخ و واقع السودان ، فالشخص الذى تمت ولادته فى نهايات العام 1968 عمره الان 46 سنة و هو شخص فى النصف الثانى من عقده الخامس و مع ذلك لم يحق له و لو مرة واحدة أن يشارك فى انتخابات حرة ديمقراطية ، و هذه وحدها ازمة تقتضي الشعب أن يشمّر ساعد الجد لمناقشة أمر الحرية و الديمقراطية فى السودان ، و لماذا قامت و تقوم النخب السودانية بدعم الحكومات العسكرية لأجل الفوز السهل بمقاعد الحكم ؟ ، و تاريخ الاحزاب السودانية فى هذه النقطة عامر بالكثير من الغدر و المؤامرات و لسنا هنا بصدد محاكمة التاريخ و لكننا بصدد الاشارة الى اخطاء الماضي ليسهل تجاوزها مستقبلًا و الاعتراف بالخطأ أوّل مراحل السير فى طريق التصحيح . علينا أن نواجه هذه الاستفهامات بكل شجاعة لأنّه لا مجال لتضميد جراح المجتمع السودانى دون فتح هذه الملفات المحرجة للكثيرين . نعم لا مجال لمصالحة وطنية و تعايش سلمى بين الاحزاب و الكيانات المعارضة ما لم يتم حل هذه المعضلات الجاثمة على صدر شعب و مجتمعات اهل السودان . فإذا عجزت الكيانات المعارضة عن مخاطبة هذه القضايا و فتح ملفاتها و هى بعد فى موقع المعارضة فسوف لن تجد متسع من الوقت لمناقشتها بعد سقوط حكومة البشير ( و ان كان هذا السقوط نفسه لا يتأتّى صدفة و انّما يحتاج الى الكثير من العمل اوّله كسب ثقة الحلفاء و التى لا تكون دون اغلاق تلك الملفات الدامية و عقد حوار صادق يخاطب جذور المشكلات ) .
هناك قضية اخري فى غاية الاهمية و هى وضعية المعارضين من غير الحزبيين و الذين تتزايد اعدادهم يومًا بعد يوم امّا بسبب الانسلاخ عن الاحزاب أو بسبب احجام البعض عن الانضمام للأحزاب و تفضيلهم العمل فى اطار حركات او منظمات اخرى أو الجلوس على مقاعد المتفرجين . تلك قواعد عريضة من الجماهير التى يجب ان لا يستهان بها و لا بد من وضع آلية لإدخالها ضمن جسد المعارضة لحكومة الانقاذ و الّا فإن الحصيلة النهائية تكون هزيمة الحزبيين و غير الحزبيين من خصوم الانقاذ . فغير الحزبيين يجب وضعهم فى مكانهم الصحيح فهم ليسو حصيلة للاحزاب و الحركات المسلحة تتنافس فيما بينها لاكتساب اعداد معتبرة منهم لدعم هذا البرنامج أو ذاك . هذه الشريحة من رافضي الانقاذ لهم آراءهم و مواقفهم التى يجب أن توضع فى مكانها الصحيح باحترامها و عدم التغوّل علي حقوقهم جرّاء تلك الوصاية التى تحاول أن تفرضها عليهم بعض الاحزاب . فقضايا الوطن قضايا تهم و تمس الجميع و ليس الشخص بحاجة لحزب أو منظمة أو حركة سياسية أو فكرية ليتخذها مدخل يقربه من قضايا الوطن و هموم الجماهير ، كما أن الشخص المستقل ليس بحاجة الى من يفكر بالنيابة عنه فى قضية الوطن و كل القضايا و ان عجز عن فك طلاسم القول فيها . اذن تلك القضايا تمس الجميع و يجب مناقشتها بوضوح فكرى و شفافية عميقة وصولًا الى تحالف شعبي معارض يهز اركان الانقاذ و حلفائها من الاسلاميين و غير الاسلاميين . و الّا فإن الهزيمة ستلاحق المعارضين و ليس هناك بصيص أمل فى أنّ الانقاذ قد تغيّرت أو يمكن ان تتغير فقادتها يفاخرون بقوتهم بمناسبة و بغير مناسبة و فكرة انّهم سوف لن يسلّموا السلطة لشخص آخر غير السيد المسيح عليه السلام انّما هى فكرة راسخة لا تقبل التذبذب و التراجع يتصادق عليها كل انصار حكومة الانقاذ و لا يتحرّجون من الاعلان عنها فى كل المناسبات . اذن ما لم يتم اقتلاع الانقاذ فهى باقية لا محالة ، و مقولة أنّ الحكومات عمرها ضئيل مقارنة بعمر الشعوب مقولة صحيحة و لكن ماذا يهمنا بأعمار الشعوب الاخرى و قد انقضي جل عمرنا فى ظلال ظلم و بطش الانقاذ و لنا أن ننظر الى قائمة الموتى و المفقودين لنعلم أنّ شعبنا يواجه الموت فى كل ثانية و مع ذلك تجدنا لا نتحرّج عند الحديث عن طول اعمار الشعوب و قصر عمر الظالمين و كأننا استحلينا بطش الانقاذ لنا وصار رحلة سعيدة نعد لأجلها اللحظات حتى لا تنقضي و تتركنا فى مواجهة مع القدر و كوارث الحياة .
|
|
|
|
|
|
|
|
|