ح د ل : مياه الشرب النقية حق لا منحة ( ورقة للنقاش في يوم المياه العالمي )

Quote: السودان: غني في الموارد وشح في التوفر: إن السودان من الدول الغنية بالمياه العذبة، ويحتوي على احتياطيات ضخمة من المياه العذبة والصالحة للشرب او الزراعة، و مصادر المياه به متعددة وهي : مياه الأمطار و المياه السطحية و المياه الجوفية و مياه الانهار والخيران المتعددة الصابة في النيل. ان بحيرة الحوض النوبي الجوفي وحدها تحتوي في جزئها السوداني على احتياطي يقدر ب7000 بليون متر مكعب من المياه العذبة. هذا الغنى بالمياه يقابله شح في توفيرها للمواطن، وعمليا رغم غني السودان بالمياه الا ان المتوفر منها سنويا يقل عن 30 بليون متر مكعب، في ظل وجود اكثر من 35 مليون نسمة، مما يعني ان نصيب الفرد يقل عن 100 متر مكعب من المياه سنويا، وهذا مما يجعل السودان يقع تحت قائمة الدول شحيحة المياه وفقا لتقييم الامم المتحدة. ورغما عن هذا الشح العام، الا ان مناطق بعينها في السودان تعاني شحا خاصا، وهي مناطق شمال كردفان وشمال دارفور والعديد من مناطق شرق السودان. وتعاني مدن كبيرة مثل بورتسودان والابيض ونيالا من حالات شح بالغة وخصوصا في موسم الصيف، مما يجعل المياه سلعة نادرة وغالية في بلد يرقد عمليا فوق الماء. ان التقديرات تشير الى ان ما بين 30 الى 45% من مواطني السودان يعانون من شح كبير في توفر المياه العذبة لديهم. إن التناقض بين غِنى السودان بالمياه و فقره في توفر المياه العذبه يجعل مشكلة المياه في السودان مشكلة ذات أبعادٍ سياسية في المقام الأول، اذ انه لا يتوفر استغلال جيد للموارد المائية من جهة ، كما هناك عدم عدالة في توزيع خدمات المياه فيما يتعلق بالمتوفر منها من الجهة الاخرى . أن توفر مصادر المياه في السودان مع ندرة الواصل منها للمواطنين يجعل السياسة سبباً واضحا لهذا التناقض. وللماء حضور ملموس في كل المشاكل السياسية في السودان ، النزاع في دارفور مثلاً هو صراع على المواردٍ المائية في بعض وجوهه، كما أن الشرق يعاني من العطش في بعض نواحيه، والتوترات السياسية والاجتماعية فيه مردها الى عدم العدالة في توفير الماء ، علاقة الماء والطاقة: إن الحزب الديموقراطي الليبرالي إذ يحتفل باليوم العالمي للمياه، واذ يستصحب شعار هذا العام في ربط الماء بالطاقة ، يؤكد على هذه العلاقة الوثيقة بين المياه والطاقةِ . فانتاج المياه العذبة وانشاء محطات التنقية تحتاج الى الطاقة ، كما ان المياه يمكن ان تكون مصدرا لانتاج الطاقة ، وفي السودان فان مصدرا اساسيا من مصادر الطاقة هو المساقط المائية. ويلفت الحزب النظر هنا مجددا لقلة استهلاك الانسان السوداني من الطاقة ، وهو مرتبط بقلة وضعف انتاج الطاقة في السودان. حيث يحتل السودان المرتبة ال115 من ضمن دول العالم في انتاج الكهرباء (4.3 بليون كيلووات) والمرتبة 120 في استخدام الكهرباء (3.7 بليون كيلووات) بينما يذهب الفرق هدرا نسبة للتخلف في نقل الكهرباء ، حيث يصدر السودان (0) من الكهرباء . كما ان اسعار الكهرباء وعموم مدخلات الطاقة فيه هي واحدة من اغلاها في العالم. ومن نافلة القول ارتباط انتاج الطاقة وتوفر المياه النقية (للزراعة والشرب) بالنمو الاقتصادي والزيادة في حجم الناتج القومي الاجمالي، فمقارنة سريعة بين اكبر الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة الكهربية مثلا، توضح ان هناك علاقة عكسية ما بين انتاج الطاقة وسعرها، وعلاقة طردية ما بين انتاج الطاقة واستهلاكها من جهة، ومعدلات النمو الاقتصادي ونمو الناتج القومي الاجمالي من الجهة الاخرى. ليس غريبا في هذه الحالة ان تأخر السودان وضمر اقتصاده، ما دام يعاني هذا الشح الكبير في انتاج الطاقة والمياه ، رغم وفرة مواردها فيه.