|
Re: تفكيك خطاب النماذج في ما بعد الربيع العربي (Re: عبد الحميد البرنس)
|
حياك الله يا أسامة:
وبعد..
أولا: بدت لي, رؤية أوهسان قكسال هنا, وإلى حد بعيد غريبة ومغتربة عن الواقع الحي والعصب الفاعل الموجه لتطورات الحياة السياسية في حدود ما أسماه بلاد الربيع العربي مثل مصر وتونس. فنحن, أوعلى الأقل أنا, ندرك جيدا, ليس لواقع التطور التاريخي والبنيوي لدول مثل مصر وتونس فحسب, أوحتى لجهة موازين علاقات القوى الخارجية (سمها العالمية), أنه ما كان لدولتين مثل تركيا وإيران أن يكونا بمثابة "فاعلين أساسيّين".
ثانيا: النموذج التركي. إذا تأملته قليلا, أجد أن العامل الخارجي, أوالدور الأمريكي تحديدا, ساهم ولا يزال في درجة استقراره وبقائه, بأكثر منها عوامل داخلية مستقلة للتطور. فالموقع الاستراتيجي المتميز جعل منها حليفة متجددة لأمريكا, سواء خلال حربها الباردة ضد المرحوم السوفيتي كموقع متقدم لهجوم محتمل أوحائط ردع, أوورقة ضغط يتم استخدامها أحيانا ضد حلفاء أمريكا الأوربيين, أوحتى قواعد لتسوية أمور أخرى مثلما حدث خلال تطورات الشأن العراقي. ناهيك عن تلك المكاسب العائدة عليها في ظل تأثيرات الثورة العلمية الثالثة وسياسات العولمة. وهنا أشير إلى ملاحظة لسمير أمين أن بعض الصناعات أخذت تشكل عبئا على الدول الكبرى كصناعة السيارات. وقد قضت الحاجة لنقلها إلى دول حليفة حققت بالفعل تقدما على صعيد البنى الأساسية. حتى تتفرغ الدول الكبرى لعلوم الفضاء والصناعات الدقيقة. وثمة سبب آخر هنا, يتمثل في تنكر الرأسمالية المضطرد لجذورها الليبرالية والقيم الغربية الأساسية المتعلقة بالنظر إلى الإنسان لصالح ما يمكن تسميته "جنون الربح". إذ يتم تصدير الكثير من الصناعات لدول مثل الهند أوتركيا, ليس لرخص العمالة والتسهيلات الضريبية وحسب, بل كذلك غياب سياسات قوية راسخة مثلما هو عليه الحال في الغرب مثل شروط السلامة الخاصة بمحيط العمل وحماية البيئة وعمالة الأطفال وجودة المنتج. ما أريد قوله هنا, يتمثل في كون النموذج التركي وتطوره محكوم في تصوري بطبيعة العلاقة بين النخبة العسكرية التركية المهيمنة على نظام صوري في التحليل الأخير للديمقراطة وبين المعيار المزدوج المميز للسياسة الخارجية الأمريكية. والسؤال هنا (على سبيل المثال), هل تلتقط النخبة العسكرية في مصر هذا الخيط مرة أخرى وتكون أكثر ذكاء من نخبة مبارك.
|
|
|
|
|
|