لقد تأخرت الثورة السودانية تأخيرًا لم يتوقّعه أحد و مع ذلك ما زلنا نخطو خطوات مرتبكة و متعثّرة باتجاه الثورة و ما زال حوار الاحزاب المعارضة مع بعضها البعض لا يتم الّا فى اطار ضيّق تكون العلاقة مع الحكومة فى الغالب هى المدخل الاساسي له ، و ذلك من خلال عقد التحالفات لمواجهة السلطة أو اقامة الاجتماعات بهدف الوصول الى موقف تتصادق عليه جميع الاحزاب ، أو حتى قد يكون الحوار بهدف مصالحة المتخاصمين . و رغم انّ هذه الاشكال من الحوارات بين المعارضين مطلوبة فى ظل حكومة البشير - الا أنّ الواقع يتطلّب حوارات اكثر جرأة ممّا هو مطروح بالساحة السياسية و الاجتماعية الآن . فالاحزاب و المجموعات السياسية المعارضة ما زالت تفتح خطوط الحوار بينها و بين الحكومة اكثر مما تفتحها بين بعضها البعض .
هناك قضايا مجتمعية اكبر بكثير من التصادق على ميثاق ينص على شكل السلطة الجديدة بعد زوال حكومة البشير . فذلك الشرخ الاجتماعى الذى قصم ظهر المجتمع السودانى لهو أولى بالحوار من كل التكتيكات السياسية الاخرى . فالاوجب هو حوار النخب الشمالية مع قرينتها من نخب مناطق الهامش و الذى بلا شك اذا نجح ستتبعه مصالحة وطنية حقيقية تقوم على احترام حقوق الآخرين و تضع حجر الزاوية لبناء وطنى متين . للأسف حتى هذه اللحظة لم ينجز هذا الحوار المفصلى بشكل جِدّى و المحاولات التى طفت على السطح لا تتجاوز كونها محاولات فردية أو تداعيات يصرّح أصحابها بمظالم اجتماعية أصابت بعض الفئات و كأنّ تلك المظالم لم تكن نتاج لسياسات باطشة مسكوت عليها من النخب الشمالية مع سبق الاصرار على ابقاء ذلك الوضع اللا انسانى المختل الذى لا يشبه ثقافة القرن الحادى و العشرين .
و كما قال الصديق فارس فإنّ اوباما لم يكن ليفوز فى الانتخابات اذا لم يمنحه البيض اصواتهم دعمًا لبرنامجه السياسي دون انتقاص له بسبب اللون .
اذن أم القضايا بعد وقف الحرب هى تلك المصالحة الاجتماعية المرجوّة و التى سوف لن يتم انجازها إن لم تواجه النخب الشمالية ذلك الملف بكل شجاعة كما واجه الامريكان البيض قضية التصويت لصالح اوباما فى دولة ما زالت مكتباتها و مراكزها الاكاديمية ملأى بالكثير من أدبيات عصر الاقصاء و التفرقة العنصرية و التمييز ، و رغم انّ المقارنة لا تكتمل شروطها بين الجانبين الّا أنّ هناك الكثير من القرائن التى تجعلنا نمرر هكذا مقارنة تحمل فى بعض جوانبها سمات من التشابه و ان ادّعى البعض انّه تشابهًا غير معلن عن سماته فى وطننا الحبيب .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة